Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأوكرانيون ينتظرون الأسوأ مع بدء محادثات اللحظة الأخيرة

بينما يجتمع دبلوماسيون في محاولة يائسة للحيلولة دون نشوب نزاع، يقول الناس في كييف لمحرر الشؤون العالمية كيم سنغوبتا لماذا يخشون أن يكون الأوان قد فات، وإن الحرب حتمية

أحد أفراد القوات المسلحة الأوكرانية قرب خط الفصل عن المتمردين المدعومين من روسيا قرب هورليفكا في منطقة دونيتسك (رويترز)

تجري آخر الرهانات الدبلوماسية في محاولة يائسة على نحو متزايد لتجنب اندلاع حرب في أوروبا وسط تحذيرات قاتمة من أن فلاديمير بوتين سيأمر بهجوم على أوكرانيا.

وبعد أيام من المحادثات مع الحلفاء هذا الأسبوع، التقى أنتوني بلينكن بسيرغي لافروف الجمعة في جنيف على وقع تبدد الآمال في تراجع المواجهة وتجنب نزاع يجمع الطرفان على أن عواقبه ستكون مدمرة.

وكان الاجتماع السابق بين وزير الخارجية الأميركي ووزير الخارجية الروسي انتهى في ديسمبر (كانون الأول)، بعد 40 دقيقة فقط، بتبادل للاتهامات والاتهامات المضادة ومطالب بأن يبدأ الكرملين في سحب القوات المحتشدة على حدود أوكرانيا والتي يتجاوز قوامها 100 ألف جندي.

ومع اجتماع الرجلين، ظل عامة الناس في أوكرانيا يخشون الأسوأ، زاعمين أن النزاع حتمي.

ويتفاقم في شكل كبير التهديد بوقوع نزاع عنيف منذ ديسمبر مع تحرك مزيد من القوات الروسية إلى مواقع استراتيجية لازمة لشن هجوم، وزَعْم الأميركيين بأن الروس يخططون لعمليات "مضللة" كذريعة لأعمال عدائية.

ويزعم الأميركيون أيضاً أن الكرملين يرصّ صفوف شخصيات حكومية أوكرانية سابقة لتشكيل حكومة مؤقتة بعد الغزو والاحتلال. وكانت وزارة الخزانة الأميركية فرضت الخميس عقوبات على نائبين من البرلمان الأوكراني واثنين من المسؤولين السابقين يقال إنهم جزء من المؤامرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتجري المحادثات الجديدة في أعقاب قول جو بايدن علناً، في تطور أثار دهشة المشاركين في المفاوضات، إن العمل العسكري يبدو حتمياً. وقال إن فلاديمير بوتين "يتعين عليه أن يفعل شيئاً... وفي اعتقادي أنه سيدخل [إلى أوكرانيا]".

ومضى الرئيس الأميركي يقول إن حلف شمال الأطلسي منقسم، إذ يواجه الأزمة... "يختلف الوضع إذا حصل توغل بسيط، ومن ثم تنتهي بنا الحال إلى التنازع حول ما ينبغي أن نفعله وما ينبغي ألا نفعله وما إلى ذلك". ورد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالقول: "لا توجد توغلات بسيطة. كما لا توجد إصابات بسيطة ولا حزن بسيط على فقدان الأحبة".

 

وفي أعقاب اجتماعات مع مسؤولين بريطانيين وفرنسيين وألمان، الخميس، قال السيد بلينكن في برلين إن السماح لروسيا باجتياح أوكرانيا "من شأنه أن ينقلنا جميعاً إلى زمن أكثر خطورة واضطراباً، عندما كانت هذه القارة وهذه المدينة مقسمة إلى قسمين... في وقت يخيم فيه طيف التهديد بحرب شاملة على الجميع".

وفي حديثه إلى جانب السيد بلينكن، تعهدت وزيرة خارجية ألمانيا الجديدة أنالينا بايربوك باتخاذ إجراءات فورية ضد أي غزو روسي وفرض تدابير "قد تكبدنا عواقب اقتصادية". وكان المستشار الجديد للبلاد أولاف شولز أعلن في وقت سابق من الأسبوع أن "نورد ستريم 2"، وهو مشروع لخطوط الأنابيب المخصصة للغاز الروسي، قد يتوقف إذا وقع هجوم على أوكرانيا.

وفي حديث لها في أستراليا، طلبت ليز تروس من فلاديمير بوتين أن "يتوقف عن التدخل في أوكرانيا ويتراجع عن حدودها قبل أن يرتكب خطأ استراتيجياً فادحاً". وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إن موسكو "لم تستوعب دروس التاريخ"، وإن "غزواً لن يؤدي إلا إلى مستنقع رهيب وخسارة في الأرواح، كما نعرف من الحرب السوفياتية الأفغانية...".

لكن الانسحاب الغربي المهين بقيادة بايدن من أفغانستان هو ما ينظر إليه الخصوم وبعض الحلفاء على أنه يؤذن بعصر "الانهزامية الغربية".

وقال دبلوماسي أوكراني كبير: "رأينا ما حدث، وهو أمر مقلق. لقد استثمر الأميركيون 20 سنة في أفغانستان، وكانت لديهم قوة صغيرة جداً [نحو ألفين و400 جندي]، وانسحبوا. ولا شك في أن أفغانستان بعيدة، أما ما يحدث هنا فمن شأنه أن يؤثر في أوروبا. نعلم أن الخطة الروسية تتلخص في محاولة التوصل إلى اتفاق مباشرة مع الأميركيين، الأمر الذي قد يقصينا، بل والأوروبيين أيضاً. والغد لناظره قريب".

ويصر المسؤولون الأوكرانيون علناً على أن الدعم الغربي لبلادهم لم يتزعزع، وهم يشيرون إلى ارتفاع الدعم العسكري من الحلفاء كدليل على ذلك.

 

وأصبحت بريطانيا من أبرز الداعمين، إذ أرسلت نحو ألف و600 صاروخ من نوع "أن أل أي دبليو" (الجيل المقبل من الأسلحة المضادة للدبابات) القصير المدى في رحلات مكوكية بطائرات تابعة لسلاح الجو الملكي. وهناك أيضاً اتفاقية مشتركة لإنتاج أسلحة بحرية، بما في ذلك قوارب حاملة للصواريخ وكاسحات ألغام، بناءً على قرض متفق عليه بقيمة 1.7 مليار جنيه استرليني (نحو 2.6 مليار دولار) مقدمة من لندن.

وفي الآونة الأخيرة، قدمت الولايات المتحدة معدات تبلغ قيمتها نحو 60 مليون دولار (45 مليون جنيه)، بما في ذلك صواريخ "جافيلين" الموجهة المضادة للدبابات تضاف إلى تلك الموردة بالفعل. كذلك وقعت واشنطن مع كييف إطاراً دفاعياً استراتيجياً.

إلا أن واحداً من أقوى الأسلحة في الترسانة الأوكرانية لم يأتِ من الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، بل من رجب طيب أردوغان، فقد باعت تركيا طائرات "تي بي 2"من دون طيار إلى كييف. ويعتقد أن الطائرات من دون طيار، التي كانت فاعلة للغاية لأذربيجان في حربها ضد أرمينيا، حليفة موسكو، استخدمت بالفعل من قبل الأوكرانيين في دونباس لتدمير مدفعية تخص القوات الانفصالية.

أما ما لن يحصل عليه الأوكرانيون من حلفائهم فهو القوات البرية، ذلك وفق قول وزير الدفاع البريطاني بن والاس في مقابلة أثناء إبرام اتفاق الصواريخ: "إنها حقيقة أن البلد ليس عضواً في حلف شمال الأطلسي، لذلك من غير المرجح أن يرسل أي طرف قوات إلى أوكرانيا لتحدي روسيا... لا ينبغي لنا أن نخدع الناس حول ذلك [علينا توخي الصراحة]".

كذلك، لم يرسل الغرب أيضاً أسلحة هجومية بعيدة المدى إلى الأوكرانيين، فهو يعرف أن موسكو ستعتبر الخطوة استفزازاً كبيراً. ويتمتع الروس بميزة حاسمة [تفوق حاسم] هناك مع نشر أنظمة مثل الصواريخ الباليستية "بي أم-27 أوراغان" والصواريخ الباليستية "إسكندر" التي تستطيع أن تضرب كييف من مواقعها. وستشهد المناورات العسكرية المشتركة مع بيلاروس تعزيزاً للقوة الجوية مع وصول سرب من المقاتلات الروسية من طراز "سو-35 أس".

وستكون الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات من دون طيار قيد الاستخدام إذا وقع تلاحم [مواجهات مباشرة بين الجيشين] بعد الغزو الروسي. وسيكون وقوع اقتتال في المدن كهذا فوضوياً ودموياً، لكن بترو كرافتشوك يتوقع حدوث ذلك ويعتبره أيضاً أحد السيناريوهات التي تعطي أوكرانيا بعض المزايا.

وانضم السيد كرافتشوك، وهو مهندس ميكانيكي، إلى إحدى الكتائب التطوعية التي حاربت في دونباس ولوغانسك في النزاع الأخير، وهو الآن في عديد الجيش الاحتياطي للبلاد، فضلاً عن عضويته في قوة الدفاع المدني.

وقال لـ"اندبندنت": "لم أحسب أن الأمر انتهى حين عدت إلى كييف بعد الحرب الأخيرة والاحتلال الروسي. لقد جرى التوصل إلى اتفاق مينسك، وكل ذلك، لكن القتال كان دائراً ومتواصلاً، وكان القتل مستمراً".

"واستخدمنا الصواريخ المضادة للدبابات في عملية مكافحة الإرهاب في دونباس من قبل، ولكن طرز الصواريخ كانت قديمة، وإذا كان في حوزتنا صواريخ أحدث من طرازي (جافيلين) و(ستينغر)، بالطبع سيحدث ذلك فارقاً. بطبيعة الحال، لديهم قوة نيران كبيرة، لكن إذا جاءوا إلى المدن سيكون ذلك مكلفاً لهم".

"أنا لا أتباهى بهذا. لا أريد أن أرى مزيداً من القتال، ومزيداً من القتلى. لقد أصبت في المرة الأخيرة وقد أصاب من جديد أو تكون إصابتي أسوأ في المرة المقبلة. لا ينبغي لهذا أن يحدث، لكنه خطأ الروس، بل وأيضاً بعض ساستنا".

وتابع السيد كرافتشوك الذي أصيب في ذراعه أثناء القتال في مطار دونيتسك عام 2014: "لدي زوجة وثلاثة أطفال، ولديّ والدان وإخوة وأخوات. ولا أريد أن أتركهم وأذهب إلى القتال، لكن يبدو أننا قد لا نملك الخيار [الأمر قد لا يكون في يدنا]. في النهاية يتعين علينا أن ندافع عن بلادنا".

يعيش الناس في أوكرانيا تحت ظل الحرب منذ سنوات وساد شعور بين كثر بأن أسوأ التوقعات لن تقع، لكن يبدو أن هذا بدأ يتغير، على الأقل بين البعض.

أشارت غاليننا نزارينكو إلى أنها بدأت تشعر بالتوتر الشديد للمرة الأولى منذ بدء الأزمة الحالية. وقالت: "أعتقد أن الحرب ستندلع، نعم، من المؤسف أنني أعتقد أن هذا سيحصل. وأنا لست واثقة حتى إن الأمر سيقتصر على الشرق هذه المرة".

وقالت السيدة نزارينكو وهي تشير بيدها إلى شارع ياروسلاف فال في وسط كييف، مع توجه الناس إلى المحلات والمقاهي أثناء هطول الثلج: "نظل نسمع أن الروس ينشرون مزيداً ومزيداً من الجنود والدبابات في تلك المنطقة الحدودية. ونقرأ أن بوتين يريد احتلال كييف وفرض حكومة أخرى، هناك نظريات مختلفة من كل الأنواع".

وقالت السيدة نزارينكو، وهي عالمة كيماوية، إنها وأفراد عائلتها وأصدقاءها حذرون الآن في شأن خططهم للسفر.

"لديّ شقيق يعمل في وارسو. كنت سأزوره مع زوجي الأسبوع المقبل، لكن ماذا يحدث إذا بدأ القتال؟ من المرجح أن يغلق المطار، وأن نبعد عن أطفالنا، لذلك نؤجل رحلتنا لكي نرى ما يحدث، لكننا لا نعتقد أن الأمور ستتحسن، نعتقد أنها ستسوء إلى حد كبير".

وانضمت إليها أولينا تكاتشوك، وهي زميلة للسيدة نزارينكو، لشرب القهوة أثناء حديثها.

وقالت: "لا يستطيع الناس في أوروبا أن يروا إلى أي مدى قد تصبح الأمور خطيرة، لكنها ستؤثر في بلدان أخرى أيضاً.

لكن علينا أن نفكر في وضعنا هنا. فإذا تفاقمت الأمور ننتقل إلى لفيف [ في غرب أوكرانيا]، قد يكون ذلك أكثر أماناً. وهذا ليس من قبيل المحادثات الذي يجريه المرء في مجتمع طبيعي، لكننا لا نعيش في أوقات عادية".

© The Independent

المزيد من دوليات