Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قطاع النفط الليبي ينتعش وسط مخاوف من عثرات جديدة

زيادة مستويات الإنتاج إلى مليونين و244 ألف برميل يومياً وتأخر رواتب حرس المنشآت يهدد بالإضراب

منشأة نفطية في مدينة البريقة الليبية (أ ف ب)

مضت ستة أشهر منذ عاود النفط الليبي التدفق من جديد بعد نصف عام من التوقف الإجباري عن الإنتاج والتصدير بقرار من القبائل الموالية لقائد الجيش شرق ليبيا المشير خليفة حفتر. ومنذ حل أزمة حقول النفط وموانئه باتفاق مفاجئ جرى بين حفتر ونائب رئيس المجلس الرئاسي السابق في طرابلس أحمد معيتيق في يوليو (تموز) من العام الماضي، حققت معدلات الإنتاج قفزات كبيرة في وقت قياسي، مقتربة من المعدل الطبيعي السابق، البالغ قرابة مليون و700 ألف برميل.

وإذا كان توقف الإنتاج لنصف عام ترك بصمات سوداء على الاقتصاد الليبي، وتسبب في أزمة مالية واقتصادية خانقة، فكيف انعكس استئناف تصدير نفط ليبيا على اقتصادها، وأين تذهب أموال النفط حالياً، وهل تُوزع بشكل عادل يستجيب لدعوات بعثة الأمم المتحدة للدعم بهذا الشأن؟

قفزات سريعة

تشير آخر التقارير الصادرة عن المؤسسة الوطنية للنفط إلى تعافٍ ملحوظ لقطاع النفط الليبي لم يكن متوقعاً تحققه بهذه السرعة، بعد وصول إنتاج الخام إلى مليون و244 ألف برميل يومياً، ما يقرب المؤسسة من أكثر المعدلات السابقة للإنتاج، وترجع قفزة المعدلات هذه إلى إصلاح خط الأنابيب الرئيس، الذي تعرض لأضرار ناجمة عن فترات التوقف الطويلة لتدفق الخام عبره.

 يوضح المتحدث باسم شركة "الواحة" للنفط علي الفارسي التفاصيل الفنية الخاصة بهذا الخط الذي أُصلح بقوله، إن "الخط الذي جرت صيانته يبلغ قطره 32 بوصة، وينقل نحو 200 ألف برميل من النفط يومياً إلى ميناء السدرة، الأضخم في البلاد". وأشار إلى أنه "بإصلاحه، فإن الإنتاج في حقول الواحة النفطية بشرق ليبيا، عاد إلى مستواه الطبيعي البالغ 300 ألف برميل يومياً، ما عزز معدلات الإنتاج بشكل كبير".

تداعيات الحرب على القطاع النفطي

وبشكل عام نجت المواقع النفطية في ليبيا من آثار الحروب الأخيرة بين الجيش الوطني وقوات الوفاق خلال العامين الماضيين، بعد أن تضررت كثيراً من صراعات عسكرية أخرى، في السنوات الماضية دارت بعضها بالقرب من حقول النفط وموانئ التصدير مخلفة أضراراً جسيمة فيها.

ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي علي الفايدي أنه "على الرغم من أن المنشآت النفطية نجت من الأضرار المباشرة للحرب، فإنها لم تنج من تداعياتها، حيث أثرت فترات التوقف الطويلة في الحالة الفنية لحقول النفط وموانئ التصدير، ما يتطلب حملة صيانة شبه كاملة لها تستلزم توفير مبالغ ضخمة لها".

وأضاف، "التوقف الطويل للعمليات النفطية لم يكن له آثار سلبية في الجانب الفني فقط، بل أسهم في انقسام المؤسسات التي تعمل على تأمين الحقول والموانئ النفطية، مثل جهاز حرس المنشآت، ما تسبب في مشاكل حول التبعية والشرعية لهذا الجهاز، لم تحل حتى اليوم".

أزمة جديدة في الأفق

وعلى الرغم من أن اتفاق اللجنة العسكرية "5+5" تضمن فقرة تنص على توحيد جهاز حرس المنشآت النفطية، وهو ما عززته بإعلان تنفيذ هذا البند بعد أيام من توقيع اتفاق جنيف العسكري في سبتمبر (أيلول) الماضي باجتماع لرئاسة الجهاز، شرق ليبيا وغربها في مدينة البريقة، التي تحوي واحداً من أكبر الموانئ النفطية في البلاد، فإن تنفيذه لا يزال يواجه تحديات كبيرة، باتت تهدد بأزمة جديدة قد تسفر عن توقف جديد للإنتاج، إذا لم تحل هذه المشاكل بشكل جذري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضاف إلى هذا مشكلة رئيسة تتمثل في تأخر صرف رواتب أعضاء جهاز حرس المنشآت الليبية لعدة أشهر، الأمر الذي دفعهم للتهديد أكثر من مرة بإيقاف الإنتاج والتصدير حتى صرف متأخراتهم.

وفي أحدث بيان بشأن هذه الأزمة، أعلن جهاز حرس المنشآت النفطية شرق ليبيا وجنوبها، الخميس الماضي، أنه "سيضطر لإيقاف تصدير النفط من موانئ البريقة وراس لانوف والسدرة شرقاً، وإنتاجها من حقول النفط التابعة لفرع الجهاز بالمنطقة الجنوبية في ظل استمرار تعطيل رواتبهم من جانب رئيس الجهاز علي الديب".

وأوضح البيان، أن "موظفي جهاز حرس المنشآت النفطية مضطرون لاتخاذ هذا الإجراء في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانونها"، محملين رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية المسؤولية عن هذا الوضع، الذي اتهمه البيان بـ"التفرقة العنصرية والجهوية بين المنتمين للجهاز، من الشرق والغرب والجنوب".

مساع دولية لحل الأزمة

وتحاول بعثة الأمم المتحدة وعدة أطراف دولية الضغط على الأطراف الليبية ذات العلاقة بهذه الأزمة لحلها بسرعة قبل إيقاف الإنتاج مرة أخرى، وما يراكمه من مشاكل للاقتصاد الليبي، الذي شهد تعافياً نسبياً بعد استئناف تصدير النفط وإقرار حزمة من الإصلاحات في القطاع المالي أبرزها تعديل سعر صرف الدينار الليبي، ما أسهم بشكل جزئي في حل مشكلة السيولة بالمصارف الليبية، وخفف الضغوط المعيشية على المواطن الليبي.

ويبرز من بين هذه الجهود المساعي التي تبذلها سفارة الولايات المتحدة، التي أعلنت في وقت سابق أن السفير ريتشارد نورلاند التقى رئيس مؤسسة النفط الوطنية مصطفى صنع الله "لمناقشة المخاوف من أي إغلاق إضافي لقطاع الطاقة الليبي، التي سيضر بجميع الليبيين"، ودعا بعدها السفير الأميركي "السلطات الليبية ذات العلاقة، للتعجيل بصرف رواتب الجهاز، لتجنب تصعيد عناصره الذين هددوا باللجوء إلى إيقاف ضخ النفط من جديد".

أين تذهب العائدات؟

بحسب الاتفاق المعروف بـ"اتفاق النفط" في ليبيا، الذي أدى إلى استئناف الإنتاج، فإن أطرافه كانت قد توافقت على تجميد عوائد النفط الليبي بعد إعادة التصدير في حساب خاص يُنشأ لهذا الغرض، إلا أن هذا الاتفاق لم ينفذ، ولا تزال إيرادات بيع الخام الليبي تذهب إلى حسابات مصرف ليبيا المركزي في طرابلس بعد مرورها على المصرف الليبي الخارجي أي بالآلية السابقة نفسها.

ولا يخالف هذا الإجراء اتفاق النفط الليبي فقط، بل ينافي أيضاً الدعوات التي أيدت فيها مجموعة العمل الاقتصادي، التابعة لبعثة الأمم المتحدة، اتفاق تجميد عوائد النفط في أكثر من مناسبة كإجراء استثنائي ومؤقت.

واتهمت المؤسسة الوطنية للنفط على لسان رئيسها مصطفى صنع الله، في بيان تلفزيوني تلاه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، المصرف المركزي بعدم الشفافية في بيان أوجه صرف العوائد المحصلة من بيع النفط الليبي.

وشدد صنع الله في بيانه وقتها، على ضرورة أن "توضح إدارة المصرف أوجه الصرف لإيرادات النفط، باعتبارها أموال الليبيين الذين يحق لهم معرفة إلى أين تذهب؟".

موضحاً أن "المؤسسة تحيل إيرادات مبيعات النفط والغاز ومشتقاته إلى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس برئاسة الصديق الكبير وينتهي دورها عند تلك النقطة". وكانت المؤسسة الوطنية للنفط، أعلنت تحقيق عوائد قياسية بلغت ملياراً و115 مليون دولار، من إيرادات بيع النفط الخام والغاز والمكثفات والمنتجات النفطية والبتروكيماويات، في آخر تقرير لها حول إيرادات الطاقة، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير