Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا الحرب كورونا السلام!

وفر الوباء لهم ومن تبعهم غطاء للكثير من الكوارث باعتباره الأكبر ولا مثيل له

استخدام اصطلاح "حرب السلام" لوصف الحالة الليبية (رويترز)

استخدمتُ اصطلاح "حرب السلام"، لوصف الحالة الليبية، خلال فترة المفاوضات التي بدأت مع منتصف السنة القاهرة الحالية 2020، هذه المقاربة استقيتُها من أخرى مماثلة، تصطلحُ بمفردة الحرب، على ما يقوم به البشر من مواجهات خطرة عدة. حتى أن هناك من استعار الحرب للحادث في مواجهة فيروس كورونا، فبالاستدلال الطبي، أن الفيروس تمكّن من هزيمة جيوشنا البيضاء المتمثلة في كريات الدم البيضاء وكل من يلبس أبيض في مجال الصحة، ما دعي أخيراً بالجيش الأبيض. عليه كانت المهمة الاستراتيجية العاجلة، الاستعانة بالمختبرات الطبية لابتداع فيروس مضاد، كلقاح لدحر العدوان الغاشم، وتكتيكياً التزمنا بالتكميم والاعتزال الجسدي وحظر التجول، فكنا كما المعتزلة في الإسلام بين بين!

المهمة العاجلة التعبئة (اللوجستية) وفي هذا، كانت الصين قد قدمت الدرس الأول، ما عملنا أن يكون النبراس، ما كانت المشاهد الأولى في سيناريو الحرب، التي لا مثيل لها إلا جزءاً منها قدم في أفلام. المهمة البعيدة الاستراتيجية القضاء على العدو وفي هذه اللحظة الاستثنائية أثناء كتابة المقال، تخوض البشرية غمار المهمة الاستراتيجية للجيوش البيضاء، فقد بدأ إعطاء اللقاح، ما تمكنت تلك الجيوش، من إنتاجه في سبق تاريخي. لكن هذا كما يرى قادة من الجيش الأبيض لا يعني نهاية المعركة، لذا فالمهمة العاجلة/ التعبئة، من لزوم ما يلزم أثناء خوض المهمة الاستراتيجية ومنها أن اللقاح الآن وهنا في الاختبار الأكبر ولن نتحقق من نتائجه إلا من خلال الخطوات الإجرائية التي تتم في التو والساعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد رسم كاريكاتير سنة 2020 الأقسى بالكمامة، ورسم سنة 2021 المقبلة بالكمامة والإبرة معاً. وأستنتج من هكذا مؤشر، أن السنة الأولى تمتد في الثانية وأن للحرب آثاراً خصوصاً لحظة الخروج منها عابرين بوتقة السلام. فمنها اصطلحت ورأيت، أن ما يعقب الحرب يكون "حرب السلام" ما يعني أنها فترة معتمة، وبين بين، قابلة للانكسار وتضعضع الحال، فالتقهقر. والمفكر الاستراتيجي الليبي محمود جبريل يعتبر أن الخروج من أي أزمة لا يكون إلا عبر مراحل، الأولى تكون لصيقة بسابقتها وعليه تكون أخطرها، ولما تنجز كما يجب أن تتداعى.

تتداعى المراحل لكن قبلها تتضعضع الحال، فإن كنا ساعة اجتياح كورونا في مواجهة، فما عقب المواجهة الإنهاك والإرهاق، محمولهما سيكولوجي باعتبار أول، وفي الحقيقة مشمولان بدلالات عدة، الجسدية فالاقتصادية، وهلم جراً. وهذا محمل، إضافة إلى ما سبق، بالخوف من النكسة، ما ليس مجرد خوف سيكولوجي، بل لاعتبارات أن الحرب لم تنته بعد، بل لبست لبوس السلم. وفي هذا الساحر غيتس صاحب مايكروسوفت، من نبوءته بخطر الجوائح حققها كورونا، المتنبي هذا أنبأ بجائحة على الأبواب. وفي هذا كأنه المفكر الاستراتيجي القائل: لن تُنهى الحرب، إلا بإنهاء مُكنة اندلاعها ثانية، وإن حدثت فستكون الحرب التي لم نعرف.

البشرية في لحظة انعكاس آثار الحرب، لكن القادة قد لا يزيلون آثارها، بل يشعلون أخرى صغيرة ومتفرقة، أي يذهبون في طريق رأسمالية الكوارث: استثمار الحرب بتفتيتها، نعم إزالة الخطر بتوظيفه أو كما يقولون. الساعة ناقوس خطر كورونا، يدق بكل يد مضرجة ما بعد كورونا، بأن يدفع الصغار فاتورة المحنة، فالحروب الصغيرة القائمة تؤجّج ويقام رديفها فتكون هذه النار المحصورة، وسيلة لحرق المراحل، الما بعد كورونا، فالجائحة حرب كونية تكاليفها باهظة بكل المعايير.

أي خطر يجلبه هكذا سلام؟، يداوي الداء بالتي هي الداء، كمثال أفغانستان حرب، ما في طريقها إلى السلام، اتخذت الحرب طريقة منذ أكثر من عقدين. وهكذا طريقة مجربة ومأمونة، عند من ساهم في اندلاعها، الدول الكبرى واستراتيجيتها وزبانيتها تجار الحروب. وقد وفر كورونا لهم ومن تبعهم، غطاء للكثير من الكوارث، باعتباره الكارثة الكبرى ما لا مثيل لها، وهو ما يكون كحملة المصاحف في الفتنة الكبرى، وكما حصل حين بررت جرائم، وتبرر تحت بند محاربة الإرهاب، فلن يكن ثمة خطل إن أضفنا محاربة آثار كورونا.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء