رُفعت يوم الخميس دعوى قضائية في لوس أنجليس تزعم أن أرباح الممثلة سكارليت جوهانسون من فيلم "الأرملة السوداء" Black Widow كانت "تستند في جزء كبير منها" إلى ما يحققه الفيلم من مكاسب في شباك التذاكر. وورد في جزء من الدعوى أن "جونسون حصلت على وعد من عالم مارفل بأن إصدار الفيلم سيكون (مسرحياً) بهدف إيصال تلك الأرباح إلى أقصى حد ممكن، وبالتالي حماية مصالح الفنانة المالية... وكما تعلم جوهانسون وديزني ومارفل وكل شخص آخر تقريباً في هوليوود، فإن (الإصدار المسرحي) يعني عرض الفيلم بشكل حصري في دور السينما".
وتتابع الدعوى "كانت ديزني مدركة هذا الوعد جيداً، لكنها مع ذلك أعطت تعليمات لشركة عالم مارفل بانتهاك تعهدها، وبدلاً من ذلك أطلقت الفيلم على خدمة (ديزني بلس) للبث التدفقي في اليوم نفسه الذي صدر فيه الفيلم في دور السينما". بعبارة أخرى، تزعم جوهانسون أن "ديزني" انتهكت العقد الذي بينهما، مما يتعارض مع مصالحها المالية من خلال إطلاق الفيلم على منصتها الإلكترونية وفي دور السينما في اليوم ذاته، إذ إن أرباح الممثلة كانت متعلقة بنجاح "الأرملة السوداء" عند إصداره في صالات السينما على وجه التحديد.
جاء رد "ديزني" على الدعوى في وقت متأخر من يوم الخميس، وكان حاد اللهجة، وورد فيه "لا تستند هذه الدعوى إلى أي أساس من الصحة على الإطلاق. إن هذه الدعوى القضائية مؤسفة ومؤلمة بشكل خاص لتجاهلها القاسي التأثيرات العالمية المروعة والممتدة لوباء كورونا. لقد التزمت ديزني تماماً بعقد السيدة جوهانسون، وعلاوة على ذلك، فإن إطلاق (الأرملة السوداء) عبر ميزة المشاهدة الأولية على منصة (ديزني بلس) قد عزز قدرة [جوهانسون] بشكل كبير على تحقيق مكاسب إضافية، إلى جانب مبلغ 20 مليون دولار الذي حصلت عليه حتى الآن".
وكان رد محامي جوهانسون، جون بيرلينسكي، باللهجة الشديدة نفسها، قائلاً "لا يخفى على أحد أن ديزني تطلق أفلاماً مثل (الأرملة السوداء) مباشرة على (ديزني بلس) لزيادة أعداد المشتركين، وبالتالي تعزيز قيمة الشركة في السوق، وأنها تتذرع بوباء كورونا للقيام بذلك".
من الواضح أن المواجهة بين دور السينما والبث التدفقي قد بدأت، وستظل محتدمة لفترة طويلة. أثناء الوباء، باتت إصدارات الأفلام عبر خدمات البث التدفقي، مثلها مثل الاجتماعات عبر تطبيق "زوم" وانتشار استخدام الأضواء الخاصة بالتصوير الشخصي، عناصر أساسية إلى حد كبير، عندما كانت الخيارات البديلة قليلة.
اختارت "ديزني" أن تكشف النقاب عن أحد أكبر إصداراتها لعام 2020، وهو النسخة المؤنسنة من فيلم الكرتون "مولان" Mulan على "ديزني بلس" مقابل رسوم إضافية للمشاهدة الأولية. عُرض في أواخر مارس (آذار) من العام الماضي، بعد فترة وجيزة من دخول معظم الولايات المتحدة في حالة إغلاق، وأنا متأكدة من أنني لست الوحيدة التي وجدت أن مشاهدة فيلم جديد مع عائلتي كانت تجربة بسيطة ومريحة مرحباً بها أثناء وقت عصيب.
لكن ما بدأ كإجراء طارئ تحول إلى استثمار طويل الأجل لبعض الاستوديوهات. فعلى سبيل المثال، تفاوضت شركة "وورنر بروس" (وهي منفصلة عن ديزني ولا علاقة لها بالنزاع حول "الأرملة السوداء") على اتفاقية مع خدمة "أتش بي أو ماكس" لإطلاق جميع أفلامها الصادرة عام 2021 عبر الإنترنت في اليوم نفسه الذي تُعرض فيه في دور السينما في جميع أنحاء الولايات المتحدة. يتضمن هذا إصدارات تُنتظر بفارغ الصبر مثل "كثيب" Dune للمخرج دينيس فيلنوف، والجزء الرابع من فيلم "ماتريكس" The Matrix 4، وجزء التتمة من سلسلة "آل سوبرانو" Sopranos الذي يحمل عنوان "قديسو نيويك العديدون" The Many Saints of Newark.
ليست لدي دراية بشروط عقد جوهانسون، ولذلك لا رأي لي في حالتها تحديداً. لكنني مهتمة بالجدل الدائر على نطاق أوسع حول ما إذا كان المستقبل لصالح الإصدارات الإلكترونية أم أنها ستصبح مصدراً لكل الشرور. أحب دور السينما كثيراً وليس لدي نية في الابتعاد عنها إلى الأبد. أنا أحب الشاشة الكبيرة وأهوى الجلوس في الظلام. وأحب الوجبات الخفيفة التي تقدم في الصالات. لكن من الناحية الواقعية، لا أعتقد أن البث التدفقي سيختفي. فعلى الأرجح أنه بات جزءاً من الوضع الطبيعي الجديد، مثله مثل انتشار ارتداء الكمامات واستعمال معقم اليدين في كل مكان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تذكرنا الطريقة التي يجري بها هذا النقاش حتى الآن بالمحادثة التي وقعت قبل بضع سنوات حول ما إذا كان ينبغي السماح لشركات البث المباشر مثل "نتفليكس" بالمنافسة على جوائز الأوسكار. احتدم النقاش وحزروا ما الذي حدث في النهاية؟ باتت "نتفليكس" الآن متنافساً أساسياً في قوائم ترشيحات جوائز الأوسكار. حتى إن ألفونسو كوارون فاز بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه "روما" Roma الذي صدر عام 2018 على منصة البث المباشر.
لا يعني هذا بالضرورة أننا في موقف يحتم علينا اختيار أحد أمرين. أشك في أن إصدار الأعمال الفنية عبر خدمات البث التدفقي سيعلن نهاية دور السينما أكثر من إعلان الكتب الإلكترونية نهاية الكتب الورقية (إذ إنها لم تفعل ذلك).
يُظهر التاريخ الحديث أنه عند الاختيار بين شكلين، سيختار المستهلكون الشكل الذي يناسب متطلباتهم الخاصة، ولكنهم نادراً ما يلتزمون بخيار واحد حصرياً. إنني أقرأ بقدر ما أستطيع خلال الأسبوع. لدي جهاز قراءة إلكتروني، ولدي أيضاً أرفف كتب تنحني تحت وطأة العديد من الكتب الورقية وذات التجليد السميك، التي يبدو أنني لا أستطيع مقاومة شرائها عندما أجد نفسي بالقرب من أي محل لبيع الكتب.
ولا يتعلق هذا بالاستوديوهات والجماهير فقط. فكما توضح دعوى جوهانسون، فإن الأمر يمس الممثلين أيضاً، إذ عليهم التعامل مع هذا العالم الجديد الذي يحمل تحديات وعدداً لا يحصى من العواقب التي قد تترتب على حياتهم المهنية. من الواضح أن الطريق ستكون مليئة بالمطبات.
الآن بعدما أصبح الذهاب إلى السينما خياراً متاحاً مرة أخرى، فإن على "هوليوود" القيام ببعض الخيارات. ستكون الدعوى القضائية التي رفعتها جوهانسون ضد "ديزني" بمثابة مقياس حاسم لهذه الصناعة. فأنا أعلم أنني سأشاهد هذا الفيلم، وأتابع هذا الجدل الثقافي.
نادراً ما تحتل العقود الفنية عناوين الأخبار. لكن عندما كُشف أن سكارليت جوهانسون تقاضي "ديزني" لخرقها المزعوم العقد بسبب طرح "الأرملة السوداء" عبر خدمة البث التدفقي أعاد عشاق الأفلام النظر في الموضوع بشكل مفهوم. لقد كان ذلك تطوراً غير متوقع، وسيحدد بلا شك مستقبل إصدارات الأفلام لسنوات مقبلة.
لتلخيص الحكاية: في التاسع من يوليو (تموز) أصدرت "ديزني" في الولايات المتحدة فيلم "الأرملة السوداء"، وهو فيلم رائع من ضمن أعمال عالم مارفل السينمائي يتمحور حول الشخصية التي تلعبها جوهانسون في سلسلة أفلام "المنتقمون" Avengers. وحدث هذا الإصدار في دور السينما الأميركية وعبر منصة "ديزني بلس" في وقت واحد.
أصبحت الإصدارات عبر خدمات البث التدفقي أكثر شيوعاً خلال وباء فيروس كورونا، الذي تسبب في إغلاق دور السينما لعدة أشهر. الآن وبعدما بدأت الصالات بفتح أبوابها من جديد، سيتعين على شركات الإنتاج السينمائي أن تقرر مدى رغبتها في إعطاء الأولوية للإصدارات المسرحية ومدى استماتتها في التمسك بالإصدارات الإلكترونية. لن يتفق الجميع على أي الخيارين سيكون الأفضل. وستكون الدعوى القضائية لجوهانسون جزءاً من هذا الجدل.
© The Independent