Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بن صالح رئيساً للجزائر لتسعين يوماً... صدمة في الشارع والمعارضة تعتبره "انقلاباً"

تحدّث كثيرون عن "ضوء أخضر" منحه الجيش إلى البرلمان للانعقاد

لمح رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح، الذي نصب رئيساً للدولة، الثلثاء 9 أبريل (نيسان)، بعد استكمال إجراءات استقالة الرئيس الجزائري، السابق، عبد العزيز بوتفليقة، إلى نيته عدم الاستقالة من منصبه، مثلما طالبت به المسيرات الشعبية الجمعة الماضي. وقال بن صالح إن "الواجب الدستوري فرض عليه تحمل المسؤولية". ما صعّد من موجة الغضب في الشارع الجزائري. 

وتحدّى بن صالح، الذي بات رئيساً للدولة الجزائرية، شعارات المسيرات المليونية الجمعة الماضية، التي رفعت مطلب استقالته وعدد من مسؤولي المؤسسات الدستورية الموروثة عن فترة حكم الرئيس المستقيل، بوتفليقة.

بن صالح يقدم نفسه ضامناً للحراك 

لم ينفِ بن صالح نية الاستقالة فحسب، وقدم نفسه فاعلاً لمصلحة الحراك الشعبي، إذ تعهد بالعمل "على توظيف أنسب الطرق للإسراع في تدشين مرحلة جديدة وفقاً لإرداة الشعب الجزائري". أضاف خلال جلسة إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية، في قصر الأمم التي نُصِّب فيها رئيساً "سأعمل على تحقيق الغايات الطموحة. وإني أهيب بكم في هذه الفترة للعمل بكل جد وإخلاص من أجل إعادة الكلمة في أقرب وقت للشعب في انتخاب رئيس ووفقاً للبرنامج الذي نريده له". 

ووصف المسؤولية التي مُنحت له بموجب المادة 102 من الدستور بالثقيلة، داعياً إلى "التطبيق الصارم للدستور وأحكامه، بما يتوافق ومطالب الشعب الجزائري". وشكر "الجيش الوطني الشعبي لحرصه التام على حفظ أمن البلاد في هذه المرحلة الحساسة".

جلسة على وقع مشادات  

جلسة تنصيب بن صالح، رئيساً للدولة وفق مقتضيات الدستور الجزائري، شهدت مفارقات عديدة، أبرزها حضور نواب داخل القاعة لتثبيت الحضور وتنصيب بن صالح، وفي الوقت نفسه لمطالبة الرئيس الموقت بالاستقالة فوراً. وكان سليمان سعداوي، النائب الشهير عن حزب الغالبية جبهة التحرير الوطني، قد أثار جلبة بين النواب داخل القاعة، ولحقه نواب آخرون من جبهة المستقبل. 

وقاطع الجلسة نواب جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال وجبهة العدالة والتنمية وحركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة البناء الوطني، فيما فضّل النواب "المستقلون" البقاء خارج القاعة. 

ووصف رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية جلسة البرلمان بالمزورة، قائلاً "تم تزوير العدد الحقيقي لأعضاء البرلمان الحاضرين. لقد حدث هذا للمرة الثالثة، المرة الأولى في 2008 ثم في 2016 وها نحن أمام انقلاب جديد". 

وقد صادق البرلمان بالأغلبية على التقرير الذي أعدته اللجنة البرلمانية المشتركة، برئاسة صالح قوجيل بصفته العضو الأكبر سناً، وتلاه مقرر اللجنة، العيد بيبي. وقد تضمن التقرير نصَّ تصريح المجلس الدستوري المتعلق بإعلان حالة الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية.  

وكان المجلس الدستوري قد ثبت، في 3 أبريل، الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية بعد إخطاره رسمياً من طرف عبد العزيز بوتفليقة قراره إنهاء عهدته بصفته رئيساً للجمهورية. 

وتنصّ المادة 102 من الدستور على أنه "في حالة استقالة رئيس الجمهورية، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً ويثبّت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وتبلّغ فوراً شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوباً. ويتولى رئيس مجلس الأمة مهمات رئيس الدولة مدة أقصاها 90 يوماً، تنظم خلالها انتخابات رئاسية". علماً أنه لا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية".

هذه صلاحيات رئيس الدولة 

وما إن انتهت جلسة إعلان الشغور، صدر في الجريدة الرسمية، ما يرسم العملية برمتها، في مشهد يعكس عملية انتقال بالسرعة القصوى في "سيناريو" بن صالح. ما يعني التوافق بين جميع أطراف السلطة. 

وتحدد المادة 104 من الدستور صلاحيات رئيس الدولة، إذ تؤكد استمرار الحكومة القائمة إبان استقالة رئيس الجمهورية، و"لا يمكن أن تُقال أو تُعدّل"، وذلك حتى يشرع رئيس الجمهورية المنتخب في ممارسة مهماته. وخلال هذه الفترة، لا يمكن تطبيق عدد من الأحكام الخاصة بالسلطات والصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية والمتعلقة بـ"حق إصدار العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها واستشارة الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية من طريق الاستفتاء" المنصوص عليها في الفقرتين 7 و8 من المادة 91 من الدستور. 

وتشمل هذه الأحكام تعيين أعضاء الحكومة (المادة 93) والتشريع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطل البرلمانية بعد رأي مجلس الدولة (المادة 142) وحلّ المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها (المادة 147)، والمبادرة بالتعديل الدستوري (المادة 208). 

ولا يمكن خلال هذه الفترة إصدار القانون المتضمن التعديل الدستوري مباشرة من دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز ثلاثة أرباع أصوات أعضاء غرفتَي البرلمان، إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية. 

بالإضافة إلى ما سبق ذكره من أحكام، لا يمكن خلال هذه الفترة، إلا بموافقة البرلمان المنعقد بغرفتَيه المجتمعتَين معاً بعد استشارة المجلس الدستوري والمجلس الأعلى للأمن، إقرار حالة الطوارئ أو الحصار لمدة معينة واتخاذ التدابير اللازمة لاستتباب الوضع (المادة 105) وإقرار الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها (المادة 107) وإقرار التعبئة العامة في مجلس الوزراء (المادة 108) وإعلان حالة الحرب إذا وقع عدوان على البلاد أو يوشك أن يقع (المادة 109) والتوقيع على اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم (المادة 111).

 

احتقان في الشارع 

جلسة تنصيب بن صالح، وخطابه الأول، أسّسا لحالة احتقان في الشارع، وقد خرج آلاف من المحتجّين في عدد من المحافظات، ووسط العاصمة حيث تُمنع مظاهر التجمهر طوال أيام الأسبوع ما عدا الجمعة. وعملت قوة من الشرطة على تفريق آلاف الطلاب قبالة البريد المركزي. 

وتحدّث كثيرون عن "ضوء أخضر" منحه الجيش إلى البرلمان للانعقاد. وطرحت أسئلة كثيرة في الشارع عن حقيقة تعهدات المؤسسة العسكرية بتفعيل المواد 07 و08 من الدستور، بعد المادة 102. ويتوقع أن تجيب كلمة لرئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح، الذي يزور وهران (400 كلم غرب العاصمة)، الثلثاء، عن هذه الأسئلة. 

ومعنى استمرار بن صالح هو ذهاب الجزائريين إلى انتخابات رئاسية في غضون ثلاثة أشهر، تنظمها الحكومة القائمة، بالأليات والأنظمة نفسها. ويستمر بالتالي، كل من البرلمان بغرفتَيه، والمجلس الدستوري وعلى رأسه الطيب بلعيز. 

المزيد من العالم العربي