Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسار جديد في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت

اكتشاف مستوعبات تحتوي على مواد متفجرة في مصفاتَي الزهراني وطرابلس

أكد بيطار أنه سيعمل بما يمليه عليه ضميره ولن يترك مظلوماً في السجن أو مرتكباً خارجه (الوكالة الوطنية للإعلام)

مرت ثلاثة أسابيع على تسلّم القاضي طارق بيطار مهماته كمحقق عدلي في انفجار مرفأ بيروت. وفي أول تحرك قضائي له، سطّر في 9 مارس (آذار) الحالي، استنابات قضائية تتعلق بكيفية شراء شحنة نيترات الأمونيوم (التي انفجرت في 4 أغسطس/آب 2020) ومالكيها والشركات التي انخرطت في هذه الصفقة ولصالح مَن تم استيرادها ومَن دفع ثمنها، وحسم هوية المسؤولين عنها.
وفيما اعتُبر أن هذه الخطوة تؤشر إلى بدء القاضي بيطار التحقيق بالتزامن مع دراسته للملف، كشفت مصادر قضائية لـ"اندبندنت عربية" عن أن بيطار أنهى مرحلة مكننة الملف الذي يحتوي على آلاف الصفحات، ويتّجه إلى إصدار قرارات إخلاء سبيل، خلال أسبوع، لأكثر من موقوف حالي يعتبر أنهم أبرياء، وقد يكون الرائد في جهاز أمن الدولة جوزف النداف والمدير العام للجمارك بدري ضاهر من بين هؤلاء، علماً أن أحد المقربين من رئيس الجمهورية رفع طلب إخلاء سبيل ضاهر إلى بيطار، على اعتبار أن جهاز الجمارك ليس الجهة التي تكشف على البضاعة التي تصل إلى المرفأ، خصوصاً إذا كانت مواد قابلة للاشتعال أو خطيرة، إذ يتولّى الجهاز الفني للجيش اللبناني الكشف عنها وتقرير مصيرها. ولم تستبعد المصادر أن يسطّر القاضي بيطار مذكرات توقيف جديدة بحق مَن يراه مسؤولاً عن جريمة المرفأ، من دون أن يستثني أحداً، بمن فيهم مسؤولون سياسيون، لكنه لن يتخطى القانون ولن يتجاوز الحصانات كما فعل سلفه.

القاضي لأهالي ضحايا المرفأ: "أنا آدمي"  

في أول لقاء له مع أهالي ضحايا انفجار المرفأ، بعد تولّيه مهمة التحقيق في الملف، أكد بيطار أنه سيعمل بما يمليه عليه ضميره ولن يترك مظلوماً في السجن أو مرتكباً خارجه، وكشف أمامهم عن أنه سيصدر قرارات إخلاء سبيل موقوفين، على الرغم من رد الفعل السلبي الذي يتوقعه من الرأي العام، لكنه طلب من أهالي الضحايا ألا يكونوا في صف الذين سيتظاهرون ضده إثر ذلك القرار، وتمنّى عليهم مساندته، مكرراً أمامهم أكثر من مرة "أنا آدمي (أي ذو أخلاق) ولن أعمل إلا بضميري". ولم يحدد بيطار مهلة زمنية لإنهاء التحقيقات والكشف عن الحقيقة، لكنه وعد الأهالي بوضع آلية تمكّنهم من الاطّلاع على سير التحقيقات، من ضمن ما تسمح به سرّيتها. وشاركهم شكواهم بسبب طول انتظارهم لمعرفة مَن قتل أبناءهم وذويهم، شاكياً بدوره أمامهم من النقص في عديد فريق عمله الذي يقتصر على كاتبَين، ومتحدثاً عن إمكانية المساعدة في توسيع فريقه عبر الضغط على مجلس النواب، لأن القرار بتكليف مساعدين له كمحقق عدلي لا يمكن أن يصدر إلا عن البرلمان. وعلى الرغم من الثقة المشروطة التي منحها أهالي ضحايا المرفأ للقاضي بيطار، بانتظار الأفعال، عُلم أن تحركهم المقبل سيكون في اتجاه مجلس النواب للمطالبة بتوسيع فريق عمل المحقق العدلي لمساعدته في الإسراع بدراسة الملف واستكمال التحقيقات، إن من خلال تحرك شعبي احتجاجي أمام البرلمان أو من خلال تحضير عريضة يُصار إلى توقيعها من قبل النواب.

أين أصبحت التعويضات؟

بانتظار التحقيقات وجلاء الحقيقة، في حال ظهرت يوماً، يستمر العمل على خط ملف التعويضات تطبيقاً للقانون رقم 194 الصادر عن مجلس النواب الذي نصّ على معاملة ضحايا انفجار المرفأ كـ"شهداء الجيش اللبناني برتبة عريف"، وتأمين تقديمات من "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" للجرحى على مدى الحياة. وبحسب إحصاءات الجيش، فإن عدد الضحايا من المدنيين اللبنانيين المستفيدين من ذلك القانون، بلغ 138 شخصاً. وانتهت دراسة 47 ملفاً وأُرسلت إلى وزارة المال لصرف الأموال المستحقة لأهالي الضحايا، والمحددة لكل عائلة بمبلغ قدره مليون و291 ألف ليرة، إضافة إلى إعانة مالية بقيمة 14 مليون ليرة، يمكن أن تكون تصاعدية وقد تختلف بحسب الوضع الاجتماعي وعدد الأولاد. ووفق المعلومات، حصلت عائلات الضحايا من الهيئة العليا للإغاثة على مبلغ مالي قدره 30 مليون ليرة، فيما بقيت التقديمات الاجتماعية الأخرى مثل الطبابة والمدارس قيد الدرس، نظراً إلى الحاجة لفتح اعتماد إضافي لتغطية هذه النفقات بشكل قانوني. وكشفت مصادر في اللجنة المتابعة لملف التعويضات عن أنه إضافة إلى الملفات الـ47 التي جُهّزت وأُرسلت إلى وزارة المال لتسليم أصحابها الأموال، هناك 17 ضحية لم تكتمل المعلومات حولها، إلى جانب 11 ملفاً لا تزال الاستمارات فيها غير مكتملة بسبب عدم مراجعة أي من العائلات الجيش بحثاً عن التعويضات المستحقة لهم، ومن بينهم مَن غادر لبنان ولم يعُد أحد من العائلة موجود أو هناك مَن يرفض استلام أي تعويضات من سلطة يحمّلها مسؤولية خسارته الكبيرة، أو أن هناك تشابهاً بالأسماء بحيث تبيّن أنه تم تدوين أشخاص على أنهم من ضحايا المرفأ، ليظهر لاحقاً أنهم لا يزالون أحياء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مستوعبات الموت لا تزال موجودة

منذ أيام قليلة، أرسل المجلس الأعلى للدفاع كتاباً إلى وزارة الأشغال يُعلمها بوجود مستوعبات تحتوي على مواد متفجرة قابلة للاشتعال، ومخزنة منذ زمن في مصفاتَي الزهراني (جنوب) وطرابلس (شمال). وطلب المجلس من وزارة الأشغال التنسيق مع وزارة الطاقة لمعالجة هذه المستوعبات. لكن وزارة الأشغال ردّت بأن المهمة يجب أن تكون منوطة بوزارة الطاقة المسؤولة عن مصفاتَي الزهراني وطرابلس. ولم تتم معالجة هذه المستوعبات حتى الآن، في ظل الخوف من تجدد سيناريو 4 أغسطس، في شمال البلاد وجنوبها، نظراً إلى ما تشكّله هذه المواد من خطر على العاملين في الزهراني وطرابلس والساكنين بالقرب من المصفاتين، حيث تخزّن كميات من الفيول والغاز. ويظهر أن النقص في الأموال وواقع الخزانة المفلسة، يشكّلان أسباباً رئيسة لعدم معالجة مستوعبات الموت الجديدة. وتتطلب إزالة هذه المواد اختصاصيين، على غرار ما حصل في مرفأ بيروت عندما تعاقدت وزارة الأشغال مع الشركة الألمانية "كومبي ليفت" (Combi Lift). لكن الشركة التي أنهت عملها في 6 فبراير (شباط) الماضي، وأتمّت معالجة أكثر من 50 حاوية تحتوي على مواد شديدة الخطورة تمهيداً لنقلها إلى ألمانيا، لا تزال تنتظر أن تتقاضى أموالها التي تبلغ، وفق العقد الموقع بينها والدولة اللبنانية، 3.6 مليون دولار، علماً أن رئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم وقّع الثلاثاء على طلب فتح الاعتماد بعد جهد جهيد، وطلب من "مصرف لبنان" فتح الاعتماد من حساب المرفأ لديه. وشكّل النقص في الأموال وعدم القدرة على فتح اعتماد جديد بالدولار الأميركي، مشكلة إضافية بالنسبة إلى مسألة معالجة المستوعبات الجديدة التي اكتُشِفت في الزهراني وطرابلس، خصوصاً أن حاكم المركزي رياض سلامة، أجاب عندما سأله رئيس البرلمان نبيه بري إن كان لدى المصرف دولارات، "ما عندي شي... ولا دولار واحد". وبحسب المعلومات، فإن الحل الذي اعتُمد قضى باستخدام جزء من قرض البنك الدولي المخصص للنقل المشترك بين بيروت ومنطقة طبرجا (شمال العاصمة) الذي تبلغ قيمته حوالى 290 مليون دولار. كما تقرر في اجتماع عقد الثلاثاء الماضي، في القصر الرئاسي ببعبدا، اقتطاع 40 مليون دولار من هذا القرض لمعالجة مشكلة مستوعبات الزهراني وطرابلس واستكمال عمليات تنظيف مرفأ بيروت. هذه الخطوة التي حصلت بموافقة استثنائية من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ستتطلب موافقة مجلس النواب الذي يُفترض أن يقرّ أي تغيير أو تعديل في الاتفاقية الموقّعة مع البنك الدولي.

المزيد من العالم العربي