Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عمليات التجميل في السودان بين فشل ونجاح

ينقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض لهذه الظاهرة المكلفة

لم تعد مواد التجميل تلقى رواجاً في السودان بعد انتشار عيادات التجميل (حسن حامد)

بين كل شارع وآخر في السودان، تقابلك لافتة كبيرة تشير إلى وجود عيادة تجميل بكافة أنواعه، بعد أن كان محصوراً خلال الماضي في تفتيح البشرة وزيادة الوزن وإنقاصه، بمستحضرات يقال إنها طبيعية.

لكن اليوم، تطورت العمليات والجراحات التجميلية، بعضها خطير أودى بحياة كثيرات، وآخر جعل عشرات الفتيات طريحات المستشفيات بعاهات مستديمة.

إقبال متزايد على عيادات التجميل في الخرطوم، بعد أن كانت أساليب تجميل الفتيات تعتمد على مكونات طبيعية، عرفت بها السودانيات في كل أنحاء العالم. لكن مع المعايير العالمية للجمال، ورغبة الفتيات في الحصول على أجساد مثالية مهما كلفهن الأمر، اتجه الأطباء، وآخرون لا علاقة لهم بالمجال، لفتح عيادات تجميل باهظة الثمن.

شد الوجه وحقن الفيلر والبوتكس ونحت الجسم وغيرها، وسائل تجميلية باتت منتشرة في الخرطوم، حدثتنا عنها الخبيرة منية مجدي التي تقدم في عيادتها بالخرطوم خدمات تجميلية جديدة في السودان.

وتوضح "تطور التجميل كثيراً في السودان، وأصبحت غالبية المراكز تقدم خدمات تجميل البوتكس والفيلر والبلازما، وتقنيات حديثة مثل إزالة النمش والشعر بالليزر وشفط الدهون وتقويم الأنف، بعد أن كان التجميل مقتصراً في السابق على الحمام المغربي والحناء".  

وتضيف منية "بات غالبية أطباء الجلد في السودان والجراحون يتخصصون في الطب التجميلي".

في المقابل، ترى طبيبة الجلد ابتهال طارق، أن "المضاعفات التي قد تحدث لبعض المريضات بعد عمليات التجميل تكون بسبب عدم التزام المريضة بتعليمات الطبيب. ثمة مريضات يتابعن جلسات علاجية لبشرتهن وبعد فترة يصابون بحروق فيها نتيجة عدم اتباع التعليمات التي غالبيتها تشدد على عدم التعرض للشمس لفترات طويلة واستخدام واق وعدم وضع منتجات مجهولة المصدر، ومع ذلك لا يلتزمن ويحملن الطبيب مسؤولية ما حدث لهن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف "ما دامت المواد المستخدمة مصرح بها من وزارة الصحة، والطبيب يقوم بعمله على أكمل وجه فليس هناك أي ضرر في القيام بعمليات التجميل، بالعكس هذه الجراحات تعزز ثقة الفتيات في أنفسهن".

الأسعار

تبدأ أسعار العمليات من 1000 دولار، وقد تصل إلى 10 آلاف، وهو مبلغ ضخم، لذلك نجد عيادات التجميل في السودان مقتصرة على فتيات من طبقة معينة.

ترى ياسمين عز الدين (موظفة)، أن "الفتيات في مقدورهن توفير ما يكفي لعمليات تسهم في تحسين أشكالهن، وكسب الثقة في أنفسهن. ولا عيب في ذلك فالنساء مفطورات على حب الجمال والبحث عنه. ما دام لا ضرر في ذلك".

في حين تقول الطالبة جميلة الهادي، إن "عمليات التجميل مرتبطة بعدم ثقة الإنسان في نفسه، النساء جميلات في كل الحالات، والجمال ليس له مقاييس معينة ولا قوالب. لن أقدم على عمل عملية تجميل أبداً، ومقتنعة بشكلي حتى إذا لم يعجب الجميع".

في المقابل، يوضح سالم البشير (صاحب أعمال حرة) "لن أرتبط بفتاة مزيفة قامت بتغيير شكلها، لأن هذا الأمر يعكس عدم ثقتها في نفسها. الفتيات عموماً يعتقدن أن الرجال يبحثون عن فتاة جميلة فقط، ولكن الجمال لا يعني الكمال ومقاييسه مختلفة. جريمة ترتكبها الفتاة في حق نفسها عندما تدخل في دوامة عمليات التجميل التي لا نهاية لها".

تجارب مؤلمة

تجارب كثيرة انتهت بمآسٍ بسبب عمليات تجميل فاشلة، حيث نشرت العديد من الفتيات على مواقع التواصل الاجتماعي ما انتهى الحال بهن جراء قيامهن بعمليات جراحية وأخرى غير جراحية.

تروي نهى قصتها قائلة "قصدت أحد أطباء التجميل المعروفين في السودان لإجراء عملية شفط دهون، فأنا مصابة بسمنة مفرطة، وكان يجب أن يتدخل جراحياً. بعد العملية أصبت بمضاعفات كادت تودي بحياتي، وعلى الرغم من المبلغ الكبير الذي دفعته للعملية، فإنها لم تأت بنتيجة. كانت فاشلة، ولم تلتئم الجروح لفترة طويلة، وبقيت طريحة الفراش لأشهر طويلة".

بينما روت أخرى قصتها المؤلمة مع حقن الوجه بمادة "الفيلر" حتى انتهى بها الأمر بجروح والتهابات في الوجه كادت تودي بحياتها.

في سياق متصل، يقول مصدر من وزارة الصحة، إن "بعض العيادات لا تملك تصاريح ورخصاً للعمل، ومع ذلك تقوم بأنشطة محظورة بواسطة أطباء غير مختصين وآخرين لا يملكون شهادة طب أساساً، بل يعتمدون على كورسات معينة، يمارسون بعدها مهنة الطب. وصلتنا شكاوى كثيرة وأغلقنا عدداً من العيادات".

ويضيف المصدر "سننزل أشد العقوبات على العيادات والأفراد الذين يمارسون المهنة خارج مظلة الوزارة. وتُصادر مواد التجميل الضارة في المطار ويُمنع دخولها إلى البلاد".

ضغوط مجتمعية

غالبية الفتيات أجمعن على أن لجوأهن لعمليات التجميل يرجع إلى ضغوط مجتمعية، حيث توضع معايير معينة تصنف من لا تمتلكها بأنها غير جميلة مما دفع كثيرات للجوء إلى عمليات بعضها خطيرة لإرضاء المجتمع.

تقول المعالجة النفسية تسنيم البرهومي "بطبعنا كفتيات نحب الجمال ونبحث عن الأشياء التي تزيد من طاقة الأنوثة لدينا، ولكن للأسف في الآونة الأخيرة ظهرت عمليات التجميل بصورة كبيرة التي تغير من الشكل والملامح لعدم الرضى عن النفس، وعدم الرضى متعلق بالتربية والتنشئة والثقة والاستحقاق وتقييمنا لأنفسنا، وهذا الأمر مرهق ويشكل هاجساً كبيراً للسيدات. أحياناً تبحث الفتيات عن هذا التغيير ليس من أجل البحث عن الجمال فقط، بل بسبب عدم الرضى بالشكل وقلة الثقة بالنفس، مما يجعل الفتاة تبحث عن التجميل وتسعى جاهدة لتغيير شكل أنفها وخصرها، وغيره".

في السياق ذاته تقول البرهومي "في الآونة الأخيرة أصبح المجتمع ينظر للمرأة نظرة معينة، وفرض على الفتاة شكلاً معيناً حتى تتزوج، لذلك يجب تعزيز ثقة الفتيات في أنفسهن، ليس هناك فتاة غير جميلة والمخاطرة بالحياة والنفس من أجل إرضاء طرف معين له عواقب وخيمة، يجب نشر التوعية وإخبار الفتيات أن رأي الناس يعبر عنهم فقط، ولا يجب أن يحمل دائماً بمحمل الجد وعين الاعتبار".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات