Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة بريطانية لتعديل جينات المواشي كي تزيد غلتها من اللحم والحليب

خبراء يشيرون إلى تسببها بـ"معاناة حقيقية للمواشي" مع فشلها في مكافحة انبعاثات غازات الدفيئة

مزارع التدجين الصناعي الحديثة تسبّبت فعلاً بمشاكل صحية (غيتي)

في المملكة المتحدة، يزعم مزارعو منتجات عضوية وخبراء في البيئة أنّ التعديل الجيني gene-editing سيكون إجراءً سيئاً بالنسبة إلى رعاية الحيوانات جسدياً ونفسياً، وكذلك الجهود المبذولة في سبيل الحدّ من غازات الدفيئة.

من وجهة نظرهم، من شأن السماح بتعديل الصفات الوراثية في المحاصيل وحيوانات المزارع، أن يفاقم معاناة الأخيرة، ولن يحول دون هدر الطعام.

في المقابل، أعلن وزراء الحكومة البريطانية أنّهم سينظرون في استخدام هذه التكنولوجيا البيولوجية المتقدِّمة في إنجلترا للمرّة الأولى، مشيرين إلى إنّه في المستطاع تعزيز إنتاجية المزروعات والثروة الحيوانية، وتالياً خفض التكاليف الملقاة على عاتق المزارعين، والتأثيرات السلبية في البيئة.

في ذلك الصدد، ذكر جورج يوستيس، وزير "الشؤون البيئية والغذائية والريفية" (اختصاراً، "ديفرا "Defra) الذي باشر مشاورات بشأن هذه الخطوة، إنّ تعديل الجينات gene editing (اختصاراً "جي إي") من شأنه أن يُسرِّع العملية البطيئة للتكاثر الانتقائي، بغرض تعزيز صفات وراثية معينة أو التخلّص منها.

بيد أنّ بيتر ستيفنسون، كبير المستشارين السياسيين في منظمة "التعاطف مع مزارع العالم" ("كومباشين إن وورلد فارمينغ" Compassion in World Farming)، ذكر إنّ التخطيط لهذه الخطوة شكّل "يوماً قاتماً بالنسبة إلى رعاية الحيوانات"، معرباً عن انزعاجه الشديد حيال اقتراح "ديفرا" الذي أظهر "تفكيراً مفككاً من جانب الحكومة".

وأوضح لـ "اندبندنت"، أنّ التعديل الجيني سيقود إلى معدلات نمو أعلى لدى الحيوانات، "مسبباً معاناة حقيقية"، ومن شأنه على حد سواء أن يرسِّخ التربية الصناعية المكثفة لها، مع ما يرافقها من ظروف تسمح بتفشِّي الأمراض.

وأضاف ستيفنسون، "سبق أن دفعت الأساليب التقليدية في التكاثر الانتقائي [في مزارع التدجين الصناعي المكثف] إلى تسارع نمو الحيوانات وزيادة إنتاجيتها، مخلفةً غالباً تأثيرات مضرة جسيمة فيها. اعتمدت تربية الدجاج على أسلوب يسرّع النمو بصورة كبيرة إلى درجة أنّ كثيراً من تلك الطيور الداجنة يعاني مشكلات مؤلمة في أرجلها، بينما يموت البعض الآخر جراء أمراض في القلب".

واستطرد مشيراً إلى أن "التكاثر الانتقائي [ضمن مزارع التدجين المكثف] للأبقار بهدف جعلها تعطي كميات غير طبيعية من الحليب، أدّى إلى مكابدتها معاناة شديدة. ويمهدّ التعديل الجيني إلى جعل ذلك كله أكثر سوءاً".

وأورد ستيفنسون، العضو في الفريق العامل في "مجلس نوفيلد لأخلاقيات البيولوجيا" Nuffield Council on Bioethics، "تقول الحكومة إنّه من المستطاع استخدام تعديل الجينات في معالجة الأمراض لدى الحيوانات الداجنة. يبدو ذلك جيداً، لكنه يمكن أن يضعها في ظروف أسوأ بالمقارنة بالوقت الحاضر".

وذكر إنّ أمراض كثيرة تعانيها حيوانات المزارع تنجم عن احتجازها [بأعداد كبيرة] ضمن ظروف من الإجهاد والازدحام الفائق، ما يضعف أجهزتها المناعية. لذا يتمثل الحل في اتّباع أساليب أفضل في تربية المواشي والدواجن وزراعة المحاصيل.

وفق ستيفنسون، فإنّ التعديل الجيني قد يكون مفيداً في بعض الظروف الاستثنائية، لكن "من السخف أن تشجع الحكومة استخدامه [التعديل الجيني] بهدف تعزيز إنتاجية اللحوم التي يشدد العلماء على إنّنا بحاجة إلى خفض استهلاكها بغية التصدِّي لأزمة تغير المناخ وتقليص معدل الإصابة بأمراض القلب وسرطانات الأمعاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على نحو مماثل، ذكر ستيفن جيكوبس، من شركة "أورغانيك فارمرز آند غرويرز" (Organic Farmers and Growers Company OF&G)، إنّ تلك التقنية أخفقت في التصدِّي لظاهرة هدر الطعام التي تعتبر إحدى أكبر المسببات في انبعاثات غازات الدفيئة [المرتبطة مع الاحتباس الحراري]، إضافة إلى فشلها في تقليص انتشار السمنة المفرطة عبر التشجيع على اتّباع نظم غذائية صحية.

وأشار إلى أن "الغذاء الذي يُنظر إليه على أنّه مجرد سلعة أساسية، أودى بنا إلى حالة وخيمة في أنظمتنا الغذائية، اقتصادياً وإيكولوجياً".

من وجهة نظره، "إن النظام الغذائي السيّء مردّه إلى الخيارات الغذائية، ويتأثّر بشدة بالترويج لمصلحة منتجات مصمَّمة كي تستميل رغبة الإنسان في الحصول على طاقة سريعة".

في سياق متصل، أوضح روجر كير، الرئيس التنفيذي لـ"أورغانيك فارمرز آند غرويرز"، إنّ تعديل الجينات، بمعنى تغيير الحمض النووي في الخلايا بصورة دائمة، فتح بيئة تدجين الحيوانات "على عواقب محتملة مضرة وغير مقصودة". ودعا إلى النهوض ببحوث بهدف إجراء تقييم كامل بشأن التأثيرات الطويلة الأجل [المتصلة بتلك التقنية].

في مسار مختلف، أعرب الوزير يوستيس عن رأي مفاده أنه [التعديل الجيني] ربما يُسهم في توفير محاصيل [حيوانية] "تحوز نتائج أفضل، وتخفض التكاليف التي يتكبدها المزارعون، وكذلك تأثيراتها في البيئة، وتساعدنا جميعاً أيضاً في التكيّف مع التحديات التي يطرحها تغير المناخ".

على عكس ذلك، شدد كير على إنه "لا يدعم رأي الوزير سوى عدد ضئيل من البحوث المستقلة التي خضعت لتقييم من جانب علماء نظراء. لقد أثبت العلم أنّ المناخ والأزمة البيئية يتركان تأثيرات سلبية خطيرة في أنظمتنا للإنتاج الغذائي. لم يثبت التعديل الجيني إنه حل يتمتع بالصدقية والمسؤولية".

وأضاف، "لا بدّ من النظر في أن توفر الحكومة تمويلاً أكبر لتعزيز البحوث في أساليب النظام الغذائي العضوي الكامل، قبل تبني تقنيات لم تثبت فاعليتها بعد".

في سياق متصل، ذكر باتريك هولدن، من "صندوق الغذاء المستدام" Sustainable Food Trust، إن التعديل الجيني "سيسرّع التقليص المدمِّر في الخزان الجيني [بمعنى التنوع الوراثي الذي يزيد قدرة الكائنات الحيّة على التفاعل مع البيئة] الذي شكَّل إحدى سمات تربية المواشي والدواجن وزراعة المحاصيل [بأساليب التربية الصناعية المكثفة] في مرحلة ما بعد الحرب [العالمية الثانية]".

وختم هولدن، بالإشارة إلى إنه "في ما يتعلق بالحيوانات، نستطيع أن نتوقّع حياة أقصر للمواشي التي تُربى في المزارع [المخصصة للتدجين المكثف] مع كل العواقب المروِّعة المصاحبة لرعايتها. ولقد جرى تبرير ذلك كله بصورة خاطئة على أساس التوصّل إلى مستويات منخفضة من غازات الدفيئة ولحوم خالية من الدهون، بهدف مجاراة الموضة".

تواصلت "اندبندنت" مع "ديفرا" كي تحصل على ردّ منها في هذا الشأن.

© The Independent

المزيد من بيئة