Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا وليبيا

تعاون مشترك للدفع بعجلة التطور خصوصاً في قطاع الاتصالات والتقنية

تعاون بريطاني – ليبي مشترك للدفع بعجلة قطاع الاتصالات (الشركة الليبية القابضة للاتصالات)

منذ انتخاب السلطات التنفيذية الليبية الجديدة في جنيف، في يناير (كانون الثاني) الماضي، ثم منحها الثقة من مجلس النواب الليبي، قبل أيام قليلة، بدأت العديد من الدول في التواصل مع السلطات الجديدة، سعياً للتعاون الاقتصادي مع ليبيا.

وتصنف تقارير دولية ليبيا وجهةً تنمويةً واعدة محتملة في السنوات المقبلة، في حال وصلت مرحلة الاستقرار الدائم، نظراً لاحتياجاتها الكثيرة لإعادة الإعمار، بعد عقد من الحروب تركت بصمات مدمرة على البنى التحتية للبلاد، على كل الصعد. وينتظر أن تشهد توافداً كبيراً من الشركات الأجنبية، إما لاستكمال المشاريع التي جمّدتها الحرب، أو التعاقد على أخرى جديدة.

ولهذا الغرض، شرعت بريطانيا في التنسيق مع حكومة الوحدة الليبية للدخول في سوق الاستثمارات في ليبيا، من بوابة قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، الذي سجّل تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، متأثراً بالظروف الاستثنائية التي عاشتها البلاد.

لندن وطرابلس تبحثان فرص الاستثمار

واجتمع رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للاتصالات، فيصل قرقاب، في طرابلس، مع مسؤولة العلاقات التجارية البريطانية لدولتي ليبيا وتونس، ليدي شيهان، لمناقشة سبل التعاون المشترك بين الطرفين في حقل الاتصالات والتقنية، وفتح آفاق جديدة للتطوير والاستثمار، وعودة الشركات البريطانية المتخصصة في هذا المجال للعمل في ليبيا، ومساهمتها في التخطيط الاستراتيجي والمشاريع المستقبلية فيه.

وصرح قرقاب بعد اللقاء أن "الشركة القابضة تسعى إلى الاستفادة من الخبرات البريطانية في مجال الاتصالات والتقنية، لاسيما أن خطة الشركة (2021-2023) تطمح إلى تطوير القطاع وتوسيع الاستثمارات في البلاد"، مؤكداً "أهمية التعاون بين الشركات المحلية والبريطانية باعتبارها شريكاً استراتيجياً مهماً، للدفع بعجلة التطور، خصوصاً في قطاع الاتصالات والتقنية".

في المقابل، أكدت شيهان "رغبة بلادها في توثيق صلات التعاون"، قائلةً إن "عقد شراكات اقتصادية تجارية مع ليبيا سيسهم في خلق علاقات وثيقة بين البلدين"، كاشفةً أن "بلادها تسعى لتوسيع قاعدة استثماراتها في ليبيا، خصوصاً في مجال الاتصالات والتقنية".

وتعمل الشركة القابضة للاتصالات الليبية، من خلال شركاتها التابعة على تنفيذ مشاريع استراتيجية عدة ضمن خطة تمتد لسنتين، تهدف إلى تحسين البنية التحتية والتحول الإلكتروني ونقل المعرفة لقطاع الاتصالات والمعلوماتية في ليبيا، إضافة إلى البحث عن شراكات استرتيجية دولية  للتعاون المثمر، وفتح آفاق الاستثمار من خلال التواصل مع عدد من شركات الاتصالات والتقنية المعروفة عالمياً.

خسائر كبيرة لقطاع الاتصالات الليبي

وتراجع قطاع الاتصالات في ليبيا بشكل حاد في السنوات الماضية، جراء الصراع السياسي والعسكري في البلاد. وقدم موقع "غلوبال نيوز واير" المختص، تحليلاً إحصائياً لواقع قطاع الاتصالات في البلاد العام الماضي، أكد فيه أنه "جرى تدمير أو سرقة جزء كبير من البنية التحتية للاتصالات في ليبيا منذ عام 2011، بما في ذلك حوالى ربع مواقع الأبراج المتنقلة".

وقال الموقع حينها: "على الرغم من إحراز تقدم في إعادة بناء البنية التحتية للاتصالات، تظل الأبراج المتنقلة هدفاً للفصائل المتحاربة، بينما يقوم المدنيون بقطع كابلات الاتصالات عن طريق الخطأ، أثناء مشاركتهم في أعمال البناء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي آخر تقرير صادر عنها بهذا الخصوص، قالت وزارة المالية في حكومة "الوفاق" المنتهية ولايتها، إن "قطاع الاتصالات في البلاد سجل خسائر مالية بلغت 376 مليون دينار ليبي، (100 مليون دولار تقريباً)، خلال العام الماضي.

وكشفت في تقريرها، عن تراجع كبير في قيمة الإيرادات الخاصة بالاتصالات مقارنة بسنوات سابقة، قائلة إنه "كان من المتوقع أن تصل إيرادات شركات الاتصالات المختلفة إلى نصف مليار دينار تقريباً (138 مليون دولار)، بينما وصلت الأرباح إلى 187 مليون دينار فقط (51 مليون دولار) منذ يناير 2020 حتى نهاية العام نفسه".

ماض من العلاقات المتذبذبة

وعرفت العلاقات التجارية والاقتصادية، بين لندن وطرابلس، تذبذباً كبيراً وعدم استقرار خلال النصف قرن الأخير، منع قيام شراكة اقتصادية قوية بينهما، متأثرة بالعلاقات السياسية المشحونة بين البلدين، طيلة سنوات حكم معمر القذافي للبلاد، التي امتدت لأربعة عقود.

وقد لعبت الإدارة البريطانية لإقليم برقة في ليبيا، منذ الاستقلال وحتى نهاية العهد الملكي، بقيادة الملك الراحل إدريس السنوسي، دوراً بارزاً في وقوف الدولة الناشئة على قدميها، مقابل امتيازات عسكرية واقتصادية منحها السنوسي لبريطانيا، بالسماح بإنشاء قاعدة عسكرية بريطانية في طبرق، قبل أن تتعزز هذه العلاقة مع ظهور النفط في ليبيا، حيث كانت شركة "بريتش بتروليوم" التابعة للحكومية البريطانية، والتي اشتهرت في ليبيا باسم "بي بي"، من الشركات الرائدة في التنقيب على النفط الليبي.

ومع استلام معمر القذافي زمام الأمور في ليبيا، بدأت العلاقات السياسية بالتوتر بين البلدين، مع إخراج القوات البريطانية البلاد، ثم تأميم النفط الليبي، ما أدى بعدها بسنوات إلى قطيعة كاملة بينهما، على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

شرارة التوتر

بدأ التوتر في العلاقات الليبية - البريطانية، بعد سنوات قليلة من مجيء القذافي إلى الحكم، حين منعت بريطانيا بيع الأسلحة إلى النظام الليبي الجديد وقتها، بعد إنهائه من جانب واحد عقد تأجير قاعدة العدم الجوية في طبرق للحكومة البريطانية، الموقعة بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وقامت ليبيا في المقابل بتأميم شركة النفط البريطانية (بريتش بتروليوم).

واستمر التصعيد بين البلدين بإقدام ليبيا على دعم مالطا في مفاوضاتها لإنهاء القواعد البريطانية على أراضيها بعد ذلك، ثم تورط نظام القذافي بدعم الجيش الجمهوري الإيرلندي السري، والذي لم يقتصر على الدعم السياسي بل شمل تزويد الجيش المحظور بالأسلحة، وغيرها من أشكال الدعم العسكري واللوجيستي.

وقُطعت العلاقات الدبلوماسية بين طرابلس ولندن تماماً في عام 1984، بعد قيام عنصر أمن تابع للقذافي بإطلاق النار على شرطية بريطانية، داخل السفارة الليبية في لندن، تم بعدها اعتقال ستة بريطانيين في ليبيا.

وفي مارس (آذار) من العام نفسه، اتخذت لندن خطوة تصعيدية جديدة ضد النظام الليبي، لتعتقل أربعة ليبيين متهمين بالوقوف وراء تفجيرات شهدتها كل من لندن ومانشستر.

وفي عام 1986 أعطت بريطانيا الحق للقوات الأميركية لاستخدام قواعدها في توجيه غارات جوية على طرابلس وبنغازي ليبيا، التي تمت في 15 أبريل (نيسان) من ذلك العام.

وزادت علاقة البلدين سوءاً باتهام نظام القذافي بإسقاط طائرة أميركية فوق قرية لوكربي الاسكتلندية، وفرض عقوبات دولية على ليبيا، امتدت طيلة عقد التسعينيات.

صفحة جديدة في العلاقات

فتح البلدان صفحة جديدة من العلاقات بينهما، بعد قيام نظام القذافي بالتقارب مع الغرب في سنواته العشر الأخيرة بالحكم، ظهرت جلياً في زيارة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير إلى طرابلس، كأول زيارة لمسؤول بريطاني كبير إلى ليبيا، منذ تولي القذافي الحكم، وردّ الأخير الزيارة إلى لندن.

استأنف البلدان بعدها علاقتهما الاقتصادية، ولو بشكل خجول، بعد عودة شركة "بريتش بتروليوم" إلى الأراضي الليبية للعمل في مجال النفط في تلك الفترة.

المزيد من متابعات