Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل باتت "صفقة القرن" مصلحة أردنية؟

الحكومة لم تعلن موقفاً واضحاً حيال مشاركتها في مؤتمر البحرين الاقتصادي

الملك الأردني عبد الله الثاني خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في واشنطن في مارس الماضي (أ.ف.ب)

ترفض الحكومة الأردنية حتى اللحظة إعلان موقفها إزاء المشاركة في مؤتمر البحرين الاقتصادي المزمع عقده نهاية يونيو (حزيران) المقبل، كخطوة أولى لإعلان بنود خطة السلام الأميركية المسماة بـ "صفقة القرن".

ويصر المسؤولون الأردنيون على رفض الإدلاء بأي تصريح حول موقف الأردن من هذا المؤتمر الذي يقاطعه الفلسطينيون. لكن، في المقابل، يحاول كتاب وصحافيون وسياسيون الترويج لضرورة مشاركة الأردن في هذا المؤتمر والتعامل مع "الأمر الواقع"، وهو ما أثار استياء وغضب قطاع عريض من الأردنيين.

"صفقة القرن" على مأدبة إفطار رمضانية

كان النائب فواز الزعبي، المقرب من الحكومة الأردنية، أول من أثار الجدل، عندما أعلن خلال مأدبة إفطار أن صفقة القرن "لمصلحة الأردن"، خلافاً لكل المواقف الرسمية وموقف العاهل الأردني نفسه.

تصريحات النائب الزعبي قوبلت بصمت حكومي مطبق، وتبعتها خلال ساعات مواقف أخرى فهم منها أنها تمهيد وتوطئة لقبول الأردن بـ "صفقة القرن". إذ أكد الوزير السابق حازم قشوع، المعروف بقربه من الأميركيين، موقف الزعبي، معلناً بدوره وخلال مأدبة إفطار رمضانية إن المشاركة في مؤتمر البحرين و"صفقة القرن" تدعمان كيان الدولة الأردنية، لكنه استدرك في تصريحات صحافية لاحقة بالقول إنه "من المبكر الحديث عن المشاركة من عدمها، لحين انعقاد القمة الطارئة لمجلس التعاون الخليجي في مكة المكرمة في 30 مايو (أيار) الحالي".

ووفق مراقبين، فإن افتتاحية "جوردان تايمز"، وهي الصحيفة الأردنية الرسمية باللغة الإنجليزية، حاولت تسويق ورشة المنامة على أنها مؤتمر استثماري بحت لا علاقة له بـ "صفقة القرن"، فيما اعتبر آخرون أن ثمة رسائل أردنية داخلية كثيرة تمهد للوضع الجديد، من بينها الحديث عن ضرورة المشاركة في مؤتمر البحرين لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي.

الأردن في مأزق والكلفة عالية

كتب الصحافي ماهر أبو طير، المقرب من الديوان الملكي الأردني، مقالين خلال ساعات قليلة اعتبرهما مراقبون بمثابة ترويج وتمهيد لمشاركة الأردن رسمياً في مؤتمر البحرين وتوطئة لقبول خطة السلام الأميركية.

ويرى أبو طير أن ثمة آراء تتحدث عن ضرورة المشاركة، باعتبار أن الغياب مستحيل وصعب ومكلف وخطير على الأردن، بينما اعتبرت آراء أخرى أن المشاركة في مؤتمر البحرين لا تعني قبول "صفقة القرن" بجانبها السياسي، مثلما أن المقاطعة لا تعني رفض الصفقة ذاتها.

ووسط هذه الآراء يتحدث أبو طير عما أسماه بالمأزق، مشيراً إلى أن وضع الأردن محرج جداً. إذ كيف يمكنه الغياب، متحدياً واشنطن، وكيف يمكنه الحضور، متجاوزاً رفض الفلسطينيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويكشف أبو طير عن سيناريو الموقف الأردني خلال الأيام المقبلة بالقول إنه "سيتم تأجيل الإعلان عن الموقف من المشاركة، ثم يترك الأمر لوزير المالية أو وزير التخطيط أو أي وزير متخصص بالجانب الاقتصادي، ليخرج ويتحدث عن الجانب الفني، للمشاركة باعتبارها مجرد ورشة عمل لا أكثر".

ويختم أبو طير بالإشارة إلى أن الأردن أمام خيارات صعبة جداً، لأن الغياب عن المؤتمر الأميركي مكلف، مثلما أن المشاركة مكلفة، خصوصاً في ظل التراشق الداخلي في الأردن.

موقف متناقض مع لاءات الملك الثلاث!

اعتبر الكاتب وأستاذ العلوم السياسية حسن البراري أن الحكومة الأردنية لم تعلن عن موقف واضح حيال المشاركة الأردنية وأبقت الباب موارباً، وهذا موقف يتناقض مع لاءات الملك الثلاث، وكذلك يتناقض مع موقف الرأي العام الأردني الذي يرفض "صفقة القرن"، على حد تعبيره.

السؤال المطروح اليوم، وفق البراري، هو هل يمكن شراء الأردن؟ وأضاف "هناك انطباع بأن حاجة الأردنيين والفلسطينيين الاقتصادية تمثل كعب أخيل، بالتالي فإن التلويح بجزرة كبيرة سيكون حصان طروادة لاختراق جدار معارضة الأردنيين والفلسطينيين لمحاولات تصفية قضية فلسطين لصالح إسرائيل".

ويرى البراري أن مؤتمر البحرين يأتي بعدما رفضت أميركا إطلاع الأردن على الشق السياسي من "صفقة القرن". وهو أمر اشتكى منه الملك عبدالله الثاني بمرارة في أكثر من لقاء، معتبراً أنه الأفضل أن ينأى الأردن بنفسه عن هذا المخاض العسير.

جدل شعبوي

وعلى الرغم من ضبابية الموقف الأردني من المشاركة في ورشة البحرين، استبقت كثير من القوى السياسية والحزبية الأحداث وأعلنت رفضها المطلق لأي موقف رسمي إزاء مؤتمر البحرين أو خطة السلام الأميركية، داعية الحكومة إلى الانسجام مع الموقف الشعبي ومع اللاءات الثلاث التي أطلقها الملك لرفض الوطن البديل و"صفقة القرن" والعبث بالقدس.

وخلافاً لمواقف القوى السياسية، تقول مصادر رسمية لـ "اندبندنت عربية"، إن الأمر لا يعدو كونه جدلاً داخلياً مع كثير من المبالغات والمراهقة السياسية والمواقف المسبقة التي يحاول البعض استغلالها شعبوياً. إذ لم يصدر موقف رسمي حتى اللحظة، كما لم تصدر مواقف واضحة ومعلنة من شخصيات رسمية وحكومية وازنة وعلى رأس عملها. بالتالي، لا يمكن إطلاق الأحكام بناءً على تصريحات فردية تمثل مطلقيها وآراءهم الشخصية فحسب.

وقالت هذه المصادر إن الملك عبدالله الثاني هو من يقود حالياً السياسة الخارجية للأردن، خصوصاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بالتالي فإن أي موقف رسمي أردني سيكون منسجماً مع رؤيته.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي