Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعود متطرفو التغير المناخي إلى رشدهم؟

الطاقة من الألواح الشمسية وعنفات الرياح متقطعة

مشكلة الطاقة المتجددة في تطرف مؤيديها بشكل لا يتناسق مع المنطق (غيتي)

أكرر ما ذكرته سابقاً بأن كل الدول تحتاج إلى مصادر الطاقة وإلى تنويعها وتنويع وارداتها، وعلى كل حكومة أن تبني محفظة طاقة بناء على خليط معين يحقق أعلى منفعة للمجتمع، بما في ذلك تخفيف معدلات التلوث في المدن، واستمرار إمدادات الطاقة في كل الأوقات والظروف. 

مشكلة الطاقة المتجددة في تطرف مؤيديها بشكل لا يتناسق مع المنطق ولا يتفق مع الواقع، والحقيقة أن طاقة الألواح الشمسية وعنفات الرياح متقطعة، ومن ثم فإنه يجب النظر إليها على أنها متقطعة حتى يتم تطوير تكنولوجيا تسمح بالتخزين الرخيص للطاقة، وهذه المشكلة حلتها شركات الكهرباء مع الفحم والنفط والغاز منذ عقود بـ "التخزين"، إلا أن تخزين الفحم والنفط والغاز لا يتأثر بالبرد ولا تتناقص الكميات مع الزمن، بينما التخزين في البطاريات يتلاشى مع الوقت، ويزداد معدل الفاقد مع انخفاض درجات الحرارة. 

والحقيقة أن ما يحل محل التخزين الآن هو محطات الكهرباء العاملة بالفحم والغاز، فإذا كان الوقت ليلاً ولم تعصف الرياح، فإنه يتم تشغيل هذه المحطات أو زيادة نسبة تشغيلها للتعويض عن الكهرباء التي كان من المفروض أن تنتجها الطاقة الشمسية أو الرياح، إلا أن عدم منطقية متطرفي التغير المناخي يجعل الأمور أكثر صعوبة حتى بالنسبة إلى صانع القرار. الاستثمار الضخم المدعوم من الحكومة في الطاقة الهوائية والشمسية خفّض الاستثمار في تطوير محطات الغاز وأنابيبه، وفي الوقت نفسه لجأت بعض الحكومات إلى إغلاق محطات الفحم والطاقة النووية بناء على ضغوط من أنصار البيئة.

ويرفض متطرفو التغير المناخي حساب كُلف محطات الفحم والغاز الاحتياطية ضمن كُلف الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية والهوائية، ويصرون على حساب الانبعاثات وأنها قادمة من الفحم والغاز، علماً بأنه لو عملت الطاقة الشمسية والرياح بشكل جيد، فلن تكون هناك حاجة لاستثمارات إضافية، ومن ثم فليس هناك حاجة لمحطات الفحم والغاز، وبالتالي لن تكون هناك انبعاثات. 

الإصرار على عدم حساب كُلف محطات الفحم والغاز الاحتياطية يعكس الفكرة التي يحاول هؤلاء ترويجها، وهي أن الطاقة المتجددة رخيصة وانبعاثاتها أقل، إلا أن الحقيقة أنه يجب حسابها، ومن ثم فإن الكُلف الحقيقية أعلى والانبعاثات كذلك، ولا يمكن التعبير عن عدم منطقية متطرفي التغير المناخي سوى بما حصل ليلة أمس أثناء أزمة الكهرباء في تكساس، إذ تشير كل البيانات إلى أن توقف عنفات الرياح هو السبب الرئيس في نقص الإمدادات، إلا أن بعضهم أصرّ على أن المشكلة في الوقود الأحفوري لأنه لم يتمكن من تغطية النقص في إمدادات اللوائح الشمسية وعنفات الرياح، وهذا مثل المتهم بقتل شخص، ولكن يُقبض على رجل في الشارع بتهمة القتل، لأنه لم يمنع القاتل من القتل! 

الأدلة من أرض الواقع

ليس هناك أدل على "النفاق البيئي" و"الخداع البيئي" والاستغلال باسم "التغير المناخي" مما حصل على أرض الواقع:

1- مع تراكم الثلوج وانتشار الصقيع انخفض توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية في ولاية تكساس الأميركية بشكل كبير، الأمر الذي نتج منه انخفاض كبير في احتياطي الكهرباء وارتفاع خيالي في أسعارها، تلاه انقطاع منظم ومبرمج، ثم انقطاعات مفاجئة في التيار الكهربائي، وانقطاع الكهرباء ودرجة الحرارة 17 تحت الصفر، في بيوت كل ما فيها يعمل بالكهرباء... كارثة! 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي غياب أي نوع من التدفئة قد تنفجر أنابيب المياه بسبب التجمد وتهدد البيت بالكامل، ولم ينقذ الوضع إلا الغاز الطبيعي الذي ارتفع استخدامه بشكل كبير جعله يعوض خسائر الطاقة الشمسية والرياح، ولكن الزيادة الكبيرة في الطلب بسبب الصقيع أجبرت الهيئة الحكومية المتخصصة بإدارة الكهرباء على قطعها عن بعض الأماكن، ولولا ثورة الغاز الصخري التي وفرت هذه الكميات من الغاز، لعانت الولايات المتحدة من أكبر كارثة طاقة في حياتها، إذ حتى كاليفورنيا أنقذتها ثورة الصخري خلال الصيف الماضي.

2- منذ حوالى أسبوعين عانت بريطانيا من أعلى أسعار كهرباء في تاريخها، لأن الطاقة المتجددة لم تولد الكهرباء الكافية. 

3- قامت السويد بتشغيل محطة كهرباء عاملة بزيت الوقود، وهو أحد المنتجات النفطية، لمقابلة الطلب على الكهرباء بعد فشل الطاقة المتجددة في توليد كميات كافية.  

4- مع سوء الأحوال الجوية وحصول عجز في إمدادات الكهرباء في النرويج، قامت باستيراد الكهرباء من بولندا، والكهرباء منتجة من "الفحم"، وهذا يعني أن سيارات النرويج الكهربائية التي يفتخرون بأنها تستخدم الكهرباء من الطاقة المائية كانت فيها كهرباء من الفحم، ولكن يبدو أنه لا مشكلة طالما أن النرويجيين لا يرون الفحم.  

5- قامت فرنسا أخيراً برفع أسعار الكهرباء للتعويض عن كُلف الطاقة المتجددة، وبشكل عام فإن أعلى أسعار الكهرباء في العالم موجودة في الدول الأكثر اخضراراً.  

6- في ألمانيا، ملكة الطاقة المتجددة، تجمدت بعض العنفات الهوائية وتمت زيادة استخدام الفحم لتوليد كميات كافية من الكهرباء. 

فهل تعيد كل هذه التجارب متطرفي التغير المناخي إلى رشدهم؟ لا يبدو ذلك! 

هل كان من الممكن تلافي أزمة الكهرباء في تكساس؟ 

كان من الممكن تلافي الأزمة لو تم طلاء شفرات العنفات الهوائية بدهان معين ووضع سخانات عليها، إلا أن هذا يرفع الكُلف ويتنافى مع فكرة أنها منتج رخيص للكهرباء، إلا أن الخطأ الأساس هو الاعتماد الزائد على الطاقة الهوائية خلال فترة قصيرة من الزمن، وهو الذي أجبر الهيئة المتخصصة على قطع الكهرباء ضمن برنامج معين لمنع انقطاعها عن معظم الولاية، وكان من الممكن تلافي الأزمة لو تم الاستثمار في محطات كافية تعمل بالغاز والأنابيب الواصلة إليها، إلا أن الدعم المالي الضخم الذي قدمته الولاية والحكومة الفيدرالية لشركات بناء العنفات الهوائية أخاف المستثمرين في قطاع الغاز.

خلاصة الأمر أن هناك دروساً لصانعي القرار من هذه التجارب، مثل الوسطية والتوازن والتحول ببطء في سياسات الطاقة، وعلى صانعي القرار أن يدركوا أن أية سياسات في مجال ما، هي أيضاً رسائل للمستثمرين في مجالات أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء