Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرح إيلون ماسك مع عملة دوغ كوين يبين لنا لاعقلانية القيمة

توزن غالبية الأشياء بمدى فائدتها لكن الأمور لا تكون كذلك باستمرار، بل إن بعضها لا يملك مرجعية واضحة تفسر وضعيتها

التأثيرات الثقيلة للعملات المشفرة لا تتناسب مع خفة تعامل إيلون ماسك معها (غيتي)

يكرهها محافظو المصارف المركزية، ويتندر أصحاب المليارات في شأنها، ويشعر الباقون منا بقلق من توقيت نهاية اللعبة وطريقتها. لقد شهدت المناقشة الكبرى حول العملات المشفرة تحولاً جديداً في الأيام القليلة الماضية. وقد حذر محافظ "بنك إنجلترا"، أندرو بايلي، من أن لا قيمة لها بحد ذاتها، ويتعين على حامليها أن يكونوا على استعداد لخسارة كل أموالهم. وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، تحدث إيلون ماسك في برنامج "ساتورداي نايت لايف" مازحاً عن (العملة المشفرة) "دوغ كوين" باعتبارها هدية بمناسبة عيد الأم، فهبط السعر بسرعة بنحو 30 في المئة، ولو أنه استرد بعضاً من قيمته أثناء بث البرنامج.

إذا كنتم لا تتابعون هذه الأشياء عن كثب، فسيجرى التفكير في "دوغ كوين" باعتبارها مزحة، أو نسخة طريفة عن "بيتكوين". ويُعَد إيلون ماسك واحداً من أبرز المروجين لها، فقد أسمى نفسه "والد الدوغ" ويغرد كثيراً عن المسألة. وأفترضُ أن من يكون ثاني أغنى شخص في العالم، يُسمَح له بإطلاق النكات حول أي شيء تقريباً، لكن بطريقة يقول فيها الشيء نفسه على غرار أندرو بايلي. إذ لا قيمة جوهرية للعملات المشفرة، والقيمة هي كل ما يكون الناس مستعدين لتحديده في شأنها. وبحسب المحافظ (بايلي) تكون تلك مجرد قيمة "خارجية".

ويشكل هذا تمييزاً بالغ الأهمية. إذ تمتلك غالبية الأشياء قيمة لأنها مفيدة. ويعني ذلك أن الغسالة تنظف ملابسكم، البيت مكان يمكنكم من العيش. ويفيد المال العادي بسبب وظائفه الثلاث بمعنى أنه وحدة حسابية، ومخزن للقيمة، ووسيط للتبادل. ويمكنكم استخدامه في معرفة تكلفة الأشياء المختلفة. ويمكنكم وضعه جانباً لإنفاقه في وقت لاحق. ويمكنكم أن تبدلوا به غسالة، أو منزلاً، إذا كان لديكم ما يكفي منه.

وهناك أمور أخرى غير مفيدة، لكنها قيمة على الرغم من ذلك. في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بيعت ثلاث قوارير من الويسكي، وهي مجموعة "ماكالان" الحمراء، في مقابل 756 ألفاً و400 جنيه استرليني (مليون و68 ألفاً و869 دولاراً) في صالة "سوثبيز" (للمزادات). وأعتقد بأن من غير المحتمل أن يشربها أحد، لذا فإنها ليست مفيدة في هذا المعنى. لكن ما حدث هناك هو جزء من اتجاه عالمي موجود حاضراً، تُعطَى فيه المقتنيات تقييمات عالية إلى حد غير عادي. ويصدق القول نفسه على السيارات الكلاسيكية والأعمال الفنية الأكثر تقليدية بطبيعة الحال. إن الويسكي، والسيارات، واللوحات كلها أشياء ذات قيمة خارجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا توجد نقطة مرجعية سهلة في هذه القيم، بل يتمثل الدليل الوحيد في ما قد يدفعه شخص ما. وأجدُ من الأسهل أن أفهم لماذا يجب أن تساوي سيارة "فيراري 240 جي تي أو" الملايين، بالمقارنة مع سلسلة من رموز الكمبيوتر (إشارة إلى أن العملات المشفرة تتألف من سلسلة رموز رقمية) يجب ألا تساوي أي شيء على الإطلاق، لكن رأي أيّ منا ليس وازناً. إذ تُحدد السوق تلك القيمة. وتحرك هذه السوق قوى أوسع نطاقاً، بما في ذلك الموضات السائدة، ولكن الأهم منها يتمثّل في شكل خاص في كمية الأموال المتاحة لدى المشترين المحتملين.

إذاً، ماذا يحدث بعد ذلك؟ هناك إجماع متزايد على نشوء نوع ما من فقاعة الأصول. وأخيراً، اعترف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، بأن أجزاء من السوق "ضحلة بعض الشيء، وهذه حقيقة". وبصورة تقليدية، يُنقِذ محافظو المصارف المركزية أسعار الأصول، وكذلك الاقتصاد، حينما يحدث ركود، لكن يتعين عليهم أيضاً أن يتكئوا على الوفرة المفرطة في السوق حين يحدث ازدهار. وفي مناسبة شهيرة، أعلن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بين عامي 1951 و1970، ويليام ماكزني مارتن، أن "مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (يشبه) وضع المرافق الذي يأمر بإزالة الوعاء الكبير للعصير أو المشروبات، حينما تبلغ الحفلة ذروتها بالفعل".

حسناً، من المؤكد أن الحفلة تبلغ الآن ذروتها إلى حد كبير. إذ سجلت الأسهم في غالبية الأسواق أعلى مستوياتها على الإطلاق أو اقتربت منها، مع أن المملكة المتحدة متقاعسة بعض الشيء. لذا، لا يتمثل السؤال في ما إذا كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيبعد وعاء المشروب، بل متى سيفعل ذلك. متى يبدأ في رفع معدلات الفائدة؟ ثمة إغراء ضخم في تأخير أي تحرك بغيض على صعيد السياسات. والواقع أن ويليام ماكشيسني مارتن اتبع سياسة فضفاضة للغاية في أواخر ستينيات القرن العشرين، وتبع ذلك التضخم الكبير في سبعينيات القرن العشرين وأوائل ثمانينياته.

وفي اعتقادي، ستتصرف المصارف المركزية من جديد بقدر أعظم مما ينبغي من التردد. وستأمل في أن تتبدد اللاعقلانية المتنامية التي تتسم بها الأسواق، وأن تتمكن بنفسها من التخلص من هذه اللاعقلانية من خلال رفع معدلات الفائدة قليلاً نهاية هذا العام، بدلاً من أي خطوة بغيضة تفوق ذلك. وآنذاك، سيتحمل المسؤولية المضاربون، بما في ذلك حاملو العملات المشفرة، وليس محافظو المصارف المركزية. في المقابل، سيكون في وسع المصرفيين القول بأنهم أعطونا تحذيراً كاملاً، على غرار ما فعل أندرو بايلي، ووفق ما فعل أيضاً بطريقة مضحكة إيلون ماسك.

© The Independent

المزيد من تحلیل