Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشرطة البريطانية تواجه أزمة التحرش الجنسي

قُدم ما لا يقل عن 750 ادعاء ضد ضباط عاملين في جميع أنحاء البلاد بين عامي 2016 و2020

عناصر من الشرطة البريطانية في العاصمة لندن (أ ف ب)

ماذا لو بات المواطنون يحتاجون إلى الحماية من السلطة المكلفة بحمايتهم في حياتهم اليومية وهم داخل بيوتهم وأعمالهم وأثناء تنقلهم أو عملهم، أي الشرطة؟ وماذا لو كانت الحماية هي من الاعتداءات الجنسية ضد النساء التي يمارسها رجال الشرطة بحقهن؟ مع العلم أن النساء في المدن الكبيرة لا يمكنهن الشعور بالأمان والطمأنينة من مثل هذه التحرشات إلا بسبب وجود الأجهزة الأمنية الموكول إليها أمر حماية السكان -وعلى رأسهم الفئة الأضعف كالأطفال والنساء والمسنين- من رجال العصابات أو قاطعي الطرق أو متعاطي المخدرات والكحول في شوارع المدن المكتظة. لذا سيكون تحرش شرطي واحد بامرأة واحدة في أي مدينة مثار خوف كبير لدى جميع النساء في هذه المدينة، وسينتشر بسرعة الشعور بعدم الثقة برجال الشرطة فيها، وذلك كله بسبب خطأ واحد من شرطي مكلف حماية الأمن وبث الطمأنينة، فكيف الحال لو انتشرت مثل هذه الجرائم والتحرشات من قبل الشرطة سواء بزميلاتهن أو بمارة من النساء والفتيات؟ 

بريطانيا كمثال

في المملكة المتحدة، يبدو أن تحرشات رجال الشرطة الجنسية بالنساء قد باتت أمراً شائعاً ومثار جدل في وسائل الإعلام وفي المجتمعات المدينية. إذ تقول الإحصاءات إنه قُدم ما لا يقل عن 750 ادعاء تحت خانة "سوء السلوك الجنسي" ضد ضباط الشرطة العاملين في جميع أنحاء بريطانيا بين عامي 2016 و2020، وتم الحصول على هذه الأرقام بموجب قانون حرية المعلومات، ولم توضح الردود ما إذا كان الضباط في الخدمة وقت وقوع الحوادث محل الادعاء.

ونتج عن هذه الادعاءات تسريح نهائي من العمل لـ34 شرطياً خلال السنوات الخمس الماضية، واستقال ضابط واحد في الأقل تحت تأثير الاتهام الموجه إليه، وفُصل شرطيان في سبع حالات في الأقل، بينما كان سيتم فصل ستة ضباط في الأقل إذا لم يستقيلوا أولاً. والتسريح والفصل والاستقالة تؤدي إلى النتيجة نفسها، أي توقف الشرطي عن العمل نهائياً، ولكن نتائج كل واحدة من هذه السبل القانونية مختلف على الشرطي نفسه في ما يتعلق بالتعويضات أو في وجوب المحاكمة والمعاقبة من عدمها. 

وبحسب تحقيق لـ"سكاي نيوز" البريطانية، فقد استقال ضابط واحد في الأقل قبل جلسة استماع بتهمة "سوء السلوك"، وفي حالة واحدة أُدرج الضابط على أنه متوفى. وفي رأي صموئيل أوزبورن، كاتب التحقيق، فإن هذه الأرقام "لا ترسم الصورة الكاملة للواقع، إذ لم تقدم جميع الأقسام الأمنية تقارير مفصلة في العقوبات التي اتُّخذت بحق الشرطيين والضباط موضع الادعاء أو الاتهام". يأتي ذلك بعد الإعلان عن تحقيقين في شرطة العاصمة بعد اغتصاب وقتل سارة إيفرارد، المديرة التنفيذية في مجال التسويق والبالغة من العمر 33 سنة، على يد ضابط الشرطة واين كوزينز في مارس (آذار) الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت وزيرة الداخلية، بريتي باتيل، قد أعلنت في حينه عن فتح تحقيق مستقل للنظر في "الإخفاقات المنهجية" التي سمحت للقاتل بالعمل ضابط شرطة. وكان الضابط كوزينز قد استخدم الأصفاد البوليسية وبطاقة مذكرة لإلقاء القبض على الفتاة أثناء سيرها إلى منزلها في بريكستون. وبعد محاكمته صدر حكم بالسجن المؤبد بحقه في 30 يوليو (تموز) الماضي. وكان الشرطي البالغ من العمر 48 سنة قد أقر بذنبه في الجريمة، التي أثارت صدمة كبيرة في بريطانيا وأعادت إحياء الجدل بشأن العنف ضد النساء.

وقد مثل كوزينز بالفيديو من سجن بلمارش، الخاضع لحراسة أمنية مشددة في لندن، خلال جلسة استماع في محكمة أولد بيلي الجنائية، وأقر بذنبه همساً.

وكان قد عثر على إيفرارد ميتة بعد سبعة أيام من اختفائها في غابة في كنت (جنوب شرق إنجلترا)، على بعد أمتار قليلة من أرض يملكها كوزينز. وخلص تقرير للطبيب الشرعي إلى أن الوفاة ناجمة عن "ضغط على العنق". 

وكانت كاميرا داخل حافلة التقطت اللحظة التي اختطف فيها الشرطي الشابة في بلهام جنوب لندن. وساعدت بيانات هاتف الضحية المحققين في العثور على جثتها في كيس كبير مخصص للأنقاض كان مرمياً في مجرى مائي.

الثقة والأمان هما الأساس

أما بخصوص رأي النساء في هذه الجرائم، فقد أعلن "تحالف إنهاء العنف ضد المرأة" الذي يضم مجموعات "ضد الاغتصاب" و"حماية اللاجئين" و"دعم المرأة" أن قلة من الضباط يواجهون "عواقب ذات مغزى" في حالات العنف ضد النساء والفتيات.

وقال نائب مدير سلك الشرطة في لندن دينزي أوجور "نحن بحاجة إلى رؤية إصلاحية جذرية في كيفية استجابة الشرطة للعنف ضد المرأة، وهذا يعني مساءلة أكبر وإجراءات عاجلة ومنسقة واستراتيجية للتصدي للعنف ضد المرأة". وأضاف "في النهاية، نحتاج إلى معالجة هذه الإخفاقات المؤسسية الواسعة الانتشار قبل أن نتمكن حتى من البدء في معالجة ثقة المرأة بالشرطة".

وأصدر المكتب المستقل لسلوك الشرطة، الذي يشرف على نظام شكاوى الشرطة، بياناً جاء فيه أن القوى الأمنية هي المسؤولة عن منع أي سوء استخدام لسلطات الشرطة، وأن استغلال سلطات الشرطة أغراض الاستغلال الجنسي أو العنف له تأثير مدمر في الضحية، ويؤثران بشكل خطير في ثقة الجمهور بالضباط الأفراد والخدمة بأكملها بشكل عام، لأنه في سياق عمل جهاز الشرطة يصبح هذا النوع من السلوكيات شكلاً من أشكال الفساد الكبير، ويجب التعامل معه على هذا النحو.

وأعلنت شرطة العاصمة لندن أن المئات من ضباط الشرطة سيتم فرزهم في شوارع لندن خلال الأشهر الستة المقبلة في محاولة لإشعار النساء والفتيات بأمان أكبر. وسيتم تعيين 650 ضابطاً إضافياً في جميع أنحاء العاصمة، مع 500 ضابط يتمركزون بشكل دائم في أحياء مزدحمة و150 سينضمون إلى عنابر الشرطة في لندن.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير