Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عين الصين صوب السندات الأميركية وترقب في الأسواق من أزمة عالمية

بكين تُقلص حيازتها للمرة الأولى في 4 أشهر إلى مستوى 1.12 تريليون دولار

الصين أكبر حائز للديون الأميركية تخفض حيازتها من سندات الخزانة ردا على إجراءات ترمب (أ.ب.)

للمرة الثانية خلال الأسبوع الحالي، تواصل الصين ردّها على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الرسوم الجمركية، فلم تكد واشنطن تستفيق من الردّ الصيني الذي تعاملت فيه بمنطق "المعاملة بالمثل" وأعلنت اعتزامها فرض رسوم استيراد على أكثر من 5 آلاف منتج أميركي، بنسب تدور بين 5% و25% على هذه السلع، حتى جاءت البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية لتشير إلى بدء الصين تحركها صوب السندات الأميركية.

ومن المنتظر أن تدخل رسوم الاستيراد الجديدة التي فرضتها الصين على السلع الأميركية حيز التنفيذ في أول يونيو (حزيران) المقبل.

لكن وزارة الخزانة الأميركية، وفي بيان حديث، أعلنت أن الصين، التي تعدّ أكبر حائز للديون الأميركية، خفضت حيازتها من سندات الخزانة بالولايات المتحدة للمرة الأولى في 4 أشهر خلال مارس (أذار) الماضي.

تراجع حيازة الصين للسندات الأميركية

وأشارت البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية إلى تراجع حيازة الصين من سندات الخزانة الأميركية حتى وصلت إلى مستوى 1.12 تريليون دولار في مارس (أذار) الماضي، مقارنة مع 1.13 تريليون دولار في الشهر السابق له.

وأظهرت البيانات أن إجمالي حيازة دول العالم من سندات الخزانة الأميركية في مارس (أذار) الماضي سجل 6.473 تريليون دولار، مقارنة مع 6.237 تريليون دولار في الشهر السابق له.

وإجمالاً، تأتي القرارات الصينية الأخيرة، سواء بفرض رسوم على منتجات أميركية أو بتقليص حيازة بكين من السندات الأميركية، رداً على قيام الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بزيادة الرسوم الجمركية على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار.

وأعلنت وزارة المالية الصينية أنه بدءاً من 1 يونيو (حزيران) المقبل سيتم تنفيذ القرار المتعلق بزيادة التعريفات الجمركية على واردات من واشنطن من مستوى 10% إلى 25% بقيمة إجمالية تصل إلى 60 مليار دولار.

وأوضحت بكين أن هناك 5140 منتجاً سيشهد زيادة في التعريفات الجمركية. وتتضمن القائمة 2493 منتجاً سيتم تطبيق تعريفات عليهم بنحو 25%، إلى جانب 1078 منتجاً سيتم فرض تعريفات عليهم بنحو 20%.

كما تخطط الصين لتطبيق تعريفات على 974 منتجاً بنحو 10%، إلى جانب تعريفات أخرى بنسبة 5% على 595 منتجاً.

تحركات أميركية سريعة

وقبل خطوة الاتجاه نحو السندات الأميركية، أعلن ممثل التجارة الأميركي، روبرت لايتهايزر، أن الرئيس الأميركي "طلب أن نُطلق آلية لرفع الرسوم على كل الواردات المتبقية من الصين، والتي تُقدر قيمتها بنحو 300 مليار دولار".

خطوة تخدم سياسات ترمب

ومن شأن عمليات بيع كبيرة لسندات الخزانة الأميركية أن يكون لها تداعيات كبيرة على الأسواق الأميركية والعالمية، وهو ما كان يستهدفه الرئيس الأميركي، حيث أن الاتجاه إلى التخلص من السندات الأميركية يشير إلى خفض أسعارها، حيث تربط الأسعار والعائد على تلك الديون الحكومية علاقة عكسية، وبالتالي فإن البيع سيكون ذات تأثير في رفع معدلات الفائدة على سندات الخزانة الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد يبدو أن هذا الاتجاه يتعارض مع تفضيل ترمب الذي يعلنه كثيراً بشأن خفض معدلات الفائدة، لكن في الواقع فإن معدلات الفائدة على سندات الخزانة تتبع عن كثب تلك التي يضعها بنك الاحتياطي الفيدرالي.

أيضاً من شأن عمليات البيع الضخمة لسندات الخزانة الأميركية من قبل الصين أن تكون ذات تأثير مماثل، فمع بدء ارتفاع معدلات الفائدة على سندات الخزانة فإن البنوك قد تستخدم بعض احتياطاتها لشراء المزيد من سندات الخزانة، ومن شأن هذا الإنفاق أن يضخ المزيد من السيولة داخل الاقتصاد الأميركي الأوسع، بالإضافة إلى تحفيز النمو.

ماذا تخسر أميركا؟

فيما أشار تقرير نشرته وكلة "بلومبرغ أوبنيون"، إلى أن الأمر يستحق دراسة التأثيرات التي ستحدث جرّاء زيادة التعريفات الجمركية بين بكين وواشنطن. وإحدى الحجج البارزة والداعمة لانتقاد الرئيس الأميركي تتمثل في أن المستهلك الأميركي هو الخاسر، ولكن واقعياً فإنه من المحتمل أن تكون الصين في موقف أكثر ضعفاً.

وأشارت الوكالة إلى أن هناك دراسات جيدة تظهر أن التعريفات الأخيرة ستُترجم إلى أسعار مرتفعة على المستهلك الأميركي، ولا اعتراض على هذه الدراسات، ولكن التساؤل هنا ما إذا كانت تأخذ في الاعتبار كافة التغيرات على المدى الطويل.

الصورة تبدو أكثر تعقيداً

وللوقوف على أسباب تعقيد الصورة الكاملة يجب أن نفترض أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل تطبّق تعريفات جمركية على المدخلات الصناعية التي يتم شراؤها من الصين.

ومن السهل الآن رؤية السلاسل المباشرة للتكاليف المرتفعة بالنسبة إلى الأعمال الأميركية يتم ترجمتها إلى أسعار أعلى للمستهلك الأميركي، وذلك هو ما تشير إليه الدراسات السالف ذكرها.

ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن الصين لن تقدم تلك المدخلات للأبد، بخاصة حال استمرار التعريفات، ففي غضون سنوات فإنه من المتحمل أن تقدم بعض الدول مثل فيتنام نفس المنتجات، ومن المحتمل أن يكون سعرها أقل لأن الأجور هناك أقل.

وبالتالي فإن التكاليف بالنسبة إلى المستهلك الأميركي ستكون أمراً مؤقتاً، ولكن خسائر الأعمال بالنسبة إلى الصين ستكون دائمة.

وعلاوة على ذلك، فإن التعديلات متوسطة الآجل سيكون لها تأثير في جعل منافسي الصين الرئيسين يصبحون مصدّرين أفضل للسلع.

والأمر الأكثر وضوحاً الآن هو أنه لا يمكن التوصل إلى تقديرات نهائية طويلة الأجل، ولكن من المعقول إلى حدّ ما أن الصين هي التي ستتحمل التكلفة الأكبر، وليس الولايات المتحدة.

وأشارت الوكالة إلى أن هناك مخاطرة أخرى بالنسبة إلى الصين، فمع صعوبة وصولها إلى الأسواق الأميركية فإن بكين من المتحمل أن تتطلع إلى أوروبا.

ويبقى أن يتضح ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتبنى تدابير حمائية إضافية، ولكن الصين يجب أن تفكر في أن تلك الاحتمالية موجودة.

ولفهم خواص أخرى متعلقة بوجهة النظر طويلة الأجل، فإنه يجب التفكير في أن تأثير التعريفات الجمركية يمكن الشعور به بطريقتين في الأقل.

تأثير الرسوم على المستهلك الأميركي

وتطرقت الوكالة إلى أنه بالنسبة إلى الأسواق ذات التنافسية المرتفعة، فإن الأسعار يجب أن تتوافق مع التكاليف، ولذلك فإن التعريفات المرتفعة للتكاليف تتُرجم بالفعل إلى أسعار مستهلكين أعلى، ولكن بالنسبة إلى السلع ذات العلامات التجارية الربحية فإن الأساسيات الاقتصادية ليست واحدة.

وفي حالة تطبيق الولايات المتحدة تعريفات جمركية أعلى على شركة مثل "مرسيدس بنز"، على سبيل المثال، فإن أسعار تلك السيارات ستستمر في تجاوز تكلفة الإنتاج.

و"مرسيدس" التي ستكون آنذاك ترغب في أن تحافظ على جزء من قوة مركزها السوقي من المحتمل أن تقرر المعاناة من بعض تكاليف التعريفات في شكل أرباح منخفضة بدلاً من أن تنقلها إلى عملائها.

ولدى الصين بعض العلامات التجارية البارزة مثل "هواوي" في مجال الإلكترونيات أو بعض الشركات في مجال الطعام، ومع مرور الوقت فإنها تطمح إلى أن تتجاوز سلاسل القيمة وتبيع مزيدا من العلامات التجارية إلى الأميركيين.

وفي الواقع فإن للصين سياسة اقتصادية هدفها أن تكون تنافسية في تلك القطاعات وغيرها، والتعريفات ستحدّ من الأرباح بالنسبة إلى تلك الشركات وتمنع المنتجات الصينية من تحقيق وفرات الحجم الكامل.

التعريفات تضرّ الاقتصاد الصيني

ولذلك فإن تلك التعريفات الاستباقية ستضرّ الاقتصاد الصيني في المستقبل، حتى إذا لم يتضح ذلك بعد في لغة الأرقام.

وفي حالة أن الولايات المتحدة توصلت إلى اتّفاق تجاري مع الصين، فإن ذلك سيصدق على أن بكين مكان يمكن فيه للأجانب أن يستثمروا ويتم حمايتهم من التجسس وسرقة الملكية الفكرية والمعاملة القانونية غير العادلة.

ولكن هذه الشهادة الممكنة لا تزال مُعلّقة حالياً، وهو ما يجعل الاستثمار في الصين أقل تفضيلاً للعديد من الجهات الدولية وليست الولايات المتحدة فقط، ما يخفض الأجور المحلية الصينية إلى جانب جودة التعليم على المدى الطويل ونقل التكنولوجيا.

وأشار التقرير إلى أن الصينيين أنفسهم يعتقدون أنهم الأكثر تعرضاً للأضرار أكثر من الأميركيين في حالة الحرب التجارية، وهو ما يبدو صحيحاً بسبب أن الصين دولة أفقر ولديها مؤسسات سياسية أضعف.

وخلص التقرير إلى أن الواقع يشير إلى أن الصين ستكون خاسراً كبيراً من الحرب التجارية، وليس الولايات المتحدة والمستهلكين الأميركيين.

توقعات باستخدام السندات كسلاح

وكان محللون قد توقعوا في تصريحات سابقة لـ"اندبندنت عربية"، أن تتجه الصين إلى استخدام سلاح السندات الأميركية في الضغط على واشنطن، بخاصة وأن الصين ما زالت تتصدر أكبر حَمَلة السندات الأميركية عالمياً بقيمة 1.3 تريليون دولار، إضافة إلى التجارة البينية بين البلدين، والتي تتجاوز مئات المليارات من الدولارات.

وتوقع المحللون أن تتوصل المفاوضات إلى حل وسط، بخاصة وأن الصين سوف تتأثر كثيراً بفرض الرسوم، لكنها لن تنكسر بالفعل بسبب هذه الرسوم الأميركية.

وأكدوا أن الشركات الصينية قوية، وخصوصاً هواوي، التي برعت في إنشاء الشبكات، وقد احتكرت 80% منها في العالم، كما أن الصين قسّمت أوروبا، بحيث أن بعض الدول كإيطاليا وقّعت اتفاقا مع الصين، وبعض الدول الأخرى ترفض التعامل مع الصين.

تجارة بمئات المليارات

وتشير البيانات إلى انخفاض الصادرات الصينية بنسبة 4.4% الشهر الماضي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما انخفضت الواردات بنسبة 7.6%.

وبلغ الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة أعلى معدل له في 2018. وقد ارتفع الفارق بين ما تصدّره الصين وما تستورده من الولايات المتحدة بنسبة تقدر بنحو 17.2%، ليسجل نحو 323.32 مليار دولار أميركي خلال العام الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد