Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرسائل الخفية لاستهداف خط الغاز العربي في سوريا

عودة "داعش" تربك مشروع الطاقة الإقليمي الحيوي وتثير هواجس لدى المعنيين

أخرج استهداف خط الغاز العربي محطات الطاقة والتوليد الكهربائية عن الخدمة (اندبندنت عربية)

لم تكتمل فرحة دمشق إثر الإعلان عن جاهزية خط الغاز العربي الذي يمر عبر الأراضي السورية والأردنية واصلاً من مصر إلى لبنان، وإعادة تفعيله باتفاق رباعي قبل أسبوعين بعد ما تعرض للتخريب يوم الجمعة 17 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وأعلنت وزارة النفط السورية أن الورش الفنية استكملت إصلاح ما خربته الحادثة الإرهابية في منطقة حران العواميد بالقرب من منطقة الباركة، والذي أدى إلى وقف إمداد المنطقة الجنوبية بالغاز، وبالتالي خروج محطات توليد الطاقة الكهربائية عن الخدمة، لتسبح المدن السورية في الظلام، وترافقت الورش الفنية مع برنامج تقنين صارم ريثما يعود الغاز ومحطة دير علي إلى العمل.
وتبنى الهجوم تنظيم "داعش" المندحر منذ عام 2019 عن الساحة السورية عقب سقوط آخر حصونه في منطقة الباغوز شرق سوريا، إلا أنه أطل ببيان تحدث عن نجاح عمليته التخريبية التي أفضت إلى وقف إمداد الغاز. وبأسطر مقتضبة، لفت التنظيم المتشدد بما بقي له من عناصر وخلايا متناثرة في البادية، إلى لغة جديدة قوامها الحرب الاقتصادية.

أهداف لا يمكن توقعها

في غضون ذلك، رأى مراقبون أن استهداف خط الغاز مؤشر خطير إلى حراك نشط منذ بداية العام الحالي وحتى اليوم، من قبل أفراد التنظيم المتناثرين في صحراء مترامية الأطراف، وبمخادع محصنة دونما جسم عسكري واضح المعالم، مما سبب صعوبة جمة للقوات الروسية وسلاحها الجوي في القضاء على بؤره، أو حتى تعقبه من خلال قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الشمال الشرقي من البلاد.
في المقابل، ترنو عيون الشارع السوري اليوم نحو خطوط الإمداد وآبار استكشاف الطاقة عل السائل الأسود أو الأبيض من النفط والغاز يثلج قلوباً متعطشة لترتوي من ظمأ الطاقة ويوفر التيار الكهربائي، وسط دمار شامل في القوى الصناعية المحركة، والتي تركت تأثيراتها التجارية والمعيشية على حياة الناس.
ولذلك يتوقع أن يواصل "داعش" عملياته على الرغم من عدم تفويته أي هدف عسكري متحرك أو ثابت على امتداد البادية، في حين تحوم الهواجس الآن حول التركيز على استهداف مراكز ومنشآت حساسة كإمداد الغاز، وما عملية "خط الغاز العربي" بعد الاحتفاء به كنصر للحكومة السورية على الصعيد المحلي، إلا رسالة مباشرة مفادها أن شبح "داعش" لا يزال جاثماً على الرغم من اندحاره.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، توقع الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، عمر رحمون "وجود سلسلة أهداف لدى داعش علاوة عن استهداف الخط ذاته مجدداً"، مبرراً ذلك بدوافع لدى جهات دولية لا تريد أن يكتب له النجاح والعمل، وستستمر باستهدافه عبر عملائها ووكلائها على الأرض، بخاصة أن هذا الخط يمر بمسافة طويلة تتعذر مراقبتها بشكل دقيق".

وأعد الخط العربي لتصدير الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن وسوريا ومن ثم لدول أوروبية، ويمر بجزئه الثالث من الأردن إلى دير علي في سوريا، وهي المنطقة التي استهدفها داعش قبل أيام، بطول 324 كيلومتراً.

الأيدي المخربة والنتائج

ومن الرسائل التي قرأها مراقبون في أوساط معارضة أن في ذلك العمل التخريبي فائدة تصب في مصلحة إيران بعد خوضها غمار الاستثمار في مجال الطاقة، ومنها الطاقة الكهربائية وتزويد سوريا بالمشتقات النفطية، التي لطالما شكلت ناقلات النفط قوارب نجاة بالنسبة إلى الحكومة السورية مع خروج الآبار محلياً عن الخدمة، ووجهت للقوات الإيرانية أو تلك التي تتبع لها على الأرض السورية اتهامات بالوقوف خلف العمل التخريبي، لا سيما وأن خروج الخط من الخدمة لفترة طويلة يعزز المكاسب الإيرانية بتسويق منتجاتها، أو من شأنه إرغام دول الاتفاق الرباعي على إشراكها ضمنه، إلا أن بيان "داعش" الذي تبنى العمل التخريبي قوض تلك الاتهامات، بينما حذر متابعون للشأن الإيراني من مغبة خوض طهران تجربة الخط العربي على المدى المنظور، حيث تملك 15.8 في المئة من إجمالي احتياط العالم من الغاز (1.046 تريليون قدم مكعب).
وسرى تفاؤل سوري بعد إصلاح محطات الصمامات المقطعية الثلاث من جهة الحدود الأردنية، والتي كلفت مليارات الليرات السورية، وباتت جاهزة اليوم بحسب وزير النفط السوري بسام طعمة، إذ ستحصل سوريا على نسبة متفق عليها من المادة المارة عبر أراضيها.

وعبّر الباحث السياسي في شؤون الجماعات المتطرفة عمر رحمون عن اعتقاده بأن "ما حصل من عمل تخريبي مرده إلى أيدي صهيونية وتبنته داعش للتمويه".

وأضاف، "المتضرر الأكبر من هذا الخط هو العدو الذي يريد أن تبقى سورية محاصرة ومقيدة بقانون قيصر ليزداد الوضع الاقتصادي سوءاً".
واعتبر رحمون أنها "رسالة واضحة على عدم رغبة إسرائيل ومن يقف وراءها في مد هذا الخط الذي أجمعت دول الإقليم عليه في الاجتماع الذي جمع بين وزراء النفط الأربعة في الأردن".

المزيد من العالم العربي