Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان غارق في العتمة رغم دخول النفط العراقي والإيراني

وزارة الطاقة تعد بتحسين التغذية مع انخفاض الضغط على الشبكة الكهربائية

الشحنة الأولى من غاز "أويل" المستبدل بالنفط العراقي وصلت إلى لبنان في سبتمبر (أ ف ب)

منذ أشهر، تسيطر العتمة شبه الكاملة على المناطق اللبنانية، والأسباب باتت واضحة. تبدأ بعدم القدرة على شراء "الفيول"، ولا تنتهي بتردي الشبكة الكهربائية وعدم بناء معامل التوليد واستكمال صيانة معامل أخرى، وذلك على الرغم من أن قطاع الكهرباء كلف الخزينة ما يقارب 45 مليار دولار طوال السنوات الماضية، من دون أي حلول ومعالجات ظرفية.

وأدى الانخفاض القياسي في الإنتاج إلى فصل تلقائي لمعظم المعامل عن الشبكة، التي لم تعد تغذي المناطق سوى ساعتين في اليوم. إلا أن التعويل ارتكز على العقد الذي وقّعه العراق مع لبنان بتزويده بمليون طن من النفط الخام مخصصة لشركة كهرباء لبنان، بحيث تؤمن زيادة مقدرة بنحو أربع ساعات تغذية كهربائية لجميع المناطق اللبنانية ولمدة عام كامل.

وبداية من سبتمبر (أيلول)، وصلت الشحنة الأولى من غاز "أويل" المستبدل بالنفط العراقي إلى لبنان، وقدرت حمولتها بـ32 ألف طن، على أن تتبعها بوتيرة مستمرة دفعات لاحقة تؤمن استقراراً نسبياً لمؤسسة كهرباء لبنان. إلا أنه ومع مرور شهر لم تشهد الكهرباء أي تحسن يذكر، الأمر الذي أثار شكوكاً حول صفقات غير مرئية، لا سيما أنها تزامنت مع وصول صهاريج النفط الإيرانية لـ"حزب الله" عبر الأراضي السورية.

بين سوريا والعراق

وفي هذا السياق، تساءل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، في تغريدة عبر "تويتر"، عن مصير النفط العراقي، ملمحاً إلى وجود شكوك كبيرة حولها.

وقال، "أين أصبح النفط العراقي؟ وما هي الشركات المكلفة استبداله بالفيول من أجل إنتاج الكهرباء في المصانع اللبنانية؟ غريب هذا التعتيم على هذا الموضوع"، متابعاً، "قد يكون من المفيد للأمن العام اللبناني أن يرسل وحداته الخاصة للبحث عن مصير الشاحنات بين الأنبار ودير الزور".

وأوضحت مصادر الحزب الاشتراكي، أن جنبلاط متخوف من مطامع جهات إقليمية ومحلية، اعتادت على الصفقات والسمسرات، مشيرة إلى أن "ما سمعناه على لسان مسؤولين عراقيين لا يوحي بالثقة"، لا سيما أن العراقيين أنفسهم صدموا بطريقة تعاطي الجانب اللبناني.

ورأت أن قطاع الكهرباء في لبنان بات منذ سنوات أداة للفساد السياسي، وأن نحو 40 في المئة من العجز في ميزانية الدولة هو بسبب هذا القطاع، لافتة إلى أن أكبر معملين لتوليد الطاقة هما دير عمار في شمال لبنان، والزهراني في جنوبه، حيث تم إنشاؤهما ليعملا على الغاز، وليس على الفيول العادي، إلا أنه نتيجة السياسات المتبعة من قبل الوزراء المتعاقبين، استمر عملهما على الفيول للاستفادة من السمسرات، الأمر الذي استنزف الخزينة. 

امتعاض عراقي

وحول سبب عدم تحسن التغذية الكهربائية بعد وصول الناقلة الأولى من النفط العراقي، وتأخر وصول الناقلة الثانية التي كان متوقعاً وصولها الأسبوع الماضي، يقول مصدر وزاري عراقي، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن مسؤولية الجانب العراقي تنتهي بتسليم الشحنات إلى شركة بترول الإمارات الوطنية (إينوك) في دبي، وإن العراق لا يتدخل في جدولة وصول الناقلات، مؤكداً أن السفارة العراقية في بيروت واكبت إفراغ الناقلة الأولى المحملة بـ32 ألف طن من الفيول في معملي دير عمار والزهراني.

ولفت إلى أنه منذ انفجار بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020، لم يتوقف العراق عن تقديم المساعدات للشعب اللبناني، موضحاً أن بلاده قدمت أطناناً من الطحين والحنطة، وأرسلت عبر البر عشرات الصهاريج المحملة بمادة المازوت كهبات، وهي عملية استمرت ستة أشهر متتالية بعد الانفجار.

صفقات مريبة

إلا أن مصدراً في وزارة الطاقة اللبنانية أشار إلى وصول 22 صهريجاً فقط من مادة المازوت أتت كمساعدة تضامنية من الحكومة العراقية إلى لبنان، متخوفاً من أن تكون هناك صهاريج إضافية لم تصل إلى وجهتها الحقيقية، وكان مصيرها مثل كميات الطحين المقدم كهبة من العراق، التي فاحت منها روائح المحسوبيات والفساد في توزيعها.

وأشار المصدر إلى أن "أمراً مريباً كاد يحدث أثناء الاتفاق مع العراق على تزويد لبنان بألف طن من النفط الخام، حيث كان هناك إصرار من بعض الجهات اللبنانية على نقله براً بالصهاريج عبر سوريا، الأمر الذي يوحي بأن هناك صفقات غير مرئية"، موضحاً أن أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت العراق لتزويد النفط الخام بدل المازوت، هو الابتعاد عن شبهات صفقات الفساد وإدخال طرف ثالث عبر مناقصة شفافة لتكرير النفط الخام ووضع جدول التنفيذ.

صدمات وهبوط

نفى أحد مستشاري وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، أن تكون هناك صفقات فساد في قضية النفط العراقي، موضحاً أنه تدريجياً سترتفع التغذية ساعة إضافية في اليوم نتيجة انخفاض استهلاك الطاقة مع تراجع حرارة فصل الصيف والاستهلاك الكبير للمكيفات والبرادات، ولاحقاً ستزيد التغذية بمعدل أربع ساعات مع بدء استخدام الفيول العراقي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن سبب عدم البدء باستخدامه يعود إلى مسائل تقنية متعلقة بالشبكة الكهربائية. ويشرح بأن الفيول العراقي يؤمن إنتاج نحو 450 ميغاواط، في حين تحتاج الشبكة إلى 750 ميغاواط كي لا تتعرض للصدمات والهبوط والمشاكل. 

وقال إن ما يزيد حدة الأزمة بدء شركة "كارادينيز" التركية بفصل الباخرتين "فاطمة غول" و"أورهان باي" عن الشبكة، كاشفاً عن توجه إلى مراسلة الحكومة في شأن ضرورة استعادة الدولة مستحقاتها المالية التي تقدر بنحو 200 مليون دولار، مشدداً على جهود تقوم بها الوزارة لرفع التغذية إلى ست ساعات يومياً كمرحلة أولى خلال الشهر المقبل.

نعمة ونقمة

في سياق آخر، يشير الناشط السياسي محمد ياسين إلى أن "بوادر أزمة في بيئة (حزب الله) بدأت تتفاقم بسبب المحسوبيات في توزيع النفط الإيراني، سواء ضمن بيئته، أو مع حلفائه"، موضحاً أن 80 صهريجاً دخلت في الأسابيع الماضية عبر سوريا لم تُلبِّ سوى حاجات قليلة، وأن قياديين من الحزب لم يلتزموا بالمعايير التي تم وضعها، ما أدى إلى استياء عارم.

وأضاف أن النقمة بدت أيضاً في أوساط حلفاء الحزب الذين كانوا يعولون على حصولهم على كميات من المازوت من أجل تحصين وضعهم من خلال الخدمات.

في المقابل، نفى السياسي المقرب من الحزب فادي أبو ديا، وجود محسوبيات في آلية توزيع المازوت، معتبراً أن هناك التزاماً تاماً بالآلية الموضوعة، وأن الأسابيع المقبلة ستشهد دخول كميات أخرى من الصهاريج إلى الداخل اللبناني لتلبية حاجات المواطنين، مشدداً على وجود اتفاق ضمني بين الحزب والدولة اللبنانية بعبور تلك الصهاريج، وأن الجيش لن يقوم باعتراض أي منها. 

اقرأ المزيد