Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"برلين 2" يشدد على إجراء الانتخابات وسحب المسلحين الأجانب من ليبيا

تناغم أوروبي – أميركي – عربي في دعم إنشاء سلطات "فاعلة" و"دائمة"

اختُتمت في العاصمة الألمانية فعاليات المؤتمر الدولي الثاني حول ليبيا، "برلين 2"، بدعوة المجلس الرئاسي الليبي والبرلمان والحكومة إلى التحضير لإجراء انتخابات حرة وفي موعدها نهاية العام الحالي.
وأعلنت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في برلين أن "المرتزقة" الأجانب الموجودين في البلاد قد يغادرونها قريباً بعد إحراز "تقدم" في محادثات السلام.
وقالت خلال مؤتمر صحافي في ختام "برلين 2"، "لقد أحرزنا تقدماً في ما يتعلق بالمرتزقة ونأمل أنه في الأيام المقبلة، سينسحبون من الجانبين وأعتقد أن هذا سيكون مشجعاً وسيعزز الثقة من الطرفين".
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دعا في وقت سابق خلال مؤتمر صحافي مشترك في برلين مع نظيره الألماني هايكو ماس قبل بدء الاجتماع، "يجب تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 23 أكتوبر (تشرين الأول) بشكل كامل، بما في ذلك انسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا".

وأنتجت العملية السياسية الليبية، التي هدف مؤتمر "برلين 2" إلى تدعيمها، سلطة تنفيذية موحدة للمرة الأولى منذ أعوام، تعمل حالياً على التجهيز للانتخابات العامة ومتابعة تنفيذ مقررات مؤتمر برلين الأول، على رأسها توحيد المؤسسة العسكرية ووقف التدخلات الخارجية.

هذه الملفات التي شكّلت عقدة على طريق التسوية السياسية في ليبيا، خلال الشهرين الماضيين، كانت محور النقاشات الرئيسة على طاولة المفاوضات الألمانية، بحضور كل الفاعلين الدوليين تقريباً، الذين اتفقوا بغالبيتهم على ضرورة تسريع إنجاز هذه الاستحقاقات من دون مماطلة، بغية التوجه إلى صناديق الاقتراع وإنتاج سلطات مستقرة ودائمة في ليبيا.

مرحلة جديدة

وقال ماس، الأربعاء 23 يونيو (حزيران) الحالي، خلال مؤتمر صحافي في ختام "برلين 2"، "نبدأ من اليوم مرحلة جديدة لتحقيق الاستقرار في ليبيا"، معتبراً أن "المؤتمر حقق نجاحاً في الطريق إلى ليبيا حرة وموحدة". وأضاف أنه "كان فرصة لتقييم ما تم إنجازه في البلاد من تطورات إيجابية خلال الفترة الماضية". وتابع "المحادثات لم تعُد بشأن ليبيا بل أصبحت معها وهذا تطور كبير نحو حل الأزمة"، في إشارة إلى حضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة ووزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.

غوتيريش يعبّر عن قلقه

وحضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته ببداية المؤتمر، على "ضرورة إجراء الانتخابات العامة في موعدها المحدد"، داعياً "مجلس النواب الليبي إلى توضيح الأسس التي ستُقام عليها الانتخابات، إضافة إلى التأكيد على دور السلطة التنفيذية في تسهيل ذلك".
ورحّب غوتيريش بـ"تشكيل لجنة ليبية للمصالحة الوطنية"، مشدداً على "التزام الأمم المتحدة دعم هذه الجهود"، لكنه عبّر عن قلقه "إزاء الوضع الإنساني في البلاد"، مطالباً بدعم "المجموعات الأكثر هشاشة فيها".

تركيز عربي على التدخلات الخارجية

في الأثناء، شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على "أهمية الاتفاق على وقف التدخلات الأجنبية في ليبيا وانسحاب كل القوات الأجنبية، كخطوة أولى نحو الاستقرار". وجاء هذا الموقف متّسقاً تقريباً مع ثوابت موقف القاهرة من الأزمة الليبية، كما وصفها وزير خارجية مصر سامح شكري، خلال كلمته بالمؤتمر، إذ قال إن "ثوابت الموقف المصري تؤكد ضرورة حماية سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية، ودعم تطلعات الشعب الليبي الشقيق في انتخاب سلطات دائمة للبلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الرؤية الأوروبية

ولم يكن الموقفَين الأوروبي والأميركي ورؤيتهما للحل في ليبيا بعيدين من الموقف العربي، إذ طالبا بضرورة خروج القوات الأجنبية منها فوراً.
ودعا الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى "انسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا، كسبيل وحيد لضمان استمرار وقف إطلاق النار".
وأشار بوريل لدى وصوله إلى مقر انعقاد مؤتمر "برلين 2" إلى "أهمية الاستحقاقات التي تواجه الليبيين حالياً، وهي الانتخابات في نهاية العام وضمان استمرار وقف إطلاق النار"، مجدداً "التزام الاتحاد الأوروبي المساعدة على بناء دولة ليبية فاعلة". وقال إن "بناء هذه الدولة الفاعلة سيساعدنا على مواجهة مشكلة الهجرة، وهذا أمر مهم بالنسبة إلينا كأوروبيين".
واعتبر بوريل أن "الانتخابات ستؤمّن الشرعية للحكومة والسلطات في هذا البلد. وخروج القوات الأجنبية سيؤمّن التهدئة"، مؤكداً أن "الاتحاد الأوروبي مستعد للمساعدة في مرحلة أبعد من ذلك".

الدبيبة يطرح مبادرة جديدة

من جهته، طرح الدبيبة خلال كلمته في المؤتمر، مبادرة جديدة للعمل على استقرار ليبيا من خلال التركيز على أربعة مسارات.
وقال الدبيبة إن "المرتكز الأول للمبادرة هو الأمن ويندرج تحته وضع خطة لتأمين الانتخابات المقبلة، وملف توحيد المؤسستين الأمنية والعسكرية، وأيضاً التعامل مع المرتزقة والقوات الأجنبية والإرهابيين". وأضاف أن النقطة الثانية تتعلق بالعملية القانونية للانتخابات، مشيراً إلى أن "لا دخل للحكومة في هذا الأمر، لكنها تحضّ الفرقاء على تجاوز الخلافات والانتهاء من وضع القاعدة الدستورية التي ستجري بمقتضاها الانتخابات". وزاد أن "النقطة الثالثة تختص بملف المصالحة الوطنية، الذي يعمل عليه حالياً المجلس الرئاسي"، مؤكداً على "ضرورة عودة النازحين والمهجرين وجبر ضررهم والسماح لهم بالمشاركة السياسية".
أما النقطة الرابعة والأخيرة في مبادرة الدبيبة، فتعمل على "تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتنمية الخدمات المقدمة للشعب الليبي". وأوضح أن "حكومة الوحدة تركز على المشاريع التنموية العاجلة، والتوزيع العادل للموارد على كل المناطق".
توقعات متباينة

وتبقى النقطة الأبرز التي ناقشها مؤتمر "برلين الثاني"، وكانت أحد أبرز أسباب عقده، هي وقف التدخلات الخارجية في ليبيا وإخراج القوات الأجنبية منها، وهي النقطة التي لم تخلُ كلمة من كلمات المشاركين في المؤتمر، من التطرّق إليها.

وتباينت قراءات المراقبين في ليبيا، وتوقعاتهم لفرص ملتقى "برلين الثاني" في حل هذه المعضلة المؤثرة بشكل كبير في مسار الأزمة الوطنية، والعملية السياسية التي انطلقت منذ أشهر لإنهائها بشكل جذري.
في السياق، حذّر الصحافي الليبي عمر الجروشي من "تحوّل مقررات برلين الثاني إلى حبر على ورق، ما لم تقترن بعقوبات صريحة ومحددة تجاه المعرقلين لتنفيذها من القوى المحلية والدولية".

وشكك الجروشي في إمكانية حدوث هذا الأمر، قائلاً إن "الحقيقة أن ما يجري في ليبيا يندرج في إطار لعبة التوازنات الدولية، فالتدخل التركي العسكري جاء بتحريض من واشنطن لمجابهة التمدد الروسي في الأراضي الليبية، وما لم يتم الاتفاق بينهما على صيغة توافقية تحل هذا الإشكال، ستبقى القضية معلقة مهما تعالت النداءات في برلين أو غيرها".

أما عضو مجلس الدولة عبد الرحمن الشاطر، فرأى أن "إخراج المرتزقة ليس بالأمر الممكن عن طريق المفاوضات أو مخرجات برلين أو قرارات صادرة من مجلس الأمن"، مشيراً إلى أن "المرتزقة هم جيوش احتلال، ولا يخرجون إلا بالقوة".

مداهنة روسية وتعنت تركي

ويرتكز الوجود الأجنبي في ليبيا على التدخلات التركية والروسية، فبينما لا تزال روسيا تداهن في ردودها على اتهامات غربية لها، بتقديم الدعم العسكري لقائد "الجيش الوطني الليبي" في الشرق المشير خليفة حفتر، واصلت أنقرة رفضها إخراج عناصرها من البلاد، وهو ما عبّر عنه مستشار حزب العدالة والتنمية الحاكم ياسين أقطاي، الاثنين الماضي، أي قبل يومين من انطلاق مؤتمر برلين، إذ قال إنه "يستحيل أن تسحب تركيا وجودها العسكري في ليبيا".

واعتبر أقطاي في مقال له نشرته صحيفة تركية أن بلاده هي "الدولة الوحيدة التي يرتكز وجودها في ليبيا على الشرعية الدولية، وليست دولة محتلة، بل هي هناك بطلب ودعوة من الحكومة الشرعية".

المزيد من العالم العربي