Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كتائب العاصمة الليبية تستعيد ذاكرة الخلافات في عطلة العيد

جهاز "دعم الاستقرار" يثير القلق مجدداً باشتباكات مسلحة في البلاد ومطالب بحله وتفتيت الميليشيات

تعاني ليبيا انتشار الكتائب غير النظامية مع غياب حل حاسم للمشكل الأمني في البلاد (أ ف ب)

بعد مرحلة لافتة من الهدوء والاستقرار منذ انتخاب السلطات الليبية التنفيذية الجديدة، وعلى نحو غير متوقع، استعادت الكتائب المسلحة في طرابلس ذاكرة الخلافات القديمة وحروب الشوارع التي عاشت العاصمة الليبية على وقعها سنوات طويلة خلال العقد الماضي.

الصدام الجديد الذي جرى في شوارع طرابلس نهاية عطلة عيد الأضحى، كان طرفاً فيه مرة أخرى "جهاز دعم الاستقرار" المثير للجدل، الذي شُكل بقرار من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، قبل مغادرة منصبه بأسابيع قليلة، أما الطرف الثاني فهو كتيبة الردع، وهي احدة من أضخم الكتائب بالعاصمة التي يقودها الرجل المثير للجدل الدائم عبد الرؤوف كارة.

وبعيداً من تعهدات حكومة الوحدة الوطنية بالتحقيق في الحادثة وكشف ملابساتها، فإنها أججت من جديد المطالب بضرورة إيجاد حل للكتائب غير النظامية، وحل حاسم للمشكل الأمني في كل المدن الليبية وليس طرابلس وحدها، قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات العامة نهاية العام الحالي.

نهاية عيد عصيبة

عاشت العاصمة الليبية طرابلس نهاية عطلة عيد عصيبة، بعد نشوب اشتباكات عنيفة بين عناصر تابعة لـ"جهاز قوة الردع الخاصة" بقيادة عبد الرؤوف كارة، و"جهاز دعم الاستقرار"، الذي يقوده غنيوة الككلي، في منطقة باب بن غشير، واحدة من أكثر مناطق العاصمة كثافة سكانية.

وأكدت مصادر طبية بمستشفى بن غشير، أن "الاشتباكات أسفرت عن وقوع 7 قتلى، بينهم 3 مدنيين كانوا في منطقة الاشتباكات، والبقية من العناصر المسلحة التابعين للكتيبتين المتنازعتين".

واندلعت الاشتباكات، بعد إغلاق عناصر مسلحة تابعة لقوات "الردع" الطريق المؤدية إلى مقر رئاسة الحكومة بطريق السكة، قبل تدخل "جهاز دعم الاستقرار" لفتح الطريق بالقوة.

وتداول نشطاء مقطع فيديو للمواجهات، يُظهر استخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة، في المعركة التي دارت وسط أحياء سكنية، وانتشار عشرات من الآليات العسكرية التابعة للطرفين في الشوارع.

ووفق شهود عيان ومصادر صحافية متطابقة من طرابلس، فإن الهدوء عاد إلى المنطقة التي دارت بها المعركة ساعات، مع استمرار إغلاق الطريق العام الحيوي المؤدي إلى رئاسة الوزراء بطريق السكة.

الداخلية تباشر التحقيق

من جانبها، تعهدت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، في بيان لها، الجمعة، مباشرة التحقيق في الاشتباكات، ومحاسبة المتسببين فيها. مؤكدة فض الاشتباك الذي وقع بين دوريات تابعة لجهازي دعم الاستقرار والردع.

وقالت الداخلية إنها "تابعت من كثب الأحداث التي أدت إلى إطلاق نار كثيف وسط العاصمة طرابلس بين دوريات تابعة لجهاز دعم الاستقرار وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة". مشيرة إلى "إصدار وزير الداخلية المكلف، العميد بشير الأمين، تعليماته إلى الجهات المختصة بمتابعة البلاغات، واتخاذ ما يلزم من إجراءات الاستدلال والتحقيق حول هذه الوقائع". ومشددة على أن الوضع الأمني في طرابلس "مستقر حالياً"، مع استمرار التحقيقات في ملابسات هذه الأحداث لضمان عدم تكرارها.

تنديد حقوقي

في المقابل، نددت أكبر منظمتين حقوقيتين في ليبيا بالاشتباكات التي اندلعت وسط أحياء سكنية آهلة بالسكان، في طرابلس، وأسفرت عن وقوع ضحايا من المدنيين.

وأعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، عن "إدانتها واستنكارها الشديدين للاشتباكات المسلحة وأحداث العنف التي وقعت في وسط طرابلس"، واعتبرت أن الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في الشوارع وداخل الأحياء السكنية المكتظة بالسكان المدنيين وحولتها إلى ساحة حرب "استهتار صارخ بحياة الأبرياء".

وندد البيان بمقتل الشاب عبد الله عمر عبد الله، البالغ من العمر 17 سنة، بعد إصابته بعيار ناري عشوائي، جراء الاشتباكات المسلحة وإطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي وكثيف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما طالبت اللجنة الحقوقية مكتب النائب العام وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية بفتح تحقيق شامل في الاشتباكات المسلحة وإثارة العنف وزعزعة الأمن والاستقرار، وترويع المواطنين وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر، ومباشرة التحقيق في واقعة مقتل وإصابة عدد من المدنيين وتحديد المسؤولين عنها بشكل مباشر وضمان تقديمهم للعدالة ومحاسبتهم، وذلك من أجل إنهاء الإفلات من العقاب ولضمان عدم تكرارها في المستقبل".

واعتبرت أن تجدد أعمال العنف والاشتباكات المسلحة بين الفترة والأخرى فيما بين الجماعات والتشكيلات المسلحة التي تحظى بشرعية حكومة الوحدة الوطنية، يمثل فشلاً كبيراً للمجلس الرئاسي الليبي ولحكومة الوحدة الوطنية في ضمان أمن وسلامة وحياة المواطنين وحمايتهم.

ودعت اللجنة إلى العمل سريعاً على إعادة هيكلة قطاع الأمن وإصلاحه من خلال حل وتفكيك الجماعات المسلحة والتشكيلات المسلحة غير المنضبطة والخارجة عن القانون والتدريب ورفع القدرات الأمنية والتسريح وإعادة الإدماج، والمضي قدماً في تنفيذ الترتيبات الأمنية الكفيلة بتحقيق الأمن والاستقرار والعمل الأمني الملتزم بالإطار القانوني، وذلك وفقاً لما نصت عليه خريطة الطريق المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي الليبي ومقررات ومخرجات مؤتمر برلين الأول والثاني بشأن ليبيا وقرارات مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد.

ودعا البيان لجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تنص على ملاحقة كل من يخطط أو يوجه أو يرتكب أفعالاً تنتهك القانون الدولي أو حقوق الإنسان في ليبيا، وكذلك من يدعمون أعمالاً تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا، أو تعرقل أو تقوض عملية الانتقال السياسي في البلاد.

تهديد جديد للانتخابات

في الأثناء، أثارت الاشتباكات الضارية التي دارت في شوارع طرابلس جدلاً واسعاً في ليبيا وتحليلاً واسعاً لدلالتها، واعتبر كثير من المحللين أنها إشارة جديدة إلى صعوبة الإيفاء بالموعد المحدد لتنظيم الانتخابات العامة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، كما انقسمت الآراء بين من اعتبرها "حادثاً عابراً"، ومن صنفها "عملية مقصودة"، لتوتير الأجواء وإثارة الشكوك وعرقلة الجهود الرامية إلى تنظيم الانتخابات في موعدها.

ويرى الصحافي الليبي محمد يسري أن "محاولة إفساد المناخ الأمني في أهم مدن ليبيا، قبل أشهر من الانتخابات، عملية مقصودة، بالنظر إلى تبعية وخلفية الكتائب المسلحة التي تخرج بعد كل فترة بسلاحها للتناحر وسط طرابلس، ثم تختفي لفترة قبل أن ترجع لتعاود الكرة مرة أخرى".

ويستغرب يسري من "وجود جهاز دعم الاستقرار الذي أسسه فايز السراج قبل رحيله عن منصبه بأسابيع قليلة بشكل مفاجئ في كل توتر أمني تشهده العاصمة منذ تأسيسه"، معتبراً أن "حل هذا الجهاز، إضافة إلى تفتيت قوة الميليشيات الأخرى، خطوة لا مناص منها قبل التوجه إلى الانتخابات الوطنية".

وتابع، "يجب حل هذه الكتائب لتجنب استخدامها لغرضين يهددان بنسف كل ما أحرز من إنجازات بالمسار السياسي، الأول تعطيل إجراء الانتخابات، والثاني تحريكها لتفجير الأوضاع إذا جاءت نتائج الاقتراع غير مرضية لمن يسيطرون على هذه الكتائب".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي