Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستحافظ دول الخليج على تنافسيتها في جذب الاستثمارات الأجنبية؟

رجال أعمال ومحللون يحددون مصادر عدة تقلق المستثمرين في المنطقة

الملف النووي الإيراني في مقدمة المخاطر التي تواجه المستثمرين في دول المنطقة خلال العام الحالي (أ ف ب)

حدد رجال أعمال ومحللون أربعة مخاطر تواجه المستثمرين في دول المنطقة خلال العام الحالي، في مقدمها الملف النووي الإيراني، إضافة إلى المخاطر المرتبطة بأزمة كورونا، وارتفاع كلفة الأعمال والمعيشة، وأخيراً، القوانين والتشريعات السريعة، والتي تشكل مصدر القلق الأكبر لدى المستثمرين في الخليج.

لكن من المتوقع أن تظل تدفقات رأس المال لغير المقيمين إلى منطقة الشرق الأوسط مرتفعة على الرغم من تأثير كورونا على الاقتصادات الإقليمية، وفقاً لتقرير لمعهد التمويل الدولي، وكان تقرير المعهد الذي كان قد نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) قد توقع أن تصل تدفقات رأس المال للمنطقة إلى 177 مليار دولار في عام 2021 أي ما يعادل 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى الرغم من هذا التفاؤل، لا تزال مشاعر عدم اليقين بفعل الوباء تسود قطاعات الأعمال والمستثمرين الأجانب في المنطقة، وعملنا في هذا التحقيق على رصد آراء رجال أعمال ومحللين اقتصاديين ورؤساء مجموعات أعمال تضم في عضويتها آلاف الشركات للوقوف على التحديات التي تواجه هذه الشركات في أسواق الخليج، وتصدرت المخاوف الجيوسياسية في المنطقة وتحديداً المتعلقة بالملف الإيراني وتطوير إيران ترسانتها النووية، وكذلك تفشي جائحة كورونا وتحورات الفيروس، وارتفاع كلفة تأسيس الأعمال والمعيشة، وعدم الإلمام بالقوانين والتشريعات المفاجئة لائحة تلك التحديات.

ويقول ديفيد بيرنز رئيس مجلس إدارة مجلس الأعمال الإنجليزي في الإمارات لـ"اندبندنت عربية"، إن مشاعر عدم اليقين لدى أصحاب الأعمال والمستثمرين الأجانب تسود لأسباب تتعلق بالبعد الجغرافي للمنطقة والمخاوف الآتية من إيران، وكذلك عدم الاستقرار في "العراق، واليمن، وسوريا، ولبنان"، فلا توجد منطقة أخرى في العالم محاطة بهذا الكم من عدم الاستقرار.

أضاف أن هناك أيضاً قلقاً سائداً من استمرار تفشي جائحة كورونا، واليوم تراقب الشركات تطورات هذا الفيروس وتحوره بقلق كبير، وتخشى موجة إغلاق جديدة تطال أعمالها، وفي رأيي أن الشركات التي ستتكيف مع التغيرات التي أحدثها الوباء ستكون قادرة على النجاة من الأزمة في حين ستخفق ما ستبقى في طابور الانتظار لحين زوال الجائحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى رئيس مجلس إدارة مجلس الأعمال الإنجليزي، الذي يضم في عضويته آلاف الشركات الإنجليزية العاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية، أن المشكلة الكبرى تكمن في كلفة الأعمال، ويقول إن الجائحة خلقت تحولاً في طرق ممارسة الأعمال، فلم تعد هناك حاجة لأن يعمل الموظفون من مكاتبهم، وأصبحت الشركات تعتمد العمل عن بعد ما يفرض على حد قول بيرنز، الحاجة لإعادة النظر في كلفة تأسيس الأعمال والرسوم المفروضة، وكذلك كلفة المعيشة المرتفعة في بلدان خليجية وعلى رأسها ارتفاع إيجارات المكاتب والمساكن والتأشيرات، وكلفة استقدام العمالة، وغيرها، وأضاف أنه من المهم جداً أن تبقى الدول الخليجية، لا سيما في هذا التوقيت بالذات جاذبة لرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب.

الرسوم والتنافسية

من جانبه، يرى باراس شهدادبوري رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "نيكاي" والرئيس السابق للمجلس الهندي لرجال الأعمال والمهنيين في دبي، أن التحدي الأكبر يكمن في الاستمرار في جذب الاستثمارات الأجنبية، ويقول إن في الإمارات تمنح الشراكة المحلية المستثمر الأجنبي نسبة 49 في المئة والشريك الإماراتي 51 في المئة، ويضيف أن  القرار الجديد، الذي يمنح المستثمر الأجنبي في 122 نشاطاً ملكية بنسبة 100 في المئة في أعماله، كان يمكن أن يكون أكثر جذباً لهؤلاء المستثمرين لو كانت قد شملت تلك الأنشطة  قطاعات مثل التجارة العامة وتجارة التجزئة والجملة، التي تمثل حصة كبيرة من الأعمال التجارية.

ووصف رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "نيكاي"، التعديلات التي أقرتها الإمارات، التي تسمح بمنح جنسيتها للمستثمرين وغيرهم من المهنيين مثل العلماء والأطباء والمهندسين والفنانين والمثقفين وعائلاتهم، بالخطوة الرائعة، وقال إنها تشكل عنصر جذب كبيراً لرأس المال البشري وللاستثمارات الأجنبية في آن واحد.

وفي السوق السعودية، قال شهدادبوري، إن هناك تحدياً كبيراً مرتبطاً بكلفة استقدام الموظفين، إذ يفرض على صاحب العمل دفع نحو 9600 ريال سعودي (2560 دولارا أميركيا) سنوياً للحكومة مقابل كل موظف، أضف إلى ذلك الكلفة التي يتحملها الموظف لجلب عائلته، وهي مرهقة، وعادة ما يتحملها صاحب المنشأة في نهاية المطاف، وبالتالي هناك حاجة لمراجعة الكلفة لتعزيز الجاذبية.

كسب الرهان والاستثمار في رأس المال البشري

ويعتقد عمرو عبدو المحلل في الشأن الاقتصادي وأسواق المال، أن أبرز التحديات التي تواجه رجال الأعمال والمستثمرين في الخليج تكمن في عدم اليقين في ما يخص الإنفاق الحكومي الذي يعتمد بدرجة كبيرة على أسعار النفط، إذ يرتفع الإنفاق عندما تكون أسعار النفط جيدة، وبالتالي تشكل الموازنات الحكومية أكبر علامة استفهام في ظل عدم اليقين بشأن اتجاهات أسعار النفط.

وفي ما يتعلق بكلفة تأسيس الأعمال والحديث عن احتمالات فرض مزيد من الضرائب في الأسواق الخليجية، قال عمرو عبدو إن معظم البلدان الخليجية، بشكل عام، تمتلك سيولة كبيرة، وبالتالي من المستبعد أن تتجه لرفع كلفة تأسيس الأعمال، لا سيما أنها تسعى لجذب مزيد من الشركات العالمية لأسواقها.

أضاف عبدو أن كورونا أحدث تحولاً كبيراً في ممارسة الأعمال، وأصبح العمل عن بعد هو السائد، وهو توجه تبنته كثير من الشركات في العالم، لا سيما وأنه يسهم في خفض كلفتها التشغيلية، وبالتالي هناك حاجة لمراجعة كلفة تأسيس الأعمال في المنطقة الخليجية مثل الإيجارات المكتبية والسكنية وكلفة استقدام العمالة ورسوم تأسيس الأعمال.

قلق كورونا والأعمال

ويرى بلال صابوني المدير العام لشركة "غايد بوينت" الدولية لاستشارات الأعمال والبحوث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، والرئيس التنفيذي السابق لمجلس الأعمال الأميركي في دبي، أن جائحة "كوفيد-19" والتحور في فيروس كورونا يشكلان التحدي الأكبر للمنطقة والعالم بأسره، مضيفاً أن هذا القلق أحدث تراجعاً في شهية المستثمرين.

ومن أبرز التحديات التي رصدها صابوني، التي تواجه رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، القوانين والتشريعات، قائلاً، "تستغرق ولادة القوانين في الغرب سنوات طويلة قبل أن تدخل حيز التنفيذ، وعادة  ما تسودها الشفافية وتكون واضحة للجميع  في المنطقة تُسن القوانين في وقت زمني سريع نسبياً، وفي كثير من الأحيان، من دون سابق إنذار، وعادة ما تولد من رحم النمو الاقتصادي لدول المنطقة حيث يدفع احتدام التنافسية والنمو الاقتصادي لبلدان المنطقة نحو ولادة المزيد من القوانين والتشريعات، وهو أمر يشكل تحدياً للأعمال والشركات في أن تبقى ملمة بالقوانين والتشريعات الجديدة".

معضلة المساحات المكتبية والعمل عن بُعد

ودعا صابوني إلى إعادة ضبط كلفة تأسيس الأعمال والمعيشة، التي كانت مرتفعة قبل تفشي الجائحة، مضيفاً أن كورونا أحدت تحولاً في ممارسة الأعمال تتطلب خفض الكلفة والتكيف مع المرحلة الجديدة، واستعرض صابوني إحدى التجارب المرهقة من واقع تجربته الشخصية قائلاً، "مقر الشركة في مركز دبي المالي العالمي، واليوم بات علينا أن نبقى مستأجرين مكتب الشركة فقط بسبب الربط بين المساحة المكتبية وأعداد التأشيرات الممنوحة لموظفينا، توظيف 20 موظفاً يوجب علينا استئجار مكتب  بمساحة معينة، مع الإشارة إلى أن الـ20 موظفاً يعملون من منازلهم، وبالتالي علينا استئجار مكتب لسنا بحاجة إليه اليوم، لذلك يجب إعادة النظر في هذا القانون القديم، الذي لا يتماشى مع التغييرات التي فرضها الوباء". وأضاف أنه يتمنى من عمر بن سلطان العلماء وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في دولة الإمارات، "النظر في هذا الأمر الذي يشكل مصدر قلق كبير لنا ولغيرنا من الشركات الأجنبية".

أكبر جاذبين للاستثمارات الأجنبية

من جانبه، يرى طارق قاقيش، المدير التنفيذي لشركة "سولت" للاستشارات المالية، أن المنطقة استطاعت جذب استثمارات كبيرة على الرغم من الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة والقلق بشأن الملف النووي الإيراني تحديداً والذي يشكل مصدر قلق للمستثمرين والشركات الأجنبية، وأضاف أن الإمارات كانت أكبر واحدة من البلاد الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى المنطقة العربية، وفي الوقت نفسه، باتت السعودية، وهي أكبر سوق عربية، تعزيز المنافسة في مناخ الاستثمار وتوطين الشركات العالمية.

وقال إن هناك دولاً أخرى لم تكن جاذبة للاستثمار مثل البحرين وعمان والكويت نتيجة التشريعات والقوانين القائمة في تلك البلدان، وأضاف "أننا لاحظنا أن الدول التي أدخلت تغييرات على قوانينها وتشريعاتها في ما يتعلق بفتح بوابة الاستثمار للأجانب كانت المستفيدة الكبرى من تدفق الاستثمارات الأجنبية".

ويرى قاقيش أن تغيير القوانين والتشريعات يشكل تحدياً، وينظر المستثمرون الأجانب وكذلك الشركات للقوانين عند رصد فرص الاستثمار في دول العالم، وأحياناً يكون هناك تغيير في القوانين قد يؤثر على ثقة المستثمر، أيضاً، تابع قاقيش، هناك جائحة كورونا وتداعياتها، ويرى أن كلفة تأسيس الأعمال والمعيشة المرتفعة في بعض دول الخليج تشكل تحدياً لجذب الشركات الأجنبية، لا سيما في توقيت أزمة كورونا، وقال إن البلدان الخليجية ستبقى وجهة جاذبة للشركات العالمية في غياب الضرائب، فلا توجد ضريبة على المداخيل ولا على الشركات، فقط ضريبة القيمة المضافة المطبقة.

اقرأ المزيد