Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيلون ماسك يروج للعملات المشفرة فما سبب ذلك وأهميته؟

إنها أشد خطواته غرابة وخطورة ربما حتى الآن، وثمة عواقب تترتب على ذلك

ربما يندفع إيلون ماسك وراء العملات المشفرة بهدف التسلية (أ ف ب)

 يروّج أيلون ماسك بنشاط في الأسابيع الأخيرة على حسابه في "تويتر" للعملات المشفرة (وأصبح أيضاً في مرحلة ما أغنى فرد في العالم بفضل حصته في شركة "تيسلا" المصنعة للسيارات الكهربائية). ورأى البعض ذلك مجرد تسلية مليئة بالـ"ميم" عبر الإنترنت يمارسها ماسك الغريب الأطوار، ولا تملك أي أهمية في الواقع.

وفي هذا الأسبوع، يبدو أن ماسك أشرك "تيسلا" نفسها في هوسه بالعملات المشفرة.

إذ اعلنت الشركة (تيسلا) الإثنين الماضي أنها استثمرت 1.5 مليار دولار أميركي من نقودها المؤسساتية الاحتياطية في عملة مشفرة معروفة جيداً اسمها "بيتكوين" Bitcoin بهدف "تنويع" العائد على احتياطاتها "ورفعه إلى الحد الأقصى". وأفادت الشركة التي ارتفعت قيمتها في سوق الأوراق المالية إلى حد كبير بالمقارنة بالشركات العالمية الكبرى المصنعة للسيارات مجتمعة، بأنها ستبدأ في قبول الـ"بتكوين" في الدفع المباشر من قِبَلْ العملاء في مقابل السيارات الجديدة.

ماذا يجري إذاً؟

أولاً، من المهم إدراك أن ماسك معروف منذ زمن بأنه شخصية غريبة الأطوار، لا سيما عبر الإنترنت. فقد اتهم زوراً غواصاً بريطانياً ساعد في إنقاذ العالقين داخل كهف في تايلاند عام 2018 (وانتقد تدخل ماسك) بأنه "متحرش جنسياً بالأطفال". وعلى نحو مماثل، خضع ماسك إلى تحقيق أجراه معه مسؤولون عن التنظيم المالي في الولايات المتحدة، وغرّموه بسبب الاحتيال في مجال الأوراق المالية بعدما أشار عرضاً على "تويتر" إلى أنه على وشك سحب "تيسلا" من سوق الأسهم.

وفي الشهر الماضي وحده، ساعد في تعزيز الهوس بأسهم "غايم ستوب" [موقع للألعاب الإلكترونية استُخدِم في مضاربة شعبية على الأسهم].

وتطول القائمة.

من جهة أخرى، يشكّل الترويج في العالم الواقعي للعملات المشفرة من خلال الميزانية العمومية لـ"تيسلا"، الخطوة الأكثر غرابة وربما خطورة أيضاً، إلى الآن. وقد وافق مجلس إدارة "تيسلا" على الاستثمار في "بيتكوين"، لكن محللين يشيرون إلى أن الأمر يبدو كأنه قرار اتخذه الرئيس التنفيذي ماسك. وكذلك أثارت الخطوة قلقاً شديداً على الحوكمة المؤسساتية.

ولا تصعب رؤية السبب. إذ تضع الشركات نقودها الاحتياطية في أصول مأمونة كالسندات الحكومية، وليس في عملات مشفرة.

وليس من غير المعتاد أن تشتري الشركات أسهماً في شركات أخرى، بما فيها الشركات المنافسة. في المقابل، يمثّل استثمار مبلغ ضخم كهذا في عملة مشفرة، أمراً غير مسبوق ومحفوف بالمخاطر. وعلى الرغم من الاسم الخاص بالعملات المشفرة، لا يعتبرها معظم الاقتصاديين والمحللين "عملات".

ويرجع هذا إلى أن قيمتها غير مدعومة بأي شيء باستثناء اعتقاد أصحابها في قيمتها، ما يجعل سعرها متقلباً إلى حد هائل. واستطراداً، فإنها ليست مخزوناً ثابتاً للقيمة، ولا وسيلة تبادل قابلة للاستمرار، ولا وحدة حسابية مفيدة، وتلك هي الوظائف الثلاث الكلاسيكية للعملة. وفي وثيقة أودعتها لدى الجهات المنظمة، أفادت شركة "تيسلا" بأن صفقة "بتكوين" لا تشمل الأموال اللازمة للحفاظ على "السيولة التشغيلية" لـ"تيسلا"، أي النقود التي تحتاجها الشركة لتغطية تكاليف إدارتها اليومية.

وفي المقابل، لن يؤدي إلا إلى تعزيز الانطباع بأن الخطوة عبارة عن رهان  من مؤسّس "تيسلا" باستخدام أموال الشركة (أو أموال المساهمين). وقد تكون "تيسلا" غارقة في سيولة نقدية بلغت 19 مليار دولار أميركي في ميزانيتها العمومية. وقد تراكم حوالى نصف هذا المبلغ العام الماضي، إذ استفادت الشركة من زيادة بلغت سبعة أضعاف في سعر السهم عام 2020، وجمعت 12 مليار دولار أميركي من رأس المال الجديد من السوق.

وفي هذا السياق قد لا يبدو مبلغ الـ1.5 مليار دولار المراهن به على "بتكوين" محفوفاً بالمخاطر.

ومن جهة أخرى، اقتربت "تيسلا" من الإفلاس قبل ما لا يزيد على سنتين، عندما هبطت احتياطاتها النقدية إلى 2.5 مليار دولار. ويماثل المبلغ المستثمر تقريباً أيضاً ما أنفقته" تيسلا" على البحث والتطوير في 2019.

إذاً، هل يشكل الاستثمار استخداماً حصيفاً للنقود الفائضة لدى الشركة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في شكل متصل، يمكن القول أيضاً إن نشر ماسك تغريدات لـ46 مليون متابع ومشجع حول فضائل "بتكوين" حينما اشترى ذلك الأصل المالي [= "بيتكوين"] سراً، يُعتبر سبباً لإجراء تحقيق رسمي بشأن تلاعب في السوق. هل هذا حقاً شيء ينبغي أن يدرسه مجلس إدارة "تيسلا"؟

لقد أضاف الانتعاش الذي حفّزه إعلان الإثنين [من قِبَل "تيسلا"] أكثر من 100 مليار دولار إلى قيمة كل "بتكوين" المستخرجة في العالم.

ويبدو من غير المرجح أن يكون ماسك فعل هذا لمجرد تحقيق مكاسب سريعة.

وقد يتصور صادقاً، كما البعض، أن العملات المشفرة تمثّل مستقبل المال، وأن "بيتكوين" وغيرها ستتطور في الوقت المناسب إلى عملات حقيقية، مع قيمة ثابتة واستخدام واسع النطاق كمدفوعات.

ومن المحتمل اعتقاده بأن استثماراً مؤسسياً رفيع المستوى وكبيراً من قبل شركة كـ"تيسلا" يشكّل ما تتطلبه العملات المشفرة كي تنتقل إلى مجال السائد (والطبيعي) [في الاقتصاد والمال].

واستطراداً، لم تكن تغريداته حول هذا الموضوع مفيدة على نحو خاص. في ديسمبر (كانون الأول) اقترح أن "عملة "بيتكوين" تكاد تكون بمثابة هراء كالعملة الورقية التي تطبعها الدول". وبوضوح، لا يعني ذلك أن "بتكوين" متفوقة.

في وقت أقرب، نشر مجموعة من الـ"ميم" على الإنترنت دعماً لعملة "دوغيكوين"، وهي عملة مشفرة مصممة كي تكون دعابة، وتتمتع بعرض غير محدود (خلافاً لـ"بتكوين").

ربما كان ماسك يُسلي نفسه ببساطة، من خلال تضخيم فقاعة ما، وإنه يفعل ذلك لأنه يستطيع، ويعرف أنه لن يتضرر مالياً في شكل جدي إذا انهار الاستثمار كله.

في المقابل، ثمة عديد من الآخرين قد يشترون "بتكوين" لأن واحداً من أكثر أفراد العالم ثراءً، وأحد رجال الأعمال الأكثر شهرة عالمياً، يشجع هذه العملة. ومن غير المرجح أن يكونوا محميين مالياً إلى هذا الحد إذا انفجرت الفقاعة.

ويتساءل كثيرون عما إذا كان هذا النوع من المضاربة الغريبة في الأسواق الدائمة الصعود التي تشمل "بتكوين" وأسهماً في "تيسلا" ذاتها، يعني أن تلك الحلقة [من الصعود في القيمة للشيئين المذكورين آنفاً] في مرحلة "النشوة"، ونهاية الحفلة تقترب.

© The Independent

المزيد من اقتصاد