Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما وراء فوز "أرض الرحل" المناهض للرأسمالية بأوسكار أفضل فيلم؟

إثر استحقاق عمل المخرجة كلوي جاو هذه الجائزة نتعرف على السبب الذي يجعل فيلم الطريق التأملي هذا جديراً بالصدارة ولماذا يعد الجدل الدائر حول تناوله لنموذج "أمازون" التجاري سخيفاً؟

المخرجة والمنتجة الصينية كلوي جاو فازت بأوسكار أفضل فيلم ونقلت مأساة متقاعدين بلا مأوى وبلا رواتب مجزية (رويترز)

دعونا نعترف أن أفضل الأفلام عن أميركا لم يصنعها أميركيون، بل أبدعها الأجانب والزوار، الذين يصلون إلى الولايات المتحدة كغرباء يتمتعون بالفضول والقدرة على اختراق الأساطير التي يجدونها أمامهم. فيلم "أرض الرحل" Nomadland للمخرجة الصينية كلوي جاو (زهاو) هو جزء من سلالة طويلة من الفن الأميركي غير الأميركي، تبدأ مع فيلم "باريس – تكساس" Paris - Texas للمخرج الألماني فيم فيندرز إلى "عسل أميركي" American Honey للمخرجة الإنجليزية أندريا آرنولد. ويتناول هذا العمل الحزن وخيانات الرأسمالية وإغراءات أرض الله الواسعة. إنه أروع فيلم أنتج خلال السنة، وهو الاختيار الصحيح لجائزة أفضل فيلم.

كانت بطلة العمل "فيرن" (وهي شخصية ظريفة وودودة تؤديها فرانسيس مكدورماند) مرتاحة في الماضي. كانت تعيش مع زوجها في إمباير، وهي بلدة صغيرة في ولاية نيفادا تسد احتياجاتها المالية بفضل صاحب عمل واحد. فيما بعد، غادر صاحب العمل هذا، وهو صانع ألواح صخرية، البلدة، مما أدى إلى انهيارها بالكامل. وبعد فترة وجيزة، يمرض زوج فيرن، ثم يموت. في غياب توفر العمل، تقرر فيرن أن تصبح من الرحالة المتجولين، امرأة تقود عربتها من ولاية إلى أخرى وتعيش مما تحصل عليه من وظائف غريبة تصادفها في طريقها. وعلى الطريق، تجد مجتمعاً من التائهين بلا مأوى (مشردين)، معظمهم في سن التقاعد، وجميعهم منهكون بسبب الأهوال اليومية للرأسمالية الحديثة.

القصص التي تسمعها فيرن من رفاقها الرحل الذين يبحثون بدورهم عن نوع جديد من الحرية، ليست فريدة من نوعها. تتذكر امرأة كيف اكتشفت عندما وصلت إلى سن الثانية والستين أن معاشها التقاعدي الذي تمكنت من الحصول عليه هو 550 دولاراً في الشهر فقط، على الرغم من أنها تعمل منذ كانت في الثانية عشرة من عمرها. وتحكي أخرى قصة صديق لها توفي نتيجة إصابته بفشل الكبد قبل أسبوع من الموعد المحدد لانتهاء خدمته في العمل، وكيف أنه لم يتمكن من استخدام المركب الشراعي الذي اشتراه لنفسه كهدية بمناسبة التقاعد. وتقول المرأة: "لذا، تقاعدت بأسرع ما يمكن... لم أكن أريد أن يبقى قاربي الشراعي مركوناً أمام منزلي عندما أموت. وهو ليس كذلك. فمركبي الشراعي موجود هنا في الصحراء".

تثير الصور التي تقدمها المخرجة جاو لتلك الصحارى والمساحات الطبيعية الرهبة. هناك صخور تغطيها الأخاديد وأشجار السرو الحمراء المهيبة ولحظات غروب الشمس الأرجوانية. وغالباً ما تخترق قطع مصنوعة من البلاستيك تلك العجائب الطبيعية، فهناك نموذج ضخم لديناصور برونتوصور في إحدى الاستراحات، ونسخة مصغرة من جبل راشمور ليتمكن المارون من التقاط صورة إلى جانبها، ومستودع ضخم لشركة "أمازون"، تعثر فيه فرين وكثير من زملائها الرحل على عمل موسمي.

أثار التصوير الذي يقدمه الفيلم لشركة "أمازون" جدلاً، حيث ادعى النقاد أن إدانة الفيلم للممارسات التجارية للشركة أو إظهار مخاطر العمل المؤقت لم تكن وافية إلى حد كافٍ. على كل حال، هذه قراءة مستهجنة للفيلم. في أحد مراكز الشحن التابعة لـ"أمازون"، تعمل فرين إلى جانب كبار السن في تعبئة عدد لا نهاية لها من الصناديق ليتم شحنها. إنه العمل الوحيد الذي يمكن للكثيرين الحصول عليه - ومثلها مثل صاحب مصنع الألواح الصخرية الذي كان يوظف زوج فرين في يوم من الأيام، كان في إمكان "أمازون" أيضاً الانسحاب [من سوق العمل] من دون عواقب تذكر، تاركة الاقتصاد المحلي مستنزفاً ومئات الموظفين المؤقتين من دون وظائف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل يستنكر "أرض الرحل" ما تفعله "أمازون"؟ لا. هل يشير إلى أن الرأسمالية تحتفظ في قبضتها بقوة عاملة غير مستقرة على الدوام، حتى عندما تتكون تلك اليد العاملة من أشخاص غادروا الحياة التقليدية بشكل أو بآخر؟ بالتأكيد. قالت جاو لصحيفة "ذا تليغراف" في مارس (آذار): "سيكون من السهل جداً أن أقول إن "أمازون" شريرة... وفي حين أن القيام بذلك قد يجعلني مشهورة على تويتر، لكنني أفضل أن ألقي نظرة عميقة على القضايا البنيوية التي تحتم على الأشخاص ممن هم في سن فيرن العمل هناك". بالنسبة لأي شخص ينظر إلى "أرض الرحل" على أنه نوع من الفانتازيا المؤيدة لـ"أمازون"، سيشعر بأن هناك سوء فهم شديداً لما يقدمه الفيلم.

تقوم جاو بخفة بدس هذه الرسالة في الفيلم الذي يتمتع، ما عدا ذلك، بلمسة إنسانية رقيقة. تقدم ماكدورماند أداءً رائعاً في نقل شعورها بالحنق، وكذلك أصدقاؤها الذين تلتقي بهم على طول الطريق. وعلى الرغم أن رحلاً حقيقيين قد أدوا أدوار شطر غالب من الشخصيات، كان هناك تداخل بين قصص الواقع والخيال. لا يهم إذا كان بعض القصص خيالياً أكثر من بعضها الآخر - فهي حكايات تعود لإنسان ما، أو ذكرى حية لهؤلاء الأشخاص المقدامين الذين غامروا ذات يوم بالانطلاق إلى المجهول. فيلم "أرض الرحل" هو استعراض سريع لأميركا الحديثة، وآلامها وصدماتها، والأفراد الذين يحاولون الاستفادة إلى أقصى حد من المتاح لهم ولو كان مجحفاً.

يمكنكم مشاهدة فيلم "أرض الرحل" في المملكة المتحدة عبر خدمة "ديزني بلس للبث التدفقي" اعتباراً من 30 أبريل (نيسان)، وسيبدأ عرضه في صالات السينما في 17 مايو (أيار).

© The Independent

المزيد من سينما