Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عتمة في وضح النهار... قلق أردني حول أمن الطاقة ومصادرها

انقطاع التيار الكهربائي وتعطل شبكة الإنترنت وضخ المياه

شبكة توليد للطاقة الكهربائية في العاصمة عمّان (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

انقسم الأردنيون بين ساخر وناقم على انقطاع التيار الكهربائي في عموم البلاد، سبع ساعات متواصلة، الجمعة الماضية، للمرة الأولى منذ 17 عاماً في تاريخ المملكة، التي تفتخر بأنها باتت في مقدم الدول المصدرة للكهرباء في المنطقة.

وتسببت الحادثة بشلل عام في البلاد، وبإحداث عتمة في وضح النهار، وتوقف ضخ المياه عن مناطق واسعة، فضلاً عن توقف خدمات الإنترنت، وسط مخاوف حول صلاحية مطاعيم كورونا بعد انقطاع الكهرباء، لكن الأزمة أظهرت أيضاً مدى قلق الأردنيين على مصادر الطاقة في بلادهم.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة أن سبب انقطاع الكهرباء مصدره خلل فني من شبكة الربط المصرية، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لإقناع الأردنيين الذين انخرطوا في موجة سخرية جماعية من الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، بخاصة بعد نفي الجهات المصرية أن تكون سبباً في هذا الخلل.

سخرية وتهكم

وتحولت تصريحات لمدير شركة الكهرباء الوطنية أمجد الرواشدة قال فيها إن طائراً كبيراً تسبب بانقطاع الكهرباء عن المملكة، إلى مادة دسمة للسخرية والتهكم، وفرصة للتذكير بفشل الحكومة بتوفير الخدمات الأساسية بعد تحذيرات سبقت هذه الحادثة ألمح فيها مسؤولون إلى صيف صعب سيواجه المواطنين بسبب شح المياه.

ورد الرواشدة بأن الأولوية الأساسية كانت إعادة تشغيل النظام الكهربائي في زمن قياسي، وبعد ساعة ونصف الساعة في بعض المناطق، وقال إن النظام الكهربائي في الأردن آمن ومستقرّ، مبرراً ما حدث بأنه يحدث في كل دول العالم.

لكن متخصصين بالطاقة وفنيين مستقلين أكدوا وجود خلل في توزيع الحمل الكهربائي بين الطاقة المتجددة وتوليد الطاقة عبر الطرق التقليدية، ومن بين هؤلاء الخبير في قطاع الطاقة عامر الشوبكي، الذي اعتبر أن السبب هو عدم استقرار في الشبكة الكهربائية، مضيفاً أن اختلاف التردد الكهربائي في الشبكة يؤدي إلى إيقاف أتوماتيكي لكل محطات توليد الكهرباء العاملة، وأن وزارة الطاقة وشركة الكهرباء الوطنية تتحملان المسؤولية بشكل كامل عن هذا العطل والخسائر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً لمراقبين، فإن خسائر النظام الكهربائي الناتجة من هذا الانقطاع كبيرة جداً، وتشمل التعويضات التي ستدفع لشركات التوليد من الرياح والطاقة الشمسية، كما تشمل الخسائر التي تكبدها المواطن الأردني جراء انقطاع التيار الكهربائي، لا سيما من يملكون أنظمة طاقة متجددة، إضافة إلى الطاقة غير المباعة أثناء الانقطاع.

قلق على مصادر الطاقة

وثار جدل كبير في البرلمان الأردني حول الحادثة، بعد اتهامات وجهها النائب أسامة العجارمة للحكومة بتعمد قطع التيار الكهربائي لمنع مسيرات تضامنية للعشائر الأردنية مع فلسطين، قيل إنها كانت تنوي اقتحام السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمّان.

إلا أن آخرين أبدوا قلقهم على أمن الطاقة في البلاد، لا سيما بعدما رهنت الحكومة الأردنية معظم خياراتها بهذا الشأن لدول خارجية، كإسرائيل التي تستورد منها الغاز المشغل للتيار الكهربائي، وفقاً لاتفاق وقع بين الجانبين عام 2019 على الرغم من معارضة شعبية ونيابية واسعة.

وأوضح المهندس محمد حسن الزعبي أستاذ الهندسة الكهربائية أن ما حدث في الأردن يضع علامات استفهام على أمن الطاقة في الأردن، مضيفاً، "في معظم الحالات التي شهدها العالم عند حدوث التذبذب في أنظمة الربط الكهربائي، كان الإجراء أن تخرج هذه الشبكات التي تعاني ظاهرة التذبذب من الربط، وتكمل عملها منفصلة من طريق الفصل الأوتوماتيكي للأنظمة الكهربائية".

وأكد أن الربط مع مصر هو من خلال الكابل البحري بين العقبة وطابا، لكن التساؤل الأهم هو أين خطة الطوارئ التي يفترض العمل بموجبها عند حدوث مشكلة على نظام الربط؟ وأين هو التحكم الأوتوماتيكي للمولدات؟، وقال، "للأسف لم ينقذنا فائض التيار الكهربائي الذي لدينا عندما احتجنا إليه لإعادة التيار الكهربائي، وتبين أن هناك نقصاً واضحاً في الاستعدادات المطلوبة للطوارئ".

الهرب نحو الطاقة البديلة

ويرجع تاريخ صناعة الكهرباء في الأردن إلى عام 1937، حين وافقت بلدية عمان على استبدال إنارة شوارعها من مصابيح الكاز إلى المصابيح الكهربائية.

ويستورد الأردن أكثر من 96 في المئة من حاجته للطاقة، يذهب ما يقارب 40 في المئة منها لإنتاج الكهرباء، ويبدو ذلك جلياً في الموازنة العامة، إذ وصل حجم خسائر شركة الكهرباء الوطنية المتراكمة إلى أكثر من 5 مليارات دولار.

ومنذ سنوات يحاول الأردن التوجه نحو خيار الطاقة البديلة، على الرغم من أن حجم الاحتياطي المثبت للصخر الزيتي السطحي في الأردن يزيد على 40 مليار طن، كما تم اكتشاف كميات جيدة من الغاز الطبيعي في البلاد، وفي عام 2012، أقرّ قانون الطاقة المتجدّدة بعد تأخيره سنوات، وتم الشروع في مشروع الطاقة النوويّة لتوليد الكهرباء الذي راوح مكانه، إضافة إلى مشروع الصخر الزيتي الذي تتذرع الحكومة دوماً بارتفاع كُلفه.

وخلال السنوات الـ 10 الأخيرة، ظل السؤال الأبرز لدى المواطن الأردني من دون أن يجد جواباً، لماذا لا تنخفض أسعار الكهرباء على الرغم من انخفاض أسعار الوقود؟ ويعاني الأردنيون من فواتير شهرية مرتفعة للكهرباء تنعكس سلباً على أجورهم المتدنية، إذ تستهلك الطاقة عموماً أكثر من نصف رواتبهم.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي