عرقل الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي، الجمعة 28 مايو (أيار) الحالي، تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الهجوم الدامي على مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي، من قبل أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قائلين إن التحقيقات التي تجريها الشرطة والكونغرس كافية.
وكان الأمر يتطلب 10 أصوات من الجمهوريين لتضاف إلى 50 للديمقراطيين لإتمام التصويت النهائي الذي كان من شأنه أن يعطي الضوء الأخضر لتشكيل لجنة مكونة من 10 أعضاء مكرسة لكشف الحقيقة وراء الأحداث التي وصفها الرئيس جو بايدن بأنها "أسوأ هجوم على ديمقراطيتنا منذ الحرب الأهلية".
وصوت ستة جمهوريين فقط لصالح تشكيل اللجنة، في نتيجة تعكس انقسامات عميقة ما زالت تسود الولايات المتحدة بعد خمسة أشهر من الهجوم على مقر الكونغرس الأميركي، والنفوذ الذي ما زال الرئيس السابق ترمب يحظى به داخل حزبه الجمهوري.
وفشلت جهود التوصل إلى حل وسط في مجلس الشيوخ المنقسم بالتساوي بين الحزبين.
تمرد جمهوري
كان أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون، ميت رومني وليزا موركوفسكي وسوزان كولنز من بين الشخصيات التي تحدت قيادة الحزب بمنح أصواتهم لصالح إجراء تصويت نهائي في شأن اللجنة، التي تحظى بدعم بايدن ونواب جمهوريين سابقين.
وأقرت موركوفسكي بأنه من شأن تحقيق مستقل أن يؤذي البعض قبيل انتخابات منتصف الولاية الرئاسية المرتقبة في 2022، لكنها شددت على أن "الأمر يستحق ذلك".
وقالت، "لا أريد أن أعرف، لكني بحاجة لأن أعرف. وأعتقد أنه من المهم بالنسبة للبلاد أن يكون هناك تقييم مستقل". وتساءلت مستنكرة، "هل الأمر حقاً كذلك، أن كل شيء هو مجرد دورة انتخابية واحدة تلو الأخرى؟".
بدوره، قال زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، "يبدو أن حقيقة الأمر هي أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين يعارضون اللجنة لأنهم يخشون أن تزعج دونالد ترمب وموقف حزبهم في منتصف المدة". وأضاف، "هذا أمر مؤسف. من أجل إيمان الأميركيين بديمقراطيتنا، يجب أن يكون هناك سرد كامل وشامل وموثوق به لما حدث" في السادس من يناير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا جديد
من جهة أخرى، أشار زعيم الأقلية الجمهورية النافذ في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، إلى أن اللجنة ستكون حزبية بشكل تام، ولن تضيف أي جديد للتحقيقات التي تجريها وزارة العدل والكونغرس.
ويشير الجمهوريون إلى أنه تم توقيف أكثر من 400 شخص على خلفية دورهم في الاضطرابات، بالتالي فإن قضايا هؤلاء أمام المحاكم ستكفي لتوضيح ما حدث يومها.
ويجادل الجمهوريون مثل السيناتور ريك سكوت بأن تحقيقات معمقة تجري بالفعل من خلال استجوابات متعددة في وزارة العدل والكونغرس. وقال إن الناخبين يركزون على الاقتصاد والتضخم والمدارس.
وذكر سكوت لوكالة الصحافة الفرنسية، أن "ما يهتم به الناس هو المهم لعائلاتهم. إنهم لا يفكرون في لجنة".
وفي مجلس النواب، انضم 35 من أعضائه الجمهوريين البالغ عددهم 211 إلى الديمقراطيين دعماً للجنة التي كانت ستتخذ من تلك التي تشكلت غداة هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 نموذجاً، علماً بأن الأخيرة كانت تحظى بدعم قوي من الحزبين.
وأشار المدافعون عن تشكيل اللجنة إلى أنها كانت ستضم خمسة أعضاء يختارهم الديمقراطيون وخمسة يختارهم الجمهوريون مع احتفاظ الطرفين بسلطة إصدار مذكرات استدعاء.
وقال عديد من المتخصصين إن الجمهوريين قيموا الخسائر من تشكيل اللجنة، ورأوا أنها ستسبب ضرراً سياسياً، على الرغم من استطلاعات الرأي التي أظهرت أن معظم الأميركيين يؤيدون تشكيلها.
وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة "سذرن ميثوديست" في دالاس، كالفن جيلسون، إلى أن البث المتواصل لصور مثيري الشغب الذين يرتدون ملابس طبعت عليها صورة ترمب، والتي سترافق أخبار نتائج اللجنة سيكون "عرضاً خاسراً للجمهوريين". وأضاف، "لذا أعتقد أن الزعماء الجمهوريين يقولون: سنتعرض لبعض الانتقادات إذا رفضنا إجراء تحقيق، لكن يمكننا أن نتلقى ضربة أكبر بكثير في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 إذا سمحنا لهذا الأمر أن يكون مركز الاهتمام".
ووافق الأستاذ في كلية الشؤون العامة في الجامعة الأميركية، كابري كافارو، على ذلك، قائلاً إن النهج الاستباقي المفرط في ما يخص التدقيق في أعمال الشغب يمكن أن ينفر قاعدة ناخبي ترمب.