Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"دعم الحوثي" يجدد التوتر بين باكستان وإيران

إسلام آباد تكشف عن إيواء قتلة مسؤول سعودي في طهران... وسفارة النظام يستفزها ربط بلادها بهجمات أبو ظبي

المرشد الأعلى علي خامنئي لدى استقباله لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في زيارة سابقة (الخدمة الإعلامية)

يحاول النظام الإيراني إظهار دعمه لوكلائه في اليمن عبر الحوثيين، بوصفه شأناً يهم اليمنيين والخليجيين حصراً ويدير الأزمات التي تنتج عنها في هذا الإطار، إلا أن محطات معينة تذكره بأن القضية أبعد من المحيط الذي يود أن تبقى فيه.

في باكستان التي تربطها حدود مترامية مع طهران، ظهر أخيراً تطوران أعقبا هجوم ميليشيات الحوثي على العاصمة الإماراتية أبو ظبي، إذ أوقعت صحيفة "داون" الباكستانية الإيرانيين في حرج عندما اتهمتهم بدعم هجوم الجماعة على أبو ظبي أخيراً، وسط تنديد عالمي، بدا أنه أزعج طهران التي ردت سفارتها في إسلام آباد على الصحيفة بلهجة عدوانية، خوفاً من رد فعل الرأي العام الباكستاني المعروف بعاطفته وصلاته الوثيقة بالسعودية والخليج.

البحث عن أصابع إيران

وقالت الصحيفة في تحليل لها، إنه "من غير المرجح أن يتم تطوير مثل هذه القدرات دون مساعدة إيرانية، مما يشير إلى أن اليمن ساحة معركة بالوكالة في الصراع بين الرياض وطهران على القوة والنفوذ الإقليمي"، وذلك في وقت دانت فيه إسلام آباد استهداف أبو ظبي بشدة ووصفته بـ"الإرهابي والوحشي"، ليس فقط لأنه كذلك، وإنما أيضاً لأن أحد القتلى الثلاثة ضحية الهجوم كان باكستاني الجنسية، إذ يعيش في الإمارات والسعودية ودول الخليج ملايين الباكستانيين الذين يمدون بلادهم بمليارات سنوية من العملة الصعبة، فضلاً عن المساعدات المالية والعسكرية الضخمة التي ظلت الرياض تضخها في شرايين اقتصاد حليفتها لعقود.

لكن السفارة الإيرانية على الرغم من كل تلك العوامل، لم تستطع تحمل النقد المتحفظ من صحيفة جارتها، فردت بأن تهمها "زائفة وعارية من الصحة". وأكدت أنها تنفي ما نسب إلى بلادها بشدة، وأن "إطلاق مثل هذه المزاعم سيترك تأثيراً سلبياً على الرأي العام تجاه العلاقات بين البلدين، کما يؤثر سلباً على الجوانب الإيجابية للعلاقات الثنائیة والتعاون بين البلدین".

"تحريف الحقائق"

واعتبرت في بيان لها تم تداوله على نطاق واسع، أن نشر مثل هذا النوع من الأخبار الذي وصفته بـ"الزائف"، يستهدف "تحریف الحقائق ويتجاهل احترام الجمهورية الإسلامية الإیرانیة لسیادة جیرانها، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة، كما يتجاهل النهج البناء لإیران المبني على حسن الجوار ووقف إطلاق النار باليمن وحل الخلافات بين الدول الضالعة في الأزمة اليمنية وإنهاء هذه الأزمة الإنسانية".

ورفضت السفارة الإيرانية ما قالت إنه اتهام من دون أي دليل أو إثبات "بدعم الذين شنوا الهجوم على الإمارات... أو دور إيران المحتمل في الهجوم على منشآت أرامكو النفطية"، مضیفة أن "السفارة تنفي بشدة هذه المزاعم وتؤکد أن الأمم المتحدة لم تجد أي دليل على تورط الجمهورية الإسلامية الإیرانیة في الحادثة". وهو خلاف للرواية التي دافعت عنها الرياض والتحالف الذي تقوده في اليمن وعدد من دول العالم مثل الولايات المتحدة الأميركية.

قتلة القحطاني في إيران

ولم تتوقف الروايات التي ترفضها إيران عند هذا الحد، إذ نشرت "عرب نيوز" عن مصدر باكستاني موثوق تأكيده أن قتلة الدبلوماسي السعودي السابق في باكستان حسن القحطاني "بات مؤكداً أنهم في حماية النظام الإيراني الذي رفض تسليمهم إلى إسلام آباد"، مما يرجح معه أن طهران ستجد نفسها في موقع الدفاع مجدداً إما بالإنكار أو التبرير، أمام انتقاد أو إدانة دول يهمها أن تبقى صورتها لديها نقية، مثل باكستان.

وتقول الصحيفة إن مسؤولاً في مكافحة الإرهاب في الشرطة الباكستانية قال إن سلطاته طلبت المساعدة من نظيرتها في طهران للقبض على القتلة المشتبه فيهم لدبلوماسي سعودي يعتقد أنهم يختبئون في إيران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "لقد كتبنا طلباً للمساعدة القانونية المتبادلة من إيران... نعتقد أن المتهمين الثلاثة جميعاً فروا إلى إيران، ولا يمكننا اعتقالهم دون مساعدة سلطات إنفاذ القانون لديهم".

وكان القحطاني الموظف في القنصلية السعودية في مدينة كراتشي، جنوب باكستان، قد قتل في عام 2011 عندما فتح مسلحون النار على سيارته في حي الدفاع بالمدينة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شكلت السلطات الباكستانية فريقاً خاصاً للتحقيق في جريمة القتل، بعد أن لم فشلت التحقيقات السابقة في تقديم أي نتيجة. وقال نائب المفتش العام لإدارة مكافحة الإرهاب عمر شهيد حامد لـ"عرب نيوز" في ذلك الوقت أن الفريق كان يعمل على "خيوط مثمرة" من استخبارات البلاد.

شملت مواد التحقيق التي اطلعت عليها الصحيفة حينها طلباً إلى السلطات الإيرانية للمساعدة في القضية ضد 3 مشتبه فيهم في مقتل القحطاني، هم علي مستحسن، ورضا إمام، وسيد وقار أحمد، باعتبارهم متهمين بالتورط في "عمليات القتل المستهدف والأنشطة الإرهابية في باكستان".

وقالت مكافحة الإرهاب الباكستانية، إن النشرات الحمراء (الإنتربول) بحق المتهمين قد صدرت بالفعل في حق اثنين من المتهمين الثلاثة، فيما دعت الشرطة وكالة التحقيقات الفيدرالية للشروع في عملية إصدار الثالثة.

وتنفي إيران عادة ضلوعها في هذا النوع من الأعمال على الرغم  من ثبوته أحياناً، في مثل التستر على متورطين قي تفجيرات الخبر وأعضاء في تنظيم القاعدة. 
وسألت "اندبندنت عربية" وزارة الخارجية الإيرانية وسفارتها في اسلام آباد عن موقفها من معلومات عناصر مكافحة الإرهاب الباكستانية، إلا أي منهما لم تجب حتى الان، وسيتم إضافة الإجابة فور وصولها.

ويحاول النظام الإيراني استمالة باكستان إلى محوره تحت لافتات عدة، مثل التعاون الإسلامي والاقتصادي والتنسيق الأمني، إلا أن مصالح باكستان مع دول الخليج ظلت تدفعها إلى الميل نحو المنطقة العربية، التي تربطها معها علاقات يصفها البعض بالمصيرية، وهو ما يعتقد بعض الباكستانيين أن دولاً إقليمية مثل طهران وأنقرة تسعيان إلى إفساده، في إشارة إلى محاولة الانشقاق عن منظمة التعاون الإسلامي ومقرها في السعودية، التي نشطت فيه الدول الثلاث إلى جانب ماليزيا نكاية بالرياض، التي بذلت جهوداً حثيثة أجهضت المحاولة وهي في مهدها قبل نحو 3 سنوات.

"عالقة بين الخليج وإيران"

ومع أن إسلام آباد لم تستجب لمطالب دول التحالف لدعم الشرعية في اليمن التي قيل إنها طلبت من باكستان الانخراط في المجهود الحربي هنالك، فإنها ظلت تقول إنها في صف دول الخليج العربية ضد أي عدوان يستهدفها، لكنها في الوقت نفسه تحافظ على علاقة جيدة مع إيران المتهمة بأنها مصدر أكثر التهديدات، وهذا بين أسباب عدة قادت رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى الانخراط في محاولات التقريب بين الرياض وطهران، التي برز فيها الدور العراقي في نهاية المطاف.

الباحث الباكستاني زاهد شهاب أحمد، رأى في مقال نشرته مجلة "جنوب آسيا" الناطقة بالإنجليزية، أن إسلام آباد "عالقة بين السعودية وإيران"، بسبب ادعائها حياداً غير ممكن بين إيران والخليج.

وقال، "تدّعي باكستان أنها تحافظ على الحياد في الخلاف الإيراني – السعودي، ومع ذلك الحفاظ على هذا النهج شكلي على خلفية احتدام التنافس بين إيران والسعودية، إذ تشير خيارات باكستان إلى ميل نحو المملكة العربية السعودية، استناداً إلى العمل الميداني المكثف في إسلام آباد".

بوابة اصلاح العلاقة مع المنطقة

وذكر أن ملخص ورقته يجادل بأن باكستان "لا يمكن أن تكون محايدة بسبب علاقاتها الثقافية والاقتصادية والدفاعية القوية مع المملكة العربية السعودية، لكنها تروج لهذا الخطاب بسبب مجموعة من العوامل الديموغرافية والجغرافية والجيوسياسية، وإن ادعاء إسلام آباد الحياد يخدم الغرض المزدوج للمصالح الوطنية فيما يتعلق بالشؤون الداخلية والخارجية".

وخلص إلى أنه انطلاقاً من واقع إسلام آباد الاقتصادي والطائفي والجيوسياسي، تريد الحياد في الخلاف الإيراني - السعودي، "لكن ذلك صعب للغاية لأن لها علاقات قوية ومتعددة الأوجه مع السعودية... بالتالي فإنها تواصل الابتعاد عن إيران إلى الرياض"، والخليج.

وكانت ابنة الزعيم الايراني الراحل فايزة رفسنجاني لفتت في وقت سابق إلى أن اهتمام الإيرانيين بإصلاح العلاقات مع السعودية يعود جانب كبير منه إلى أن النظام في طهران أصبح مدركاً أن حل قضية العلاقات مع السعودية مهمة، "سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في علاقاتها مع الدول الإسلامية والعربية كافة، وستلعب دوراً حاسماً للغاية في تحسين علاقاتنا مع هذه الدول. نحن لا ننظر فقط إلى السعودية كدولة، فهي تمثل العديد من الدول العربية والإسلامية، وعلاقتنا معها تؤثر في علاقتنا بكل هذه الدول الإسلامية".

المزيد من تقارير