Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فقدان السلطة الفلسطينية لهيبتها يقوي دور العشائر

تتراوح العلاقة بينهما بين التعايش ومحاولات الإضعاف لتثبيت قوة المركز

الأمن الفلسطيني خلال الإغلاق الشامل في مدينة الخليل للحد من تفشي فيروس كورونا (وفا)

تسعى إسرائيل إلى ضرب الهوية الوطنية الفلسطينية، وقتل إمكانية دولة فلسطينية، واستبدالهما بنظام العشائر المترسخ في العديد من المدن والقرى الفلسطينية، في ظل التحذير من ذلك وتأثيره في الحقوق المدنية والوطنية للفلسطينيين.

إمارات محلية

يرى مستشرقون إسرائيليون ضرورة إنشاء "إمارات محلية" في كل المدن الفلسطينية تقوم على أساس العشائر، وذلك اعتماداً على ما يرون أنه دور كبير للعشائر في الحياة العامة للفلسطينيين.

ومع رفضها إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة، وقابلة للحياة على حدود عام 1967، تعمل إسرائيل على تقسيم الضفة الغربية إلى جزر معزولة، وذلك بعد فصلها عن قطاع غزة.

وفي ظل تصميمها على تنفيذ خطة ضم أجزاء كبيرة وحيوية من الضفة الغربية لإسرائيل، تكون تل أبيب قد قضت على حل الدولتين، ودمرت السلطة الفلسطينية بسبب رفض الفلسطينيين وجودها كأداة تقوم بدور البلديات وفق مسؤولين فلسطينيين.

"إسرائيل تُشجع العشائرية والمناطقية، لأنهما يسهلان عليها تفكيك وتجزئة الشعب الفلسطيني، وخدمة خطتها لإقامة كانتونات معزولة"، قال رئيس مركز العالم العربي للبحوث والتنمية نادر سعيد، مضيفاً أن تل أبيب تسعى إلى العمل مع قيادات عشائرية محلية، وذلك لأنه يتعارض مع فكرة الدولة الوطنية القائمة على العلاقات غير الإرثية وليس على علاقات القرابة العشائرية.

وقال سعيد لـ"اندبندنت عربية"، إن العشائرية نظام قائم بحد ذاته في فلسطين، ولها تأثير سياسي واجتماعي، بخاصة في جنوب الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيراً إلى أن العشائرية تشكل بديلاً في حال ضعف النظام المركزي للدولة، "فكلما زادت قوة الدولة ومؤسساتها؛ ضعفت العشائرية وأصبح لها طابع شكلي فحسب".

وحول علاقة السلطة الفلسطينية مع العشائر، يوضح سعيد بأنها تراوح بين التعايش لضمان التوازنات الاجتماعية والسياسية وتنفيذ (السلطة الفلسطينية) أجندتها السياسية، وبين محاولات إضعاف العشائر لتثبيت السلطة المركزية، مضيفاً أن "السلطة تحاول احتواء العشائر في الخليل بسبب ارتباط بعضها بقوى خارجية وعدم انسجامها مع منظمة التحرير".

تجذر العشائر

رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي يرى أن تجذر العشائرية في المجتمع الفلسطيني يعود إلى ما قبل نشوء القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن العشائر كانت لها أدوار اجتماعية واقتصادية قبل أن تمارس دوراً سياسياً خلال الانتداب البريطاني لفلسطين.

وبحسب الشوبكي، فإن العشائر كان لها دور سياسي كبير في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وقبل اندلاع الانتفاضة الأولى، مضيفاً أن بعض وجوه تلك العشائر كانت مرتبطة بإسرائيل التي أسست ما سمي "روابط القرى" لإدارة شؤون الفلسطينيين.

لكن الشوبكي يشير إلى أن فترة الانتفاضة الأولى شهدت بروز الدور السياسي والاجتماعي للفصائل الوطنية الفلسطينية على حساب العشائر، قبل أن تعود الأخيرة لتعلب دوراً مهماً في الشأن السياسي والاجتماعي في بداية تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994.

وعن أسباب ذلك، قال الشوبكي إن الرئيس الراحل ياسر عرفات استعان بالعشائر وأسهم في تقويتها لفرض النفوذ الأمني والسياسي والإداري للسلطة الفلسطينية مع بدايات تأسيسها، إضافة إلى تقليص دور الفصائل الفلسطينية، مشيراً إلى أن عدم تقديم السلطة نموذجاً لحماية الحقوق والحريات وضمان نفاذ القانون، جعل الفلسطينيين في حاجة إلى العشائر لسد فراغ وجود الحكومة القوية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"إضعاف الفصائل الفلسطينية وتقوية العشائر يأتيان لمصلحة إسرائيل"، قال الشوبكي، مضيفاً أن ذلك يعود إلى افتقار العشائر للرؤية والبرنامج السياسيين، ما يجعلها أكثر مهادنة لإسرائيل، "فكلما قويت الحركة الوطنية كانت القدرة على النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي أكبر".

وكدلالة على عجز السلطة الفلسطينية في منع إقامة المناسبات الاجتماعية، التي تعتبرها السبب الأول في انتقال عدوى فيروس كورونا، فإنها لجأت إلى العشائر لمساعدتها في ذلك، عبر إصدار "ميثاق شرف" في المحافظات الفلسطينية كافة لمنع إقامة تلك التجمعات.

لكن رئيس بلدية الخليل تيسير أبو اسنينية يرى أن العشائرية تعتبر لبنة من مكونات الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن لها دوراً تاريخياً في حماية السلم الأهلي، ودعم الوحدة الوطنية الفلسطينية، وضمان وصول الحقوق لأصحابها.

وقال أبو اسنينية إن السلطة الفلسطينية لم تتعامل بالوتيرة نفسها مع العشائر، مضيفاً أن تعاملها معها يقوم على رد الفعل، "فمرة تُضعفها ومرة تُقويها". ودعا اسنينية إلى ضرورة وجود عمل متكامل بين العشائر والسلطة  الفلسطينية، وأن تعمل العشائر كرديف للسلطة ومساعد لها، رافضاً وجود تناقض بين العشائرية والدولة. وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية "فقدت كثيراً من هيبتها بسبب عدم سيطرتها الأمنية الميدانية على معظم الأراضي الفلسطينية، وهو ما أسهم في تعاظم دور العشائر".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير