Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صوت "الحكيم" يُبعث مجددا... حكايات للأطفال بطابع فلسفي

إعادة نشر مجموعة قصصية نادرة للأطفال بصوت الأديب الكبير على إحدى منصات الكتب الصوتية

الأديب المصري الراحل توفيق الحكيم. (رويترز)

يُعرف توفيق الحكيم بأنه رائد من رواد الرواية والكتابة المسرحية وواحد من الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث بأفكار فلسفية شملتها مؤلفاته ومسرحياته، إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون أن توفيق الحكيم خاض تجربة مميزة في الكتابة للأطفال نتج عنها ثلاث قصص موجّهة للطفل، قام الحكيم إلى جانب كتابتها بتسجيلها بصوته على شرائط "كاسيت" في فترة السبعينيات. وجدير بالذكر أن هناك بعضا من كبار الكتاب، سواء في مصر مثل تجربة توفيق الحكيم أو من الكتاب العالميين أمثال توليستوى وتشيخوف، كان لهم تجارب مماثلة للكتابة للطفل إلا أنها لم تحظَ بنفس الشهرة مثل كتاباتهم للكبار رغم أنها شديدة التميز والإبداع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إجابات عن أسئلة الأطفال الفلسفية

وقد صدرت قصص توفيق الحكيم للأطفال بعنوان (حكايات توفيق الحكيم للصبيان والبنات)، عن دار "الشروق" المصرية، والتي أعادت إصدارها أخيرا في شكل صوتي مع إحدى منصات الكتب الصوتية، وقد تناولت القصص قيماً فلسفية قدّمها الحكيم بشكل مبسّط للأطفال، فالقصة الأولى (العصفور والإنسان) تناولت صفة الطمع في الإنسان من خلال حوار بين عصفور وأبيه، والقصة الثانية (المؤمن والشيطان) تتناول الأفكار التي تراود الأطفال عن الإيمان بالله والصراع بين المؤمن والشيطان، أما القصة الثالثة (الله وسؤال الحيران) فتتناول موضوعاً يثير خيال الأطفال دائماً، وهو كيف يمكن أن نرى الله وماذا نفعل لنشاهده بأعيننا. والمُلاحظ أن القصص الثلاث تتناول موضوعات فلسفية وأفكاراً معقدة إلا أنها تراود الأطفال وقد لا يجد كثير من الناس إجابات شافية لها تقنع الأطفال، وفي نفس الوقت تتلاءم مع أعمارهم وتفكيرهم واستيعابهم للأمور بشكل مبسّط، وهو ما نجح الحكيم فيه ببراعة من خلال هذه المجموعة القصصية.

نهج الحكيم في الكتابة للأطفال

وقد قال توفيق الحكيم عن الكتابة للأطفال "إن البساطة أصعب من التعمّق، وإنه لمن السهل أن أكتب وأن أتكلم كلاماً عميقاً، ولكن من الصعب أن أنتقي وأتخير الأسلوب السهل الذي يُشعر السامع بأنني جليس معه ولست معلماً له، وهذه هي مشكلتي مع أدب الأطفال... إن الكاتب الذي يتوجّه إلى الراشدين هو كاتب حر، فهو لا يضع جمهوراً معيناً نصب عينيه، بل هو لا يعرف من يستقبل كتابته، لكن كاتب الأطفال يظل أسيراً مقيداً، يحسب لكل جملة بل لكل كلمة حسابها، إذ لا بدّ أن تكون كلماته متناسبة مع قدرات الطفل، مع حاجاته، مع قاموسه اللغوي، مع ثقافته، مع بيئته التي ينتمي إليها... وهذا كله يجعل الباحث في أدب الأطفال يقول من دون مواربة: ‏ إن أدب الأطفال له أثره البالغ وله أهميته المتميزة في الحياة المعاصرة والمستقبلية".

وعن أعمال توفيق الحكيم للأطفال، تقول الدكتورة سهير محفوظ، أستاذ ورئيس قسم المكتبات والمعلومات  بكلية الآداب جامعة قناة السويس والمستشار العلمي لمعمل توثيق أدب الأطفال بجامعة حلوان "توفيق الحكيم تمكّن من تحقيق المعادلة الصعبة لتوصيل الأفكار الفلسفية العميقة بطريقة مبسطة إلى الطفل والإيعاز إليه بضرورة الإيمان بوجود الله وأنه مُسيِّر الكون وأن هناك الخير والشر في الحياة، وعلى الإنسان الاختيار لما هو خير لنفسه وللمجتمع ككل، وقد حقّق ذلك باستخدام الكلمة المطبوعة التي ترافقها الصورة المتقنة، إلى جانب استخدامه التسجيل الصوتي للمادة الموجودة في الكتاب بقراءتها بنفسه وبصوته، وأرى أعمال توفيق الحكيم للأطفال شديدة التميز، ولي اهتمام سابق بها، وقد أنجزت بحثا علميا عن أعماله الموجهة للطفل في إطار اهتمامي بأدب الأطفال والكتابة للطفل".

لغة الحكيم تستهدف المستقبل

وقد قال توفيق الحكيم عن اختياره للغة التي استخدمها لتسجيل كتاباته للطفل "ولقد حرصت على النطق بالعربية الصحيحة حتى يشبّ الأطفال على سماع السليم في اللغة، فتضاف فائدة إلى فائدة، وكل أملي أن تنجح المقاصد وأن يحتفظ الأطفال اليوم بصوتي المسجّل ليعيدوا سماعه وهم كبار، وقد صرت أنا تراباً، ويقول بعضهم لبعض: هذا صوت رجل من عصر مضى حكى لنا وأحبنا".

وبالنسبة إلى اختيار اللغة المناسبة للطفل والتي تختلف ما بين الفصحى والعامية، والعامية المبسّطة، تقول الدكتورة سهير محفوظ "هناك دراسات عديدة اهتمّت بهذا الموضوع، وهناك أكثر من وجهة نظر، غير أني من واقع خبرتي وتخصصي الدقيق في هذا الموضوع فإن هناك حاجة ماسة إلى الاعتماد على اللغة العربية المبسّطة واستخدامها للأطفال في مختلف مراحل العمر، بداية من سن ما قبل المدرسة وذلك لتعويد الأطفال منذ نعومة أظفارهم على استخدام اللغة العربية والقراءة بها والتحدث أيضاً عن طريقها، وذلك لتدعيم الهوية العربية والتي من أهم أسسها إتقان اللغة، وقد كانت أعمال توفيق الحكيم الموجّهة للأطفال موفّقة تماماً في ذلك، من حيث براعة اللغة وسلاستها في الوقت نفسه".

وتضيف "كاتب الأطفال لا بدّ أن يتحلى بصفات معينة، منها روح المرح والدعابة، حيث أنها طريقة محبّبة للوصول إلى عقل الطفل، بالإضافة إلى تفهّم خصائص النمو النفسي والعقلي للأطفال في المرحلة التي يوجه إليها الكاتب الموضوع، سواء كان قصة أو أي مجال معرفي، ونظراً لأهمية الرسوم والصور في كتاب الطفل فإن هناك ضرورة لتوافق الكاتب مع الرسّام أو المصوّر للتضامن في توصيل الفكرة أو المعلومة للمتلقي".

توجّه ضروري في عصر التكنولوجيا

مع التطور وانتشار التكنولوجيا الحديثة واستخدام الأطفال لها أصبح هناك حاجة ماسة إلى تقديم كلاسيكيات الأدب والأعمال المقدمة للأطفال من خلال هذه الوسائط التي أصبحت تمثل جزءاً من حياته أصبح لا يمكن تجاهله، وبالتالي يجب استغلاله لتوصيل قيم ومضامين تتناسب معه ومع عقله وتفكيره عوضاً عن مضامين أخرى قد يتعرض لها ولا تناسبه أو تحمل قيماً تنعكس بالسلب على شخصيته وتكوينه، وعن هذا الأمر تقول الدكتورة سهير "أؤيد تماماً تقديم الأعمال الهادفة للأطفال مثل قصص توفيق الحكيم من خلال الوسائل الحديثة، وليس فقط القصص المطبوعة، وأناشد مختلف الجهات الرسمية مثل وزارة الثقافة والإعلام وغيرها ودور النشر المهتمة بنشر كتب للأطفال الاستعانة بهذه الوسائل الحديثة والتي تعرف بالوسائط المتعددة لترغيب الطفل في القراءة الحرة عن طريق نقل الكتب القيّمة الموجّهة للطفل، سواء القصصية مثل أعمال توفيق الحكيم، أو الموضوعية، إلى تلك الوسائل، وهو اتّجاه عالمي مطبّق في كثير من دول العالم، كما أن وسائل الإعلام بشكل عام لها دور هام وأساسي في تدعيم ونشر كل ما يتعلّق بثقافة الأطفال بتكثيف البرامج سواء في الإذاعة والتلفزيون لنشر ثقافة الأطفال واستضافة كُتّاب الأطفال والباحثين والدارسين لأدب الأطفال لمناقشة القضايا الأساسية ووضع الخطط اللازمة لنشر الوعي بأهمية القراءة والاستعانة بالكتب وغيرها من الوسائل التعليمية، سواء للقراءة الحرّة أو مساندة المناهج الدراسية".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة