Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لقاء سعيد - الطبوبي ينزع ورقة شعبية مهمة من يد المعارضة التونسية

المحكمة العسكرية تطلق سراح نائبَين معارضَين للرئيس

سعيد مستقبلاً الطبوبي في قصر قرطاج السبت 15 يناير الحالي (صفحة الرئاسة التونسية على فيسبوك)

بعد الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة التونسية في الرابع عشر من يناير (كانون الثاني) الحالي، بدعوة من أحزاب المعارضة للمطالبة بإسقاط الانقلاب ضد المؤسسات الدستورية، تفاجأت الساحة السياسية التونسية بلقاء جمع الرئيس قيس سعيد بالأمين العام للاتحاد العام للشغل نور الدين الطبوبي، يوم السبت (15 يناير) بعد قطيعة استمرت ستة أشهر تقريباً بينهما، في حين أطلقت المحكمة العسكرية التونسية، الاثنين 17 يناير، سراح معارضَين بارزَين للرئيس، هما عضوا البرلمان المعلّق، سيف الدين مخلوف رئيس "حزب ائتلاف الكرامة" المحافظ، ونضال السعيدي، المسجونان منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، بتهمة الاعتداء على رجال الشرطة في مطار تونس قرطاج الدولي.
وقال المحامي أنور أولاد علي إن "المحكمة العسكرية رفضت طلباً للنيابة العمومية بإعادة سجنهما... وبالتالي يطلَق سراحهما الليلة".

رهان فاشل

وبالعودة إلى لقاء سعيد – الطبوبي، راهنت أطراف سياسية معارِضة في السابق، جراء ما تسرب من خلافات وتباين المواقف بين قيادة اتحاد الشغل ورئيس الجمهورية، التي كانت واضحة في تصريحات القيادات النقابية المعبرة عن الغضب من تجاهلها من قبل الرئيس وعدم إشراكها في الحوار واتخاذ القرارات المصيرية التي تهم مستقبل البلاد، ما أوحى للمعارضة بأن الاتحاد سيكون إلى جانبها في معركة كسر العظم مع الرئاسة. وهذا ما عبر عنه الحبيب بوعجيلة، القيادي في مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" الذي صرح قبل أيام أنه متأكد من أن "الاتحاد العام للشغل سيكون في الأيام القليلة المقبلة في الموقع المناسب بمواجهة هذا الانقلاب". وأضاف بوعجيلة أن "هناك رسائل متبادَلة مع قيادة الاتحاد وتحديداً مع أمينه العام نور الدين الطبوبي".

حسابات خاطئة

وبدد لقاء سعيد – الطبوبي، الرهان على الخلافات بين الطرفين. وقال الرئيس التونسي "إن بعضهم راهن على أن يكون هناك جفاء مع الاتحاد، وهذا غير صحيح بل العلاقات طيبة دائماً". وأكد الطبوبي ذلك، قائلاً "إن اللقاء أتى ليعبر عن طبيعة واستحقاقات المرحلة. وهذه المرحلة لا تُبنى إلا في إطار تضامن وطني حقيقي، ويجب بناء هذه المرحلة بكثير من الهدوء والحكمة والتعقّل وليس بالفعل ورد الفعل. وبناء تونس يتم في إطار تشاركي، والمعركة اليوم اقتصادية واجتماعية وأيضاً سياسية". مضيفاً أن أهل السياسة هم مَن يؤطّر المجتمع، ومن المهم تأكيد حرية التعبير وحرية الإعلام، وحرية التظاهر السلمي والمدني مضمونة ولا يمكن المساس بها، والفترة المقبلة ستكون للعمل على بناء وحدة حقيقية على أسس وطنية مسؤولة حسب أولويات تخدم المواطنين والفقراء والطبقة العاملة". وأضاف الطبوبي أن "دول العالم تراقب الوضع في تونس والإرادة الوطنية المؤمنة بالنظام المدني والدولة المدنية الاجتماعية قادرة على صنع ربيع تونس على الرغم من الظروف الصعبة التي يعرفها الجميع".

الجمهورية الثالثة

ووصف الباحث السياسي، المنذر ثابت، اللقاء بأنه "بداية تأسيس الجمهورية الثالثة في تونس. ونهاية القطيعة تعني الانطلاق المشترك بين الرئاسة واتحاد الشغل في الإعداد للخطوات المقبلة، التي ستشارك في إعادة هيكلة النظام السياسي في سياق الجمهورية الثالثة. وسيكون للاتحاد دور مختلف عن دوره في الحوار الوطني الذي رعاه في عام 2014، بل سيكون شريكاً فيه". وأضاف ثابت أن "اللقاء الذي جمع الأغلبية المؤيدة للرئيس قيس سعيد والاحتياطي الجماهيري النقابي للاتحاد العام التونسي للشغل جعل أطراف المعارضة فاقدة أي سند شعبي، عدا تلك الأقلية التي تحاول التحرك وتراهن أكثر على التغطية الإعلامية لتحركاتها أكثر من المشاركة الشعبية. وهذا اللقاء يرسم خطوط التباين والتماس بين الغالبية ممثلة بالرئيس واتحاد الشغل وبعض الأحزاب مقابل حراك نخبوي يعيد تقديم ذات الوجوه تقريباً، ولا يضيف إلى أساليب الحراك أشكالاً جديدة، وهذا ما يفسر القطيعة بين الشارع وهذه النخب التي تطرح آراء تخصها ولا تخص الشارع التونسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مرحلة جديدة

وكانت الأجواء الإيجابية واضحة بعد اللقاء، خصوصاً في صفوف القيادات والقواعد النقابية التي كانت تخشى من تعمق القطيعة والخلاف بين الرئاسة والاتحاد، بحكم مساندة كثير من النقابيين مواقف الرئيس سعيد. وعبر سامي الطاهري، مسؤول الإعلام في المركزية النقابية، عن هذا الارتياح بالقول "كان حواراً صريحاً تم التطرق خلاله إلى جوانب عدة في الوضع السياسي والتوتر الحاصل على المستوى الاجتماعي، والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد"، مشدداً على رفض العودة إلى ما قبل 25 يوليو (تموز). وقال الطاهري إن من شأن تلك الأطراف أن تسهم جميعاً في وضع التصورات التي ستقدَّم في استفتاء شعبي لإنهاء الأزمة السياسية وتعزيز ممارسة الحريات العامة والفردية من دون قيود وتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

جنود الخفاء

من ناحية ثانية، فإن إنهاء القطيعة والعودة إلى الحوار بين الرئاسة وقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، لم يأتِ صدفة بل كان حسب الناشط السياسي ياسر الخليفي، وليدَ "جهود كبيرة بذلها أشخاص صادقون مقربون من الرئيس وفي قيادة الاتحاد. والاتحاد منظمة وطنية لا يمكن البناء في أي مرحلة سياسية في تونس إلا ويكون الاتحاد شريكاً أساسياً. والجهود التي بُذلت كانت في محلها ونجحت في إعطاء إضافة نوعية لمسار ما بعد 25 يوليو". وحسب الخليفي فإن "اللقاء نجح في إفشال محاولات أطراف جر الاتحاد إلى صدام على حساب مصالح العمال والموظفين، وسيكون لذلك آثار إيجابية على الأوضاع في تونس".

التأسيس للمرحلة المقبلة

كذلك فإن "تجاوز الخلافات والتأسيس للمستقبل" حسب الباحثة في العلوم السياسية ريم الغيد سويد، "يحمل في طياته رموزاً مهمة من تأكيد استمرارية الدولة التونسية في كنف مؤسسيها التاريخيين، والاتحاد جزء منهم". وأضافت سويد "كما أن الرئيس والأمين العام ينخرطان في مشروع وطني فيه نظرة إصلاحية عميقة وشاملة للاقتصاد والسياسة، ولا يمكن ذلك من دون سلم اجتماعي وهدنة نقابية، من أجل إنقاذ البلاد من الأزمات التي تتالت عليها في العشرية الماضية. والمطمئن أن الجميع مقتنع بضرورة الإصلاح وهو ما يُنبئ بنجاح المرحلة المقبلة، من الاستشارة الإلكترونية، إلى تعديل الدستور والقانون الانتخابي، ووصولاً إلى الانتخابات التشريعية، ما يدل على أن الخلاف بين الطرفين ليس مبدئياً".

المزيد من العالم العربي