في مثل هذا الأسبوع قبل عامين، انتشرت الأخبار الأولى عن مرض جديد غريب أصاب 44 شخصاً في الصين، 11 منهم في حالة خطرة. ولم تكن في الأسبوع الأول من عام 2020 طبيعة هذا المرض واضحة، فهو ليس إنفلونزا أو "سارس". وارتفع عدد الإصابات منذ ذلك الحين من 44 حالة إلى ما يزيد على المليون يومياً الآن، بينما قاربت الإصابات عالمياً الثلاثمئة مليون مصاب.
بينما العالم يدخل العام الثالث مما أصبح جائحة وبائية عالمية سببها فيروس كورونا، تبدو مقدمات "نور في نهاية النفق"، حسبما خلص تقرير لصحيفة "صنداي تايمز". فعلى الرغم من الزيادة الهائلة في أعداد المصابين، إلا أن أعداداً ممن تؤدي إصابتهم إل تدهور في صحتهم يستدعي دخول المستشفى يتراجع بوضوح. كذلك يتراجع عدد الوفيات نتيجة الإصابة بالمتحورة الجديدة من فيروس كورونا، "أوميكرون". ما جعل كثيراً من العلماء حول العالم يعتبرون ذلك بداية نهاية خطورة كورونا هذا العام، بحسب الأطباء والباحثين الذين استطلعهم تقرير "صنداي تايمز".
وهناك شبه اتفاق على أن العالم وصل إلى ذروة الوباء التي بعدها انخفاض حدته، وأن هذه الفترة "الحرجة" هي الأخيرة ليتحول بعدها إلى وضع مزمن، إذ لن ينتهي وجود الفيروس لكنه لن يصبح "فتاكاً" كما كان قبل ذلك.
توقع البعض ارتفاع معدلات الإصابة أكثر في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة. ويقول مدير معهد التقييم والمؤشرات الصحية في "جامعة واشنطن"، كريس موراي، "نتوقع أن يصل عدد الإصابات في الأشهر الثلاثة المقبلة إلى ثلاثة مليارات حالة... ومعنى ذلك، إذا وضعناه في سياقه الصحيح، أننا سنشهد عدد إصابات في الشهرين أو الثلاثة المقبلة يساوي ما شهدناه خلال فترة الوباء السابقة كلها". وإذا صح توقعه، فإن ذلك سيعني إصابة 80 في المئة من البشر على وجه الأرض.
من حاد إلى مزمن
يعتقد أساتذة الطب والصحة أن حاجة الحالات إلى دخول المستشفيات بأعداد كبيرة وارتفاع أعداد الوفيات التي كانت سمة فترات الذروة السابقة للوباء قد انتهت، وأن الفيروس يوشك على أن يصبح داءً أكثر منه وباءً. أي أنه ينتشر، لكنه لا يسبب أعراضاً صحية تستدعي التدخل الطارئ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول أستاذ الوقاية الصحية في "جامعة إيست أنجليا"، البروفيسور بول هنتر، إن "فيروس كورونا، سارس – كوف - 2، باق معنا. لكن مرض كوفيد لن يبقى".
أما الاستشاري في مستشفى "جامعة أوكسفورد"، الدكتور راغب علي، فيقول "يسعدني القول إن عام 2021 سيكون أسوأ ما شهدناه... فمع المستويات العالية من المناعة الجماعية وتوفر لقاحات وأدوية علاج جديدة، فإننا أفضل استعداداً بكثير".
يتفق مايك رايان، مدير برامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مع هذا الرأي، بأننا نقترب من نهاية الوباء. ويقول "يمكن أن تنتهي المرحلة الحادة من الوباء، التي تزيد فيها حالات دخول المستفيات والوفيات، خلال عام 2022". لكنه يرى أن ذلك على المستوى العالمي مرتبط بعدالة توزيع اللقاحات في أنحاء العالم. ويضيف "نأمل أن تكون تلك نهاية (الوباء). لكننا لم نصل بعد إلى تلك النقطة. ولن يكون الطريق معبداً للوصول إلى انخفاض معدلات المرض بشدة".
عقبات على طريق النهاية
من العقبات التي يمكن أن تعترض البشرية في الوصول إلى نهاية وباء كورونا في الأشهر القليلة المقبلة، أن الوضع يختلف من بلد إلى آخر، بحسب مستوى الخدمات الصحية فيه، خصوصاً معدلات التطعيم بلقاحات كورونا. فعلى سبيل المثال، يقول البروفيسور ديفيد ماتيوس، أستاذ علم الفيروسات في "جامعة بريستول"، "بالنسبة إلى بريطانيا، أعتقد أن الوباء سينتهي في نهاية الشهر المقبل، أو في حدود ذلك الوقت تقريباً".
ذلك لأنه في بريطانيا تلقت نسبة 95 في المئة من السكان الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة جرعتين من اللقاح، بينما تلقت نسبة 86 في المئة ثلاث جرعات. طبعاً، ليست الحال كذلك من حيث التوسع في التطعيم باللقاحات في دول أخرى، حتى في أوروبا وأميركا الشمالية، لذا يعتقد أن تكون نهاية الوباء في بريطانيا قبل بقية العالم.
ويقول الدكتور علي، "أعتقد أن كل البلدان ستصل خلال عام 2022 إلى مرحلة التكيف للتعايش مع كوفيد-19 بالطريقة التي نتعامل بها مع الإنفلونزا مثلاً... وأعتقد أن بريطانيا ستكون من أوائل الدول التي تصل إلى تلك المرحلة بسبب توافر لقاحات وأدوية علاج بشكل أفضل. هذا ما أتوقع أن يحدث في الأشهر المقبلة في بريطانيا، وأن يحدث في نهاية العام في معظم دول العالم".
وهناك طفرات الفيروس التي ستؤدي إلى ظهور متحورات جديدة، بعد "ألفا" و"دلتا" و"أوميكرون". لكن، مع ما ظهر من قلة حدة أعراض الإصابة بـ"أوميكرون"، يمكن أن يكون الوصول إلى نهاية الذروة وشيكاً جداً. يقول البروفيسور بول هنتر، "سيكون هناك مزيد من المتحورات... لا أعتقد أن الفيروس استقر. لكن ذلك ليس بعيداً. فأوميكرون أقل خطورة، وتكاد تقترب أعراض الإصابة بها بأعراض نزلات البرد. ومن المرجح أن المتحورة التي ستأتي بعدها ستكون هكذا أيضاً".