بعد خطوته الحازمة، الأحد، 25 يوليو (تموز)، بإعفاء رئيس الوزراء من مهامه وبتجميد البرلمان استجابة للرغبات الشعبية على وقع تفاقم الأزمات في البلاد، أنهى الرئيس التونسي قيس سعيد، بأوامر رئاسية الثلاثاء، مهام عدد من المسوؤولين في المناصب العليا، بمن فيهم وكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري والكاتب العام للحكومة ومدير ديوان رئيس الحكومة ومستشارين ومكلفين بمهام لدى رئيس الحكومة ورئيس "الهيئة العامة لشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية".
وتعهّد سعيد، أمام وفد من المنظمات التونسية، بحماية "المسار الديمقراطي وحماية الحقوق والحريات"، في حين دعت حركة "النهضة" لـ"إرساء حوار وطني" وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة للخروج من الأزمة السياسية.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الحكومة المعزول هشام المشيشي، الاثنين، استعداده لتسليم السلطة. وفي أوّل تصريح له منذ القرارات التي اتخذها سعيد، قال المشيشي، "سأتولّى تسليم المسؤولية إلى الشخصية التي سيكلفها السيد رئيس الجمهورية لرئاسة الحكومة"، في حين رفض حزب "النهضة"، أكبر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان والداعم للمشيشي، قرارات سعيد، واصفاً إياها بالـ "انقلاب".
وأقال سعيد، الاثنين، كلاً من وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان، وأعلن فرض حظر تجول ليلي، وتعليق العمل في "الإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين".
وعقد الرئيس اجتماعاً، مساء الاثنين، مع عدد من المنظمات الوطنية، بينها الاتحاد التونسي للشغل، قائلاً إنه اتخذ قراراته بعدما "وصلت الأوضاع إلى حدّ لم يعد مقبولاً في كل مؤسسات الدولة"، متحدّثاً عن أن "الفساد استشرى"، وشدّد سعيد على أن الدولة موجودة، وأنه لا مجال للمساس بالحقوق والحريات، مؤكداً أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها تحترم الدستور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى إثر احتجاجات في عدد من مناطق البلاد، الأحد، أعلن سعيد "تجميد" أعمال مجلس النواب لمدة 30 يوماً، وأضاف عقب اجتماع طارئ عقده في قصر قرطاج مع مسؤولين أمنيين، أنه سيتولى بنفسه السلطة التنفيذية "بمساعدة حكومة يرأسها رئيس للحكومة يُعينه رئيس الجمهورية".
ولاقت هذه القرارات ترحيباً في أوساط التونسيين الذين خرج قسم منهم للاحتفال فور صدورها، مؤكدين دعمهم للرئيس.
ودعم الاتحاد العام التونسي للشغل ضمنياً قرارات سعيد، وقال في بيان إن "التدابير الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية هي وفق الفصل 80 من الدستور، وتوقّياً من الخطر الداهم، وسعياً إلى إرجاع السير العادي لدواليب الدولة وفي ظل تفشّي كوفيد-19".
دولياً، عبّرت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وتركيا وروسيا عن قلقها. ودعا البيت الأبيض إلى الهدوء، مؤكداً أن واشنطن "تدعم الجهود التونسية للمضي قدماً بما يتوافق مع المبادئ الديمقراطية". ودعا الاتحاد الأوروبي بدوره "كل الجهات الفاعلة في تونس إلى احترام الدستور، والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون"، وإلى "تجنّب أي لجوء للعنف". وأعربت فرنسا عن أملها "بعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي" في تونس "في أقرب وقت".
ميدانياً، منع مئات من مناصري سعيد مؤيدي حزب "النهضة" من الاقتراب من زعيمهم، رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي اعتصم لساعات داخل سيارة أمام البرلمان بعدما منعه الجيش من الدخول إليه، وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة والعبوات، وفصلت قوى الأمن بينهما.
ودعا الغنوشي أنصار حزبه إلى التعبئة، مؤكداً أن الرئيس لم يستشره قبل أخذ القرارات استناداً إلى الفصل 80 من الدستور التونسي.
وتسبب تجاذب مستمر منذ ستة أشهر بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان بشلل في عمل الحكومة وفوضى في السلطات العامة، في وقت تواجه تونس منذ مطلع يوليو ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات والوفيات جراء كورونا، دفع المشيشي لإقالة وزير الصحة فوزي المهدي.
إليكم تغطيتنا للتطورات حول قرارات الرئيس التونسي عندما حدثت.