Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات المحلية في الجزائر تواجه "عزوف" المرشحين

"الغياب يرجعه البعض إلى التجربة السابقة والتعاطي مع التشريعات الأخيرة التي شهدت كثيراً من المفاجآت"

الهيئة المستقلة للانتخابات وجدت نفسها أمام فراغ قانوني على الرغم من جهودها لإنجاح الاستحقاق (التلفزيون الجزائري)

تصنع الانتخابات المحلية المسبقة، المقرر تنظيمها في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، الحدث في الجزائر، بعد أن عجزت الأحزاب عن توفير مرشحين في مشهد يكشف عن حقيقة وضع الطبقة السياسية من جهة، وتراجع اهتمام المواطن بالعمل السياسي من جهة أخرى.

غياب المرشحين وإقصاءات

وعلى عكس ما كان عليه الأمر في السابق مع مختلف الاستحقاقات والمواعيد، حيث تشتكي السلطة من عزوف المواطنين، ومن ضعف نسب المشاركة، تعرف الانتخابات المحلية المقبلة غياب المرشحين لمناصب رؤساء البلديات، في مفاجأة غير متوقعة، وهو ما أعلنت عنه السلطة المستقلة للانتخابات في بعض مناطق المحافظات المحسوبة على "القبائل"، وقالت إن بلديات "أقبو" و"توجة" و"فرعون" و"مسيسنة"، التابعة لواية بجاية، شرق الجزائر، لم تترشح فيها أي قائمة للانتخابات البلدية.

وارتفع عدد البلديات التي توجد من دون مرشحين بمنطقة "القبائل"، بعد أن انتقلت العدوى إلى بعض بلديات محافظة تيزي وزو.

كما أقصت السلطة المستقلة للانتخابات 52 مرشحاً بمحافظة المسيلة، وسط الجزائر، ينتمي أغلبهم إلى تشكيلات سياسية قوية، بعد التدقيق في ملفاتهم ولائحة توقيعات الناخبين ووثيقة السوابق العدلية، بخاصة تحت طائلة المادة الـ184 من القانون العضوي للانتخابات المتعلقة "بصلة المرشح بأوساط المال والأعمال المشبوهة وتأثيره بطريقة مباشرة وغير مباشرة على الاختيار الحر للناخبين وحسن سير العملية الانتخابية".

انسحاب وفشل

وتعد محافظات "القبائل" معاقل حزبي "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" و"جبهة القوى الاشتراكية"، وفي حين أن الأول رفض المشاركة، عجز الثاني عن تقديم قوائم في هذه البلديات لرفض النخب المحلية الترشح، لعدة أسباب، أهمها موقف المنطقة من السلطة، والذي يجعل من المقاطعة أسلوباً للتعبير خلال مختلف المواعيد السابقة، وقد بلغت حدود 0.2 في المئة في الانتخابات البرلمانية الماضية.

تراجع الفعل السياسي ومحدودية غياب المرشحين

في السياق، يرى القيادي السابق في حزب "حركة النهضة" الجزائري، عدة فلاحي، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "غياب المرشحين مرده إلى تراجع الفعل السياسي بعد الحراك الذي عرى الطبقة السياسية والأحزاب التي ظهرت عاجزة عن تلبية طموحات المجتمع، خصوصاً الفئة الهشة، مضيفاً أن العامل الثاني يتمثل في التخوف من التورط في تهم الفساد التي جرّت عديداً من المنتخبين إلى السجن، وثالثاً تقلص هامش الاستفادة من الريع في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد نتيجة وباء كورونا وعوامل أخرى. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، يعتبر أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، رابح لونيسي، أن "عدد هذه البلديات محدود جداً، فهناك البعض منها تعرضت لضغوط من متطرفين من داخل الحراك يرفضون كل المسار المؤسساتي للسلطة، وهذه البلديات يمكن جداً أن تسيّر إدارياً كما وقع في التسعينيات مع الأزمة الأمنية، حيث تم بعد حل المجالس البلدية التي سيطر عليها حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحل، كما أن هناك تفكيراً في إبقاء نفس المجالس السابقة". وختم بأن عدم وجود مرشحين لن يكون له تأثير كبير بحكم أن عدد هذه البلديات قليل جداً.

فراغ قانوني

ولا يعرف كيف سيتم التعامل مع هذه الحالة، بخاصة أن المشرع لم يضع في القانون الانتخابي الجديد الصادر في مارس (آذار) الماضي، احتمال مواجهة مثل هذا الواقع وكيفية التعامل معه، لكن من المرجح أن تلجأ السلطة ومعها الهيئة المستقلة للانتخابات إلى تطبيق المادة الـ51 من القانون البلدي، التي تنص على أنه "في حالة ظروف استثنائية تعوق إجراء الانتخابات البلدية، وبعد تقرير وزير الداخلية الذي يعرض على مجلس الوزراء، يعين الوالي متصرفاً لتسيير الشؤون البلدية، ويمارس المتصرف تحت سلطة الوالي، السلطات المخولة بموجب التشريع والتنظيم للمجلس الشعبي البلدي، وتنتهي مهام المتصرف بقوة القانون بمجرد تنصيب المجلس الجديد، كما تنظم انتخابات جزئية للمجلس الشعبي البلدي في البلديات المعنية، بمجرد توفير الظروف المناسبة".

إفلاس سياسي

من خلال هذا الوضع تتبيّن حالة الإفلاس التي باتت عليها الأحزاب والطبقة السياسية برمتها، بعد أن فشلت في التسويق الانتخابي وتجديد البرامج وإحداث تغيير في وجوهها التي باتت أحد أهم أسباب نفور الجزائريين عن ممارسة السياسة، كيف لا وهي الأحزاب التي شاركت النظام السابق فساده، ثم انتقدته وطالبت برحيله وتسليم المشعل للشباب من أجل التجديد، بينما عجزت هي عن التغيير بـ"تحييد" وجوهها التي لازمت المشهد السياسي العام في البلاد منذ أكثر من 20 عاماً.

التحقيقات الأمنية

من جانبه، يقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، إن عزوف المرشحين وغيابهم عن مضمار المحليات يرجعه البعض إلى التجربة السابقة والتعاطي مع التشريعات الأخيرة التي شهدت كثيراً من المفاجآت على مستوى القوائم الانتخابية، بالإضافة إلى التحقيقات الأمنية التي أسفرت عن عدة إقصاءات، ما جعل الكثير يتراجع عن فكرة الترشح والتزام الصمت في هذه الفترة الحساسة التي تشهد بناء آخر لبنة من مؤسسات الدولة الدستورية.

ويتابع حبيب، "لا أعتقد أن الدافع من وراء هذا العزوف هو عدم وجود ثقة بين المواطن والسلطة، لأننا نشهد إرادة سياسية حقيقية في الآونة الأخيرة ترمي إلى استرجاع الدولة مكانتها دولياً وإقليمياً، وهو ما يتطلب وجود مؤسسات دستورية مستقرة، نرتقب أن تكون الانتخابات المقبلة آخر أسسها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير