Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غيوم ملبدة تلوح في الآفاق الاقتصادية لعام 2022

يرى الكاتب فيل ثورنتون أن غياب المساواة في توزيع اللقاحات، والخلل في سلسلة الإمدادات، وارتفاع أسعار الفائدة، والتوترات في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، ستؤثر في الاقتصاد العالمي في عام 2022

قد تتواصل مشكلات سلسلة الإمدادات حتى العام المقبل (غيتي)

هل سنشهد عاماً جديداً سعيداً؟ وجه ظهور متحورة جديدة من "كوفيد-19" صفعة مبكرة إلى جميع الآمال المعقودة على عام 2022 بأن يكون العام الجديد أكثر بهجة وازدهاراً عقب 12 شهراً من التقلبات الاقتصادية شهدها عام 2021. ولكن ما زال أمام الاقتصاد العالمي في العام الجديد تحديات جمة.

ولا محالة، ستظل الجائحة بمتحوراتها هي المحرك الرئيس لتوجهات ونتائج الأسواق الاقتصادية والمالية العالمية. وفي ظل ظهور متحورة "أوميكرون"، سوف تشرع الحكومات في مختلف أنحاء أوروبا -وبلا شك في آسيا والأميركتين عما قريب- في فرض القيود مجدداً إذا تزايدت أعداد الحالات، وعلى وجه التحديد حالات تقتضي دخول المستشفيات أو ينجم عنها وفيات.

ولكن على الأرجح لن تكون هذه الحال خاتمة الأمر. فهناك أحرف كثيرة جداً في اللغة الأبجدية اليونانية يمكن استخدامها (مثل حرف أوميكرون). كما أن ظهور هذه المتحورة ما هو إلا تذكير بأن الغرب سيواصل جني حصاد إخفاقه في ضمان توفير إمدادات منصفة من اللقاحات.

 لم يصبح الوباء من الأمراض المتوطنة حتى الآن. ووفقاً لجماعة الحملات "One"، بلغ معدل اللقاحات المعطاة لكل 100 شخص في أفريقيا 20 فقط مقارنة بـ140 في أوروبا و133 في أميركا الشمالية وذلك بنهاية الأسبوع الأخير قبيل عيد الميلاد.

وقد أدى فشل البلدان الثرية في الوفاء بوعودها بتقاسم اللقاحات مع الدول الأفقر إلى موجة غضب، إذ ذكرت المنظمة غير الحكومية "وان" أن نحو 43.2 في المئة من سكان العالم - 3.4 مليار نسمة، غالبيتهم في البلدان ذات الدخل المنخفض والدخل المتوسط الأدنى، لم يتلقوا أي جرعات من اللقاح. وحددت منظمة الصحة العالمية هدفاً لكل بلد لتلقيح عشرة في المئة من سكانه بحلول نهاية سبتمبر (أيلول). غير أن هناك 56 بلداً محروماً فعلياً من سوق اللقاحات العالمية ولم تتمكن من بلوغ هذا الهدف - ومعظمها في أفريقيا.

 ولن يكون تقديم اللقاحات مشكلة الإمدادات الوحيدة في عام 2022، إذ شهد العام السابق تعرض الطلب على السلع لأكبر صدمة منذ عقود، التي طالت البنية التحتية لسلسلة الإمدادات. وقد يشهد العام المقبل المزيد من هذه المشكلات. وإذا افترضنا أن الطلب العالمي سيحافظ على زخم قوي، معززاً بمدخرات الأسر المجمعة في عدد من الاقتصادات المتقدمة، فمن غير الواقعي أن نتصور أن معوقات سلسلة الإمدادات سوف تختفي بالكامل في القريب العاجل.

وكما يشير كلوم بيكرينج، الخبير الاقتصادي الكبير في بنك بيرنبرغ، فقد يستغرق نمو العرض عامين أو أكثر لسد الفجوة بينه وبين نمو الطلب، بالقدر الذي يتمكن فيه الأداء الاقتصادي الحقيقي من التخلص من معوقات الشح والنقص.

وبعيداً عن القضايا الكبرى، ستتجه كل الأنظار إلى اقتصاد الولايات المتحدة. ومن شأن الانهيار المحتمل لمشروع قانون "إعادة البناء بشكل أفضل" بقيمة 1.75 مليار دولار أميركي أن يسحب بساط التأييد من تحت برنامج استثماري تمس الحاجة إليه.
 وإذا فاز الجمهوريون بالسيطرة على الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر (تشرين الثاني)، فسيكون هناك على ما يبدو مأزق سياسي.

ومن ناحية أخرى، فإن الضغوط التضخمية التي تؤججها أزمة سلسلة الإمدادات والطلب القوي سوف تحمل الاحتياطي الفيدرالي على البدء في رفع أسعار الفائدة: ربما ثلاثة أضعاف في عام 2022، ثم خمسة أضعاف على مدى العامين التاليين لجعل سعر الفائدة عند 2.0-2.25 في المئة.

 وبينما تدفع هذه الارتفاعات أسعار الفائدة إلى الازدياد في أسواق رأس المال، فإن بقية دول العالم سوف تضطر إلى التعامل مع تكاليف اقتراض أعلى وسوف يتمنى المستهلكون والشركات ألا يحذو البنك المركزي الأوروبي الحذو نفسه.

والواقع أن أحد أكبر المخاطر على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي هو إما أن يكرر البنك المركزي الأوروبي المخاطرة نفسها برفع أسعار الفائدة في وقت مبكر للغاية، كما فعل في عام 2011، وإما أن تشرع الدول الأعضاء مرة أخرى في تبني برامج تقشف مبكرة وسابقة لأوانها. وينبغي للبنك المركزي الأوروبي أن يترك معدلات السياسات عند مستواها الحالي أو أدنى إلى أن يصل التضخم إلى النسبة المستهدفة عند اثنين في المئة "قبل نهاية آفاق توقعاته بكثير"، وتأجيل أي زيادة لمدة سنتين أو أكثر.

وعلى الرغم من أن البنك المركزي أصبح أفضل من حيث رصد مؤشرات الأسواق بوضوح، فإن ذلك لا يمكن أن يقال عن الدول الأعضاء. والأمل هو أن تقضي عام 2022 في التناقش بروية حول إجراء إصلاحات قواعدها المالية وزيادة المرونة لتعزيز الاستثمار الأخضر [الصديق للبيئة] وتعزيز النمو ــ بدلاً من خفض الإنفاق المالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالإضافة إلى هذا الوضع، هناك قلق إزاء استمرار التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، إذ تبدو القوتان العظميان الاقتصاديتان واقعتين في حبال منافسة طويلة الأمد. وعلى الرغم من تحسن العلاقات منذ أداء جو بايدن اليمين الدستورية رئيساً، فهناك دعم من الحزبين [الجمهوري والديمقراطي] في واشنطن -إلى جانب الدعم الشعبي في البلاد- من أجل اتخاذ موقف صارم من الصين.

ولا بد أن تظل العلاقات متوترة على جبهات متعددة إلى ما لانهاية. ويرجح بنك ستاندرد شارترد أن تعترض الولايات المتحدة على سياسات الصين لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان والقضايا الجيوسياسية، في حين سوف تستمر بكين في الرد على استبعادها من كبرى عقود التكنولوجيا المتقدمة وذلك من خلال الاستثمار بقدر أكبر في تطوير التكنولوجيا المحلية.

 وسوف يجلب العام المقبل مجموعة جديدة من الابتكارات والاختراعات والأفكار ــ ولكن قد تطغى عليها مرة أخرى المشاكل اليومية التي تعد جزءاً لا يتجزأ من دوران عجلة الاقتصاد العالمي.

© The Independent

المزيد من آراء