Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطاقة السعودية... وعصا التوازن بين النظيف والأحفوري

650 طناً من الهيدروجين الأخضر تبدأ السعودية إنتاجها في 2025 من مشروع نيوم

تستثمر السعودية في الطاقة النظيفة في الوقت الذي تتوسع فيها باستثماراتها في الطاقة التقليدية (رويترز)

في وقت تُسارع دول العالم الخطى نحو إنتاج طاقة نظيفة تحقق بها الحياد الكربوني وتخفض انبعاثاته، تُمسك السعودية العصا من المنتصف، فتعمل على مشاريع عملاقة تجعلها أكبر منتج ومصدّر للهيدروجين الأخضر الذي يعد أبرز المصادر الواعدة للطاقة النظيفة، وفي الوقت ذاته تستمرّ في ريادتها كمنتج رئيس للنفط والغاز اللذين تتوقع وكالة الطاقة الدولية استمرار الطلب عليهما في العقدين المقبلين.

بالمقابل تتمسك السعودية بكونها أكبر منتج ومصدّر للطاقة بأنواعها في العالم، والفرص التي يخلقها لها هذا الدور في طاقة ما زالت تحافظ على تنافسها كمصدر رئيس لتشغيل المصانع والمركبات، ولو كانت تسير نحو التناقص.

ففي الوقت الذي يشكّك بعض المحللين في أسواق الطاقة بقدرة الدول على إنتاج وقود أخضر نظيف بسبب تكلفة إنتاجه العالية وصعوبة نقله لمسافات طويلة، تعمل السعودية على مشروع في مدينة نيوم لإنشاء أكبر منشأة للهيدروجين الأخضر باستثمارات تقدّر بـ5 مليارات دولار، لتبدأ إنتاج 650 طناً يومياً في عام 2025.

تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر

ويعد الهيدروجين الأخضر وقوداً خالياً من الكربون تماماً، لأنه يُنتج من الماء عبر فصل جزيئات الهيدروجين فيه عن جزئيات الأوكسجين، من خلال استخدام كهرباء تُوّلد من مصادر طاقة متجددة، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، غير أن تكلفة إنتاجه تبلغ بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة نحو ستة دولارات، ما يجعله الأغلى بين أشكال الهيدروجين.

ويؤكد الباحث في الطاقة الدكتور المهند الهشبول أن كلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر التي كانت عالية في الأعوام الماضية تبعاً لغلاء مشاريع الطاقة المتجدّدة، لن تعيق نجاح مشروعات السعودية في هذا المجال، باعتبار أن مشاريع توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية كانت في الأساس لخدمة مشاريع المستقبل للبلاد على البحر الأحمر مثل مدينة نيوم وذا لاين، ثم أتى مشروع الهيدروجين، لتصبح هذه المشاريع تكاملية وتقلّ تكلفة إنتاج الوقود الأخضر.

مقومات السعودية للتقدّم في الطاقة النظيفة

وتستفيد السعودية من عدة مقومات مناخية ومكانية تعزّز من نجاح مشاريعها في الطاقة النظيفة، ومن ذلك طبيعتها الصحراوية ذات المناخ الحار والمشمس والرياح المستمرة، ما يجعل من توليد الطاقة المتجددة بالرياح والطاقة الشمسية أمراً محسوماً، بالتالي يعجّل بنجاح المشاريع المرتبطة بها مثل مشروع الهيدروجين الأخضر في نيوم.

وهنا يقول الهشبول "موقع المدينة الحالمة نيوم في شمال غربي السعودية يُنبئ بنجاح مشروعات الطاقة المتجددة والنظيفة، إلى جانب تسهيله عملية تصدير الهيدروجين الأخضر إلى قارات أوروبا وأفريقيا وآسيا الوسطى".

ويرى المتخصص في شؤون الطاقة الدكتور محمد الصبان أن السعودية تركّز في رؤيتها 2030 على الالتزام باستراتيجية في البحث عن مصادر للطاقة تراعي التغيّر المناخي وتحد من انبعاثات الكربون، وذلك بالتوجه لمصادر الطاقة النظيفة، مؤكداً تصريحات وزير الطاقة السعودي التي أشار فيها إلى توّجه بلاده لتوليد الكهرباء وتحلية المياه عبر الطاقة المتجددة بنسبة 50 في المئة فيما ستكون النسبة المتبقية بالغاز الطبيعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "سياسة السعودية في الطاقة، ظلت متوازنة بين الحفاظ على ثبات استثماراتها في الوقود الأحفوري الذي يتوقع استمرار الطلب عليه خلال عقود مقبلة، وبين عدم تفويت الفرص في قطاع الطاقة النظيفة ومنها الهيدروجين الأخضر".

تحديات الطاقة الخضراء

ويشير الهشبول إلى أن أكبر التحديات التي واجهت الدول العازمة للاستثمار في الهيدروجين الأخضر سابقاً، كانت في كيفية تخزينه ونقله، حتى اهتدوا إلى الطريقة المناسبة وهي تحويله إلى حالته السائلة التي تسمّى "أمونيا"، ما يسهّل نقله عبر الأنابيب أو تخزينه لفترات طويلة.

ويضيف "انتفت التحديات وبدأ العمل الفعلي، مشاريع الطاقة النظيفة في السعودية سواء الهيدروجين الأزرق والأخضر أصبحت واقعاً ملموساً فتم إنتاج الأزرق في أرامكو منذ يونيو (حزيران) 2019، وتم إبرام الاتفاقيات لتصدير الأخضر إلى ألمانيا".

ونوّه الهشبول إلى أن اتجاه السعودية إلى الاستثمار في الطاقة النظيفة في مشاريعها الجديدةـ يحقق لها عدة أهداف أهمها جودة الحياة لساكني المشاريع العملاقة الجديدة، والتزاماً منها بالاتفاقيات المناخية الدولية، إلى جانب العائد الربحي لهذه الطاقة التي ستصبح وقود المستقبل".

ويتابع "بحسب تقارير لوكالة الطاقة الدولية فإن قيمة استثمارات الهيدروجين الأخضر ستبلغ 700 مليار دولار بحلول عام 2050"، متوقعاً أن تكون أبرز استخدامات الوقود الأخضر في الطائرات وسفن الشحن وحافلات النقل للمسافات الطويلة والمشاريع العملاقة التي تتطلب طاقة عالية مثل مصانع الصلب.

اقرأ المزيد