Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة النفط الليبي تتفاقم... والسراج يعترف بجلب مرتزقة

تصدير الخام يقترب من الصفر... ومستشار حكومة الوفاق يبرر التدخلات العسكرية

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج   (أ.ف.ب)

أعلنت زعامات قبلية في شرقي وجنوبي ليبيا استمرارها في إغلاق حقول وموانئ إنتاج وتصدير النفط، التي كان آخرها حقل "الشرارة" الضخم جنوبي البلاد وينتج نحو 300 ألف برميل يومياً، ليتقرب معدل تصدير الخام الليبي من الرقم صفر، رغم الدعوات الدولية التي تعددت ويتقدمها ما صدر عن الاجتماع الدولي الخاص بليبيا في برلين لتجنيب المورد الأول لاقتصاد البلاد تبعات الصراعات السياسية والعسكرية التي يعيشها البلد الواقع في الشمال الأفريقي منذ سنوات.

شروط لإعادة إنتاج النفط

ووضعت القبائل الليبية في المناطق التي تقع فيها حقول النفط والمتركزة شرقي وجنوبي البلاد عدة شروط لإعادة الإنتاج، حيث قال شيخ قبيلة المغاربة (إحدى أكبر القبائل في المنطقة الوسطى)، مفتاح البقان المغربي،  "إن طرد مصطفى صنع الله (رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط) والمرتزقة والإرهابيين من طرابلس، شروط لا مساومة فيها لإعادة العمل في الموانئ والحقول".

وأكد بيان لشيوخ وأعيان القبائل "أن الموانئ والحقول النفطية لا يمكن إعادة فتحها إلا بعد أن تتحقق مطالب الشعب الليبي"، موضحاً أن "هذا التحرك مبنيٌّ على ما تقوم به حكومة الوفاق والتي يرأسها عميل تركيا السراج، – بحسب البيان – من عقد اتفاقيات لبيع ليبيا وجلب المرتزقة وجرّ البلاد إلى الاستعمار العثماني".

ووضع البيان شروطاً لإعادة فتح الموانئ والحقول النفطية، على رأسها "إقالة مصطفى صنع الله، لأنه هدد بـ(إعدام) المتسببين في إغلاق حقول النفط من دون أن يعرف مطالبنا المشروعة، فضلاً عن عدم شرعيته في  تولي هذا المنصب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رفض التدخل الأجنبي

من جانبه، قال عميد بلدية الكفرة جنوب شرقي ليبيا، مفتاح أبو خليل "إن جميع القبائل متفقة على رفض أي قوات أجنبية على الأراضي الليبية". وأشار إلى أن "المطالبة بقوات حماية دولية يعبِّر عن مطالب جماعة الإخوان المسلمين التي شعرت بأن الشعب الليبي لن يقبل بها مرة أخرى في المشهد"، مشدداً على أن "الشعب الليبي مستعد بشكل كامل الآن لحمل السلاح وخوض معركة مفتوحة ضد أي قوات أجنبية تدخل إلى الأراضي الليبية".

وبشأن تأثير إغلاق الحقول النفطية على الاقتصاد الليبي، لفت إلى أن "الاقتصاد ينهار بشكل متتابع منذ عام 2011 حتى الآن، ومعظم الاستثمارات الليبية في الخارج بيعت بمباركة الأطراف الحاكمة".

تبعات خطيرة

وحذَّر رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، من مخاطر وآثار إغلاق حقول النفط على الاقتصاد الليبي، قائلاً إن "إغلاق الحقول والموانئ سيفقد ليبيا نحو 800 ألف برميل من النفط، أي ما يعادل 55 مليون دولار يومياً" .

وأضاف، في تصريحات صحافية متطابقة، "أن تبعات إغلاق ما يزيد على 50 حقلاً ومحطة نفط منتشرة في حوض سرت ستكون خطيرة"، معتبراً أن مؤسسته "تحاول دائماً تعزيز مبدأ الشفافية في الإنفاق الحكومي وتبين أين تنفق عوائد النفط، وتعمل على العدالة في التوزيع بين أبناء الشعب"، كما طالب مصرف ليبيا المركزي في طرابلس ووزارة المالية بتعزيز ذلك.

من جهته أصدر جهاز حرس المنشآت النفطية بياناً للرد على تصريحات صنع الله التي جاءت في خطابه إلى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ونفى رئيس الجهاز، اللواء ناجي المغربي، في البيان ادعاءات صنع الله إصدار المغربي أي تعليمات لمراقبي الموانئ النفطية بإيقاف تصدير النفط جملة وتفصيلاً.

وأكد الجهاز "أن صنع الله تجاهل وتناسى جهود القوات المسلحة وجهاز حرس المنشآت النفطية في تحرير الحقول والموانئ النفطية وتسليمه هذه الموانئ للمؤسسة أمام العالم أجمع، وذلك بعد أن تمت حمايتها وتأمينها للحفاظ على مصدر رزق الليبيين".

كما نوّه إلى أن إيقاف تصدير النفط جاء بناءً على قرار وقف التصدير بموجب بیان ملتقى القبائل والمدن الليبية، الصادر في ميناء الزويتينة النفطي وهو أمر يخص الشعب الليبي، حسب وصفه. 

السراج يحذر من وضع كارثي

واعتبر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، أن "ليبيا ستواجه وضعاً كارثياً إذا لم تضغط القوى الخارجية على قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، لوقف حصار حقول النفط الذي أدى إلى وقف إنتاج الخام تقريباً"، حسب قوله.

وأعلن في تصريح لوكالة "رويترز" أنه "رفض مطالب حفتر بربط إعادة فتح الموانئ بإعادة توزيع إيرادات النفط على الليبيين"، مؤكداً أنه "سيحترم دعوة قمة برلين إلى وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سياسية لكنه لن يجلس مرة أخرى مع حفتر".

اعتراف خطير

في سياق آخر، أثارت تصريحات أدلى بها السراج لقناة "بي بي سي" البريطانية جدلاً واسعاً في ليبيا، حين اعترف بوجود مرتزقة سوريين يقاتلون في صفوف ميليشياته ضد قوات الجيش الوطني، وأكد أنه لن يتردد في طلب مساعدة أي طرف لدحر ما سماه "العدوان على طرابلس".

وأضاف "نحن لا نتردد في التعاون مع أي طرف في مساعدتنا لدحر الاعتداء بأي طريقة كانت ولنا الحق فنحن في حالة دفاع عن النفس شرعية ضد محاولة انقلابية يقوم بها طرف آخر".

وهاجم الدول التي تنتقد جلبه، بالتعاون مع تركيا، المرتزقة السوريين إلى بلاده قائلاً "الذين يعطوننا دروساً في ذلك من الحكومات التي تدعى الديموقراطية ليقولوا لنا كيف يتم التعامل مع أي طرف متمرد يحاول الانقلاب على الشرعية".

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد عملية تجنيد المرتزقة، قائلاً إن نحو 2400 مرتزق وصلوا إلى العاصمة طرابلس، وتعمل تركيا على تجنيد نحو 6 آلاف مرتزق سوري في ليبيا حسب مصادر، من خلال عدد من المغريات من بينها الراتب الذي يصل إلى 2000 دولار شهرياً ومنحهم الجنسية التركية  .

وانتقد الصحافي الليبي، هشام بن صريتي، تصريحات السراج قائلاً في حديث لـ"اندبندنت عربية" إن "هذا كلام لا يصدر عن رجل سياسي يعي ما يقول. إنه مثل الذي يربط خيطاً حول رقبته ليشنق نفسه. كيف لسياسي عاقل ومتزن أن يعترف أمام العالم وفي منبر كهذا يتابعه المليارات من البشر في العالم أنه يجلب المرتزقة لبلاده وأغلبهم متهمون بالإرهاب والانتماء لتيارات راديكالية متشددة يحاربها ويحظرها المجتمع الدولي. إنه الجنون بعينه ودليل على أن الرجل فقد البوصلة التي تضبط تصريحاته".

وتساءل "ليجيبنا السراج بأي منطق يريدنا أن نفهم أنه يفضل جلب مرتزق أجنبي على التعامل مع جيش وبرلمان ليبيين مع معرفتنا بكل تحفظاته عليهما؟ التفسير الوحيد لكلام السراج أنه يقول لليبيين إنه مستعد للبقاء في كرسي الحكم مهما كلف ذلك من تنازلات حتى لو اضطررت للتعامل مع الشيطان".

مستشار السراج يبرر الاستعانة بمرتزقة

واستنكر المستشار السياسي لحكومة الوفاق، محمد بويصير، في منشور له عبر صفحاته على مواقع التواصل، السؤال الذي وجهته مذيعة قناة "بي بي سي" في حوارها مع السراج، أمس، حول وجود مرتزقة سوريين يقاتلون ضمن صفوف ميليشياته، وبرر لجلبهم إلى طرابلس مستشهداً بوقائع تاريخية، قائلاً "هل نسيت المذيعة، أن مليون جندي أميركي بقيادة الجنرال أيزنهاور هم من حموا لندن من الاجتياح عام 1942 وحققوا النصر على المعتدي بعدها بثلاثة أعوام".

وأضاف "القوات الفرنسية بقيادة الجنرال لافايت هي من ساعدت الأميركيين على انتصار ثورتهم، وأن مصر الحديثة أسسها ألباني يقود جيشاً خليطاً من كل حدب وصوب، وأن ديغول حرّر باريس على رأس جيش من الغرباء، بل إن الجيش الثامن بقيادة مونتغومري بعناصره البريطانية والهندية والأسترالية هو من أنهى الاحتلال الإيطالي لليبيا".

واستكمل مبرراته قائلاً "عندما أراد جمال عبد الناصر مواجهة غارات العمق الإسرائيلية عام 1969 استعان بالطيران الروسي، هل تناست المذيعة كل ذلك أم أنها لم تكلف نفسها قراءة التاريخ؟".

بدء أعمال لجان برلين

في سياق منفصل، أكد المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، نيته دعوة اللجنة الأمنية العسكرية (5+5)، خلال أيام للاجتماع بعد تسلمه أسماء أعضائها من كلا الطرفين الليبيين، مشيراً إلى أن "المسار السياسي سينطلق نهاية هذا الشهر".

وقال، في لقاء صحافي "إن المسارات الثلاثة بدأت تعمل، المسار العسكري والأمني يتألف من 5 ضباط نظاميين من كل طرف، وقد تسلمت يوم أمس الأسماء الخمسة من كلا الطرفين، وسأدعو خلال أيام للاجتماع الأول للجنة العسكرية، أما اللجنة المالية والاقتصادية فقد بدأت اجتماعاتها في السادس من يناير (كانون الثاني)، والمسار السياسي سيبدأ في نهاية الشهر".

وأضاف "في المرحلة الحالية الأولوية للمسارات الثلاثة وعلى رأسها المسار الأمني والعسكري الذي آمل في دفعه إلى الأمام خلال أيام في جنيف"، موضحاً أن "المسار السياسي يقوم على اختيار 13 مندوباً من مجلس النواب، و13 مندوباً من مجلس الدولة، وعدد من الشخصيات المستقلة، ونساء وممثلي المكونات وما شابه، وتختارهم البعثة ويجتمعون مع المندوبين القادمين من مجلس النواب ومجلس الدولة".

وأشار إلى "أن هذا المسار يشمل البحث في كل الموضوعات السياسية المعلقة منذ سنوات، وبينها مصير مسودة الدستور، التي تم التفافهم عليها في الهيئة التأسيسية ومصير قوانين الانتخاب الضرورية وتحديد موعد الانتخابات وربما إعادة تشكيل حكومة موحدة لعموم ليبيا، تشرف على إجراء الانتخابات".

مساع أميركية لدفع مقررات برلين

من جانبه، قام السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، بزيارتين في يوم واحد إلى طرابلس وبنغازي، حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج وقائد الجيش الوطني خليفة حفتر على التوالي، دعماً لجهود الأمم المتحدة لتنفيذ مخرجات مؤتمر برلين حسب موقع السفارة.

وحسب الموقع بحث نولاند مع الطرفين تثبيت الهدنة الحالية ودفع المسار السياسي لحل الأزمة الليبية بالسبل السلمية.

وكان وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، حث جميع الأطراف الليبية على اغتنام فرصة مؤتمر برلين لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تفرق بينها واتخاذ قرار بشأن مستقبل البلاد خال من العنف.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي