Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماضي سريلانكا العنيف صنع مجتمعا منقسما مؤاتيا للتطرف

خلال عملي الميداني في سريلانكا زرت العديد من المساجد و حصلت في بعضها على مواد يمكن ربطها بالمنظمات المتطرفة

أطفال سريلانكيون يقفون أمام أحد مساجد العاصمة كولومبو 23 إبريل 2019 (أ.ف.ب)

لقد سافرت مراراً إلى سريلانكا منذ عام 2006. خلال زيارتي الأولى نفذ نمور التاميل هجوماً انتحارياً على بعد مبانٍ من المكان الذي كنت أقيم فيه. كان يبدو أن الحرب بين مقاتلي التاميل والحكومة السريلانكية لن تنتهي أبدا، لكنها انتهت. ففي عام 2009 شنت الحكومة هجوماً شرساً وضع نهاية للحرب.

وعلى الرغم من أن النهاية جاءت بطريقة قاسية للغاية وكلفت قتل العديد من المدنيين، توقعتُ حينها احتمال عودة اللحمة بين أطياف البلاد المختلفة، لكنني كنت مخطئاً.

ومنذ انتهاء الحرب، تم التحقيق في ارتكاب كل من الحكومة السيريلانكية ومقاتلي التاميل جرائم حرب، وبعد عقد من الزمان، لا تزال هذه التحقيقات في الجرائم ضد الإنسانية جارية، مع أن تقريراً صادراً عن الأمم المتحدة أشار إلى أن كلا الطرفين "مذنب لارتكابه جرائم حرب، وخصوصاً في معاملتهما للمدنيين في مناطق الحروب".

وقد احتجت القيادة السريلانكية على هذه التحقيقات، في حين تم انتقاد المصالحة بين التاميل والسنهاليين. كما أفادت تقارير عدة بأن الأقلية التاميلية غير راضية عن المعاملة التي نلقاها من قبل الحكومة السريلانكية.

في موازاة التوتر بين التاميل والسنهاليين، تشهد البلاد نمو صراع آخر. فقد هاجم القوميون البوذيون المسلمين والمسيحيين في البلاد خلال السنوات الأخيرة. ووُجّهت أصابع الاتهام إلى جماعات مثل بودو بالا سينا (BBS)، المعروفة باسم القوة البوذية، في التحريض على الهجمات ضد المجموعتين الدينيتين.

في عام 2014 قُتل مسلمون في هجوم شنه سنهاليون وقوميون بوذيون على بلدة ألوثغاما. وفي عام 2018 قُتل مسلمان على يد مجموعة غاضبة من السنهاليين بعد مقتل سائق شاحنة سنهالي على أيدي أربعة شبان مسلمين. الجماعات البوذية بدورها هاجمت أيضاً مؤسسات مسيحية بعد الحرب.

وما يزيد الأمر تعقيداً في فهم النزاعات المختلفة في سيريلانكا هو أن المسلمين غارقون في صراعاتهم الداخلية بين المحافظين (الذين غالباً ما يطلق عليهم تعريف الإصلاحيين في سياق جنوب آسيا) والجماعات التي تتبع الطريقة الصوفية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ففي إحدى الهجمات عام 2006، دمر المسلمون المحافظون أجزاء من مسجد صوفي في بلدة كاتانكودي في الجزء الشرقي من البلاد، ما أسفر عن سقوط ضحايا. كانت مثل تلك الهجمات علامة مبكرة على أن بعض الجماعات الإسلامية قد تبنت أجندة إسلامية متشددة.

خلال عملي الميداني في سريلانكا، زرت العديد من المساجد، وفي بعضها حصلت على مواد يمكن ربطها بالمنظمات الإسلامية المتطرفة. تضمّنت تلك المواد خطباً لأسامة بن لادن تُرجمت إلى اللغة التاميلية- وهي اللغة السائدة بين المسلمين. لا أعرف مدى انتشار تلك المواد، لكن علامات التطرف كانت موجودة.

والآن يبدو أن جماعة متطرفة محلية، على الأرجح بمساعدة منظمة دولية، كانت وراء هجمات عيد الفصح الإرهابية. وتشير ضخامة الهجوم وأهدافه من المسيحيين والسياح إلى شبكة دولية من الإرهابيين، وهي علامة على أن شكلا جديدا من أشكال الإرهاب قد بلغ هذه الدولة الجزيرة التي تعاني سلفاً من الانقسام جرّاء صراعات مختلفة عديدة. هكذا فقد كانت سيريلانكا مواتية للاستغلال من قبل أولئك الذين لديهم أجندة ملتوية.

وينذر تنامي القومية السنهالية والبوذية في الآونة الأخيرة بحدوث أعمال شغب بين السنهاليين والجماعات المسلمة في أعقاب هذه الهجمات. وهناك أيضا انتخابات رئاسية هذا العام وانتخابات برلمانية في العام المقبل، وقد أثارت هجمات عيد الفصح مخاوف حقيقية من إمكانية تأثير العنف على نتائجها.

في عام 2009، كنت آمل أن يتحقق السلام بعد العنف. لقد كنت مخطئاً في ذلك الوقت، ولم يتبقى لنا سوى أن نأمل في أن يُحدث هذا الهجوم صدمة بين مجموعات سريلانكا المتنافرة ويدفعها إلى التشبث بوحدة بلد يصارع للهروب من ماضي عنيف.

(أندرياس جوهانسون هو مدير الشبكة السويدية لدراسات جنوب آسيا بجامعة لوند ومؤلف كتاب "السياسة الإسلامية البراغماتية - حالة مؤتمر مسلمي سريلانكا"- ربيع 2019)

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء