Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل غيرت جائحة كورونا جوائز الأوسكار إلى الأبد؟

بالنظر إلى التنوع القياسي الذي أظهرته الترشيحات لموسم الأوسكار هذا العام، من الواضح أن التغيير يجري على قدم وساق في صناعة السينما. لكن هل سيكون حدث السنة علامة على تغير أو مجرد صدفة وراءها الوباء؟

"الأفلام المرشحة هذا العام، ربما أُنتجت بميزانيات صغيرة، لكنها تحمل قصصاً ضخمة ... إنها أفلام تكتسح المشاهد عاطفياً بالفعل". هذا ما قالته المنتجة السينمائية كاثي بينز. في فيلمي "ميناري" Minari و"أرض الرّحّل" Nomadland يلوح الأمل في السهول الأميركية الشاسعة. في "يهوذا والمسيح الأسود" Judas and the Black Messiah تمسك الشعوب الأمل بأيديها. وفي فيلم "صوت الميتال" Sound of Metal الذي شاركت بينز في إنتاجه، يقوم عازف درامز يصاب بخلل مفاجئ في السمع بإعادة اكتشاف نفسه بفضل حب مجتمع الصم ودعمه. قالت بينز، إن العام الماضي الذي غلب عليه عدم الاستقرار والمجهول، كان فرصة "للتفكير بالنسبة إلينا جميعاً ولصناعة السينما وللجمهور". وكانت النتيجة، أن الأعمال التي رشحت لجائزة أفضل فيلم في دورة عام 2021 رصدت وعكست روح التغيير.

إنه تطور يرفض إلى حد ما الفكرة التقليدية المعروفة بـ "طُعم الأوسكار" (عمل فخم وباهظ في سبيل نيل الجائزة فقط). فالأكاديمية يُعرف حبها للأعمال المرموقة التي تحتوي على مواقع تصوير وأزياء فخمة، بينما يعاني نجوم الصف الأول أشد معاناة كي يغيروا أشكالهم لدرجة لا يمكن التعرف عليهم. بدلاً من ذلك، فإن مرشحي هذا العام متنوعون، وعلى أكثر من وجه، في التمثيل على الشاشة، والمواهب في الكواليس، والطموح والمواضيع والمزاج. ضمت لوائح المرشحين في فئات التمثيل أسماء أكثر من أي وقت مضى، ويعد ريز أحمد أول ممثل مسلم رُشح لجائزة أفضل ممثل، وستيفن يون هو أول ممثل أميركي آسيوي.

وبعد دورها في فيلم "رقصة ما ريني" Ma Rainey's Black Bottom، صارت فيولا ديفيس الآن الممثلة السوداء الأكثر ترشحاً في تاريخ الأوسكار والوحيدة التي تترشح مرتين لجائزة أفضل ممثلة. كما أن كلوي جاو (تزهاو) وإيميرالد فينيل أصبحتا سادس وسابع سيدتين تفوزان بالترشيح إلى جائزة أفضل مخرج، وهذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها امرأتان من الحصول على شرف الترشح في هذه الفئة في وقت واحد. بالمجمل، تمكنت 70 امرأة من تسجيل رقم قياسي والحصول على 76 ترشيحاً في الفئات كلها.

لكن من المستحيل (وربما من غير الحصيف) أن ينظر المرء إلى هذه التحولات الهائلة في منأى عن سياق الظروف العصية على الفهم والمضطربة، مثل تلك التي نعيشها في هذه الأوقات. فحفل توزيع جوائز الأوسكار، الذي كان مقرراً في الأصل في 28 فبراير (شباط)، أُرجئ لمدة شهرين تقريباً بسبب الجائحة. ومُددت فترة الترشح، وعُدلت كذلك شروط التقديم، ما أتاح للإصدارات أن تتجاوز شرط المدة المطلوبة للعرض في الصالات. فعادة، كان يفترض أن يستمر عرض الفيلم لمدة أسبوع على الأقل في الصالات في كل من نيويورك ولوس أنجليس حتى يتأهل للسباق.

ولذا يجب طرح السؤال التالي، هل من السذاجة أم من السابق لأوانه الاحتفال بسقوط الحواجز التي حطمتها جوائز الأوسكار لهذا العام؟ هل يمكننا أن نعتبر هذا علامة على تقدم أكبر، أم أنه كان وليد مصادفة أزمة كورونا؟ في الحقيقة، لا جواب واضح. تقول بينز، "هل تعرفون المقولة القديمة والشهيرة لـ ويليام غولدمان عن هوليوود، التي تقول لا أحد يعرف شيئاً يذكر؟ ... حسناً،  لقد أسبغت الجائحة على هذه العبارة معنى جديداً تماماً. فالصناعة (صناعة السينما) تسلك منحى جديداً".

من يدري كيف سيكون النجاح ممكناً في عام بلا جائحة بالنسبة إلى فيلم منخفض التكلفة مثل "صوت الميتال" الذي تجنب مخرجه داريوس ماردير إسناد البطولة إلى نجوم الصف الأول، كي يقدم مجتمع الصم الذي ألهم قصته بأمانة؟ في عام 2015، أطلقت الناشطة أبريل رين هاشتاغ #OscarsSoWhite "سباق الأوسكار شديد البياض" لتسليط الضوء على مسؤولية الأكاديمية عن جائحة قوائم ترشيح كاملة تضم ممثلين بيض فقط، وهي القضية التي تكررت في العام التالي.

ومنذ ذلك الحين، وسعت الأكاديمية، بتوجيه من رئيستها شيريل بون إيزاكس، عضويتها لتشمل مجموعة تضم ناخبين أصغر وأكثر تنوعاً يبلغ مجموعهم 2000 مقترع. وكانت هناك نتائج ملموسة، يعد فوز فيلم "ضوء القمر" Moonlight في عام 2017 ، وفوز فيلم "طفيلي" Parasite العام الماضي، علامات إيجابية على التقدم الحاصل. قبل عقد من الزمان، لم يكن أحد ليُصدق أن الجائزة الأولى قد تذهب إلى فيلم مستقل منخفض الميزانية مع طاقم ممثلين أسود بالكامل، أو فيلم كوميديا سوداء كوري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن قلما يسير التقدم في خط مستقيم، ففي عام 2019، عندما فاز فيلم "الكتاب الأخضر" Green Book، بمعالجته المستخفة بموضوع العنصرية، بدا الأمر وكأن اليد القديمة التي شكلت الأكاديمية بهيئة بيضاء بالكامل تقريباً، قد انبثقت من الرماد لتحصد جائزة أخيرة. تقول بينز، "ما زلت أعتقد أنها ستكون معركة طويلة".

وثمة حاجة إلى بذل الكثير. فبين عامي 2015 و 2020 ، ارتفعت النسبة المئوية الفعلية للعضوات في الأكاديمية من 25 إلى 33 في المئة فقط، بينما ارتفعت النسبة المئوية للأعضاء الذين ينتمون إلى المجموعات العرقية والإثنية التي تفتقر إلى تمثيل مناسب، من 10 إلى 19 في المئة. واعتباراً من عام 2024، سيتطلب أي عمل مؤهل لسباق أفضل فيلم إثبات أن هناك تنوعاً أمام الكاميرا أو خلفها، وفي إنتاج الفيلم وتوزيعه، أو في فرص التطوير الوظيفي التي يوفرها. لكن المطالب متساهلة لدرجة أنه حتى فيلم قامت بكتابته وإخراجه وبطولته بالكامل مجموعة من الرجال البيض الأسوياء جنسياً والأصحاء بدنياً، قادر على تجاوز هذه الشروط إذا قام بطريقة مراوغة بتوظيف المتدربين المناسبين أو مساعدي الدعاية. 

في الوقت الحالي، تبدو هذه القواعد رمزية إلى حد كبير. تقول بينز: "أعتقد أن هذه الإجراءات الجديدة ستكون نوعاً من التوعية."

وفي جميع الأحوال، تتابع بينز قائلة إن غياب "عدد كبير من أفلام الفعاليات" هذا العام ترك مساحة جعلت "إسماع أصوات أفلام أخرى" ممكناً. فمجموعة صغيرة من مشاريع الشركات الكبرى أُرجئت حتى دورة العام المقبل لتوزيع الجوائز، بما في ذلك فيلم "قصة الحي الغربي" West Side Story للمخرج ستيفن سبيلبرغ، و"الإرسالية الفرنسية" The French Dispatch  لـ ويس أندرسون، و"كثيب" لـ دينيس فيلنوف. ومع ذلك، لم يكن من المسلم به فوز هذه الأعمال  في حد ذاتها على أي حال.

ربما تمكن المخرجون الثلاثة من الحصول على ميزانيات كبيرة وإعجاب كتاب المقالات بأعمالهم، لكن عملاً واحداً فقط من إخراج سبيلبرغ فاز بجائزة أفضل فيلم ("قائمة شندلر" Schindler’s List في عام 1994)، في حين أن أندرسون أو وفيلنوف لم يفوزا بعد بجائزة أوسكار واحدة. ولم يكن حصولهما على ترشيحات مضموناً أبداً.

أمر آخر لا ينبغي الاستهانة به، هو انتقال حملات الترويج للأفلام إلى العالم الافتراضي. في السابق، وفقاً لتقديرات مقال نشرته مجلة "ذا نيو يوركر" عام 2017، كانت الاستوديوهات على استعداد لإنفاق ما يصل إلى 15 مليون دولار للضغط على المصوتين في سباق الأوسكار. وجرت العادة على تنظيم عروض جماهيرية، ولقاءات لتبادل الأسئلة والأجوبة، وحفلات كوكتيل ومآدب غداء، بينما يجوب المرشحون في كل مكان موزعين الابتسامات ومصافحة عدد لا نهائي من الأيدي. لقد توقف كل ذلك بالطبع مؤقتاً هذا العام، لكن الاستوديوهات لا تزال قادرة على إطلاق حملات إعلانية واسعة النطاق (الأمر الذي ساعد شركة ثرية مثل نتفليكس في الاستئثار بـ 35 ترشيحاً هذا العام، حيث اقتربت من الرقم القياسي الذي سجلته شركة يونايتد آرتسيتس عام 1941  وبلغ يومها 45 ترشيحاً).

نُقلت العروض الجماهيرية وجلسات الدردشة إلى الإنترنت، وكان لدى الناخبين متسع من الوقت لمشاهدة الأعمال المتنافسة. تقول بينز، "بالنسبة إلى بعض الأفلام، كان الأمر عادلاً ... حيث تمتعت العناصر الأخرى بأهمية أكبر في ما يتعلق بالترويج - فقد كانت التقييمات النقدية الجيدة أساسية هذا العام، بينما كانت لا تولي قدراً من الأهمية طوال سنوات خلال الفعاليات البراقة والمبهرجة".

وأكثر ما يُخشى اعتبار أن هذا التنوع لا محالة عابر فتخبو الحماسة المؤقتة. عندما أصبحت هالي بيري أول امرأة ملونة تفوز بأوسكار أفضل ممثلة في عام 2001، برز أمل صادق مفاده أن الأكاديمية قد اتخذت أخيراً منعطفاً جديداً، لكن لم تفز امرأة ملونة بالجائزة منذ ذلك الحين. وفي حين يبدو وكأن حفل الجوائز يشهد فجراً جديداً هذا العام، إلا أن هناك احتمالاً كبيراً في أن تكتفي الأكاديمية، بمجرد أن ينطق أحدهم بعبارة "حفل توزيع جوائز الأوسكار ليس شديد البياض"، بالثناء عليه وإعلان أن مشكلة العنصرية قد حُلت، ثم تعود الأكاديمية لعاداتها القديمة والتعصب الأعمى.

حتى لو كان هذا العام بمثابة منعطف كبير في مسار الأكاديمية، كما تشير بينز، إلا أنه لم يتجاوز فئات الترشيح الأبرز، ولم يطل فئات المؤثرات والمونتاج والتصوير السينمائي. تقول المنتجة: "أعتقد أن الأمر يقتضي جهداً أكثر ووعياً من جانب الجميع ... سيحتاج الأمر إلى أكثر من ذلك بكثير كي لا تتراجع الصناعة وترتكس إلى الخمول."

© The Independent

المزيد من سينما