Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماكرون ينافس أردوغان في استفزاز المشاعر الدينية

حض على مواجهة الإسلام الراديكالي واعتبره ديناً "يعيش أزمة في كل بقاع العالم"

ماكرون يرتدي قناعه الواقي بعد إلقاء خطابه في "لي مورو" قرب باريس (أ ب)

تجاوز الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، انتقاداته المعتادة للأصوليين المسلمين إلى الهجوم على الإسلام نفسه، معتبراً إياه ديناً "يعيش أزمة في كل بقاع العالم"، وحرَّض الفرنسيين في مناسبة ذات معنى، وسط أحد ضواحي باريس الحساسة، على "التصدي للنزعة الانعزالية الإسلامية إلى إقامة نظام مُوازٍ وإنكار الجمهورية".

وقال ماكرون في خطاب ألقاه، الجمعة 2 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في "ليه موروه" أن الإسلام أصبح "ديانة تعيش في الوقت الراهن أزمة في كل مكان في العالم".

وأكد ماكرون أنه وجد في ما يصفه بـ"النزعة الإسلامية الراديكالية" عزماً مُعلناً على إحلال هيكلية منهجية لـ"الالتفاف على قوانين الجمهورية وإقامة نظام مُوازٍ يقوم على قيم مُغايرة، وتطوير ترتيب مختلف للمجتمع".

وكان مسلح من أصول باكستانية قد طعن شخصين الأسبوع الماضي، بالقرب من مكاتب مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية، في عملية إرهابية، قال تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إنه رد على نشر رسوم مسيئة للنبي محمد مجدداً، بعد هجمات عام 2015 الدامية التي شنَّها متطرفون فرنسيون من أصول مسلمة على أماكن تجمعات شعبية في باريس.


الإسلام كدين أم "الإسلاموية"؟

مع أن الرئيس الفرنسي اعتاد انتقاد الراديكالية الإسلامية، أو ما يطلق عليه بعض المفكرين العرب مصطلح "الإسلاموية"، إلا أن اللافت هذه المرة، كان انتقاده الدين الإسلامي نفسه، وليس بعض المنتسبين إليه، وهو ما أثار ردود فعل منددة من المناصرين للاعتدال من كل التوجهات والمذاهب والأديان، أمثال رئيس "رابطة العالم الإسلامي" محمد العيسى، الذي علَّق في وقت سابق على تصريحات الرئيس الفرنسي مدافعاً عما رأى أنه إساءة للإسلام، معتبراً أن ذلك "لا يمثل قيم الجمهورية والمجتمع الفرنسي، الذي يحترم أكثره الإسلام كدين، وقدم للبشرية أعمالاً عظيمة"، مؤكداً ثقته في أن "المسلمين الفرنسيين واعون، ولن تستفزهم آراء وأفكار محصورة في سياقاتها".
ويعتقد مراقبون أن تصريحات ماكرون وعلى الرغم من أنها ليست بالجديدة عليه، فإنها تأتي في سياق انتخابي، ولا تمثل رأيه المجرد في الإسلام كدين يتبعه نحو 1.5 مليار إنسان من كل أنحاء العالم، لكن الرئاسة الفرنسية في عهد ماكرون لا تنكر مخاوفها من الظاهرة الإسلامية في الجمهورية، ولذلك تعمل على وضع قانون يحد من الحريات الدينية التي يصفها الرئيس بـ"الانفصالية". وتدعو فرنسا الجاليات المقيمة فيها عرقية كانت أم دينية إلى الاندماج في المجتمع الفرنسي بدلاً من العزلة وبناء مجتمعاتهم المنفصلة عن محيطهم، كما هو الحال في بعض أحياء ضواحي باريس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مغازلة اليمين المتطرف

يوجد في فرنسا نحو 5 ملايين مسلم، معظمهم من أصول عربية وأفريقية، إلا أن بينهم ذوي أصول فرنسية، وآخرين من الجيل الثالث الذين قدم آباؤهم إلى فرنسا في عهدها الاستعماري، في إطار خدمة الجمهورية، أو العمل الحر، لكن اليمين المتطرف الذي أخذ يتمدد في أنحاء شتى من الدول الغربية، بما فيها فرنسا، أخذ يبني قاعدته الجماهيرية على أساس التخويف من الإسلام (الإسلاموفوبيا)، تساعدهم في ذلك هجمات الجماعات الإرهابية، مثل "القاعدة" و"داعش" التي أقر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في خطابه أخيراً أمام الأمم المتحدة بأنها "شوهت صورة الإسلام".
ولم يكن الرئيس الفرنسي الذي يتهم بالهجوم على الإسلام من أجل مكاسب سياسية، وحده في هذا المضمار، إذ إن نظيره التركي رجب طيب أردوغان يتهم بأمر مشابه، خصوصاً حين حول متحف "آيا صوفيا" قبل أشهر في اسطنبول إلى مسجد كما كان في عهد الدولة العثمانية، الأمر الذي اعتبر وفق كثير من المحللين خطوة مستفزة لمشاعر ملايين المسيحيين. وكانت هذه محاولة من أردوغان لكسب تعاطف التيارات المحافظة في بلاده قبيل الانتخابات المقبلة، والجماعات الأصولية في العالمين العربي والإسلامي، حيث بدأ النشاط العسكري التركي بالتوسع، لا سيما في سوريا والعراق وليبيا، والآن أذربيجان.

النقد الذاتي بدأ من الشرق

وتنفي تركيا وفرنسا كل من جانبها، استغلال الأديان في السياسة، إلا أن رئيسي البلدين لم يكفا منذ حين عن تبادل الاتهامات، وأحياناً الإهانات، ولكن هذه المرة قد يبدو "السلوك الشعبوي"، لغة مشتركة بين المختلفين في كل الأشياء تقريباً، لا سيما في ليبيا وشرق المتوسط، وهذه الأيام، القوقاز.
وكان المصلحون المهتمون بصورة الإسلام، قد حذروا في وقت سابق من أنه ما لم تتحد الدول الإسلامية ضد التطرف والإرهاب، فإنها ستسمح بنبذ الإسلام كديانة في العالم، ولذلك قادت السعودية في عام 2017 مبادرة لإنشاء "التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب" مقره الرياض، ويضم دولاً عربية وإسلامية عدة، بهدف تنسيق الجهود لتضييق الخناق على وباء الإرهاب، قبل جائحة كورونا التي يخشى باحثون أن يجد فيها المتطرفون مناخاً مناسباً للتمدد.
ومع الاستياء العربي من اتخاذ الإرهاب ذريعة للنيل من الدين الإسلامي، فإن عدداً منهم أقرَّ في إطار النقد الذاتي بأن "الإسلام يعيش حرباً داخلية بين أجزائه"، على نحو مما قال الرئيس الفرنسي، إلا أن ذلك كان مقبولاً من ملك عربي مثل العاهل الأردني عبد الله بن الحسين قبل 10 سنوات، أما أن يأتي من الرجل الأول في فرنسا، فإنه في نظر كثيرين، يؤجج الكراهية أكثر مما يبعث على المراجعات العقلانية.

المزيد من دوليات