Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التحقيق مع كبار مساعدي ترمب يهدد بتفجير صراع سياسي في واشنطن

يخوض الرئيس السابق معركة داخلية في الحزب الجمهوري مع ماكونيل وينتقد ليز تشيني وبوش

ترمب مخاطباً أنصاره أمام البيت الأبيض في 6 يناير الماضي (أ ب)

من المنتظر أن يؤدي استدعاء اللجنة الخاصة التي تحقق في هجوم 6 يناير (كانون الثاني) الماضي على مبنى الكابيتول، لأربعة مستشارين سابقين للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بمَن فيهم رئيس موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز وكبير الاستراتيجيين ستيف بانون، إلى تفجير الصراع السياسي بين أنصار ترمب وخصومه من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين من جديد، إذ إن رسائل الاستدعاء حددت الأساس المنطقي لاشتباه اللجنة في تورط كل واحد منهم بالحدث، خلال الأيام التي سبقت الهجوم على مبنى الكونغرس. يترافق ذلك مع هجوم شنه ترمب ضد كل من ليز تشيني، العضوة الجمهورية في اللجنة الخاصة، والرئيس السابق جورج دبليو بوش الذي عبر عن مساندته لها في الانتخابات المقبلة، بينما يتواصل الخلاف بين الرئيس السابق وميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ حول مَن يقود الحزب، فما تداعيات هذه التطورات على الصراع في واشنطن، وكيف يمكن أن يؤثر على حظوظ أنصار ترمب المرشحين لانتخابات الكونغرس بعد عام واحد من الآن؟

منعطف خطير

على الرغم من أن الصراع السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين لا يهدأ عادةً في واشنطن وبشكل خاص داخل مبنى الكابيتول، إلا أن هذا الصراع المستمر سيتخذ على ما يبدو منعطفاً خطيراً خلال الأيام والأسابيع المقبلة، حيث سيكون محوره، ترمب وكبار مساعديه ومستشاريه، في حين سيتنوع الخصوم بين الديمقراطيين الذين يريدون التخلص من ترمب وإرثه وأتباعه نهائياً، وفئة من الجمهوريين الراغبين في إقصاء الرئيس السابق من المشهد السياسي والقضاء على الترمبية داخل الحزب الجمهوري، بهدف إنهاء الانقسام في صفوف الحزب وإعادته إلى سياساته المحافظة القديمة، التي يرون أنها يمكن أن تمكنهم من السيطرة على الكونغرس واستعادة البيت الأبيض بعد أربع سنوات.
سبب هذا المنعطف هو الاستدعاء الذي وجهته لجنة التحقيق التابعة لمجلس النواب في الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير الماضي، لسماع شهادة 4 من مستشاري ترمب المقربين ومعاونيه، بمَن فيهم أولئك الذين كانوا على اتصال به قبل الهجوم أو في اليوم نفسه، مثل مارك ميدوز رئيس موظفي البيت الأبيض، وستيف بانون كبير الاستراتيجيين السابق في البيت الأبيض.
هدف لجنة التحقيق

وتستهدف اللجنة التي تشكلت الصيف الماضي، الإسراع في تحقيقها بعد فرز آلاف الصفحات من الوثائق التي طلبتها من الوكالات الفيدرالية وشركات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى طلبها فحص مجموعة من السجلات في البيت الأبيض، بهدف تقديم تقرير كامل عن الخطأ الذي حدث عندما ضرب موالون لترمب شرطة مبنى الكابيتول، وحطموا النوافذ والأبواب وأوقفوا التصديق على فوز الرئيس جو بايدن، ما سيمنع تكرار هذا الحادث الخطير في المستقبل.

وأشارت مذكرات الاستدعاء التي أرسلتها اللجنة إلى المسؤولين الأربعة السابقين إلى أن هناك أسباباً جوهرية للاعتقاد بأن لديهم مستندات ومعلومات إضافية ذات صلة بفهم الدور الذي لعبه البيت الأبيض ووزارة الدفاع في التحضير للهجوم على مبنى الكابيتول والتعامل مع الحادث بعد ذلك، كما تملك اللجنة أدلة موثوقة على تورط ميدوز في أحداث ضمن نطاق تحقيق اللجنة. ويشمل ذلك أيضاً المشاركة في التخطيط والتحضير لجهود الطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية وتأجيل عد الأصوات الانتخابية.

وما يزيد من سخونة الأجواء، ما كشف عنه الصحفيان في "واشنطن بوست" روبرت كوستا وبوب وودوارد عن أن ستيف بانون كان له دور في التخطيط للمسيرة التي ألقى فيها الرئيس آنذاك دونالد ترمب كلمته، والتي سبقت أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير 2021، وأنه اجتمع مع رودي جولياني محامي ترمب وآخرين لتنظيم المسيرة الأولية التي كانت مقدمة لاقتحام الكونغرس بعد ذلك.

زرع العقبات

وبينما تأمل لجنة التحقيق في مجلس النواب المكونة من سبعة أعضاء ديمقراطيين وجمهوريَين هما ليز تشيني (ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني) وآدم كينزينغر، في إظهار نتائج التحقيق بسرعة قبل اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس التي ستبدأ تصفياتها التمهيدية خلال أشهر قليلة، يبدو أنهم سيواجهون بعض العقبات التي يُنتظر أن يزرعها ترمب في طريق التحقيقات بعدما نجح في إحباط تحقيقات الكونغرس السابقة عندما كان لا يزال في البيت الأبيض.
ولم يتأخر ترمب كثيراً، إذ تعهد بمعارضة الاستدعاءات ملوحاً باستخدام ما يسمى "الامتياز التنفيذي" الذي كان يستخدمه في البيت الأبيض ويتيح للسلطة التنفيذية ممثلة بالرئيس في رفض الاستجابة لطلبات لجنة التحقيق تسليم وثائق أو مستندات أو استدعاء شهود من السلطة التنفيذية.  

الكلمة الأخيرة

غير أن ترمب لم ينتبه على ما يبدو إلى أنه ترك البيت الأبيض، ولم يعد صاحب الكلمة الأخيرة الآن بعد أن غادر منصبه، بينما سيكون الأمر التنفيذي المتعلق بالسجلات الرئاسية في يد الرئيس الحالي جو بايدن الذي يمتلك أن يوجه أمين المحفوظات المشرف على السجلات، بالالتزام بتعليماته ما لم يوجَّه خلاف ذلك بأمر قضائي نهائي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالفعل أعلن البيت الأبيض يوم الجمعة 24 سبتمبر (أيلول) الحالي، أن بايدن لا يخطط لاستدعاء امتياز تنفيذي آخر لمنع المعلومات التي يبحث عنها الكونغرس بشأن سلفه أو مساعديه، ومع ذلك فإن العقبات المحتملة كثيرة، بدءاً من محامين رفيعي المستوى يمثلون الدائرة المقربة من الرئيس السابق إلى شركات التكنولوجيا والاتصالات التي قد تصبح من بين الشهود المحتملين، وانتهاءً بعدد من المشرعين الذين دعموا جهود ترمب لإلغاء انتخابات 2020.

استعداد محكم

ويظل السؤال هو، ماذا ستفعل اللجنة إذا رفض الشهود الذين تم توجيه مذكرات استدعاء لهم للمثول أمامها؟ خلال السنوات الماضية كانت إدارة ترمب تتحدى لجان الاستدعاء في الكونغرس ولا ترسل لهم الشهود، لكن هذه المرة ستكون إدارة بايدن منفتحة للنظر في توجيه اتهامات ازدراء جنائية محتملة من وزارة العدل ضد أي شخص يتجاهل القانون، بينما كانت وزارة العدل في عهد ترمب تلتزم الصمت.
ومن المؤكد حسب صحيفة بوليتيكو أن مذكرات الاستدعاء الأخيرة ستثير غضب الجمهوريين، الذين كانوا بمعظمهم راضين عن ابتعادهم عما تعرض له الكونغرس، وظلوا موالين لترمب حتى بعد إدانته للهجوم، غير أن قيادات أخرى في الحزب تبدو سعيدة بما يجري وإن لم تصرح بذلك، ومن بين هؤلاء ميتش ماكونيل الذي ينافسه ترمب في اختيار المرشحين للانتخابات المقبلة للكونغرس المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

حرب ماكونيل وتشيني

ويرجح أن يستفيد من تحقيقات اللجنة، كل من ميتش ماكونيل وليز تشيني وقياديين جمهوريين في الكونغرس صوتوا لصالح عزل ترمب. ووفق ما ذكره كتاب "خطر" لمؤلفيه وودوارد وكوستا، فقد وصف ماكونيل الرئيس السابق ترمب بأنه "علامة تجارية آخذة في التلاشي، وأن الانصياع له ليس استراتيجية ناجحة"، كما حمّل ماكونيل ترمب مسؤولية الكذب على الأميركيين بشأن الانتخابات وإثارة الشغب في الكابيتول.

أما ليز تشيني التي يحاول ترمب إزاحتها من الكونغرس، فقد واصل الرئيس السابق انتقادها وانتقاد من يناصرها بمن فيهم الرئيس السابق جورج دبليو بوش بسبب دعمه جهودها للاحتفاظ بمقعدها عن ولاية وايومنغ في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.
وبينما تكثر الفرص السياسية أمام الحزب الجمهوري لاستعادة أغلبيته في الكونغرس العام المقبل، تشير التجارب التاريخية إلى أن انتخابات التجديد النصفي للعام المقبل ستعاقب على الأرجح الحزب الموجود في السلطة، وهو الحزب الديمقراطي، ففي عام 1994، خسر حزب الرئيس بيل كلينتون 54 مقعداً في أول انتخابات للتجديد النصفي، وفي عام 2010، خسر ديمقراطيو الرئيس باراك أوباما أكثر من 60 مقعداً، ثم في عام 2014، سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ سيطرة كاملة والكونغرس، وفي عام 2018، استعاد الديمقراطيون السيطرة على مجلس النواب بينما تشبث الجمهوريون بأغلبية في مجلس الشيوخ، لكن إذا تواصلت المعارك بين ترمب وخصومه مع تصاعد حجم المعلومات المحرجة التي قد تكشفها التحقيقات مع مساعدي ترمب وكبار مستشاريه، فستكون تأثيرات ذلك قوية وواضحة، وقد تنهي إرثه بشكل كبير.

المزيد من تقارير