قال زعماء جنوب شرقي آسيا إنهم اتفقوا على خطة مع رئيس المجلس العسكري في ميانمار، السبت 24 أبريل (نيسان)، لإنهاء الأزمة في بلاده التي يجتاحها العنف، لكنه لم يرد بوضوح على مطالب بوقف قتل المحتجين المدنيين.
وقال رئيس وزراء ماليزيا، محيي الدين ياسين، للصحافيين بعد اجتماع زعماء رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، الذي حضره أيضاً الجنرال مين أونغ هلاينغ، رئيس المجلس العسكري في ميانمار، في أول زيارة خارجية له منذ انقلاب فبراير (شباط)، "هذا فاق توقعاتنا".
وأضاف، "حاولنا ألا نتهم الجانب الذي يمثله أكثر من اللازم لأننا لا يهمنا من يكون السبب في العنف... اكتفينا بالتأكيد على أن العنف لا بد أن يتوقف. بالنسبة له، الجانب الآخر هو الذي يتسبب في المشكلة. لكنه وافق على ضرورة وقف العنف".
خمس نقاط
وطلب زعماء "آسيان" من مين أونغ هلاينغ الالتزام بفرض ضبط النفس على قوات الأمن، التي تقول حركة نشطاء ترصد الأحداث إنها قتلت 745 شخصاً منذ بدء حركة عصيان مدني جماعية لتحدي انقلاب الأول من فبراير على حكومة الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي المنتخبة.
وطلبوا منه أيضاً الإفراج عن المسجونين السياسيين. وقال محيي الدين، "لم يرفض ما تقدمنا به أنا وزملاء آخرون كثيرون".
وبحسب بيان من المجموعة التي ترأسها بروناي، تم التوصل إلى توافق على خمس نقاط، هي إنهاء العنف، وبدء حوار بنّاء بين جميع الأطراف، وتعيين مبعوث خاص لـ"آسيان" لتيسير الحوار، وقبول المساعدات، وقيام المبعوث بزيارة لميانمار.
ولم يرد ذكر في البيان للإفراج عن المسجونين السياسيين، كما لم يصدر بعد أي تصريح علني رسمي من مين أونغ هلاينغ.
لكن رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ، الذي دعا إلى إطلاق سراح سو تشي الموضوعة قيد الإقامة الجبرية، قال إن رئيس المجلس العسكري "سمعنا".
وصرّح للصحافيين في معرض نقله تصريحات الجنرال خلال الاجتماع، "لم يعارض قيام آسيان بدور بنّاء أو زيارة وفد من آسيان أو (إيصال) المساعدات الإنسانية، أو تحرك (المجلس العسكري) قدماً للانخراط مع آسيان بشكل بنّاء". لكن لي أضاف أن هذه العملية أمامها طريق طويل كي تتم.
أول جهد دولي منسق بشأن ميانمار
وأكد الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، في أعقاب اجتماع "آسيان" في عاصمة بلاده، أن على جيش ميانمار إعادة الديمقراطية والتوقف عن ممارسة العنف ضد المواطنين.
وقال ويدودو، "أول التزام تم طلبه هو توقف الجيش الميانماري عن استخدام العنف وامتناع جميع الأطراف هناك في الوقت ذاته عن القيام بذلك ليكون بالإمكان خفض التوتر". وتابع، "يجب وقف العنف وإعادة الديمقراطية والاستقرار والسلام في ميانمار". كما دعا إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين والسماح بدخول مبعوث خاص إلى البلاد "للضغط من أجل الحوار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال تشارلز سانتياغو، رئيس منظمة برلمانيي "آسيان" لحقوق الإنسان، "الإفرج عن المسجونين السياسيين مطلب ضروري لوقف العنف". وأضاف، "لا بد أن تعمل آسيان بسرعة الآن وأن ترسي جدولاً زمنياً واضحاً لمين أونغ هلاينغ ليعمل لوقف العنف أو يستعد للمحاسبة".
واجتماع قادة "آسيان" في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، هو أول جهد دولي منسق لتخفيف حدة الأزمة في ميانمار، منذ انقلاب الأول من فبراير.
وميانمار إحدى الدول الـ10 الأعضاء في "آسيان"، التي تنتهج التوافق في اتخاذ قراراتها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.
ورحبت حكومة الظل في ميانمار، التي تضم شخصيات تطالب بالديمقراطية ومن تبقوا من إدارة زعيمة البلاد أونغ سان سو تشي وممثلين للجماعات المسلحة العرقية، بالتوافق الذي تم التوصل إليه في "آسيان"، وطالبت بإلزام المجلس العسكري بتحقيق وعوده.
نحو 250 ألف نازح
وتأتي محادثات السبت بعد تظاهرات حاشدة في ميانمار قوبلت بحملة أمنية قاسية أسفرت عن سقوط مئات القتلى.
ويقدّر عدد النازحين بسبب الاضطرابات بنحو 250 ألف شخص، بحسب مبعوثة الأمم المتحدة، بينما توارى زعماء ميانمار المنتخبون ديمقراطياً عن الأنظار أو وضعوا قيد الإقامة الجبرية.
وحضر الاجتماع سلطان بروناي، الذي يترأس "آسيان" حالياً، إضافةً إلى قادة ووزراء خارجية من معظم دول المجموعة وعددها 10، وبينها سنغافورة وماليزيا وكمبوديا وتايلاند وفيتنام والفيليبين ولاوس.
وفرّق عناصر أمن متظاهرين شاركوا في تجمعات صغيرة خارج مقر التكتل في جاكرتا.
الاحتجاجات مستمرة
وفي ميانمار، واصل المحتجون النزول إلى الشوارع السبت، بما في ذلك في ولاية كاشين الشمالية، حيث ارتدى المتظاهرون قمصاناً زرقاء للإشارة إلى المعتقلين.
وفي رانغون، العاصمة التجارية للبلاد، أقام بعض السكان جنازة وهمية للجنرال الرفيع وحطموا أواني خزفية صفراء على الأرض، في إشارة إلى قطع العلاقة مع الموتى.
وأثارت مشاركة الجنرال في قمة "آسيان" غضب الناشطين والمجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان وحكومة الظل، التي لم تجرِ دعوتها إلى المحادثات.
وأفادت حكومة الظل في بيان، "نرحّب بالاجتماعات التي تسهم في حل للأزمة التي تتفاقم في ميانمار". وتابعت، "(لكن) الاجتماعات التي تستثني سكان ميانمار ولكن تشمل كبير القتلة مين أونغ هلاينغ... يُستبعد أن تكون مفيدة".
ودعا النواب المجلس العسكري إلى "التوقف عن قتل المدنيين" وإطلاق سراح أكثر من ثلاثة آلاف سجين سياسي، وإعادة السلطة إلى الحكومة المنتخبة ديمقراطياً.
وقالت منظمة العفو الدولية قبيل الاجتماع، "عمّت البلاد الأزمة التي بدأها الجيش الميانماري القاتل وغير النادم وستتسبب بهزّات ارتدادية شديدة، إنسانية وأكثر، بالنسبة إلى المنطقة برمّتها".
كما صدرت دعوات للتكتل الإقليمي لطرد ميانمار من عضويته. لكن "آسيان" تتّبع بالمجمل نهجاً قائماً على عدم التدخل في شؤون الدول الأعضاء الداخلية.
ولم يتوقع الكثير من المحللين اختراقات كبيرة من الاجتماع، مشيرين بدلاً من ذلك إلى أنه فرصة لجلب الجيش الميانماري إلى طاولة التفاوض والتمهيد لحل محتمل.