Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جنود أميركيون يسرعون لنجدة المترجمين الأفغان

يبذل قدامى العسكريين الأميركيين جهدهم في سبيل مساعدة هؤلاء على الفرار من البلاد

المترجمون الأفغان يواجهون مخاطر كبيرة جراء عملهم السابق مع القوات الأميركية (أ ب)

فيما تستكمل القوات الأميركية انسحابها السريع من أفغانستان، يبذل المحاربون القدامى في النزاع الذي استمر 20 عاماً جهدهم من أجل إنقاذ المترجمين الأفغان الذين عملوا إلى جانبهم في ما مضى وأصبحت حياتهم الآن بخطر.

 ويقود هذه الجهود عسكريون سابقون حركتهم الرغبة في المساعدة بعد ما لمسوا الوضع اليائس الذي يواجهه زملاؤهم السابقون. وقد أصبحت مأساة المترجمين الأفغان مؤلمة على نحو خاص بعد سيطرة حركة "طالبان" السريعة على البلاد.

وبحسب تقديرات مجموعات مناصري هذه القضية، قد يصل عدد المواطنين الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة والمؤهلين للحصول على تأشيرة هجرة خاصة إلى 20 ألف شخص، إضافة إلى 53 ألف شخص من أفراد عائلاتهم. 

وأصبح هروبهم من البلاد خطيراً وغير مضمون بعد سقوط كابول. فالمطار الذي تسيطر عليه حالياً القوات الأميركية هو المنفذ الوحيد من البلاد، وهو محاصر بمقاتلي "طالبان". ويخشى المترجمون أن يقتص منهم هؤلاء بسبب عملهم مع العدو.

ويقول أليكس بليتساس، وهو جندي سابق خدم في العراق وشغل منصب ضابط استخبارات في أفغانستان "أتلقى سيلاً مستمراً من الرسائل عبر واتساب وتويتر من أفغانستان، يرسلها لي أكثر من مئة مترجم. لا أعرف سوى عدد قليل منهم لكنهم يتواصلون مع أي شخص يمكنه تقديم المساعدة".

"نشأت شبكة مرتجلة نوعاً ما من الأشخاص الذين تفاعلوا مع الأحداث الجارية. معظمنا خارج (القوات المسلحة) في هذه المرحلة وكنا نعمل في الكواليس تقريباً مع موظفين في الكونغرس ووزارتي الخارجية والدفاع، سعياً لإعلامهم بالقضايا الفردية".

يقضي أعضاء هذه الشبكة أيامهم بين حملات المناصرة الإلكترونية والضغط ومراسلة الممثلين السياسيين ومحاولة إرشاد زملائهم السابقين عبر الهاتف لكي يصلوا إلى بر الأمان، على بعد آلاف الأميال. قضى العديد منهم أشهراً في التحذير من الكارثة الوشيكة التي ستحل بالمترجمين مع انسحاب القوات الأميركية، لكن بلا جدوى.   

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعض المترجمين مؤهلين للمغادرة لكنهم عاجزون عن بلوغ مطار كابول بسبب الحشود ونقاط التفتيش التي أقامتها حركة "طالبان". وقد قدم آخرون طلبات للحصول على تأشيرة دخول منذ سنوات لكن طلباتهم علقت في دوامة الإجراءات البيروقراطية وهم الآن غير واثقين من قدرتهم على الخروج من البلاد. وما عقد هذه العملية أكثر هو ما تردد عن تدمير موظفي السفارة وثائق وجوازات سفر أثناء مغادرتهم المكان.  

وعلى الرغم من تعهد مقاتلي "طالبان" بعدم الثأر من الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى في حلف الناتو، ترتسم على الأرض حقيقة مختلفة.

ويقول بليتساس الذي قطع إجازة عائلية في إيطاليا من أجل المساعدة في جهود الإجلاء "قضيت ساعتين تقريباً اليوم في تبادل الرسائل مع مترجم عمل مع القوات الخاصة سابقاً وهو يختبئ الآن في كابول. تسكن عائلته في مدينة أفغانية أخرى، وقد قدم عناصر طالبان إلى منزله وقالت لهم العائلة إنه غير موجود. شتمهم عناصر طالبان وسموه 'ابن بايدن' وقالوا إنهم سيذبحونه فور إلقائهم القبض عليه".

أثارت مشاهد الأفغان اليائسين المحتشدين في المطار موجة من الانتقادات لانسحاب إدارة بايدن. ومع أنه تم الاتفاق على المهلة النهائية لانسحاب القوات الأميركية من البلاد بعد الصفقة التي عقدها الرئيس السابق دونالد ترمب و"طالبان"، غير أن أصابع اللوم توجهت إلى السيد بايدن بسبب عدم الاستعجال في عملية الموافقة على تأشيرات دخول الحلفاء الأفغان الذين يعرضهم خروج الولايات المتحدة من البلاد للخطر.

الأربعاء، صرح جاي سي هندريكسون، كبير مديري القسم المعني بسياسة اللجوء وطالبي اللجوء والدعوة لها في لجنة الإنقاذ الدولية التي تعمل مع الولايات المتحدة على توطين طالبي التأشيرات، لـ"اندبندنت" بقوله "لا شك في أنه كان على هذه العملية أن تبدأ في وقت أبكر"، مضيفاً "لا يبدو أن العمل من هذا الجانب كان عاجلاً أبداً".

يعتقد بعض قدامى المحاربين المساهمين في هذه الجهود أنه من واجبهم مساعدة رفاقهم السابقين، حتى بعد ما أعطى الجيش الأميركي الأولوية لإجلاء الرعايا الأميركيين.

ويقول بليتساس "تقضي أخلاقيات القتال في الجيش الأميركي بعدم التخلي عن أي رفيق يسقط في المعركة. لا نترك أي أحد، وهذا يشمل مترجمينا، في ميدان المعركة لكي يلقى حفته [لمصيره]".

ويضيف "أظن أن معظم الناس لا يدركون أهمية الوظائف التي يؤديها هؤلاء المترجمون. هم أعيننا وآذاننا وبعد فترة يصبحون أشبه بأفراد أسرتنا. وأعتقد أن معظمهم شهدوا معارك أكثر من أغلبية القوات التي انتشرت هناك [أفغانستان]. وقد خاطروا بأرواحهم، وعملوا إلى جانبنا، فعرضوا أنفسهم للخطر نفسه الذي كنا معرضين له ولدينا واجب أخلاقي تجاههم".

ومن جانبها، ترى هيذر كينغ، الجندية السابقة التي خدمت 9 سنوات ونصف في سلاح الجو الأميركي، والبالغة من العمر 39 عاماً، أن جهود الإنقاذ هي واجب أخلاقي كذلك.

وتضيف "نعمل جميعاً على تفعيل شبكاتنا في سبيل الوفاء بالوعد الذي قطعناه كأمة للشعب الأفغاني".

"كل ما نحاول فعله في الحقيقة هو الوفاء بذلك الالتزام الأخلاقي. لا يتعلق الموضوع بالسياسة بالنسبة لكثيرين منا، بل لا شأن للسياسة فيه إطلاقاً. هذه قضية إنسانية وهي في صلب هويتنا كمحاربين سابقين".

وتقول كينغ، إن جزءاً من جهودهم يصب في محاولة إنقاذ الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة وليس المواطنين الأميركيين فحسب. وتضيف أن تصريحات بايدن ركزت إجمالاً على الأميركيين، وهذا "ببساطة لا يكفي".

وتضيف "أحد الأمور التي نسعى جاهدين لمحاربتها هي تلك الرواية القائلة بأن الشعب الأفغاني لا يريد الاهتمام بنفسه. هذا غير صحيح ببساطة. والدليل على ذلك: أن عدداً كبيراً من الأشخاص، لا سيما النساء، خاطر بحياته وحياة أطفاله وعائلته في سبيل مساعدة الجنود الأميركيين وجهودنا في أفغانستان. وكانوا يؤمنون بأفغانستان أفضل".

وتشرح كينغ بأنها تحاول مع أشخاص آخرين مساعدة الناس على التنقل ضمن متاهة نقاط التفتيش والمعاملات الإدارية من أجل الخروج.

"يشعر الناس بالخوف. إما يخشون من مغادرة مكانهم أو هم عالقون عند البوابة ولا يستطيعون اجتيازها. ويعلق بعضهم عند ذلك الحاجز الأول من نقاط التفتيش. يوقف (عناصر طالبان) الناس ويدخلونهم عشوائياً- وبعضهم لا يتخطى تلك النقطة. ويشعر كثير من الأشخاص بالخوف لأنهم لا يعرفون سبيلاً للخروج". 

في خضم جهودهم لمساعدة زملائهم الأفغان، ظهر كذلك الغضب حول طريقة السماح لأزمة الإجلاء هذه بالحدوث أساساً. يعمل أمير هادزيك، قائد وحدة مشاة البحرية الأميركية المتقاعد، على إخراج عائلتي مترجمين عمل معهما من البلاد. قضت إحدى العائلتين يومين في المطار وهي تحاول المغادرة. 

ويقول "السبب هو المشاكل السياسية الداخلية. ما عاد السياسيون يتحلون بالشجاعة من أجل فعل الصواب، بل يتصرفون بحذر يناسب الأهواء المحلية".

وهو يلوم دونالد ترمب على إطلاق هذا الانسحاب المستعجل، وبايدن على استكمال هذه الخطوة.

"لقد تراجع عن كافة سياسات الرئيس ترمب تقريباً، فلماذا قرر تطبيق هذه دون غيرها؟ كانت حركة طالبان تنتهك بنود الاتفاق أثناء تفاوضها عليه".

نشر الجيش الأميركي 5200 عنصر في مطار حامد كرزاي بحسب تصريحات وزارة الدفاع، الخميس. وقد أجلي أكثر من ألفي شخص من كابول ووصلوا إلى محطات تجمع لكي ينظر في قضاياهم، وفقاً للواء في الجيش ويليام دي "هانك" تايلور،  نائب مدير هيئة الأركان المشتركة للعمليات الإقليمية. وقد أضاف أنه منذ بداية عملية الإجلاء في 14 أغسطس (آب)، أجلى الجيش الأميركي نحو 7 آلاف شخص عن طريق الجو. لكن حتى الخميس، ظل العديد من المترجمين غير قادرين على الوصول إلى المطار. ولا يرغب الجيش الأميركي حتى اللحظة في مغادرة المطار من أجل سحب الرعايا الأميركيين الموجودين خارج محيطه في كابول.

قال الرئيس بايدن، إنه سيمدد الموعد النهائي لانسحاب الولايات المتحدة المحدد ليوم 31 أغسطس في حال لم يتم إجلاء كافة الأميركيين قبل ذلك.  ومن المرجح أن يستمر الرئيس بايدن بتلقي الأسئلة والتعرض للمساءلة بشأن طريقة تعاطي إدارته مع عملية الإجلاء.  

في نهاية أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة، يقول بليتساس، إنه يعتبر إنقاذ أصدقائه الأفغان طريقة لفعل بعض الخير في نزاع شهد قدراً ضئيلاً منه. 

ويقول "أظنه [هذا المسعى] خاتمة [تطوي المرحلة] بشكل من الأشكال، وإنجاز هدف ملموس في هذه المسألة بعد انقضائها".

"كان الهدف الأساسي ضرب قدرات "القاعدة" والحرص على تعطيل قدرتها على الهجوم، ثم تحول إلى مكافحة تمرد حركة "طالبان". والآن، بعد 20 عاماً من القتال وصولاً إلى حائط مسدود، وإنفاق تريليوني دولار أميركي، ووفاة 2500 شخص، باتت حركة "طالبان" تسيطر على مساحة أراض أكبر من تلك التي كانت تحت قبضتها قبل الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وعناصرها مدججون بالأسلحة لأنهم استولوا على مخازن الأسلحة التي قدمناها للجيش الأفغاني".

"نشعر ببعض العزاء لكونها لم تستخدم كقاعدة عمليات من أجل الهجوم على الولايات المتحدة أو حلفائنا بعد الحادي عشر من سبتمبر. لكن في ما عدا ذلك، يدفعك الأمر إلى التشكيك فعلاً في طبيعة مساهمتك".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات