Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوريس جونسون يجهل تفاصيل صفقته بشأن بريكست

سعى إلى مساومة متشددة في المفاوضات التجارية، لكن الاتحاد الأوروبي واع بتصرفه

 جونسون تحمس لصفقة بريكست بلا اتفاق ولم يعر انتباها كافيا لتعقيدات المسألة الإيرلندية فيها (أ.ب)

قبل شهرين، أخبرني مسؤول كبير في "وايت هول" (المنطقة حيث البرلمان ومقرات الوزارات البريطانية) أن بوريس جونسون لم يفهم بروتوكول إيرلندا الشمالية الذي وقع عليه العام الماضي كي يبرم الاتفاق على الانسحاب مع الاتحاد الأوروبي. لم أصدق ذلك، لأن القصة بدت أروع من أن تصدق.

الآن أصدق ذلك. أعلم أن الأمر يبدو كأنه لا يصدق، وبعض الأشياء، بطبيعة الحال، مؤذية للغاية إلى درجة أن "داونينغ ستريت" (مقر الحكومة البريطانية) سينكرها. في المقابل، يفسر ذلك قرار رئيس الوزراء الاستثنائي بانتزاع سلطات تمكنه من تجاوز البروتوكول المنصوص عليه في الاتفاقية التي وصفها بأنها "رائعة" و"مذهلة".

كذلك يفسر الأمر نفسه سبب إبلاغ جونسون رجال الأعمال في إيرلندا الشمالية أن بإمكانهم التخلص من استمارات التصريح الجمركي المتعلقة بالتجارة مع بريطانيا، عن طريق إلقائها في "القمامة". ويفسر ذلك أيضاً سبب قوله إنه لن يسمح بإنشاء حدود تجارية في البحر الإيرلندي إلا "على جثتي".

ويفسر ذلك أيضاً الإشارة الخجولة من قبل حلفاء جونسون إلى أن جميع الآثار المترتبة عن البروتوكول الهادف إلى تجنب إنشاء حدود مادية في جزيرة إيرلندا، لم تكن واضحة في العام الماضي، لأن الصفقة التي توصل إليها جونسون ونظيره الإيرلندي آنذاك ليو فارادكار، جاءت متسرعة.

قد يكون ذلك صحيحاً، لكنه لا يمكن أن يخفي الحقيقة المقلقة المتمثلة في أن لدينا رئيس وزراء لا يعتني بالتفاصيل، ولم يهتم بفهم الكتابة الصغيرة في الصفقة التي أبرمها.

صحيح أن الأمر معقد، لكنه ليس بمثل ذلك التعقيد. كان يجب على جونسون أن يفهم الصفقة، إذ طُرح اقتراحان على الطاولة بهدف تجنب حدود إيرلندية مادية هما بروتوكول تيريزا ماي الخاص بإيرلندا الشمالية وحدها الذي يشكل جزءاً من الصفقة التي استقال جونسون بموجبها من منصب وزير الخارجية، ومقترح إنشاء حدود جمركية في البحر الإيرلندي، الذي وقع عليه بعد أن خلف ماي في رئاسة الوزراء.

والآن يحاول "رقم 10" [مقر رئاسة الوزراء] وقيادات حزب المحافظين بشكل محموم، تفادي وقوع تمرد جاد، يوم الثلاثاء، من قبل نواب حزب المحافظين الذين أفزعهم تحركه لانتزاع صلاحيات تمكنه من تجاوز اتفاقية الانسحاب، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى خرق القانون الدولي. ويبقى أن نرى إذا كان بالإمكان التوصل  اليوم إلى توافق في "وستمنستر".

وعلى الرغم من أن الحكومة فازت في التصويت في البرلمان هذا الأسبوع، فإن تكرار التمرد الذي شهده، يوم الإثنين الماضي، من قبل 32 نائباً محافظاً سيعطي مجلس اللوردات الضوء الأخضر لمعارضة مشروع قانون السوق الداخلية. لذا، يبدو أن جونسون سيضمن إعطاء النواب، وليس الوزراء، القول الفصل قبل استخدام تلك السلطات المثيرة للجدل.

ويعترف حتى الوزراء بأن القضية كانت خطأ تلقائياً آخر. إذ انتشر الخبر القائل بأننا "سنخرق القانون" قبل أن يمهد "داونينغ ستريت" الطريق أو يشرح سبب حاجته إلى تلك الخطوة المفاجئة. ويبدو أن التبرير المزعوم بأن الاتحاد الأوروبي يهدد بمنع تصدير المواد الغذائية من بريطانيا العظمى إلى إيرلندا الشمالية، قد اختلق بسرعة بعد انتشار ذلك الخبر.

لقد تمثل هدف جونسون في المساومة المتشددة في مفاوضات الاتحاد الأوروبي على أمل أن تقدم بروكسل تنازلات أو تنسحب احتجاجاً، كي يتمكن بعد ذلك من إلقاء اللوم عليها في انهيار المفاوضات.

لكن الاتحاد الأوروبي لا يساوم. ويتعمد الهدوء ومواصلة التفاوض على صفقة تجارية. وقد أخبرني مسؤولون بأنهم سيكونون الأكثر رشداً في المفاوضات، ما يوضح تماماً كيف ينظرون إلى فريق جونسون. 

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد يتخذ إجراءً قانونياً في "محكمة العدل الأوروبية" بشأن تخلي المملكة المتحدة عن جزء من اتفاقية الانسحاب، فإن ذلك قد يستغرق أشهراً. والأهم من ذلك أن الاتحاد الأوروبي لن يعلق المحادثات التجارية على الأرجح أثناء ذلك، لأنه لا يريد أن يخدم هدف جونسون. وفي هذا الصدد، ذكر مصدر في الاتحاد الأوروبي أن جونسون وجد نفسه "في ورطة من صنعه".

لقد انكشف أمر رئيس الوزراء الذي يفتعل المعارك عند كل فرصة. إنه ينصب الأفخاخ لأعدائه، لكنهم يعرفون لعبته، ويرصدون الأفخاخ ويتجنبونها.

ويتبنى جونسون التكتيكات نفسها تجاه حزب العمال. فمنذ انتخاب كير ستارمر في أبريل (نيسان)، حرص فريق جونسون على تصويره كـ"محامي حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي" وأنه حاول إلغاء تصويت الشعب في 2016 لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عبر دعوته إلى إجراء استفتاء ثان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مما لا شك فيه أن حلفاء جونسون يأملون في أن يؤدي تعهده بخرق القانون الدولي إلى إثارة غضب المدير السابق للنيابة العامة. في المقابل، تجنب ستارمر عمداً تلك القضية خلال جلسة أسئلة رئيس الوزراء في الأسبوع الماضي، تماماً مثلما تجنب مصيدة البريكست من خلال دعوة جونسون لتنفيذها أخيراً، والتوقف عن "التشدق" بشأنها. ولقد ذكرت إحدى الشخصيات العمالية "أننا لا نلعب ألعاب الصالون".

وفي محاولة يائسة لتكرار نجاحه الأكبر المتمثل في بريكست، كشف جونسون عن لعبته في رسالة إلكترونية وجهها إلى أنصار حزب المحافظين، إذ زعم أن حزب العمال قد "انحاز إلى الاتحاد الأوروبي" بمعارضته لمشروع القانون، يوم الإثنين. (في حين تشير قراءة أخرى لموقف حزب العمال إلى أنه انحاز إلى القانون الدولي).

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لا يثق في جونسون نظراً لاستعداده لتمزيق اتفاقيته معهم، يعتقد المسؤولون في بروكسل أنه قادر تماماً على إبرام صفقة في اللحظة الأخيرة، بعد أن هدد بالانسحاب من دون صفقة، تماماً على غرار ما فعله العام الماضي. إنهم يعتقدون أنه سيتراجع ثم يدعي (مرة أخرى) تحقيق نصر كبير. لا نرجو سوى أن يقرأ الكتابة الصغيرة هذه المرة.

© The Independent

المزيد من دوليات