Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤسسات عربية لزوم ما لا يلزم (1- 2)

عشرات الهيئات الرسمية تستنزف الموارد المالية بلا أي فائدة

في العديد من الدول العربية تقوم التظاهرات احتجاجاً على فقدان الخدمات العامة رغم كثرة المؤسسات الرسمية (غيتي)

الدولة، ليست مجرد معنى رمزي للأوطان. بل هي منظومة متكاملة من السلطات التشريعية والتنفيذية والخدمية، تمارس أدوارها من خلال مؤسسات محددة الاختصاص والمهمات. تفرد لها الميزانيات، وتتشكل تحت جناحها متطلبات إدارية، وتخضع في عملها للمراقبة والمحاسبة.

كل ذلك هو السياق الطبيعي لما يسمى "العقد الاجتماعي" الذي تمثله الدولة. أما غير الطبيعي، فهو أن تنشأ داخل الكيان الرسمي للدول مؤسسات ذات اختصاصات نظرية، وبأدوار معطلة، وبأهداف هجينة، لكن هيكلها الإداري ناجز. بمعنى أنها تحظى بميزانية، وبمدراء وموظفين ومستخدمين يتقاضون رواتبهم ومحفزاتهم، نظير عدم قيامهم بأي عمل... فتصبح تلك المؤسسات، والحال هذه، لزوم ما لا يلزم.

في هذا التحقيق الموسع الذي ننشره على حلقتين، رحلة استقصائية عن واقع ودور المؤسسات المعطلة في عدد من الدول العربية:

العراق: 18167 مصنعاً متوقفاً وفائض في اليد العاملة

يبلغ عدد المعامل التابعة لوزارة الصناعة العراقية 227، العاملة منها 140، كما تبلغ المشاريع الصناعية المتوقفة 18167، والجدير ذكره أنها تعجّ بفائض اليد العاملة من دون إنتاج.

والناطق باسم وزارة الصناعة مرتضى الصافي أوضح في تصاريح له أن "توقف المصانع يعود إلى تقادمها مع الخطوط الإنتاجية، فمعظمها تأسس في الستينيات والسبعينيات، ويحتاج إلى مبالغ كبيرة لإعادة التأهيل والتحديث، بما يواكب التطور التكنولوجي الحاصل".

هناك خطة تعتمدها الدولة للقطاع الصناعي تمتد إلى العام 2030 ستحوّل معظم الشركات العامة إلى القطاع الخاص ما عدا الإستراتيجية منها.

إرث الماضي

تحاول آمنه محمد أن تستذكر رقم الهاتف الأرضي الخاص بمنزلها من دون جدوى، وتقول، "هذه الهواتف أصبحت من الماضي بعد تعرض منظومتها للتدمير في حرب 2003"، وتضيف، "رفعنا كل أجهزتها بعدما تأكدنا من عدم عودتها إلى العمل".

معلوم أن العراق كان يعتمد بشكل أساس على الهواتف الأرضية التي تربط المحافظات بعضها ببعض، لكن مع التدمير توقفت مع بقاء "كابيناتها".

وكثيرون يفضلون عودتها كونها الأنسب سعراً قياساً إلى النقّال، إذ ستخلق منافسة حقيقية في القطاع.

"هيئة التصنيع الحربي" لصناعات غير حربية

كانت "هيئة التصنيع العسكري" في الثمانينيات تزوّد الجيش العراقي بكمّيات كبيرة من الذخائر والمعدات العسكرية والأسلحة الخفيفة والثقيلة والقذائف والصواريخ الطويلة والمتوسطة المدى، إضافة إلى العربات والمدرعات المختلفة، و"فيها 47 ألف عامل وموظّف، موزَّعون على 33 شركة صناعية حربية، وحُجِّم عملها بعد العام 1991 إثر قرار مجلس الأمن بتشكيل لجنة المراقبة والتحقّق والتفتيش (أنموفيك) الخاصة بالبحث عن أسلحة العراق، وبعد العام 2003 حلّت "هيئة التصنيع العسكري" لتحل محلها "هيئة التصنيع الحربي" التابعة للصناعات الحربية وترتبط بوزارة الصناعة والمعادن، لكن الملاحظ، ابتعاد أعمالها عن التصنيع الحربي واقتصارها على رفد المعامل بما تحتاجه من مواد أولية من دون أن تعكس تسميتها. تدهورت الأحوال المعيشية لكوادر مصانع التصنيع العسكري من موظفين وإدارين وعمال بعد قرار الحاكم المدني للعراقي بول بريمر رقم 75 لسنة 2004 بحل منشآت التصنيع العسكري فتم أحالة الكثير منهم على التقاعد، ومنهم من نقل للعمل في مصانع وزارة الصناعة في صناعات غير عسكرية، ما أدى إلى ضياع الكثير من المهارات والكفاءات التي كانت تحتضنها تلك المؤسسات سابقاً.

 

الأردن: مؤسسات بلا عمل و"حكومة موازية"

منذ العام 2002 ومع انطلاق برنامج التصحيح الاقتصادي في الأردن، تناسلت هيئات ومؤسسات مستقلة عديدة، على نحو جعل الأردنيين يصفونها بالحكومة الموازية أو حكومة الظل، لا سيما مع توالي الأسئلة حول طبيعة عملها ومهامها في ظل وجود وزارات تحمل التوصيف والمهام نفسها.

لكن انتقادات الشارع لم تقتصر فقط عليها، بل طالت وزراء بلا حقائب، كوزيري التنمية السياسية، والشؤون البرلمانية، ومؤسسات ذات نشاط موسمي كالهيئة المستقلة للانتخاب، إلى جانب أخرى تحمل أسماء كبيرة لا تتناسب مع القدرات المتواضعة للدولة الأردنية كهيئة الطاقة الذرية، أو أنها غير فاعلة كمؤسسة الخط الحديد الحجازي.

وتضم القائمة عدداً كبيراً من المؤسسات الرديفة والموازية لأخرى موجودة على الأرض كهيئة شباب "كلنا الأردن" التي تعنى بقطاع الشباب على الرغم من وجود وزارة للشباب، ومؤسسات متعددة للحماية الاجتماعية على الرغم من عمل وزارة التنمية الاجتماعية.

هدر مالي

ويرى خبراء اقتصاديون أن الكثير من الهيئات والمؤسسات المستقلة في الأردن تشكل هدراً مالياً واستنزافاً لخزينة الدولة، مطالبين بدمجها أو إلغائها، خصوصاً أنها لم تحقق الهدف الذي أنشئت من أجله، كما تسببت بفجوة كبيرة في الأجور، وتضم قائمة الهيئات الحكومية المستقلة 57 هيئة قبل أن يتم دمجها وتقليصها إلى 25، تتسبب بخسائر سنوية تصل إلى نحو 800 مليون دولار.

سكة حديد الحجاز

وتحولت مؤسسة خط الحديد الحجازي الأردني، التي أنشأها العثمانيون خلال فترة حكمهم للمنطقة، إلى وجهة سياحية ومتحف مع عدم تنشيط الحكومة الأردنية لها أو استغلالها، لكنها لا تزال قائمة كمؤسسة تضم العديد من الموظفين الذين يتلقون الرواتب والمخصصات من دون أن يعلم أحد على وجه التحديد المهام التي تقوم بها باستثناء تسيير بعض الرحلات السياحية، وسط مطالبات في الشارع الأردني بتفعيلها علّها تساهم بتخفيف أزمة النقل في المملكة.

 

هيئة الطاقة الذرية

وفي العام 2008 تم إنشاء هيئة الطاقة الذرية الأردنية كبديل لهيئة الطاقة النووية الأردنية، ومنذ اللحظة الأولى واجهت اعتراضات وانتقادات لأسباب متعددة أبرزها التكاليف الكبيرة والمخاوف البيئية، ورافق خطط إنشاء أول مفاعل نووي للطاقة لأهداف سلمية الكثير من العقبات والتبذير في المخصصات المالية من دون إنجاز أي شيء ما فاقم غضب الشارع الأردني، وتعرّض المشروع لانتقادات واسعة من قبل متخصصين ونواب وخبراء بيئة فضلاً عن وسائل الإعلام، وكان من المفترض تشغيل أول مفاعل نووي في العام 2019 بهدف تغطية ثلث الحاجة الوطنية من الكهرباء، لكن لم يحدث.

وفي حين يتوقع رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية خالد طوقان أن تبلغ تكلفة المشروع نحو خمسة مليارات دولار أميركي، يخشى البعض من أن تصل الكلفة الحقيقية إلى أضعاف هذا الرقم في بلد مثقل بالديون تنهكه الأوضاع الاقتصادية، ويعتمد بشكل أساس على المنح والمساعدات الدولية.

السعودية: إعادة النظر بالعديد من الهيئات لوقف الترهل الإداري

مع بداية كل عام، تطلق السعودية حزمة من القرارت لإلغاء هيئات رسمية وإطلاق أخرى جديدة، إذ إن البلاد تغرق نفسها في إنشاء المؤسسات، وتوظّف العشرات بها بمرتبات عالية. ولعل هذا ما صرح به أخيراً وزير المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط المكلف محمد الجدعان، في غضون أزمة كورونا، حينما قال إن السعودية خلال السنوات الأربع الماضية أنشأت عدداً كبيراً من الهيئات والبرامج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأرجع الجدعان، السبب إلى مساندة الإصلاحات، مشيراً إلى أن وزارته تدرس هياكل رواتب هذه الهيئات، بهدف عدم الإفراط في المصروفات، أو منح مزايا غير ضرورية تؤدي إلى تشويه سوق العمل.

إلغاء 12 لجنة عليا

وأعلنت السعودية في عام 2018 حزمة من القرارت بإلغاء 12 من اللجان والهيئات والمجالس المدنية، وهي: اللجنة العليا لسياسة التعليم، واللجنة العليا للتنظيم الإداري، ومجلس الخدمة المدنية، والهيئة العليا لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومجلس التعليم العالي والجامعات، والمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، والمجلس الاقتصادي الأعلى، ومجلس الأمن الوطني، والمجلس الأعلى لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والمجلس الأعلى لشؤون المعوقين.

وجاء قرار الإلغاء إسهاماً في تصحيح خطأ تكوينها، أساساً، بحسب المحللين الذين ذكروا أنه اتُخذ من دون دراسة متروية للجدوى منها، والحاجة إليها وطبيعة مهامها واختصاصاتها، ومدى تشابكها أو تنازعها، مع اختصاصات هذه الجهة أو تلك.

وقد ظلت عنواناً للترهل في بعض مفاصل الدولة والبيروقراطية الإدارية، إضافة إلى الازدواجية، وتضارب المصالح، نتيجة تداخل أعمال هذه المجالس والهيئات واللجان العليا مع مهام بعض الجهات والوزارات، وكذلك مع مهام مجلس الشورى.

هيئة توليد الوظائف تنجب البطالة

وفي عام 2015، أعلن بقرار وزاري تأسيس هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة لتوفير وظائف للسعوديين، حيث كان معدل البطالة 11 في المئة، إلا أن أعداد العاطلين السعوديين في 2018 ارتفع إلى 12.9 في المئة، لتموت هيئة التوليد في المخاض، وتُلغى، لعدم تحقيقها الأهداف والمهام المنوطة لها.

وكانت تلك الخطوة، قد طالب بها كثيرون، خصوصاً في ظل وجود تحديات كبرى تتمثل في وجود قرابة 650 ألف عاطل من العمل، وأكثر من مليون ونصف المليون طالب وطالبة في مقاعد الجامعات ينتظرون التخرج، ليحصلوا على وظائف، وفي ظل وجود أكثر من 10 ملايين عامل وافد.

غير أن هذه الهيئة ومع مرور الوقت لم يشعر المجتمع بدورها، ولم يرَ أثرها بشكل فاعل وملموس، وجاءت مخرجاتها أقل بكثير من توقعات الجمهور، مما جعل إدارة لجنة الإدارة والموارد بمجلس الشورى توصي مطلع هذا العام بإعادة النظر في الهيكل التنظيمي للهيئة ليتلاءم مع أهدافها. مشيرة إلى أن مهامها تتداخل مع مسؤوليات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في جانب العمالة، وكذلك صندوق تنمية الموارد البشرية، لتنخفض عقب الإلغاء أعداد البطالة بإنشاء وكالة فقط في وزارة العمل لتوظيف السعوديين في القطاع الخاص.

هيئة الأمر بالمعروف ميزانية بلا فائدة

وفي الأعوام الأخيرة، كرر أعضاء بمجلس الشورى مطالبتهم بإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خصوصاً بعد التنظيم الجديد الذي ألغى مهمة القبض ومباشرة البلاغات عنها، وجعل مهامها ضمن اختصاصات وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.

غير أن التوصية التي أصر عليها عطا السبيتي ولطيفة الشعلان، ورفضت أكثر من مرة، جاءت مبرراتها أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع الإسلامي "واجب كل مسلم"، ولم يكن سلف هذه الأمة ينظرون إلى هذه الشعيرة بوصفها ممارسة منفصلة عن بقية مناحي الحياة التي كان يؤديها أبناء المجتمع الإسلامي.

وبيّن الأعضاء أن هناك 7980 وظيفة بالهيئة، وتتجاوز وظائف وزارة الشؤون الإسلامية 11500، وتبلغ ميزانية الأولى العام الماضي حوالى مليار و164 مليون ريال (43.8 مليون دولار)، والثانية حوالى 6 مليارات ريال (1.6  مليار دولا)، فالدمج سيؤثر بشكل كبير في الموارد المالية والبشرية، لأنها في وضعها الحالي "ميزانية بلا فائدة".

وذكر عضو مجلس الشورى مساعد الفريان، أنه منذ إنشاء اللجنة العليا للإصلاح الإداري جرى كثير من الإجراءات التنظيمية، بما فيها دمج وزارات وهيئات أو إلغاء بعضها، أو إنشاء جديدة بحسب المتطلبات. مشيراً إلى أن هيئة الأمر بالمعروف بأدواتها وكوادرها ليست بقوة وزارة الشؤون الإسلامية التي تملك المنابر والمكاتب والمراكز.

11 هيئة جديدة ثقافية تنتظر إثبات الذات

آخر المؤسسات الملغاة في العام الماضي الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة، والهيئة السعودية للحياة الفطرية لعدم الحاجة إلى إنشاء هيئة مستقلة لهذا الشأن، إذ أنشئت مراكز بديلة تتبع وزارة البيئة والمياه والزراعة.

وأعلنت السعودية إنشاء 11 هيئة جديدة، ينتظر أن تثبت فعّاليتها في تحسين وضع الثقافة في البلاد، من بينها الأدب والنشر والترجمة، والمتاحف، والتراث، والأفلام، والمكتبات، وفنون العمارة والتصميم، والموسيقى، والمسرح والفنون الأدائية، والفنون البصرية، وفنون الطهي، والأزياء. وهي التي قال عنها وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان إنها "تؤسس لبنية تحتية متينة لقطاعاتنا الثقافية، وهي بداية لمرحلة جديدة ومهمة من تاريخ ثقافتنا".

السودان: مأساة مؤسسات النقل النهري

شجع تمتع السودان بممرات مائية طبيعية بطول 5000 كيلومتر، الحكم البريطاني الذي كان يستعمر البلاد خلال الفترة (1899– 1956)، على استعمال النقل النهري كوسيلة للنقل، إذ أُسس في البداية "مصلحة البواخر النيلية"، ثم "مصلحة الوابورات"، لتُفصل عن السكك الحديدية لتصبح هيئة ذات صفة اعتبارية في النصف الأول من سبعينيات القرن العشرين، باسم "هيئة النقل النهري".

10 في المئة

لكن هذا القطاع ظل عبئاً مالياً وإدارياً، واصطدم بكثير من المعوقات التي جعلته عاجزاً تماماً عن الأداء، وفي أحيان، يشتغل بمعدل 10 في المئة لفترات بسيطة ومتباعدة، من أهمها وجود كثير من الرمال المتحركة والمخضات والمنحنيات الضيقة على المجاري النهرية، فضلاً عن الممارسات المخالفة من بعض الجهات الحكومية التي جعلت استعمال المجاري النهرية محدوداً، لا سيما بناء عدد من السدود على النيلين الأبيض والأزرق، والنيل الرئيس، كسد الروصيرص، وجبل أولياء، وسنار، وخشم القربة، ومروي، من دون إنشاء قناطر، وعدم التزام الطرق والجسور بمراعاة المقتضيات الملاحية من حيث ارتفاع الجسر، إضافة إلى سوء الإدارات التي تعاقبت على هذه الهيئة، كما أن اندلاع الحرب الأهلية في الجنوب (قبل انفصاله) 1983 لمدة 22 سنة أعاق هذا النشاط على مجرى النيل الأبيض، وأدى توقفه إلى تكوين حشائش وجزر على امتداد المجر المائي.

 

الإهمال

وبحسب المتخصص في مجال النقل النهري، التقي الحاج فإن قطاع النقل النهري في السودان تعرض منذ إنشائه للإهمال، إذ لم يتم التعامل مع التحديات التي اعترضته بجدية، وظل موجوداً كاسم ومبان يرتادها المشردون والحيوانات، حتى بلغ الأمر من التدهور مرحلة التوقف التام، وابتعدت الحكومة عن إعادة تأهيله، وفي عام 2007 لجأت إلى خصخصته ببيعه إلى شركات خاصة، لكن بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، قررت لجنة إزالة تمكين النظام السابق التي شكلتها الحكومة الانتقالية الحالية استعادة هيئة النقل النهري وإلغاء قرار بيعها.

شبكة خطوط مائية

ويعتقد الحاج، أن السودان مؤهل لأن يستفيد من قطاع النقل النهري، سواء بنقل الركاب داخل العاصمة المثلثة (الخرطوم، الخرطوم بحري، وأم درمان)، أو بين المدن، خصوصاً وأن معظم مدن البلاد الرئيسة تقع على ضفاف نهري النيل الأبيض، والنيل الأزرق، والنيل الرئيس، كما أنه بإمكان هذا القطاع ربط دولتي السودان وجنوب السودان، ومصر من ناحية بحيرة السد العالي بين وادي حلفا في شمال السودان، وأسوان في جنوب مصر.

المغرب: مؤسسات مجهولة وأخرى شكلية

أما في المغرب فهنالك العديد من المؤسسات يجهل وجودها عدد كبير من الأشخاص، كحال المفاعل النووي المغربي، الذي حتى لو كنت باحثاً وحاولت جمع المعلومات عنه، فإنك ستجد نفسك تائهاً وسط أخبار مبهمة، ولن تتمكن من معرفة ما إذا كان المفاعل يعمل فعلاً ومتى أُنشئ.

لكن بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن "مفاعل البحوث "تريغا مارك2" يُعدّ أكبر منشأة نووية في المغرب، بالتالي يحظى بأولوية عالية عند السلطات والخبراء التقنيين في البلاد. ويسهم في أنشطة عدة، بما في ذلك البحث والتدريب في مجال الطب النووي والتطبيقات الصناعية والتصرف في النفايات المشعّة، ويشمل الدعم المقدّم من الوكالة على صعيد الإشراف الرقابي، بعثات الاستعراض والمساعدة في وضع اللوائح والخبرة التقنية".

سدود كثيرة ومياه قليلة

ومن جانب آخر، وعلى الرغم من وجود أكثر من 140 سداً كبيراً و250 سداً صغيراً، إلا أن المغرب بدأ يعيش في الفترة الأخيرة أزمة مائية، إذ يؤكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الوضع المائي في البلاد أصبح في مرحلة الخطر، نظراً إلى أنه عندما تقلّ المياه التي يتوفر عليها بلد ما عن 1000 متر مكعب للفرد سنوياً، فإنه يعتبر في وضعية شح في الموارد المائية، ويرى أن الوضع في البلاد أصبح مقلقاً على اعتبار أن موارده المائية تقدّر حالياً بأقل من 650 متراً مكعباً للفرد سنوياً، مقابل 2500 متر مكعب سنة 1960.

 

ضرائب من دون جدوى

في حين أدّى توالي الفياضانات في بعض المدن خلال السنوات الأخيرة في فصل الشتاء، إلى التساؤل حول الجدوى من وجود ضريبة تطهير المياه العادمة ضمن فواتير الماء والكهرباء، في وقت تظل مياه الفيضانات موجودة لأسابيع، نظراً إلى غياب الصيانة الدائمة للبنية التحتية، وهذا ما تتنصّل منه شركات الماء والكهرباء والمجالس الجماعية، خصوصاً مع ما يرافقها من أضرار بالممتلكات العامة والخاصة.

وعلى الرغم من ضريبة النظافة على المباني، تتراكم النفايات بشكل كبير في بعض الأحياء، إضافة إلى انتشار مكبّات لها وسط بعض المدن بمحاذاة أحياء سكنية ومؤسسات عامة.

خدمة شكلية

وما يغضب كثيرين من المغاربة، خدمة المواطنين في مؤسسات خاصة وعامة عدة، التي تعرض رقماً هاتفياً للتواصل معها في حال وجود شكوى أو طلب توضيح، لكن ذلك أبعد ما يكون عن التواصل وتلقّي الشكاوى، فإما أن يظل الهاتف يرن من دون أن يجيب أحد، أو أن يردّ موظف ويخبر المواطن أن عليه الاتصال بمكتب آخر.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات