Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصناديق السيادية الخليجية تنعش شركات وادي السيليكون

رؤية سوفت بنك" تغير قواعد اللعبة في المؤسسات الناشئة وسط سياسة النفس الطويل الإستثمارية

مستثمر يتابع حركة التداول داخل بورصة أبو ظبي (رويترز)

لا يكاد يمرّ يوم إلا وتظهر أخبار صندوق (رؤية سوفت بنك) في أميركا عموما، وفي وادي السيليكون خصوصا، حيث يركّز الصندوق، ذو المئة مليار دولار، استثماراته في شركات التكنولوجيا الناشئة التي تتخذ من وادي السيليكون، في الغرب الأميركي، موطنا لها.

وهذه الشركات هي القصص الرئيسة في الأسواق والإعلام حاليا، حيث ظهرت قبل 10 سنوات كأفكار واعدة، ثم أصبحت من بين كبرى الشركات العالمية.

ودخل الصندوق في أغلب هذه الشركات، ما جعله محطّ أنظار المستثمرين ووسائل الإعلام، حيث أصبح المموّل الرئيس لتوسعاتها العالمية ولنموها المتواصل.

وأبرز الشركات التي يضع الصندوق فيها استثماراته: (أوبر) و(ARM Holdings) و(NVIDIA) و(Flipkart) و (OneWeb) و( (WeWork و (GM Cruise)و Doordash)و (Slack، والقائمة تطول لتشمل نحو 80 شركة.

قصة "رؤية سوفت بنك"

وتأسّس الصندوق منذ عامين ونصف من قبل مجموعة (سوفت بنك) اليابانية، وأكبر المستثمرين فيه: السعودية عبر صندوق الاستثمارات العامة، الذي ضخّ نحو 45 مليار دولار، والإمارات عبر (مبادلة)، بحجم 15 مليار دولار، إضافة إلى مجموعة (سوفت بنك)، التي استثمرت نحو 25 مليار دولار. وهناك شركات تكنولوجية أيضا مشاركة في التمويل بالنسب المتبقية، وأبرزها (أبل) و(كوالكوم) و(شارب) و(فوكسوم).

وهذه الشراكة تضع الصندوق في موقع تنافسي بين الصناديق الاستثمارية في التكنولوجيا، حيث يتكون من معادلة لا تتوفر دائما، هي السيولة والخبرة والمعرفة، حيث تأتي السيولة من الأطراف كلها بنسب مختلفة، بينما تأتي الخبرة والمعرفة بالتكنولوجيا من المشاركين الآخرين اليابانيين والأميركيين. وهذه المعادلة تفسّر موقع الصندوق في الـ"سيليكون فالي"، حيث ما إن يدخل مستثمر في شركة ما، حتى تصبح بين ليلة وضحاها من شركة مليونيّة إلى شركة تقدر قيمتها بمئات الملايين أو في عداد المليارية، أو ما يسمى بشركات "اليونيكورن". 

ضخ الأموال

الشركات الناشئة تحتاج إلى سيولة في كل مرحلة من مراحل حياتها، أو ما يُعرف بجولات تجميع الأموال. وتبدأ الشركة الناشئة عادة كمشروع يجمع أفرادا يؤمنون بفكرة ما، ويقومون بتنفيذها، ثم تنمو شيئا فشيئا. وفي كل مرحلة من النمو، تحتاج إلى ضخ مزيد من الأموال لكي تستمر، إلى أن تصل إلى المرحلة الأخيرة التي تصبح فيها بحاجة إلى ملايين الدولارات لتنوّع أعمالها وانتشارها وزيادة تكاليفها، والتي تفترض دخول مؤسسات كبيرة مثل صناديق الثروات الخاصة وصناديق التحوط والتقاعد واستثمارات الشركات.

وفي الغالب، يدخل صندوق "رؤية سوفت بنك" في المرحلة الأخيرة أو ما قبل الأخيرة، التي تكون فيها الشركات قد نمت بشكل جيد وأصبحت ذات سمعة وقوة في السوق، وهي المرحلة التي تسبق غالبا الإدراج في البورصات.

وهذا الوضع حدث في العام 2017 على سبيل المثال، عندما استثمر الصندوق في شركة "أوبر"، قبل أن تدرج في البورصة بداية هذا الشهر.

صندوق "النفس الطويل"

وأصبح دخول الصندوق في شركة ما مؤشرا على استمراريتها لفترات طويلة، خصوصا أن للصندوق استراتيجية "النفس الطويل"، كما يقول جيف هاوسنبولد، أحد الشركاء الإداريين في الصندوق.

وهذه الاستراتيجية غيّرت قواعد اللعبة في شركات الـ"سيليكون فالي"، فبينما كانت الصناديق المستثمرة في الشركات الناشئة تضغط عليها لتحصيل عائد على أموالها وتحقيق الربح في سنوات قليلة، أصبحت الشركات التي استثمر فيها صندوق "رؤية سوفت بنك" تعمل بمرونة أكبر، إذ يقول "جيف" إنه لا يخشى على العوائد في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات، إنما "أتطلع إلى مضاعفة العوائد خلال 7 أو 10 أو حتى 15 سنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهذا الوضع جعل الشركات التي يوجد فيها الصندوق ذات تنافسية أعلى في السوق، لأن المرحلة التي يدخل فيها الصندوق، هي فعليا وقت الحصاد بالنسبة إلى المؤسسين الذين دخلوا في مراحل سابقة وانتظروا سنوات طويلة، لذا يأتي دخول الصندوق ليعطي أملا لمتابعة نمو الشركات ودعم توسعاتها العالمية أو لمواجهة المنافسة في الأسواق العالمية، تماما كما حصل في (أوبر)، ويحصل اليوم في (سلاك) و(وي وورك) التي تنتظر دورها لتدرج في البورصة بعد أن أصبحت شركات بليونية.

"ماسا" خلف الرؤية

وتعود هذه الاستراتيجية إلى عرّاب الصندوق، ماسايوشي سون، الرئيس التنفيذي لمجموعة "سوفت بنك"، الذي يقف خلف قصة نجاح شركة "علي بابا"، ولديه المقولة الشهيرة "انتظَرَ ما (يقصد جاك ما مؤسس الشركة) 10 سنوات لتحقيق الربح". 

ودرس "سون" علوم الكمبيوتر والاقتصاد في جامعة بيركلي، التي انطلقت منها ثورة "الهيبيز" في الستينيات، وهي تقع في مدينة سان فرانسيسكو، التي تعتبر مركز الصناديق الاستثمارية العالمية لمنطقة الـ"سيليكون فالي"، وتبعد عنها ساعة بالسيارة جنوبا.

وفي سان فرانسيسكو والـ"سيليكون فالي"، أصبح "سون" حديث الصحافة والناس، الذين يختصرون اسمه بـ"ماسا"، وهو بمثابة الشرارة التي تشعل الندوات والمؤتمرات التكنولوجية والمالية التي تقام في سان فرانسيسكو أو في "وول ستريت"، في الجانب الشرقي من أميركا.  ولا تخلو قصة تكنولوجية من ذكر "ماسا" وسط انقسام في الرأي حوله، بين من يراه "وارين بافيت التكنولوجيا"، كما وصفه "غلين كاتشر"، المستثمر البارز وصاحب صندوق التحوط المستثمر في الـ"سيليكون فالي"، أو من يصفه بـالمغامر الذي لا يعرف أحد إلى أين سيأخذ الـ"سيليكون فالي" في المرحلة المقبلة.

رؤية 2

وبينما فُتحت تساؤلات هذا الشهر حول مصير الشركات التي استثمر فيها صندوق "رؤية سوفت بنك"، بعد  تعثر إدراج "أوبر"  والتقييم الذي جاء بنحو النصف لما كان متوقعا له عند 120 مليار دولار، أشعل "ماسا" بورصة الـ"سيليكون فالي" مرة أخرى، عندما انتشرت أخبار عن أنه يسعى إلى تأسيس صندوق (رؤية 2) بحجم مقارب للأول، للاستثمار في شركات الذكاء الصناعي.

ويقول أحد المستثمرين في الـ"سيليكون فالي" إن "هذا الرجل من أصول يابانية، واليابانيون يؤمنون باللحظة الراهنة كشعوب "لادينية"، لذا هم يتقنون ما يقومون به الآن ولا يفكرون ماذا سيأتي في المستقبل، و(ماسا) يريد تحقيق النجاح الآن ليغيّر خريطة التكنولوجيا في العالم، ما سيأتي غدا غير مهم".  

لعاب المستثمرين

ويسيل لعاب الشركات التكنولوجية الآن في الـ"سيليكون فالي" لهذه المليارات الجديدة التي ستضخ فيها، خصوصا بعد إدراج "أوبر" الذي صنع "مليونيرية" جدد من المؤسسين في الشركة والمديرين والموظفين الذين استثمروا منذ التأسيس، وفي الجولات الأولى لتجميع الأموال، حيث تضاعفت هذه الأموال عشرات المرات عند الإدراج ليصبحوا من أصحاب الملايين، واقتنوا البيوت الجميلة ذات ألوان قوس قزح في سان فرانسيسكو، التي لا يقل متوسط سعر المنزل فيها عن 1.5  مليون دولار، وتعتبر بين الأغلى في العالم . وسحر الثروة المليونية هذا، جعل أغلب اللاعبين وأصحاب الأفكار في الـ"سيليكون فالي" يطمحون إلى أموال صندوق "رؤية سوفت بنك". فهذا الأخير لديه استراتيجية لقلب موازين الشركة سريعا، حيث يضخ "بين 100 مليون دولار إلى مليار دولار دفعة واحدة "، بحسب جيف هاوسنبولد، أي فعليّاً يحول أي شركة مليونية إلى مليارية مرة واحدة. وتقول شركة "كرانش بيز"، التي ترصد الشركات الناشئة في العالم، في تقرير لها، إنه في السنوات الماضية كانت "الشركات تجمع بين 40 إلى 70 مليون دولار"، ومن هنا يمكن فهم التغيير الذي أحدثه صندوق في الـ"سيليكون فالي". لكن في الوقت نفسه، هناك من لا يعجبه طريقة عمل الصندوق، حيث يرى أنه يصعّب المنافسة على ذوي النفس الأقصر من اللاعبين، بينما هناك من يعترض على غلاء المعيشة وارتفاع أسعار البيوت والفروقات بين الرواتب التي أحدثتها الأموال التي تضخ في شركات الـ"سيليكون فالي" بشكل عام.   

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد