Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي رسائل مناورات "الأسد الأفريقي" في المغرب؟

رأى مراقبون في إقامة تلك التدريبات في مناطق صحراوية دعماً لموقف الرباط حيال هذه القضية

تجري في هذه الأيام مناورات "الأسد الأفريقي" تحت إشراف المغرب والقيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (أفريكوم) بمشاركة حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتونس والسنغال والبرازيل وكندا وإنجلترا وهولندا وإيطاليا، إضافة إلى حضور مراقبين من 30 دولة. وكانت تلك التدريبات السنوية التي انطلقت عام 2007، أُجّلت خلال العام الماضي بسبب انتشار جائحة كورونا.

وتتخلل تلك المناورات في المغرب، منذ انطلاقها في 8 يونيو (حزيران) الجاري وحتى ختامها في 18 منه، تدريبات عسكرية برية وجوية وبحرية، تهدف إلى "تعزيز قدرات المناورة للوحدات المشاركة وتعزيز قابلية التشغيل البيني بين المشاركين في تخطيط وتنفيذ العمليات المشتركة في إطار التحالف وإتقان التكتيكات والتقنيات والإجراءات وتطوير مهارات الدفاع السيبراني". ويُخصص جانب من تلك التدريبات لمكافحة المنظمات الإرهابية العنيفة، إضافة إلى التطهير البيولوجي والإشعاعي والكيماوي والنووي. وتُقام مناورات "الأسد الإفريقي" في مناطق مغربية عدة، تشمل للمرة الأولى منطقتَي المحبس والداخلة الواقعتين في الصحراء الغربية، مما يطرح تساؤلاً عن مدى تكريسها سيادة المغرب على الصحراء.

مناورات لصدّ التهديدات

ويشدد مراقبون على قِدم التعاون العسكري الأميركي - المغربي، ويعتبرون أن المناورات الأخيرة ليس لها أي اعتبارات مرحلية، مشيرين إلى أن للمغرب الحق في إقامة تدريبات على كامل أراضيه.

وقال الباحث المغربي المتخصص في القضايا الأفريقية عبد الواحد أولاد ملود إن "تدريبات الأسد الأفريقي ليست وليدة اللحظة، ولا هي مرتبطة بمرحلة معينة، بل هي امتداد لتعاون عسكري مغربي - أميركي على مدى أعوام"، معتبراً أن تلك المناورات المشتركة يقوم بها المغرب وأميركا كلما دعت الضرورة، نظراً إلى أن منطقة شمال أفريقيا والمتوسط تشهد تهديدات أمنية مرحلية".

وشدد أولاد ملود على أهمية تلك التدريبات باعتبار أن "النسخ الأخيرة لهذه المناورات شهدت توسّع المشاركات القارية والدولية، ما يؤكد جديتها ومدى حاجة المنتظم الدولي إليها من أجل تعزيز القدرات العسكرية والأمنية"، مشيراً إلى أن المنطقة "شهدت تطور التهديدات إلى أمنية، كالإرهاب والهجرة السرية وتنامي الجريمة المنظمة. وشكّل ترابط هذه الجرائم خطراً على منطقة المتوسط بشكل عام".

وخلص إلى أن "شكل ومضمون هذه التدريبات يتجاوزان التفكير في مكان تنفيذهما، باعتبار أنها ليست المرة الأولى التي تشهدها منطقة الصحراء"، مذكّراً بأن "الهدف الأساس من المناورات هو التدريب على محاربة التهديدات الحديثة وعلى ترسيخ السلم والأمن، بالتالي لا تدخل في حسابات ضيقة مرتبطة باعتبارات الفعل وردّ الفعل كما يعتقد بعض الأطراف، ومنها بعض الدول المجاورة".

وأكد  أولاد ملود "حرية المغرب في إقامة التدريبات على كامل أراضيه بما فيها منطقة الصحراء التابعة لسيادته".

نزاع الصحراء

يتنازع المغرب وجبهة "بوليساريو" منذ عام 1975 السيادة على الصحراء إثر نهاية الاستعمار الإسباني للإقليم، وخاض الطرفان منذ ذلك الحين نزاعات وحروباً انتهت رسمياً بإصدار مجلس الأمن قرار وقف إطلاق النار عام 1991، ومنذ ذلك الحين تهدد الجبهة بشنّ حرب على الرباط، فيما أعلن زعيمها إبراهيم غالي العام الماضي، إنهاء الالتزام بالقرار الدولي.

وتزامن آخر تلك التهديدات مع تداعيات "أزمة الكركرات"، حين قام الجيش المغربي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2020، بتأمين المعبر الحدودي بين بلاده وجارتها الجنوبية موريتانيا، إثر مناوشات نفّذها مسلحون تابعون لـ"بوليساريو"، ما دفع الجبهة إلى إعلان الحرب على المغرب متهمةً إياه بخرق قرار وقف إطلاق النار، فيما تقول وسائل إعلام جزائرية وأخرى تابعة للجبهة إن قوات الأخيرة "دكت تحصينات العدو"، في حين تكذب الرباط جملة وتفصيلاً تعرّض أراضيها لأي اعتداء عسكري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعلنت الـ "بوليساريو" الثلاثاء 15 يونيو الجاري، أنها قصفت مواقع مختلفة من منطقة المحبس يتمركز فيها الجيش المغربي، زاعمةً تكبيده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وقال ممثل الجبهة لدى الأمم المتحدة محمد عمار إنه "لمواجهة العدوان المغربي الجديد، الذي يتواصل مع الإفلات التام من العقاب، لم يعُد أمام الشعب الصحراوي، بقيادة جبهة بوليساريو، خيار سوى ممارسة حقه المشروع في الدفاع عن النفس بعد أعوام من التزامه الحل السلمي وانخراطه بشكل بنّاء في عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة".

من جانبه، اعتبر الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة سفيان مومني، في كلمته أمام اللجنة الأممية الرابعة والعشرين، الاثنين الماضي، أن "سياسة الأمر الواقع ومحاولات المغرب تغيير التركيبة الديموغرافية في الصحراء الغربية لن تبدّلا من الطبيعة القانونية للصحراء الغربية التي تبقى إقليماً مستعمَراً ينبغي تصفية الاستعمار منه"، مؤكداً أن بلاده "بصفتها بلداً مراقباً ومجاوراً تضع مبادئ تقرير المصير والحرية في صميم سياستها الخارجية، ستواصل، بكل شفافية، الوفاء بواجباتها تجاه اللاجئين في تندوف وشعب الصحراء الغربية، وستستمرّ بدعمها لجهود الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) وجهود اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار من أجل استكمال عملية تصفيته من الصحراء الغربية التي طال انتظارها".

لكن ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، جدد أمام اللجنة الـ24 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تأكيد بلاده على كون "مبادرة الحكم الذاتي، في إطار الوحدة الترابية للمملكة، تظل الحل الوحيد في سبيل التوصل إلى وضع حدّ لنزاع الصحراء"، مشيراً إلى أن "المغرب يجدد التأكيد وبقوة على أن الحل السياسي والواقعي والعملي والمستدام والقائم على التوافق، الذي يدعو إليه مجلس الأمن، لا يمكن تصوره إلا في إطار السيادة والوحدة الترابية والوحدة الوطنية للمملكة، وذلك على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي".

وأضاف هلال أن "المبادرة التي قدمتها الرباط قبل أعوام تحظى بالدعم الكامل من جانب سكان الصحراء المغربية والمجتمع الدولي، ويرحب بها مجلس الأمن ويعتبرها حلاً جاداً ذا مصداقية في كل قراراته منذ عام 2007، كما تحظى بدعم عدد كبير جداً من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة باعتبارها الحل السياسي الوحيد لهذا النزاع الإقليمي".

وزاد هلال أن "الدليل الآخر على الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء هو إعلان القرار التاريخي للولايات المتحدة، في 10 ديسمبر (كانون الأول) 2020، بالاعتراف بالسيادة التامة والكاملة للمملكة المغربية على صحرائها، وكذلك افتتاح 22 قنصلية عامة، من بلدان أفريقية وعربية ومن دول الكاريبي وغيرها، في مدينتي العيون والداخلة في الصحراء المغربية".

تأكيد الموقف الأميركي

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أعلن في ديسمبر 2020 عن قرار يعترف بموجبه بسيادة المغرب على الصحراء، فيما أدى صمت الإدارة الحالية حيال قضية الصحراء إلى توجس لدى السلطات المغربية، إلا أن مراقبين رأوا في إقامة جانب من مناورات "الأسد الأفريقي" في منطقة الصحراء تأكيداً على اعتماد الولايات المتحدة لقرار سيادة الرباط على المنطقة.

واعتبر المتخصص في الشأن المغربي محمد الطيار أن "مناورات الأسد الأفريقي لهذا العام شكّلت استثناءً بجميع المقاييس، فهي تأتي بعد لغط وشدّ وردّ حول استمرار تمسك الإدارة الأميركية بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، كما تصادف وتوالي المحاولات الإعلامية لتأكيد نشوب حرب عسكرية حامية الوطيس بين المملكة وبوليساريو في منطقة المحبس".

وأشار الطيار إلى أن "تلك المناورات، بحجم ونوعية الدول المشاركة فيها، تشكّل تجسيداً لمكانة المغرب في أفريقيا، وتوضيحاً لمدى مراهنة الولايات المتحدة وحلفائها على القوة المغربية، وأن الاعتراف بسيادة الرباط يتجسد يوماً بعد يوم على أرض الواقع". ولفت الطيار إلى أن "إصرار الولايات المتحدة على إجراء جزء من هذه المناورات في قطاع المحبس، أوضح تقدم المغرب بخطوات ثابتة من أجل حسم قضية الصحراء الغربية لمصلحته".

تفاصيل المناورات

من جهة أخرى، أكد الكولونيل هشام العمراني، المسؤول عن التدريبات في "كراير بيهي" في منطقة الصحراء، أنه "تم في إطار النسخة الـ17 من هذا التمرين، برمجة تمرينين رئيسَين وأساسيَين في هذه المنطقة، يتعلق الأول بإنزال فرق محمولة جواً، والثاني بعملية مشتركة بين القوات المسلحة الملكية والقوات الأميركية باستعمال الذخيرة الحية على أهداف، وعملية إنزال للمظليين".

وأعلن الكولونيل بيري روبرت، قائد العمليات الميدانية من الجانب الأميركي، أنه سيتم خلال المناورات إطلاق قذائف من راجمات صواريخ بعيدة المدى وإنزال عدد كبير من المظليين من الطائرات العسكرية، ما سيرفع جاهزية الجيوش المشاركة.

المزيد من العالم العربي