Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تشهد أسواق الخليج إطلاق صناديق متخصصة للاستثمار بالأسهم؟

لاتزال هناك فرص سانحة لتكوين محافظ محترفة متنوعة تقلل المخاطر وتحقق العوائد وتجنب غير المختصين إدارة أموالهم بشكل أكثر حكمة

توسع هياكل الصناديق في المنطقة الخليجية خلال السنوات القليلة الماضية بعد إدخال الإطار التنظيمي (رويترز)

وفقاً لمعهد صناديق الثروات السيادية "SWFI"، يستقر أربعة من أفضل عشرة صناديق سيادية في العالم في المنطقة الخليجية كجزء من استراتيجية التنويع بعيداً عن النفط والغاز. وتعمل الصناديق السيادية على توسيع استثماراتها في مختلف القطاعات مثل التكنولوجيا والعقارات والأسهم الخاصة وصناديق التحوط. وهناك مستويات من الصناديق، فهناك السيادية على مستوى الدول، وأخرى على مستوى الحكومات المحلية، وثانية على مستوى الشركات، وثالثة على مستوى الأفراد إما يديرونها بأنفسهم وإما يوكلون متخصصين بالنيابة عنهم لإدارتها، والسؤال هنا، لماذا تغيب الصناديق المتخصصة في قطاعات معينة عن أسواق المنطقة كما هو حاصل في أسواق الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا؟ ولماذا لا نرى صناديق متخصصة للتكنولوجيا والرقمية وغيرها من الصناديق القائمة على الابتكار كتلك المدرجة في أسواق المال الأميركية التي تقود نموها اليوم؟ ولماذا تغيب الصناديق العقارية عن الأسواق الخليجية ولا تزال تنحصر في ما يعرف بـ"الريت"، على الرغم من أن القطاع العقاري من القطاعات الأكثر جذباً للاستثمارات ومن القطاعات القيادية في اقتصادات المنطقة؟ (مع الإشارة إلى أن هناك صناديق خليجية لديها محافظ للعقار داخل هذه الصناديق، ولكن هناك غياب لصناديق مستقلة عقارية أو تكنولوجية مدرجة في أسواق المال الخليجية)، كما نتطرق إلى التحديات التي يمثلها اعتماد الصناديق الخليجية على المعايير العالمية، وهناك مجموعة من الأسئلة توجهنا بها إلى عدد من المحللين.

الخيار الأفضل

يقول طارق قاقيش، المدير العام لشركة "سولت" للاستشارات المالية، إنه بالنظر إلى الطبيعة المتغيرة التي تميز السوق، فإن اعتماد معايير دولية في سوق محلية ليس الخيار الأفضل في جميع الأوقات، ويرى أن قوانين الصناديق العقارية المتداولة لم تكن مناسبة تماماً لطبيعة منطقة الخليج، بخاصة الإمارات، فنشاط سوق العقارات الخليجية مختلف في هيكله عن دول العالم المتقدم الأخرى على حد قوله. مضيفاً أنه على الرغم من أن قانون الصناديق العقارية المتداولة يضم عدداً كافياً من الأحكام التي تنظم العملية، فإنه لم يأخذ في الاعتبار التحول المستمر في سوق العقارات في المنطقة. وأشار إلى أنه على الرغم من أن الجوانب الرئيسة التي تميز اللوائح السارية على الصناديق العقارية المتداولة الخليجية مشابهة جداً للمعايير الدولية، فإن أداء هذه الصناديق ظل من دون المستوى المتوقع.

وتحدث المدير العام لشركة "سولت" للاستشارات المالية، عن توسع هياكل الصناديق في المنطقة الخليجية خلال السنوات القليلة الماضية، بعد إدخال الإطار التنظيمي، قائلاً إنه يوجد اليوم نحو 26 صندوقاً خليجياً، 17 منها في السعودية، وأربعة في الإمارات، واثنان في عمان، وواحد في قطر، وآخر في الكويت، وواحد في البحرين، وأشار إلى اقتراب إجمالي صافي الأصول إلى ستة مليارات دولار أميركي في 21 سبتمبر (أيلول) 2021.

تقلبات سوق العقار وأزمة كورونا

ويقول قاقيش، "نقف اليوم أمام تحدٍّ مهم يتمثل في توزيع 80 في المئة في الأقل من صافي أرباح الصندوق على مالكي الوحدات كل عام، وعلى الرغم من أن هذه النسبة أقل من 90 في المئة في الدول المتقدمة، فإن ذلك لم يأخذ في الاعتبار التقلبات الشديدة لسوق العقارات في المنطقة. فعلى سبيل المثال، أدى الوباء إلى تغير نظرة واهتمام المستثمرين لقطاع العقارات، ما خلق تحديات جديدة في تنفيذ استراتيجية التنويع التي اعتمدها مديرو الصناديق". ويرى أن تشبع السوق العقارية، والتراجع الاقتصادي، والزيادة في فقدان الوظائف، أسهمت جميعها في انخفاض أسعار العقارات، ونتيجة لذلك، انخفضت أسعار الأصول، وانخفض الدخل من الإيجارات، بل اختفى في بعض الأحيان، ما تسبب في زيادة التقلبات وارتفاع معامل الترابط بالقطاعات الأخرى ذات الصلة. إلى جانب ذلك، أصبحت الصناديق العقارية المتداولة تحت ضغط التدفق المالي السلبي، وارتفعت احجام استرداد مالكي الوحدات، وتضاءلت القدرة على تغيير الاستراتيجية، وتبعاً للتدهور الاقتصادي، تضررت قطاعات أخرى ذات صلة، كالتعليم والرعاية الصحية، التي تستثمر هذه الصناديق فيها.

تمديد آجال الصكوك المُصدرة

ويعتقد قاقيش أن مديري الصناديق لم يكونوا متأهبين لذلك، ولم يضعوا احتياطياً نقدياً كافياً لمثل هذا السيناريو. ونتيجة لذلك، سعت بعض الصناديق إلى انسحابها من الأسواق المالية، بينما حاولت صناديق أخرى تمديد آجال الصكوك المصدرة. فعلى سبيل المثال، عرض "الإمارات ريت"، أكبر صندوق استثماري عقاري متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في الإمارات، الذي تعرض لخسائر بقيمة 243 مليون دولار في القيمة الاسمية لأصول الإيجار، استبدال سندات جديدة مضمونة مستحقة في 2024 بسندات الصكوك غير المضمونة المستحقة في 2022.

وتابع، لكن من المؤسف عندما انخفض سعر الصندوق (صافي قيمة الأصول) انجذب مستثمرو الأفراد إلى العائد المرتفع لتوزيعات الأرباح من دون مراعاة حالة التدفق النقدي السلبي للصناديق، وهو ما كان مضللاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرجع السبب الرئيس الذي جعل الدول المتقدمة تتبع قاعدة توزيع 90 في المئة من صافي أرباح الصناديق على حد قول قاقيش، إلى أن الصندوق غير ملزم بدفع ضريبة الشركات، وهو قانون غير سارٍ في منطقة الخليج. إضافة إلى ذلك، يسهم وجود قطاع عقاري أكثر تطوراً وأقل تقلباً في تمكين مديري الصناديق من توقع التدفق النقدي في المستقبل. ويضيف قاقيش أنه يمكن أن يعزى استقرار سوق العقارات في الدول المتقدمة إلى سبب آخر، وهو أن معظم الدول المتقدمة تطلب من مستأجري المساحات التجارية توقيع عقود إيجار مدتها خمس سنوات في الأقل، ما يوفر تدفقاً نقدياً ثابتاً لأصحاب العقارات، التي تتمثل في هذه الحالة في الصناديق العقارية المتداولة، ويرى قاقيش أن التوقعات تبدو واعدة بالنسبة إلى الصناديق للاستثمار في أدوات استثمارية بديلة، لكن لا بد للمستثمرين أن يدركوا حجم التقلبات الحادة للعقارات في المنطقة.

توسع هياكل الصناديق في الخليج

ويضيف قاقيش أنه بفضل معدل الفائدة المنخفض، وضعف الدولار الأميركي، وارتفاع معدلات التضخم، تعافى قطاع العقارات بشكل كبير، ما ساعد هذه الصناديق على التعافي أيضاً، إلا أنه دعا إلى ضرورة تعديل القانون بخفض نسبة التوزيع أو منح مدير الصندوق مزيداً من الصلاحيات، لأن ذلك سيساعد في إجراء توزيع معقول بناء على التدفق النقدي في المستقبل.

الصناديق الخليجية والمعايير العالمية

من جانبه، قال شهاب بن محمود الرئيس المؤسس لـ"أرتيكيز أدفايزوري دوت كوم"، المتخصصة في تقديم الاستشارات الاستراتيجية والعقارية والضيافة والسياحة وانتقال ثروات الأجيال، نائب الرئيس الأول السابق لشركة "جونز لانغ لاسال" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن أسواق الخليج الاستثمارية بصفة عامة آخذة في الانفتاح أو الاتجاه نحو مزيد من الانفتاح، وفي هذا السياق لا مجال لاجتذاب المعايير العالمية، فالخطوة الأولى لجذب المستثمر الأجنبي ولا سيما رواد المستثمرين سواء الأفراد أو الشركات تتمثل في توفير هياكل وأطر معمول بها في الأسواق العالمية الفاعلة على الرغم من وجود، ربما، من بعض الزوايا، مواقع غير ملائمة لطبيعة ومرحلة تطور الأسواق الخليجية الاستثمارية.

أضاف بن شهاب أن الأسواق العقارية لا يمكن لها أن تكون منفصلة عن الواقع الاقتصادي، وهذا يعني أن حجم السوق، أي كمية الأصول ستظل قليلة مقارنة مع أسواق كبيرة، كما أن مسألة الكم تؤثر بصفة عامة في مسألة جودة الأصول. مضيفاً أنه على الرغم من المصاعب والتحديات التي يمثلها اعتماد الصناديق الخليجية للمعايير العالمية، يبقى ذلك الاتجاه والخيار الاستراتيجي الوحيد.

الصناديق السيادية الأكثر تأثيراً في الاقتصاد الكلي

ويقول وضاح الطه، عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد للأوراق المالية والاستثمار"، إن الصناديق السيادية هي الأكثر تأثيراً في الاقتصاد الكلي للدول. ويضيف أنه في دول الخليج، هناك العديد من الصناديق مثل صندوق "آديا"، وصندوق "مبادلة" في أبو ظبي، وصندوق الاستثمارات العامة في دبي، وهناك هيئة الاستثمارات في الكويت، وهي موجودة أيضاً في كل من قطر وعُمان، وهناك صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في حين تتجاوز ثروات الصناديق الخليجية 1.6 تريليون دولار. في حين أن كل صندوق لديه استراتيجياته الخاصة به. وتحدث الطه عن معهد صناديق الثروات السيادية (ومقره سويسرا)، الذي يصنف أول 40 صندوقاً في العالم بحسب ثرواتها، وأصولها ومصدر ثرواتها، فعلى سبيل المثال، مصدر ثروات صندوق "آديا" في أبو ظبي عوائد النفط، أيضاً هناك تصنيف لحوكمة تلك الصناديق يتألف من عشر درجات، ويتضمن حوكمة تلك الصناديق بما فيها الأخذ في الاعتبار المعايير الاجتماعية والأخلاقية والبيئية، وهو معيار متقدم.

وأشار الطه إلى أن الصندوق الوحيد الحاصل على الدرجة الكاملة في العالم من حيث الحوكمة والأخلاقيات هو الصندوق النرويجي، وهو الأكبر في العالم وتتجاوز قيمته 1.1 تريليون دولار، والمعروف عن هذا الصندوق أنه لا يدخل في استثمارات الأسلحة أو الصناعات التي تتعارض مع أخلاقياته وأخلاقيات المجتمعات، كما أن أنه لا يدخل في صناعات تنتهك البيئة.

وقال عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد للأوراق المالية والاستثمار"، إن الصناديق السيادية بشكل عام، بما فيها الخليجية منضبطة ولديها قواعد حوكمة. وعلى مستوى صناديق الحكومات المحلية لديها أيضاً سياسات معنية، ولكن مستوى محتوى الشفافية، بشكل عام، غير معروف، كما أن الصناديق السيادية الخليجية متنوعة، كما أن الجزء الأكبر من استثمارات الصناديق السيادية الخليجية في الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا وآسيا والقليل في مناطق العالم الأخرى.

غياب الصناديق العقارية في الخليج

وأشار الطه إلى غياب صندوق سيادي خليجي واحد متخصص في العقارات، على الرغم من أن العقار جزء من التنوع الموجود في الصناديق السيادية. ويعتقد الطه أن الاعتماد على صندوق عقاري سيادي حكومي أو على مستوى الحكومات المحلية فيه مخاطرة كبيرة كونه يركز على قطاع واحد، لذلك لا توجد صناديق عقارية، ولكن على مستوى الشركات نعم هناك صناديق عقارية، التي تعرف باسم "الريت"، أو "REIT" هو اختصار للمصطلح الإنجليزي "Real Estate Investment"، أي الاستثمار العقاري، وهناك صناديق "ريت" مدرجة في السوق السعودية، أيضاً، كان هناك صندوق "ريت" في بنك دبي الإسلامي، وإلى حد ما كان متلكئاً. وتحاول الصناديق العقارية أو "الريت" جمع أموال للبدء في الاستثمار والتأجير ومن ثم خلق عوائد وتوزيعها.

وفي السعودية ربما هذه الممارسة موجودة، وهناك العديد من صناديق "الريت" للشركات المدرجة في السوق السعودية. ويرى الطه أن المنتجات لا تزال تقليدية والقطاعات الفرعية للصناديق العقارية تركز معظمها على القطاع السكني، وربما بعضها يركز على العقار التجاري، وأضاف أن هناك العقار الصناعي والفندقي (الضيافة)، والمكتبي، بالإضافة إلى السكني، وهي خمسة قطاعات رئيسة تنضوي تحت مظلة القطاع العقاري.

الفرصة سانحة لتأسيس صناديق عقارية

ويرى الطه أن التباين في أداء القطاع العقاري في المنطقة واضح، وبحسب التقرير الأخير لـ"شركة جونز لانغ لاسال"، الشركة العالمية للخدمات العقارية وإدارة الاستثمار، أن هناك فجوة عقارية ما بين المعروض وحجم الطلب على العقارات في المنطقة الخليجية، وأضاف "أعتقد أن هذه المشكلة تحتاج إلى حلول مبدعة واستثنائية ومبتكرة لتحفيز وامتصاص الطلب"، وأشار الطه إلى أن القطاع العقاري بدأ فعلياً في التعافي وبخاصة السكني.

ويقول الطه "في رأيي أن تأسيس صناديق عقارية فكرة أساسية ممتازة، فنحن لا نزال محصورين في مسألة إدراجها في الأسواق، وخلق صناديق عقارية يشكل فرصة كبيرة في حال وجدت إدارة حكيمة ومحترفة لطرح صناديق استثمارية متنوعة تستثمر في أسواق أو قطاعات معينة، خصوصاً قطاعاً واعداً مثل التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي القائمة على الابتكار، وبالتالي لا تزال هناك فرص سانحة لتكوين محافظ محترفة متنوعة تقلل المخاطر، وتحقق العوائد وتجنب غير المختصين استثمار أموالهم بشكل أكثر حكمة وجميعها فوائد للصناديق".