ظهور الرئيس الأميركي دونالد ترمب من شرفة ترومان بالبيت الأبيض، الإثنين الماضي، عقب خروجه من مركز والتر ريد الطبي العسكري، لم تثر جدلاً حول حقيقة إصابته بفيروس كورونا فقط، بل اتجه معارضوه إلى مقارنة إطلالته بالمشهد الذي اشتهر به بينتيو موسوليني، رئيس الوزراء الإيطالي الراحل، الذي يعد من الشخصيات الرئيسة في نشأة الفاشية.
من بدأ المقارنة؟
بعد ما حطت مروحية "ون مارين"، في حديقة البيت الأبيض، ليلة الإثنين، أطل الرئيس الأميركي مرتدياً قناع الوجه، ليتوجه مباشرة إلى شرفة البيت الأبيض التي حظي من خلالها بلحظة انتصاره التي تناقلتها الشاشات ووكالات الأنباء. حينها وأثناء البث المباشر على شبكة "سي إن إن"، أطلق أنتوني سكاراموتشي، على ترمب لقب "موسوليني الأميركي".
وسكاراموتشي الذي خدم لفترة قصيرة مديراً للاتصالات في الإدارة الحالية عام 2017، أصبح لاحقاً من أشد منتقديها، بل وذهب المسؤول السابق إلى انتقاد تصرف ترمب بإزالة قناع الوجه علانية في تجاهل لمن حوله، واصفاً رئيس الولايات المتحدة الخامس والأربعين بأنه "موسوليني الأميركي"، في حين وردت المقارنة نفسها في حوار بين المذيعة جوي ريد والمعلق الجمهوري ستيف شميت على قناة MSNBC، ومن ثم تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.
أحد مؤسسي الفاشية
وعُرف موسوليني الذي حكم إيطاليا من عام 1922 إلى 1943، بكونه خطيباً مؤثراً، اعتاد إلقاء خطاباته من الشرفة الواقعة فوق ساحة فينيسيا في روما، حيث كانت حشود من الإيطاليين تتجمع لسماع "إل دوتشي" أو "القائد" كما كان يحب موسوليني أن ينعت. ومن الشرفة الواقعة في مكتبه المطل على جانب واحد من الساحة، ألقى الزعيم الفاشي بعضاً من أشهر خطاباته التي شكلت التاريخ، بما فيها إعلان الإمبراطورية الإيطالية عام 1936، وإعلان الحرب على فرنسا وبريطانيا عام 1940.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعندما تفاقمت حساسية الإيطاليين تجاه الفصل الفاشي من تاريخهم بعد الحرب العالمية الثانية، أُغلقت البلكونة الشهيرة كما تُطوى صفحة من التاريخ، ليصبح المعلم مهجوراً لعقود، قبل أن تتلاشى تلك الحساسيات، كما هي حال الأمم في تعاملها مع التاريخ، وهكذا تحول القصر المزخرف الذي يستقر في جنباته مكتب موسوليني، إلى متحف وطني يضم فنون العصور الوسطى، وأعيد فتح الشرفة مرة أخرى، لكن هذه المرة غاب خطيبها.
وبقدر يقين الإيطاليين بعدم عودة موسوليني، ربما لم يخطر لهم على الإطلاق أن رئيساً أميركياً سيطل يوماً من شرفة البيت الأبيض، لينعته مواطنوه بأنه موسوليني الجديد، وهو حدث فعلاً، ليلة الإثنين، حين تداولت مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات تطلق على ترمب هذا الوصف الذي غلب عليه التهكم.
لكن وصف ترمب مقترناً بالزعيم الفاشي ليس وليد اللحظة، إذ أثار موقع "بيزنس إنسايدر" في وقت سابق، مخاوف لدى مؤرخين وأكاديميين ومحللي انتخابات أميركيين، من أن سلوك الرئيس الحالي يشبه موسوليني والقادة الذين تدينهم الولايات المتحدة، على أعقاب رفض سيد البيت الأبيض التعهد بانتقال سلمي للسلطة في حال خسارته، وهو ما قوبل برد فعل عنيف من قبل الديمقراطيين.
هل تعافى ترمب؟
قبل ساعات من عودته إلى البيت الأبيض بعد ثلاث ليالٍ قضاها في مركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني، أكد ترمب في تغريدة على حسابه بتويتر أنه يشعر بحالة جيدة وصفها بأنها أفضل مما كان عليه قبل 20 سنة، كما أوصى مواطنيه بعدم السماح للمرض بالسيطرة على حياتهم، وهو ما قوبل بموجة استياء أثارت أرقام الوفيات المتزايدة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة التي تجاوزت 210 آلاف وفاة.
وينتقد متخصصون بالأمراض المعدية، تسرع الرئيس الأميركي بمغادرة المستشفى، نظراً إلى أن صحة مريض كورونا، معرضة للتدهور بشكل سريع، ناهيك عن الإجماع الطبي على أن الخطر على المرضى يبدأ من الأسبوع الأول إلى الـ10 الأيام الأولى منذ ظهور الأعراض.