فيلم "توم وجيري" من إخراج تيم ستوري، وبطولة كلوي غريس موريتز، ومايكل بينيا، وكولين جوست، وروب ديلاني، وكين يونغ. أعطي التصنيف الرقابي بأنه ينصح بوجود الأهل، ومدته 101 دقيقة.
في لعبة القط والفأر هذه يطارد الهر صديقه القارض، ثم ينهال الفأر على مهاجمه بضربة مطرقة. قواعد اللعبة بسيطة، لكنها ناجحة. لمدة 81 عاماً، أتاحت دورة العنف المستمرة التي قدمتها سلسلة الرسوم المتحركة "توم وجيري" للجمهور بالتحرر من عواقب الفرح بمصيبة الغير. على كل حال، فإن هذا الثنائي الشهير، لم يكن بطريقة ما بطل النسخة السينمائية التي تحمل عنوان "فيلم توم وجيري" Tom & Jerry The Movie، الذي يشبه نزهة غريبة وغير ممتعة إلى حد بعيد، تتقلب بشدة، لكنها لا تتخذ اتجاهاً معيناً على الإطلاق. إذ ينصب اهتمام العمل على شخصية كايلا التي تؤديها كلوي غريس مورتيز. وبينما تبذل تلك الممثلة قصارى جهدها لاستخراج وإظهار شيء من البهجة من العمل، فقد أوكلت إليها مهمة جعل شخصية تتمتع بأخلاق رديئة بطلة محبوبة.
نتعرف على كايلا للمرة الأولى من خلال عملية سرقة هوية، ذلك أنها سلبت وظيفة امرأة أخرى في فندق "رويال غراند هوتيل" الفخم في مدينة نيويورك. وتقضي بقية الفيلم مطالبة بالتعاطف من رئيسها (الممثل روب ديلاني الذي يمكن اعتبار مرونته وتفاؤله أفضل ما في العمل) وزميليها (مايكل بينيا وجوردان بولغر). ووفق ما يمكن توقعه تماماً، تواجه كايلا صعوبات في تحقيق متطلبات الوظيفة، خصوصاً في الفترة التي تسبق استقبال الفندق أكبر حدث منذ سنوات، ويتمثل حفل زفاف بين شخصيتي المجتمع بريتا (الممثلة بالافي شاردا) وبن (الممثل كولين جوست الذي يبدو تائهاً).
وهكذا نجد أن توم وجيري، يشكلان مجرد إضافات في هذه القصة المتخيلة عن الاحتيال المهني. إذ تستأجر كايلا توم لإخراج جيري من الفندق، لأن الأخير يقطن بين جدرانه، بغية أن يكرس الفيلم مساحة ظهور ضئيلة هدفها تقديم هذه المشاهد، وليس أكثر من ذلك. بدلاً من ذلك، عمد كاتب السيناريو كيفن كوستيلو إلى إثقال البطلين المحبوبين بخلفيات لا داعي لها لحكايتهما. وفي تفاصيل ذلك أن توم في الواقع يريد أن يكون المغني جون ليجند، لكنه مكلف مهمة على طراز مهمات البطل الخيالي جون ويك، هدفها الانتقام من جيري بعدما حطم الفأر بتحطيم مفاتيح الأورغ الخاص به. يُصور جيري بوصفه وغداً إلى حد ما. ويعاني الفيلم الذي أخرجه تيم ستوري، مخرج فيلم "صالون الحلاقة" Barbershop، بالطريقة نفسها التي تكون في كل عمل يعتمد في تحقيق الربح على شخصيات مشهورة سلفاً. ويعني ذلك أنه يحاول "مطمطة" فكرة بسيطة من دون أي عناية أو التزام. إنه المعادل السينمائي لقطعة سجق محشوة بلحم غير معروف المصدر.
ثمة نقطة تُحسب لمصلحة العمل، تتمثل في قرار عدم عرض توم وجيري بتقنية الأبعاد الثلاثية الرهيبة. إذ حافظت الشخصيات المصنوعة بواسطة الحاسوب على مظهر الرسوم المتحركة التقليدية. كل حيوان في هذا الفيلم هو عبارة عن رسوم متحركة، حتى طيور الحمام، التي تؤدي لسبب ما في ذروة الفيلم، أغنية "كان آي كيك إت" (هل أستطيع التخلص منها) الكلاسيكية لفرقة "إي ترايب كولد كويست" المنتمية إلى موسيقى الـ"هيب هوب". إنها إشارة واضحة إلى فيلم "من ورّط الأرنب روجر"Who Framed Roger Rabbit (1988) الذي مرت على صدوره ثلاثة عقود ويبدو أفضل من "توم وجيري" الذي بدا فيه بوضوح أن الممثلين يتفاعلون مع الفراغ، بكل بساطة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في ملمح آخر، تمتلك سلسلة اسكتشات توم وجيري القصيرة الأصلية منطقاً معقداً ومتضاداً إلى حد كبير. ولا تتبع هذه النسخة نهج فيلم صدر في 1992 حاملاً عنوان "فيلم توم وجيري"، مع أداء الشخصيتين صوتياً فيه من قِبَل ريتشارد كايند ودانا هيل. في النسخة الأخيرة، ما زال القط والفأر صامتين، ويتواصلان من خلال الإشارات وإيماءات الأيدي. وجدير بالذكر أن توم هنا يمثل قطة أنثى. ومن خلال تضمين تشكيلة كاملة من الحيوانات تشمل الطاووس والأسماك والفيلة، تبرز تراتبية جديدة غريبة. إذ يُسمح لبعض الأنواع بالتحدث، بينما لا يتمكن غيرها من ذلك.
بالطبع، لا أحد من الشخصيات البشرية يدرك هذه الحقيقة، لأنهم جميعاً مشغولون جداً بتنسيق الفعاليات ولا مجال لديهم للتساؤل لماذا تتحدث الأفيال مثلاً مع بعضها بعضاً مستخدمة اختصارات اللغة الدارجة. وهناك أيضاً حقيقة أن قطع اللحم والأسماك الميتة الموجودة في المطبخ مرسومة أيضاً، نظراً لأن جميع الحيوانات تظهر على هيئة رسوم متحركة. إنه خيار يطرح عدداً وعدداً من الأسئلة تتجاوز كثيراً الإجابات التي يقدمها. لا بد أن فيلم "توم وجيري" قد انحرف صوب اتجاه خاطئ في نقطة ما، حتى ترك جمهوره يتساءل عن تعقيدات تركيبة الرسوم المتحركة.
© The Independent