Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التبجح لن يخفي عدم كفاءة بوريس جونسون

يواجه رئيس الوزراء البريطاني غضباً من يمين حزب المحافظين ويساره بسبب طريقة تعاطيه مع فيروس كورونا

يأخد كثيرون في حزب المحافظين على بوريس جونسون تذبذب توجيهاته للتعامل مع الجائحة وافتقاره للحزم والرؤيا الإستراتيجية لمواجهة الوباء (غيتي) 

يمثل تمرد النواب المحافظين ضد الإجراءات القاسية التي اتخذتها الحكومة بشأن فيروس كورونا خطراً مزدوجاً على بوريس جونسون. ومع أن احتمالية حصد هزيمة مذلة بسبب قانون فيروس كورونا 2020 تعد سيئة بما فيه الكفاية، من المرجح أن يُقدم الوزراء تنازلات كافية لنزع فتيل تمرد النواب، الذين يطالبون بالحق في الموافقة مسبقاً على القيود التي تنوي الحكومة فرضها على الصعيد الوطني.

لكن التمرد يحمل دلالة مبطنة أكثر سوءاً. فقد بات الإحباط والغضب في بعض الحالات تجاه رئيس الوزراء من قبل نواب حزب المحافظين واضحاً، ولن يتم تبديده من خلال توافق آخر في اللحظة الأخيرة. وعلى رغم انضمام لواء "الاقتصاد أولاً" اليميني، إلى التمرد لاعتقادهم بأن جونسون تمادى بالفعل في قيوده، إلا أن شخصيات بارزة في يسار حزب المحافظين مثل داميان غرين وبوب نيل تمردت هي الأخرى. وبينما يمكن لزعيم حزب المحافظين محاربة فصيل أو آخر، سيتسبب له القتال على الجبهتين في مشاكل حقيقية.

إن أكبر قلق يواجه جونسون، أكثر من أي شيء آخر، هو أن عديداً من النواب البرلمانيين (المحافظين) يعتقدون، (كما أخبرني أحد الوزراء السابقين)، أنه "ليس الزعيم الذي انتخبناه" وهذا ما يفسر ادعاءاتهم الغريبة إلى حد ما، بأنه قد "اختُطف وتمت برمجته" من قبل الدكتور سترانج لوف Dr Strangelove (فيلم حول عميد في الجيش الأميركي يضع العالم على حافة كارثة نووية) أو أنه عبارة عن "ملك تحت تأثير مستشاريه" مثل الملك ثيودين في فيلم سيد الخواتم King Théoden in The Lord of the Rings.

في العام الماضي، أيد 160 نائباً من حزب المحافظين جونسون في سباق قيادة الحزب، كما حظي بدعم 66 في المئة من القاعدة الشعبية للحزب في جولة الإعادة بمواجهة جيريمي هانت. لذا، قد يبدو من قبيل عدم الولاء، وغير الإنصاف وإنكار الجميل، الانقلاب عليه بعد تسعة أشهر فقط من فوزه بالانتخابات العامة. لكن العجلة السياسية تدور اليوم أسرع من أي وقت مضى، وبات ديسمبر (كانون الأول) الماضي جزءاً من تاريخ ولى من دون رجعة.

من جانب آخر، يشكو نوابه من افتقار جونسون للحزم وإستراتيجية للتعامل مع الوباء. لذا لم نتفاجأ كثيراً بجهله بالقواعد التي وضعها بنفسه، من خلال خطأ آخر غير مقصود، عزز قضية المتمردين في وقت مثالي بالنسبة إليهم، أي قبل النقاش الذي خاضه مجلس العموم الأربعاء الماضي. ويشهد أولئك الذين جلسوا إلى جانبه على طاولة مجلس الوزراء أن رئيس الحكومة لا "يهتم بالتفاصيل"، وكما ذكرت هذا الشهر، اندهش مسؤولو الحكومة من اكتشاف أن جونسون لم يفهم حتى اتفاقية الانسحاب مع الاتحاد الأوروبي التي وقعها العام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ربما كان سينجح في العمل كرئيس مجلس إدارة يهتم فقط بالخطوط العريضة، لو لم يحدث كوفيد-19، وكان تحديه الأكبر هو تنفيذ أجندة "الارتقاء" (تنمية المناطق المهمشة في شمال ووسط إنجلترا) الطموحة الخاصة به. لقد كان بإمكانه الاهتمام بالصورة الأشمل وبالتفاؤل وترك التفاصيل لوزرائه.

لكن القيام بذلك لا ينفع في وقت الجائحة، ولا يكفي التبجح لإخفاء حالة انعدام الكفاءة التي ينتقدها كير ستارمر (زعيم حزب العمال المعارض) على نحو ملائم. ويعتقد عديد من المحافظين أن الأزمة قد أماطت اللثام عن عدم أهلية جونسون للوظيفة التي ابتغاها طوال حياته.

صحيح أن هذا غير مسبوق، لكن جونسون وجد نفسه في موضع المسؤولية في وقت غير مناسب. ويبدو أنه سيكون أسعد بالتمرد على القواعد التي وضعها الآن، كما كان سيفعل بالتأكيد لو طرحتها تيريزا ماي أو (جيريمي) هانت، أو لو كان يكتب عموداً في صحيفة ليبرالية ينتقد فيه إجراءات "الدولة الحاضنة للمواطنين"، تلك الإجراءات التي يجب عليه الآن إقناع البلاد بابتلاعها.

ويشعر النواب المحافظون أيضاً بالانزعاج من حرص جونسون الدائم على الإعلان عن أخبار جيدة (دون الأخبارالسيئة)، مع العلم أن ذلك يأتي عادةً مع وظيفته. فقد بدا خطابه حول المهارات يوم الثلاثاء (الماضي)، وكأنه تم تحضيره على عجل ليظهر أنه ليس مجرد رسول شؤم ومُعْلِن عن مزيد من قيود فيروس كورونا. لكن في هذه الحالة لم ينجح الأمر، فقد خيم على خطابه، الخطأُ الشخصي الذي ارتكبه بشأن الإجراءات، عندما أجاب عن الأسئلة لاحقاً. وعلى الأقل هذه المرة، أصدر جونسون اعتذاراً نادراً عندما سارع إلى تصحيح معلوماته. لكن يبدو أن حلفاءه غير نادمين (على تمردهم).

لقد اشتكى وزير الأعمال ألوك شارما الأسبوع الماضي في مداخلة على راديو "بي بي سي 4" في برنامج "اليوم" Today من الأسئلة المحرجة، قائلاً، إن الوزراء ليسوا في "برنامج مسابقات." لكن رئيس الوزراء يبدو أحياناً وكأنه يفضل لو كان في برنامج مسابقات. وإذا كان حائراً بشأن القواعد، فكيف يمكنه بحق السماء أن يتوقع من الجمهور أن يفهمها، ناهيك عن الالتزام بها؟ وإذا كان الناس يبحثون عن عذر لتجاهل القواعد، فقد أعطاهم جونسون واحداً على طبق من فضة.

ومع حتمية فرض مزيد من القيود، يحتاج (مقر الحكومة) داونينغ ستريت بشكل عاجل إلى إيجاد طريقة للإعلان عنها بعبارات بسيطة. ولقد صُممت "قاعدة الستة" لتكون واضحة، لكن القواعد المختلفة في البؤر الساخنة لفيروس كورونا قد عكرت المياه. وتغطي هذه البؤر مساحات أكبر بكثير مما تصوره جونسون، عندما تحدث عن إستراتيجية "ضرب رأس الخلد" whack-a-mole.

إنه الآن يلعب لعبة ضرب الخلد في جميع أنحاء البلاد، بينما نتجه نحو الإغلاق الوطني الذي تعهد جونسون بتجنبه لأسباب مفهومة بسبب آثاره الاقتصادية الشديدة.

إن رئيس الوزراء، الذي أثار الآمال مراراً في العودة إلى الحياة الطبيعية، سيرغب في الإعلان عن نبأ سار بالاحتفال بعيد ميلاد طبيعي هذا العام، ربما من خلال تخفيف مؤقت للإجراءات. لكن في ظل الوضع الحالي، يبدو ذلك غير مرجح على نحو متزايد.

© The Independent

المزيد من آراء