Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل نجح لودريان من القاهرة في تهدئة الأجواء بين باريس والعالم الإسلامي؟

الوزير الفرنسي سعى إلى شرح موقف بلاده من أزمة الرسوم الكاريكاتيرية للسيسي والأزهر يتمسك بملاحقة "المسيئين للإسلام في المحاكم الدولية"

سعياً لتهدئة الأجواء بين "المسلمين وباريس" بعد أزمة الرسوم الكاريكاتيرية، وتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن ما سماه "النزعة الانفصالية الإسلاموية"، جاءت زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، الأحد، الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى القاهرة، حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية سامح شكري، وذلك قبل أن يبحث الأزمة مع شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، الذي انتقد بشدة فرنسا بسبب الرسوم الكاريكاتيرية.

ووفق مصادر دبلوماسية فإن زيارة لودريان جاءت في سياق "الجهود الفرنسية لشرح موقفها، وتهدئة وتصفية الأجواء بين باريس والعالم العربي والإسلامي في أعقاب الأزمة الأخيرة التي أثارتها تصريحات الرئيس نفسه، وأزمة الرسوم الكاريكاتيرية".

وانتشرت في عدد من الدول الإسلامية تظاهرات غاضبة ضد ماكرون. كما أطلقت حملة لمقاطعة المنتجات الفرنسية في أكثر من دولة، وذلك بعد أن تعهد بـ"عدم التخلي عن الرسوم الكاريكاتيرية" خلال تأبين وطني لأستاذ التاريخ الذي ذبح على يد متطرف شيشاني في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أن عرض على تلاميذه الرسوم  للنبي محمد أثناء درس عن حرية التعبير.

توافق دبلوماسي للودريان بالقاهرة

بحسب بيان صدر عن رئاسة الجمهورية المصرية، عقب لقاء السيسي الوزير الفرنسي، فقد دعا الرئيس المصري إلى "إعلاء قيم التعايش والتسامح بين الأديان، ومد جسور التفاهم والإخاء، وعدم المساس بالرموز الدينية، معرباً عن الرفض التام للأعمال الإرهابية بجميع أشكالها، أو ربط أي دين بأعمال العنف والتطرف".

وقال المتحدث باسم الرئاسة، بسام راضي، إن اللقاء الذي تناول موضوعات التعاون المشترك في إطار العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين، واستعراض سبل تعزيز الجهود لمواجهة تصاعد نبرات التطرف والكراهية في ظل التوتر الأخير بين العالم الإسلامي وأوروبا، أكد خلاله الوزير الفرنسي، احترام بلاده وتقديرها لجميع الأديان ومبادئها وقيمها، وتطلعها لتعزيز التعاون والتشاور مع مصر لمكافحة ظاهرة التعصب والفكر المتطرف الآخذ في الانتشار، لا سيما في ظل كون مصر منارة للوسطية والاعتدال، إلى جانب نهجها في إرساء قيم التعايش وحرية العبادة واحترام الآخر.

وخلال اللقاء أكد لودريان "الاحترام العميق للإسلام"، وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره سامح شكري "لقد أشرت إلى الاحترام العميق للإسلام. ما نحاربه هو الإرهاب، إنه اختطاف الدين، إنه التطرف"، مؤكداً أنه جاء "ليشرح إذا لزم الأمر هذه المعركة، وفي الوقت نفسه النضال من أجل احترام حرية المعتقد"، مشدداً على أن "المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب والتطرف حول العالم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تصريحات لودريان، فقد ناقش خلال زيارته القاهرة "الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا، والحملة ضدها، والتي يتم فيها الاستغلال والترجمة الخاطئة لحديث رئيسها إيمانويل ماكرون"، مؤكداً أن "المسلمين جزء من فرنسا وتاريخها".

بدوره، أوضح وزير الخارجية المصري أن "الإرهاب لا علاقة له بالدين الإسلامي"، موضحاً أن "العمليات الإرهابية تهدف إلى تحقيق أغراض سياسية، وليس لها علاقة بالدين الإسلامي الحنيف، الذي يحض مثل باقي الأديان على السلام والتسامح"، كما أشار في السياق ذاته إلى "عمق علاقات التعاون في مختلف المجالات والتنسيق المشترك بين القاهرة وباريس".

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن لقاءي "الوزير الفرنسي مع الرئيس المصري ووزير خارجيته اتسما بالتفاهم لما يجمع لودريان من علاقات شخصية ممتدة منذ سنوات مع الرجلين"، مضيفة "تجمع القاهرة وباريس رؤى مشتركة حيال أغلب القضايا، ومن بينها مكافحة الإرهاب والتطرف".

اجتماع "شديد اللهجة" في الأزهر

بخلاف التوافقات الدبلوماسية التي طبعت لقاءي لودريان بالرئيس المصري ونظيره سامح شكري، كان لقاؤه المغلق بشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب "شديد اللهجة"، وفق ما وصفه مصدر رفيع في المؤسسة الدينية الأكبر في العالم السني.

وقال بيان الأزهر عقب اللقاء، إن الإمام أحمد الطيب أكد للوزير الفرنسي أن "المسلمين يرفضون أي إساءة لرسولنا الكريم"، مضيفاً "إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة لنبينا حرية تعبير، فنحن نرفضها شكلاً ومضموناً"، مؤكداً رفضه "وصف الإرهاب بالإسلامي". وأضاف "ليس لدينا وقت ولا رفاهية للدخول في مصطلحات لا شأن لنا بها".

وبحسب البيان، فقد طالب الطيب بـ"وقف هذا المصطلح فوراً؛ لأنه يجرح مشاعر المسلمين في العالم، وهو مصطلح ينافي الحقيقة التي يعلمها الجميع"، كما قال "وددنا أن يكون المسؤولون في أوروبا على وعي بأن ما يحدث لا يمثل الإسلام والمسلمين، خصوصاً أن من يدفع ثمن هذا الإرهاب هم المسلمون أكثر من غيرهم".

وأوضح شيخ الأزهر أن "الإساءة للنبي محمد مرفوضة تماماً، وسنتتبع من يسيء لنبينا الأكرم في المحاكم الدولية، حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط". وتابع "حديثي بعيد عن الدبلوماسية حينما يكون عن الإسلام ونبيه".

وذكر بيان الأزهر، أن الطيب قال للودريان، إن "المسلمين حول العالم (حكاماً ومحكومين) يرفضون الإرهاب الذي يتصرف باسم الدين، ويؤكدون براءة الإسلام ونبيه من أي إرهاب"، مشدداً على أن الأزهر يمثل صوت ما يقارب ملياري مسلم، أما الإرهابيون فلا يمثلوننا، ولسنا مسؤولين عن أفعالهم".

وكان شيخ الأزهر قد قال بخطاب في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، إن "الإساءة للأديان والنيل من رموزها المقدسة تحت شعار حرية التعبير ازدواجية فكرية ودعوة صريحة للكراهية".

ووفق مصدر بمشيخة الأزهر، فقد تضمن اللقاء أيضاً احتجاج الإمام الطيب "الصريح على حرية التعبير عندما تتضمن الإساءة للأديان السماوية، وليس الإسلام فحسب"، وهو ما تفهمه الوزير الفرنسي، موضحاً أن حكومته لا تتبنى مثل هذه الأفعال، على حد تعبير المصدر.

وعقب لقائه الطيب، أوضح الضيف الفرنسي مجدداً في إيجاز صحافي مختصر، أنه "أكد لشيخ الأزهر ضرورة التعاون لنشر أفكار الوسطية والاعتدال في المستقبل، فضلاً عن مكافحة الأكاذيب ونداءات الكراهية، والإرهاب والتعصب والتطرف، وتحريفها لأغراض سياسية"، معتبراً أنه بالإضافة للإمكانات التي تخصصها باريس لمكافحة الإرهاب، هناك معركة يتوجب خوضها على صعيد الأفكار، وأن مؤسسة الأزهر لعبت دوراً في هذا الشأن".

وشهدت الدول الإسلامية تظاهرات غاضبة ضد الرئيس الفرنسي الذي أُحرقت صوره ومجسمات له خلال الاحتجاجات. كما أطلقت حملة لمقاطعة المنتجات الفرنسية في أكثر من دولة.

وفي مصر، تم تناقل دعوات المقاطعة على وسائل التواصل الاجتماعي غير أنها لم يكن لها تأثير فعلي.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات