Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا تتوصل لحلول وسط بشأن حزمة الإنقاذ الاقتصادي وميزانية الاتحاد

خفض المنح لصالح القروض وتعديل شروط التوزيع وتأجيل دعم ميزانية الاتحاد للعام القادم

ينتظر الاتفاق بشأن صندوق التعافي وميزانية الاتحاد إلى مصادقة نواب البرلمان الأوروبي (رويترز)

أخيراً، وبعد قمة استثنائية استمرت عدة أيام تمكن قادة دول الاتحاد الأوروبي من التوصل لاتفاق بشأن خطة الإنعاش الاقتصادي لما بعد أزمة وباء كورونا (كوفيد-19). وفي النهاية تمكنت ألمانيا وفرنسا من الدفع بحلول وسط للتوفيق بين دول الشمال، ودول الجنوب، وبين غرب أوروبا، وشرقها للاتفاق على حجم وآلية "صندوق التعافي" وكذلك ميزانية الاتحاد الأوروبي حتى 2027.

وفي النهاية قدم رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال اقتراحات مثلت حلولاً وسطاً بخفض قيمة المنح مقابل القروض، وأيضاً الالتفاف على المطلب الهولندي بحق الفيتو لأي دولة بوقف المنح للدول التي لا تلتزم بخطط إصلاح هيكلية في اقتصادها، وكذلك تأجيل زيادة موارد ميزانية الاتحاد الأوروبي لحين تقديم المفوضية الأوروبية خطة مفصلة، ربما العام القادم.

وبرأي كثير من المراقبين أن الانجاز الأهم في اتفاق قادة دول أوروبا الـ27 هو الموافقة على أن تبدأ المفوضية الأوروبية في الاقتراض من الأسواق للمرة الأولى بغرض تمويل صندوق التعافي. وهكذا ستأتي مئات المليارات في شكل ديون على المفوضية، وليس عبر البنك المركزي الأوروبي كما كان الوضع في حزم إنقاذ سابقة سواء في الأزمة المالية العالمية في 2008، أو في أزمات ديون دول مثل اليونان وغيرها.

الحجم والتوزيع

حسب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الساعات الأولى من صباح الاثنين، يبلغ حجم صندوق التعافي 858 مليار دولار (750 مليار يورو) يتم إلحاقه بميزانية الاتحاد الأوروبي من 2021 إلى 2027 التي تم الاتفاق عليها أيضا في القمة في بروكسيل بقيمة 1.23 تريليون دولار (1.076 تريليون يورو).

وجاء حجم صندوق التعافي المتفق عليه أقل مما طرحته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لين على القادة الأوروبيين في مايو (أيار) الماضي. وكانت المفوضية اقترحت أن يكون حجم المنح ضمن الصندوق 572 مليار دولار (500 مليار يورو)، لكن ما تم الاتفاق عليه في بروكسيل كان 446 مليار دولار (390 مليار يورو) منح تقدم للدول المتضررة من وباء كورونا حسب خطط لإنعاش اقتصاداتها تتقدم بها للمفوضية. والمتبقي من الصندوق سيقدم في شكل قروض لدول الاتحاد التي تحتاجها لخطط إنعاش اقتصاداتها بعد أزمة كورونا.

يقسم المبلغ المخصص للمنح من صندوق التعافي إلى ما يسمى "آلية المرونة والتعافي للاتحاد الأوروبي"  التي ستحصل الدول الأعضاء على نصيبها منها حسب ما تقدمه من خطط إنعاش اقتصادي تقرها المفوضية الأوروبية بدءاً من العام القادم 2021 وحتى عام 2023.

واتفق على أن يكون نصيب الآلية من المبلغ المخصص للمنح 358 مليار دولار (312.5 مليار يورو). وذلك هو المبلغ الذي لم ترد كثير من الدول الساعية لتلقي المنح من بروكسيل أن يقل عن ذلك. أما المتبقي من مخصصات المنح، 88 مليار دولار (77.5 مليار يورو) فتستخدمه المفوضية الأوروبية لزيادة المخصصات لبرامج ضمن الميزانية الأوروبية.

بقية الصندوق بعد مخصصات المنح ضمن الآلية، 412 مليار دولار (360 مليار يورو)، فستقدم في شكل قروض للدول التي تحتاجها. المهم طبعاً أن المفوضية الآن، بعد اتفاق القمة الأوروبية، سيكون بمقدورها التوجه لأسواق المال العالمية واقتراض مئات المليارات لتمويل صندوق التعافي.

طريقة التوزيع

كان الخلاف الأكبر، الذي جعل القمة الأولى للزعماء الأوروبيين وجهاً لوجه منذ فبراير(شباط) الماضي تمتد لعدة أيام، حول طريقة تخصيص نصيب الدول المختلفة من صندوق التعافي، والشروط المرتبطة بتقديم المنح التي لا ترد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاقتراح الأولي لطريقة التوزيع للمنح أثار غضب ما تسمى "الدول المقتصدة"، هولندا، والنمسا، والسويد والدنمارك، التي اعترضت على أن تمول صندوقاً يستخدم لإنقاذ دول تعاني من مشاكل مديونية وعجز منذ ما قبل أزمة وباء كورونا، مثل دول جنوب أوروبا المعروفة باسم "نادي المتوسط". كما أنها لا تريد أن تحمل دافع الضرائب فيها تمويل اقتصاد دول لم تتأثر بأزمة وباء كورونا كما تأثرت هي مثل دول أوروبا الشرقية كبولندا، والمجر التي تشهد أجواء فساد، وتكميم للصحافة والحريات.

وتزعمت إيطاليا دول الجنوب المتدهورة اقتصادياً منذ ما قبل أزمة كورونا، وتزعمت هولندا دول الشمال التي لا ترغب في إهدار الأموال، بينما مثلت المجر بزعيمها الشعبوي معسكر شرق أوروبا.

وفي النهاية عدلت المفوضية الأوروبية قواعد توزيع المنح لتكون على أساس مدى تضرر اقتصاد الدولة بأزمة وباء كورونا، وليس على أساس أرقام اقتصادها الكلي قبل الوباء. وسيكون على الدولة التي تتقدم للحصول على منح تقديم خطة إصلاح اقتصادي تضمن الانتعاش وتلافي الآثار السلبية لأزمة وباء كورونا بالأساس. وستتم مراجعة تطبيق تلك الخطط من قبل المفوضية الأوروبية على أن يكون لأي مجموعة من الدول الحق في الاعتراض على تقديم المزيد من المنح للدولة التي لا تلتزم بخطط الإصلاح أو بقواعد الاتحاد الأوروبي المتعلقة بتطبيق القانون، والقضاء على الفساد، وكبت الحريات، وضمان استقلال القضاء، والجهات الرقابية.

وكانت هولندا تطالب بأن يكون حق الاعتراض لأي دولة، لكن المفوضية صاغت حلاً وسطاً بإمكانية اعتراض مجموعة من الدول على أن يكون الفصل في الأمر من قبل المفوضية الأوروبية، وفي غضون ثلاثة أشهر.

الميزانية

أما الاتفاق على الميزانية الأوروبية لسبع سنوات فكان أيضاً مادة لحلول وسط، وتوافقات أرادت بها فرنسا وألمانيا ألا تنتهي القمة دون اتفاق، حتى لو تأجلت بعض البنود التي طالبت بها المفوضية الأوروبية. من ذلك، اقتراحات بزيادة موارد المفوضية عبر تحويل دول الاتحاد ما تحصله من رسوم البيئة، وغيرها للمفوضية. وقد تم الاتفاق فقط على ضريبة على مخلفات البلاستيك، أما بقية ما كان اقتراح الميزانية يطالب به فأرجئ للعام القادم إلى حين تقديم مقترح مفصل تناقشه دول الاتحاد مجدداً.

وهكذا تعطلت فكرة "الموارد الذاتية" التي كان الاتحاد الأوروبي يسعى لزيادة موارده عبرها، غير الميزانية التي تسهم فيها دول الاتحاد، حتى 2021.

ويحتاج الاتفاق بشأن صندوق التعافي، وميزانية الاتحاد الأوروبي إلى مصادقة نواب البرلمان الأوروبي، الذين سيناقشون ما تم الاتفاق عليه في قمة بروكسيل بالتفصيل. وقد تشهد المناقشات خلافات واعتراضات على بعض التفاصيل قبل التصديق عليها.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد