Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استجابة جنوب أفريقيا لمتحورة "أوميكرون" قيّمة وعلى الدول الثرية أن تبلي بلاء أفضل

نحن في حاجة إلى أنظمة عالمية للمراقبة، فالتدخلات المبكرة يمكنها أن تنقذ آلاف الأرواح وتعالج جائحة المعلومات المضللة

أثر انتشار متحورة "أوميكرون" سلباً على حركة السفر إلى جنوب أفريقيا (رويترز)

نشرت متحورة "أوميكرون" حتى قبل إطلاق هذه الاسم عليها الفوضى في خطط السفر، وبثت الذعر في أوساط الأعمال التجارية الخاصة بالعطلات والقلق في السياسيين. ونحن ندرك جميعاً الآن التبعات الاجتماعية والاقتصادية لمتحورات جديدة، ناهيك عن تأثيرها في " خدمة الصحة الوطنية" وعلى الأفراد، بدءاً بعبء العمل ونقص الأسرّة في المستشفيات إلى الآثار الصحية الطويلة الأمد والفواجع العائلية.

تم اكتشاف متحورة "أوميكرون" أول الأمر في جنوب أفريقيا، وكانت تداعياتها الأقوى بطبيعة الحال من نصيب منطقة الجنوب الأفريقي بأكملها، في تجربة قد يُنظر إليها في ما بعد على أنها في مثابة جزاء المراقبة النموذجية للجينوم.

ليس من الصعب تفّهم ردود الفعل الفورية مثل القيود التي جرى فرضها على السفر حين تكون المخاطر، على الصعيدين الاقتصادي والصحي، عالية جداً. وفي الأحوال كلها، فإن السرعة والانفتاح اللذين تصرف بهما علماء جنوب أفريقيا، حين أبلغوا مخاوفهم إلى منظمة الصحة العالمية، يستحقان الثناء كما يجب الاقتداء بهما أيضاً. لا يمكن أن يكون مثال أفضل لأهمية البيانات الجيدة ومدى قوة مشاركتها.

وبصفتي مؤسساً مشاركاً لـ "معهد البيانات المفتوحة" Open Data Institute ، فأنا فخور بأننا جزء من "التحالف العالمي لبيانات الجائحة"، الذي كلفته المملكة المتحدة باعتبارها رئيسة مجموعة السبع، بدفع عجلة الوصول الآمن للبيانات واستعمالها بما يتعلق بالجوائح في المستقبل. لكن يجدر بنا أن نعترف أن الدول الأكثر ثراء يمكنها أن تبلي بلاء أفضل عندما يتصل الأمر بالانفتاح والفعالية.

يبحث "معهد البيانات المفتوحة" جنباً إلى جنب مع عضوين في "التحالف العالمي لبيانات الجائحة" هما "داتا دوت أورغ" و"التعاونية العالمية لبحوث الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي" I-DAIR في سُبل مساعدة البنية التحتية لبيانات الصحة العالمية على التنبؤ بتأثير هذه الجائحة والتي ستأتي بعدها والتصدي لهما. ونجد حالياً أن هناك الكثير من العمل الممتاز الجاري لمراقبة الجائحة. بيد أن هناك أخطاراً متأصلة في نهج "أنا أولاً" بالنسبة إلى دول أو منظمات تستثمر في المبادرات من دون التفكير الكافي حول كيفية مواءمة هذه المبادرات مع الجهود الأخرى حول العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نحن في حاجة إلى أنظمة عالمية للمراقبة [الرصد] تكون قابلة للتشغيل المتبادل على نطاق واسع وفي متناول الجميع، بحيث تستطيع المجتمعات كافة أن تستفيد من البيانات والخلاصات التي تنتج منها عند تحليلها. إن الخطر في تكرار محتمل لأنماط المراقبة يتمثل في أنه يمكن أن يحصل على حساب التركيز على سد الثغرات في المعرفة والقدرة. كما أن المشهد العالمي المتشرذم لأنظمة غير متوافقة في مراقبة الجائحة، سيجعل تحقيق أولئك الذين لا يملكون الكثير من الموارد أفضل النتائج الممكنة لاستثماراتهم وجهودهم، أشد صعوبة.

إذن ما الذي يمكن أن تفعله مجموعة السبع والدول الأكثر ثراء؟ إن التعاون بشأن ما يشكل بيانات جيدة عن الجاهزية في مواجهة الجائحة، والمشاركة الآمنة لها، يمكن أن يؤديا إلى الكشف على نحو سريع عن المتحورات التي تؤثر في الناس على نحو مختلف بحسب الجنس أو الإعاقة أو الظروف الصحية القائمة. ومن المحتمل أن يعني ذلك إنقاذ آلاف الأرواح من طريق التدخلات المبكرة. ويمكن لوجود هذا المستوى من التعاون أن يساعد في دعم مشاركة بلدان محدودة الدخل من خلال مناهج مفتوحة المصدر توفر لهم ملكية مشتركة [إطلاع مشترك] منصفة لخلاصات البيانات، كما سيُفضي ذلك إلى تعزيز قاعدة المعرفة العالمية.

وفي بمقدور مثل هذا التضامن التكنولوجي البسيط أن يقطع شوطاً لا بأس به لتخفيف المخاطر المشتركة الكامنة في التفاوت بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها لجهة توافر اللقاحات والعلاج. وتستطيع البيانات المفتوحة والنماذج التحليلية المفتوحة أيضاً أن تسهم في معالجة الوباء العالمي المدمر للمعلومات المضللة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخدمات الرسائل [القصيرة] وكلام الناس. وكلما زاد انفتاح الحقائق والتحليلات [وتوفرهما بحرية] كلما قلّ تأثير المعلومات المضللة. فالتشرذم ووجود الفجوات يسمحان للتكهنات والتفسيرات الخاطئة أن تتسلل، إذ تنمو المعلومات المضللة بنجاح في الفراغ الناجم عن البيانات المغلقة.

وبطبيعة الحال، ليس من الضروري مشاركة بيانات طرح اللقاح أو معدل العدوى فقط من أجل المساعدة في التعامل مع هذه الجائحة أو تلك التي ستليها. لقد لمسنا في وقت مبكر من تفشي الجائحة قيمة البيانات المتعلقة بإعداد الخرائط [الخاصة بالتوزيع] وبيانات قابلية الانتقال عندما يتصل الأمر بفهم آثار المرض ومدى انتشاره، فضلاً عن كيفية قيامنا بتمريننا اليومي [التمارين الرياضية أو الحركة عموماً في الأماكن العامة]. لقد تعلمنا من عملنا في "معهد البيانات المفتوحة" أن البيانات غير الطبية، مثل تلك التي ترد من المستشفيات والباحثين في مجال اللقاحات، قد تتمتع بقيمة كبيرة بالنسبة إلى حالات الطوارئ الصحية العامة. من الأفضل، في الواقع، أن يقوم كل من القطاعين العام والخاص بفتح المزيد من البيانات وإتاحة الإطلاع عليها لأن ذلك يصبّ في مصلحة جاهزية مواجهة الوباء.

آمل بأن تضع الحكومة الألمانية الجديدة البيانات المفتوحة [إتاحة الوصول إلى البيانات من غير قيود] في صميم مداولاتها استعداداً لتولي رئاسة مجموعة السبع في نهاية العام الحالي. اعتمد الائتلاف الحاكم بشدة على قوة الرقمنة والتحديث في محاولته لاستمالة الشعب الألماني، وهو ما يبشر بالخير بالنسبة إلى معطيات التأهب للتصدي للوباء. تعتبر قوة البيانات المفتوحة من أهم الموارد التي نملكها وأكثرها فعالية حين نسعى إلى جبه هذة المتحورة، أو في الواقع، المتحورة المقبلة.

السير نايجل شادبولت هو مدير "جيسوس كوليج" في جامعة أكسفورد، والرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لمعهد البيانات المفتوحة.

© The Independent

المزيد من آراء